الفصل السادس والثلاثون : سابِق ولاحِق

Start from the beginning
                                    

"كلام بدر وهو بيشجعني .. فكرني بكلام بابا زمان وهو بيعلمني أسوق العجلة لوحدي ، حسيت إن المشهد بيتعاد بس الإختلاف الوحيد .. إن مفيش بابا! ، ومِن بعد الذِكرى دي الدُنيا إسودِت قُدامي وفقدت الوعي".

إبتسم رحيم وقال مُطمئِنًا الجميع عليها.

"دي علامة كويسة جِداً على فِكرة ، اللي عملُه بدر ده إتسبب إنُه يخليكي تواجهي ماضيكي قُدامك ومتهربيش مِنُه ، زي صدمة إيجابية ليكي .. هتساعدِك في مشوار العِلاج كمان ، لازِم نكتر مِن المواقِف دي يا شمس ، وفُقدانك للوعي ده شئ طبيعي .. يعني متقلقيش لإنُه هيتكرر كتير الفترة الجاية ، بس عايزك لما تحسي إنِك هيُغمى عليكي متستسلميش وتقاومي".

تنهدت براحة وأومأت مُطيعة لما يُمليه عليها ، هي تعلم أن حديثه مُحِق ، فبعدما حدث اليوم شعرت بعدم خوفِها مِن ركوب الدراجة مرة أُخرى ، وهكذا قد واجهت إحدى مخاوِفها مِن الماضي بكُل شجاعة.

قرروا جميعًا لملمة أغراضهُم والعودة إلي منازِلهُم ، يكفي ما حدث للأن لا يُريدون المزيد مِن المتاعِب.

•••••••••••••

جالِسان في مواجهة بعضِهما البعض ، قد يبدوا الأمر للوهلة الأولى مُجرد غداء طبيعي لزوجين ، ولكِن حينما تستمِر في التدقيق أكثر ستجِد علامات غير سّارة مُطلقًا ، فقد كانت بهيرة تُقطِع شريحة الدجاج بالسكين بحركة بطيئة ، بينما لا تتحرك عينيها عن وجه زوجِها ، تُحملِق بِه بإبتسامة مُريبة تُسبِب له القُشعريرة ، في حين أن ثروت ظل يُراقِب أفعالِها تِلك بعقلاٍ مليئً بالتفكير ، يُفكِر في رسالة المجهول التي تلقاها في مكتبِه ، ومع تصرُفات بهيرة المُثيرة للشك قد تأكد أنها تُخطِط لقتلِه حقًا ، نطقت هي بنبرة هادِئة موتِرة.

"أخبار الشُغل إيه يا ثروت؟".

إرتشف بعض المياه وأجاب جاهلاً المغذى مِن السؤال.

"كُلُه تمام يا حبيبتي .. بُكرا هوقّع مع وفد ياباني صفقة كبيرة أوي ، ياريت تيجي وتحضري الإجتماع معايا عشان تجيبيلي الحظ السعيد".

قهقهت بهيرة دون رغبة ونطقت بينما تنظُر داخِل عينيه بثبات.

"بحِبك وإنت بتغني عليا يا حبيبي .. حقيقي هتخليني أصدقك كِدا؟".

إختنق ثروت بطعامِه وبدأ يسعُل بقوة حتى أصبح وجهه أحمر اللون ، ومازالت هي تُتابِع ما يحدُث بأعيُن ثاقِبة ، هدأ هو قليلاً يلتقِط أنفاسِه وقد شعر أنُه قد أوشك على الموت للتو ، تحدث مُزيلاً قطرات العرق عن جبينه.

بارانويا | «جُنون الإرتياب» (قيد الكتابة)Where stories live. Discover now