6_ لكنه قاتل بحقٍ

ابدأ من البداية
                                    

حينها ودعه "أيـوب" وتحرك للخارج وقد زفر "يـوسف" بثقلٍ ثم أرجع جسده للخلف يستند على الحائط الأسمنتي وحينها رفع رُكبتيه يلصقهما في جذعه العلوي وهو يدعم جسده المُنهك وقد أغمض جفونه كمن يسدل الستار لإخفاء مُقلتيه أسفلهما وقد شارف أن يستسلم لسلطان النوم حتى صدح صوت ضجيجٍ مزعج لكن ليس ذلك الذي يسكن رأسه، بل الآخر خرج من حوله وفتح عينيه ليجد طرفين يتشاجرا سويًا فلم يبالي هو كثيرًا بل عاود غلق جفونهِ وحينها أقترب منه ذلك الشاب الذي سبق وجهز سلاحه في الخفاء وحاول أن يطعنه لكن "يـوسف" فتح عينيهِ ورأى وجه الشاب الذي كاد أن يقتله لكن الآخر لم يخشى ذلك بل أصر على تنفيذ مهمته وحينها رفع ذراعه ولكم "يـوسف" في وجهه مُستغلًا إبان ذلك الشجار المحتدم في الخلف..

حاول "يـوسف" المقاومة ورفع جسده عن الحائط لكي يُدافع عن نفسه لكن الآخر أخذ يُكيل له الضربات في أنحاء جسده ووجهه وقد ازداد الأمر سوءًا حينما خنقه الشاب وكاد أن يقتله وحينها برَّقَ "يـوسف" بعينيهِ وهو يحاول أن يتنفس، في هذه اللحظة عاد فتى صغيرًا تصارعه الحياة ظنًا منها أن مقاومته بنفس حجم قوتها عليه..

وكما اعتاد القسوة هكذا أصبح يعيش في هذا العالم، الحياة فرضت عليه قسوتها حتى أصبح يتجرعها مثلما يرتشف المياه من الكؤوس، فقد كان كما الطير الحُر لكن الحياة كسرت له جناحيه، أعتاد على رفع صوت حريته وحينها كممت الحياة فمه لتسكته دومًا، يُلقى عليه اللوم وما إن يدافع عن نفسه تطالعه الحياة بإزدراءٍ كأنه الجاني ولم يكن هو المَجني عليه، يُلام بفعل الذنب، وما ذنب الفتى البريء في هذا العالم؟...

استسلم "يـوسف" للآخر فيما شارف الآخر على إنهاء مهمته وحينها وجد نفسه يُدفع بعيدًا عن "يـوسف" بواسطة أحد الشباب المحتجزين خصيصًا ذاك الذي كان يُغني، وحينها أخرج شريحة سلاح من نَعل حذائه ثم وضعها على رقبة الآخر فيما ظل يسعل "يـوسف" كثيرًا وكثيرًا وكأنه شارف على فقد أنفاسه، بينما هذا الشاب ظل يضرب الآخر حتى انتبه له من في المكان بأكملهِ وظن الجميع أنه مجرد شجار احتدم بين الجميع وعلى إثر الصوت دلف الضابط يرفع صوته فيهم بقولهِ:

_أنتَ يا ***** منك ليه، ما تهدوا وتبطلوا شغل ****** بتاعكم دا، خلاص مش قادرين تستحملوا؟ عليا الحرام لو أتلميتوا لأكون راميكم كلكم في مخروبة واحدة تخلصوا فيها على بعض، أخرس يا حيلتها منك ليه أنتوا مش في حضانة هنا، أنتوا في قسم يا روح أمـك منك ليه، شوية ***** هياكلوا دماغنا، أقفل الباب يابني.

ظل الضابط يُلقي العديد من السُباب والكلمات النابية التي تتنافى مع كل قواميس الأدب ومهاجم التهذيب، أسلوبه أسوأ مما يمكن كما أن يمينه حمل حُرمانية كُبرى، حينها سكت الجميع وكذلك "يـوسف" الذي نزف وجهه وتألمت روحه وظل في عالمٍ أخر غير البقية لم يكترث به الآخرين سوى ذلك الشاب الذي أنقذه هو من تابع نبضه ومسح عن وجهه دماء جرحه بينما حالة الصمت انتابت الجميع في هذه اللحظة من تهديد الضابط وكأن الأمر هو عادة يومية في أقسام الشرطة يتكرر بنفس المنوال...
وهنا يقبع "يـوسف" سجينًا وقع في الأسر
بدلًا من أن يكون مُعززًا في مالهِ كما لو كان أمير القصر..

غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن