1_ شرٌ لا بُدَّ منه

Start from the beginning
                                    

حرك رأسه للأمام حتى يراها مليًا أكثر من السابق وحينها حركت رأسها تسأله بذلك عن سبب حركته وسبب نظرته فيما أعتدل هو في جلستهِ وهتف بثباتٍ:

_كنتِ، كنتِ يا "نِـهال" قبل ما أنا أجي وأدخل حياتك، قبلي حاجة وبعدي حاجة، ثم مين قالك إنك لما تمشي وتسيبي الدنيا ليها دا حل؟ ومين قالك إنك لما توقفي شغلك علشانها دا حل، ومين قالك إن الهروب حل؟ عاوزة تسيبي ليها الدنيا وهي تبرطع زي ماهي عاوزة؟ عاوزة تقوليلها برافو عليكِ قدرتي تخليني أبطل شغل وتسيبي ليها المكان؟ عاوزة تخليها تنتصر لمجرد إنها تحسسك بالضعف؟ لأ طبعًا، كان لازم تكملي وتقفي في وشها ووش كرهها، لازم تكوني نِد وراسك براسها، الإنسحاب ممكن يكون حلو في مصلحة التانيين بس مش في غياب مصلحتك أنتِ.

ابتسمت "نِـهال" وتنفست الصعداء أمامه ثم صارحته بقولها وهي تضحك له:

_عارف؟ أول مرة حد يتدخلي في مشكلة، كل مرة بكون لوحدي وأتحمل العواقب لوحدي برضه، حتى بابا علطول عاملني إن ولد بما إنه مجابش ولاد وبحكم شغله كنت بتصرف كأني راجل شايل مسئولية، ودي كانت أول مرة النهاردة أحس إن فيه حد ممكن يكون واقف في ضهر حد وعنده استعداد يشيل مكانه المسئولية، فأنا بشكرك يا "أيـهم" إنك من غير طلب مني بتعمل كدا.

أقترب منها وهو يهتف بمراوغةٍ خبيثة:

_الشكر مبيأكلش عيش أيامنا دي، تعالي كدا في حضني وقوليلي يومك كان عامل إزاي وأنا أقولك يومي كان عامل إزاي، أنا قافل التليفون والحج لو عمل إيه مش هيعرف يوصلي.

ضحكت هي بصوتٍ عالٍ ثم وضعت رأسها على كتفهِ ورفعت الغطاء تدثر جسديهما ثم بدأت في إخباره كيف مر اليوم قبل مجيئه وكيف مر بعد أن رحل من المدرسة وتركها بمفردها بينما هو كان يستمع لها مبتسمًا وكأنه يستمع لصغيره، يستمع لها وهو يرى أحلامه حقيقة بهذه الزيجة التي أتت محملة بكل أحلامه رغم نقصان أحد هذه الأحلام لكنه يأمل في الخالق أن يمن عليهما سويًا.

في الأسفل بغرفة "أيـوب" جلس على الفراش يقرأ في كتاب السيرة النبوية، تحديدًا ذلك المجلد الأصلي الذي أتاه هدية من أحد رجال الدعوة الإسلامية ليصبح هو صاحب النصيب في الحصول عليه، كان مندمجًا في القراءة حتى طُرِق الباب وأخرجه الصوت من حالة الإندماج هذه فترك الكتاب وخرج من الفراش يفتح الباب فوجد أمامه "عبدالقادر" يبتسم له وهو يقول بنبرةٍ هادئة:

_معلش لو صحيتك؟ بس بكلم أخوك قافل تليفونه قولت أجيلك أنتَ أتكلم معاك وأبقى أكلمه هو بكرة، هتنام؟.

أبتسم له "أيـوب"وهتف بنبرةٍ ضاحكة وهو يفسح له مجال الدخول:

_ولو نايم يا "عبده" النوم طار من فرحته بشوفتك.

ولج "عبدالقادر" الغرفة مبتسم الوجه ثم جلس على الأريكة وقد جلس "أيـوب" بجوارهِ وهو يسأله بعينيهِ وقد علم أن والده يخفي سرًا كبيرًا وحينها زفر "عبدالقادر" وهو يحاول تنظيم أنفاسه وترتيب كلماته وبرمجة حديثه وما إن سئم من ذلك هتف بقلة حيلة:

غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التانيWhere stories live. Discover now