|4|: صنعتَ لحظاتٍ

79 11 24
                                    

vote + comment please
comment between paragraphs.


بعدَ شهرٍ ..

بعدَ أنْ أصبحنا أصدقاء لا نفترقُ أبدًا، شردتُ لبِضعة دقائق و إذ بها تمتدُّ لساعاتٍ و فيها أدركتُ ما وقعتُ بها من مصيبةٍ و أخذتُ أتحسّر علىٰ حاليَ الّذي أزعمُ إنْ استمررتُ بسَير ذٰلك الدّرب دونَ حذرِ فسيوقعُني في هاويتِي.

شردتُ كثيرًا و حتّىٰ أن فاتتنِي محاظرةٌ ما، أدركتُ حجمَ مصيبَتي و ماهيّة عواقبِها الّتي قدْ تهجامُني لاحقًا، قرّرتُ العودة إلىٰ المنزلِ فأزعمُ أن لا منفعةَ لي هُنا اليَوم، فكلّ ما سأتقدّم نحوهُ من سعيٍ سيذهبُ هباءً منثورًا لشرودِي.

عدتُ إلىٰ منزلِي فأزعمُ أنّني لا أستطيعُ إتمام يوميَ من التّفكير، أفكّر بما راح و مضىٰ رفقةَ أرواحٍ ظلمتْ صغيرًا أحيتهُ محبّة أصحابِه، بل أفكّر بالشّاب الّذي ما عرفتُه سوىٰ لشهرٍ مضىٰ لٰكنّه باتَ يجذبنِي نحو حفرتِه بمهارةٍ عاليةٍ أنستنِي ما سلفَ من آلام حطّمتْ أيسري.

لمْ أتناولِ الطّعام طوالَ اليَوم بلْ لمْ أحرّك شبرًا من فراشيَ الّذي باتَ باردًا لكثرةِ الدّخائل الّتي سادتْ حَول هَيئتي، فككتُ رباطيَ الّذي عاهدتُ علىٰ دوامِه بلحظةِ غفلةٍ موقنًا أنّني نادمٌ فيما بعدُ.

عليّ إصلاحُ ما أفسدتهُ نفسِي الّتي هوَت روحًا تحومُ حَولها
حتمًا عليّ إصلاح ما أفسدتُه قبلَ فواتِ الأوانِ
إنْ لمْ يكُن قد فاتَ بالفِعل ..

راسلَني بومقيو مرّاتٍ عديدةٍ، لمْ أُجبه حتّىٰ الآن بل لمْ أغادِر منزلِي مُذ يَومان، اجتاحتنِي أفكارٌ عديدة و اعتقدتُ أنّني سأفقدُ صوابِي إنْ لمْ يُقرّر لي يَوم إجازة علىٰ الأقل، لِذا تغيّبتُ يَومان إضافيّان أسترجعُ فيهما شتاتَ نفسِي لٰكنّني لمْ أكفّ فيهِما عن سماعِ تذمّرات والدتِي الّتي يئستْ من حالِ ولدِها الفوضويُّ برأيِها، بل احترتُ ءأستمعُ لتذمّارتها هيَ أم لأفكاريَ الّتي تصرخُ بشكلٍ يُرتعبُ لهُ في قمّتي.

بقيتُ يَومان كالّذي باتَ جسدهُ بلا روحٍ أحاولُ نسيانَ ذٰلك الولدِ الّذي علىٰ وشكِ جعلِي أجنّ، أحاولُ بكلّ ما اوتيتُ بهِ من طاقةٍ تحويلِ نظرتِي لهُ لأخرىٰ كارهةٍ تراهُ يستغلّ مالكَ عَيناها، لمْ أدركْ يَومًا أنّني اجتزتُ ذٰلك الحدّ، فقدْ ارتعبتُ لمجرّد تعارفٍ بسيطٍ علىٰ شابٍّ يملكُ روحًا طيّبةٍ بَينما أناْ أغوصُ بأوهاميَ الّتي تكادُ تخنقنِي كمياهٍ تُرسىٰ في جوفِي.

حقيقةً، لستُ علىٰ تأكّدٍ من قَولي بشأنِ أنّه يملكُ روحًا طيّبة، فالبشرُ هٰذا العصرِ يتقنونَ التّمثيل و التّظاهر بشخصيّاتٍ عديدةٍ كعملٍ تلفزيونيٍّ حصدَ خمس نجومٍ للمدىٰ الّذي انبهرَ مشاهدوهُ به، يضعونَ قناعًا مضادّاً للماءِ لا خدشَ فيه أوْ إصابة ذو مظهرٍ أنيقٍ و فاتِن، لِذا فـ إنّهم رخيصُون جدًّا للحصولِ علىٰ ذرّةٍ من الثّقة.

دَيجور || tgWhere stories live. Discover now