6_ لكنه قاتل بحقٍ

ابدأ من البداية
                                    

زفر "إيـهاب" مطولًا بثقلٍ ثم أغلق معه المكالمة بعدما ودعه وطلب منه أن يُتابع البقية بنفسهِ ثم يهاتفه إذا وصلت الأمور إلى حالٍ جديد قد يفيده، وفي هذه اللحظة أقتربت منه "سمارة" تجلس بمحاذاتهِ وهي تقول بنبرةٍ متوترة لأجلهِ:

_ما بكفاياك سجاير بقى وشاي يا سي "إيـهاب" !! كدا يا أخويا هتتعب ولسه منمتش من إمبارح، طب دا اسمه كلام طيب؟ قوم نام علشان تقدر تقف مع الجدع اللي هتلاقيه مستنيكم.

أغمض جفونه المُرهقة ثم حرك رأسه لها وهو يقول بنبرةٍ مبحوحة جافة نتيجة سهره وإرهاقه والأرق الذي أصابه:

_متضايق علشان عارف إنه لوحده هناك وعاوز حد معاه، وأنا لما وقعت هو أول واحد كان هيهد الأرض علشاني، عارفة لو هو يستاهل أنا هقول خليه يتربى، بس دا "يـوسف" اللي متربي على أيدي، الغريب اللي جالي يستنجد بيا وعلمته إزاي يقف فاتح صدره في وش الدنيا، ربنا يلطف بيه وحد يحاول يساعده أو على الأقل يتطمن جوة.

ربتت "سمارة" على كفهِ وهتفت بثباتٍ وهي تشدد من أزره وتقويه في هذه اللحظة كما علمها هو:

_ريح بالك يا أخويا، ربك كريم مبينساش حد وأكيد ربنا مش هيرضى بالظلم، طب أنتَ عارف؟ يمكن اللي حصل دا يكون خير ليه، مش يمكن كانت الحادثة جت فيه هو؟ بعدين هو يعني "يـوسف" هيقتل دلوقتي؟ طب ما كان قتل من بدري، يا شيخ منها لله الولية "فاتن" دي مسهوكة كدا مبحبهاش شبه الطبيخ المايع النفس متبلعهوش.

ضحك رغمًا عنه من حديثها ثم فرد جسده على الأريكة ووضع رأسه على فخذيها بتعبٍ بلغ أشده وهتف بقلة حيلة هو الأخر مُكملًا على زوجته وحديثها:

_أهي دي أنا مش فاهمها بصراحة، لو هي بتحبه جابت سيرته ليه؟ ما كان ممكن تسكت ومتقولش إنه كان هناك بدل ما المرمطة دي كلها، أهي دي لو عمتي وبتعمل فيا كدا طلاق تلاتة كنت جيبت كرشها هي وجوزها وابنها، وساعتها اللي يقولي أبوك وعيلتك هقوله أبوك لأبوها لأبو دي عيلة، بس "يـوسف" مش قادر ينسى طلب أبوه منه أنه يحميها منهم، نقطة ضعفه أبوه وسيرته بس، علشان كدا هي سايقة فيها.

أنهى حديثه بنبرةٍ ثقيلة من أثر الهموم عليه فيما مالت "سمارة" عليه تُلثم جبينه ثم مسحت على خصلاته بكفها بينما هو هدأ من ثورة غضبه وقلقه بفعل قربها ثم أغمض عينيه وكأنها أمـه وتهدهده في صغرهِ وكعادتها هي شردت فيه وفي تواجدها قربه في نهاية المطاف وكأن ما فاتها قبله من العُمر كذبة لم تُحتست مثل الأوهام لم يُعترف بها.
__________________________________

         <"كارثة تحل على الرأس، فمن المنقذ">

جلس "أيـوب" برفقة "يـوسف" أطول فترة ممكنة استطاع أن يقضيها معه وحينها طلب منه الحارس أن يخرج بكل إحترام وتقديرٍ لشخصهِ، فلم يكن أمام "أيـوب" سوى أن يخرج خاصةً حينما علم أن الضابط المسئول عن القسم حضر من جديد لذا تحاشى أن يشتبك معه، بينما "يـوسف" فقد شعر بالفراغ ما إن تحرك "أيـوب" من جوارهِ وكأنه طفلٌ صغيرٌ يتركه والده أول أيام العام الدراسي على باب المدرسة وسط الزحام دون أن يعرف أيًا منهم وكأن الغُربة من جديد تُفرض عليه، والكُربة تذهب إليه..

غَـــوثِـهِـمْ &quot;يا صبر أيوب&quot; الجزء التانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن