|2|: باتت أيامي

89 9 19
                                    

vote + comment please
comment between paragraphs.





لمْ أكُن بالطّالب الاجتماعيِّ الّذي يحظىٰ بـ أصدقاء و علاقات، و لا أقول أنّني كذٰلك منذُ زمنٍ بعيدٍ، فقد كُنت المقدّس لأصدقائِي كانغ تايهيون  قبل سنةٍ. دُمتُ فتًىٰ يفدىٰ بعَينيه لرفيقِه الّذي يحبّه، كرّستُ حياتي لأجلِ ملئِ علاقاتي بالدّفئِ و الحنانِ بوَصفي "وحيدَ والِداي"، التقَيتُ بالعديدِ من الأحبّة و قد أمضَيتُ معهُم أيّامًا لا توصفُ من جمالها، لا سببَ غَير أنّي كنتُ موهومًا حينئذٍ، و ما إنْ علمتُ بالحقيقةِ حتّىٰ أصبتُ بصدمةٍ لنْ تغادرَ أرضَ حياتِي بعد الآن.

قد تدهوَرتْ صداقاتِي جميعها بحلولِ سنةٍ واحدةٍ فقط، أكانوا خمسةَ أصدقاءَ مختلفِين، أمْ ستّة؟.. لا أذكرُ حقًّا، لٰكنْ كلّ ما يمكنُ لدماغِي استيعابَه أنّ عددهم كانَ ضخمًا، و قد غادروا جميعًا في فترةٍ بسيطةٍ محدودةٍ، و لا أظنّ أنّ دماغيَ تمكّن من تحمّل ذٰلك الكمّ من الحزنِ فأصيبَ بصدمةٍ، لا و خمّن .. جميعهم لعبُوا دَور الضّحيّةِ و أناْ كالأبلهِ أصدّق أحاديثهمُ الأخيرةِ بشأنِ أنانيّتي و تصرّفي الغَير سويٍّ و تقلّباتيَ المزاجيّة حتّىٰ الآن و لا يمكنُها حتّىٰ مغادرةَ دماغيَ العنيد، بل أزعمُ أنّها جميعًا دائمة في ذِهني.

منذُئذٍ، كنتُ دائمَ الوحدَة عدوانيُّ الانفعالِ لحذرِي، و قد ربطتُ كفّاي بوعدٍ حتّىٰ لا أعودُ كالأبلهِ وسطَ عالمِ الوحشيّةِ دونَ سَيطرةٍ، لٰكنّني حتمًا أحمقٌ فقدْ فككتُ رباطيَ الّذي عاهدتُ علىٰ دوامِه مجدّدًا لأجلِ رائحةِ حبٍّ و عطفٍ شبهَ طفيفةٍ مرّت من جانب أنفي، و ها أنَا ذا أشاهدُ رباطي المنسدِل علىٰ العمودِ الحديديِّ بندمٍ يأكلُني أكلًا لٰكنّني لا أقدرُ علىٰ ربطِه ثانيةً، فقد احتلّني الضّعف كما احتلّني سابقًا في لحظةِ غفلةٍ منّي، غدَرتْ نفسيَ بي لتضعَ طرفَ سكّينها الحادّ في ضِلعي تحشوهُ هُناك بقسوةٍ علّي أتعلّمُ ممّا أقترفتُه من خطأ.

لٰكنّني أناْ تايهيون الّذي يقترفُ الأخطاء ذاتها دون تَوبةٍ و خشيةٍ لعواقبِها، فـ ها أنا ذا قد سقطتُ في حفرةِ من يلقّب بـ 'تشوي بومقيو'، ولا أقولُ أنّها حفرةٌ مظلمةٌ، فهيَ منيرةٌ بشدّةٍ تحوِي كلّ ما هوَتهُ روحي طيلةَ فترةِ توحّدي، ابتداءً مِن حنانِ بومقيو و عطفهِ و أهمّها حبّه لي، لٰكنّني أناْ من لمْ يعُد يثقّ بـ أيِّ من يحاول الإحسانَ إلَيّ، أعنِي هو يخطو نحوِي يقدّمُ حبّهُ لي بَينما أناْ أرتعبُ منهُ لاستذكارِي أيّامًا بكيتُ فيها حتّىٰ فقدتُ أنفاسي، تمامًا كالطّيّب المسنّ الّذي يقدّمُ قطعةَ سكاكرٍ لطفلٍ غريبٍ تعرّض للخطفِ يومًا.

هو يعانِي الكثيرَ بسببِي و لنْ أنكرَ أنّني رفيقٌ فظيع، لٰكنّ ذٰلك حتمًا ليسَ بـ أناْ! أتلاشىٰ تايهيون الحقيقيُّ ذو المشاعر العميقةِ و النّوايا الحسنةِ معَ وصولِ الشّخص المطلوب؟ أينَ هو تايهيون الّذي يفدىٰ بروحِه لكلّ أحبّته، تايهيون الّذي يقدّم ثقةً عمياءَ لأحبّائه، تايهيون الّذي يتغاضىٰ عن أخطاء أصدقاءِه لدوامِ حبّهم، و أزعمُ أنّني لو ظلَلتُ أثرثرُ بشأنِ ذٰلك التايهيون فـ لَن أتوقّف إلّا بحلولِ نهايةِ العالمِ.

دَيجور || tgWhere stories live. Discover now