سيدنا.. وابن سيدنا 1800 قبل الميلاد_20؟؟

25 1 0
                                    


بعد الميلاد خمسة كنا .. وسادسنا لوسيفر .. وستة كنا .. وسابعنا سيدنا .. وابن سيدنا .. وليس سوانا يعرف أمر سيدنا .. وابن سيدنا .. وقد آن الأوان أن تعرف أنت أيها البشري .. لأن أمرك بعد هذا الحد من القراءة لم يعد يعنينا .. فأنت ستموت بعد أن تعرف .. وستعرف بعد أن تموت .. فليس هناك فارق يذكر لو عرفت الآن .. طالما ستموت بعد أن تعرف .. لو أنك لم تعد تفهم كلامي هذا .. فهذا ليس غريبا .. لأن الشياطين تحدثك .. و الشياطين من حولك تحوم كما الغربان .. و الشياطين تجري منك مجرى الدم . نحن لسنا أشباحا مرعبين .. نحن كائنات رائعة الجمال .. جمال لم ترى قبله جمال ولن ترى بعده جمال .. فإن لم تؤمن بهذا .. فنحن شيء لا يمكنك الهرب من عقابه .. لأننا معك أينما ذهبت ... نحن حقا معك أينما ذهبت و ليس كما يدعي إلهكم .. نحن نقتلك إذا أردنا أن نقتلك .. نحن نحييك لو أردنا أن نحييك .. نراك في أي مكان أنت فيه .. نسمعك .. لاتعتقد بأنك ذكي ستفشي سرنا دون أن نعلم .. بل دعني أخبرك بما هو أكثر من هذا .. نحن نعلم ما ستقوم بفعله قبل حتى أن تقوم بفعله .. نحن نسمع حديث نفسك لنفسك .. و جحيمنا جحيم حقيقي . فلتسمع منا حكايتنا الأخيرة معك .. وحكايتك الأخيرة معنا . يقول "ماستيم" الشيطان اليهودي .. لقد تشرفت بأن أشهد ولادة سيدي .. و نشأة سيدي .. وعبقرية سيدي .. سيدي "أنتيخريستوس" .. كنت أحلق فوق مساكن بني إسرائيل اليهود في زمن فرعون موسى .. وكم كانت مساكن بسيطة أيامها وفقيرة .. كان فرعون موسى يقتل كل المواليد الذكور في سنة .. و يتركهم أحياء في سنة .. حتى لا ينقطع نسلهم .. لأنهم خدم .. كنا في السنة التي يترك فيها المواليد أحياء .. وكنت أطير داخلا بعباءتي إلى أحد البيوت اليهودية الفقيرة دون سواها .. وكم كان ذلك البيت مقدسا إلى قلبي .. كان البيت الذي شهد ولادة سيدي .. وابن سيدي .. ولادة أنتيخريستوس. كان والده رجلا يهوديا ذو أنف طويل كأنه منقار .. وأمه امرأة يهودية ضخمة عظيمة الصدر طويلة اليدين .. متزوجان منذ ثلاثين عاما .. ولم يولد لهما .. ويبدو أنهما قد يئسا من طلب ذلك وتمنيه .. وليس بوسعي أن أحكي لك عن تفاصيل لا يحق لمثلك أن يسمعها .. لكن يكفيك قولي أن تلك المرأة اليهودية الضخمة كانت ذات ليلة تتململ بعدم ارتياح ناعس على سريرها .. حتى رأت فيما يرى النائم وكأن رجلا غريبا يأتيها .. فلم تدر إلا وقد قُذف في رحمها ما أحست و كأنه شهاب من نار .. أما أنا فقد رأيت الحقيقة كاملة. الحقيقة أن تلك المرأة كانت تنام متململة على فراشها و كان زوجها ذو الأنف الطويل يقف بجوار سريرهما وقد ملأ الغرفة بأمور وطقوس شيطانية لا يعنيك في شيء أن تعرفها .. وما حدث أثناء تلك الطقوس يصعب على أمثالك فهمه .. وبعد مرور حوالي الساعة و الرجل يقرأ متعرقا مجهدا .. إلا وقد تنزل سيدي إلى تلك الأجواء في بهاء لا يكافئه بهاء .. و عظمة لا تكافئها عظمة .. تنزل سيدي "لوسيفر" إلى ذلك البيت المقدس .. ونظر إلى تلك الرحم القدسة .. وقذف فيها تلك النطفة المقدسة .. ثم قام عنها في بهاء لا يكافئه بهاء .. و عظمة لا تكافؤها عظمة .. وأنهى صاحب الأنف الطويل طقوسه و هرع يزيل كل الآثار من الغرفة .. أما المرأة اليهودية الضخمة .. ففي الواقع كانت قد انتقلت من طور النوم إلى طور آخر .. طور الغيبوبة .. الغيبوبة المقدسة. هكذا كان الجماع المقدس .. بين سيدي العظيم "لوسيفر" و امرأة من بني إسرائيل .. امرأة أصبحت تحمل ابنا تظنه ابنها .. و إنما كان ابن الشيطان .. أنتيخريستوس .. وقد كان أشد حمل شهدته امرأة على وجه الأرض .. اثنا عشر شهرا لا تنقص يوما .. فكان الأطول مدة و الأشد مخاضا و عذابا و ألما .. وكانت طوال فترة الحمل المرأة الأشد عدائية و جنونا عن كل الحوامل اللاتي ظهرن على البسيطة .. ولما ولدته بعد عذاب وصراخ ودماء .. خرج منها بكل قداسته و جماله .. نظرَت إليه .. رأَت في عينيه شيء غريب لا تدري ما هو .. لكنها انتبهت من هذه الملاحظات غير الهامة .. فتلك الضجة بالخارج هي ضجة تعرفها جيدا .. إنهم جنود فرعون .. يقتحمون مساكن بني إسرائيل و يقتلون كل مولود لهم .. فنحن الآن قد أصبحنا في السنة التي يقتلون فيها المواليد. خرجت المرأة الضخمة خافية وليدها بين ثيابها راكضة ناحية الجبال .. و قد صعدت ما كان لجسدها الضخم أن يصعد .. حتى رأت كهفا غلب على ظنها أنه آمن .. وهناك وضعت وليدها .. على أن تعود له كل حين تطعمه و تسقيه. وتركته هناك وعادت إلى مسكنها .. ولما أتت ذلك الكهف ثانية لم تجد وليدها .. صرخت و بكت و جزعت .. لم تكن تعلم أن الملاك قد حمله إلى مكان أكثر أمنا .. وليس أي ملاك .. بل هو "جبريل" عظيم الملائكة .. كان يطعمه و يسقيه .. لبنا و عسلا وسمنا .. و لم يزل يطعمه و يسقيه حتى نشأ و كبر .. وصار رجلا يافعا .. كم أنت عظيم يا سيدي .. وكم أنت مقدس. يقول "دراكولا" شيطان الإنس الشهير .. لم أحظ بشرف متابعة تاريخ سيدي مثل بقية الشياطين .. إلا أنني حظيت بشرف رؤيته أكثر من مرة .. ولأن لي عينا ثاقبة حادة لا تفوتها فائتة .. فإني سأكون خير من يصفه لمن لم يره .. ويتوق إلى رؤياه المقدسة .. لقد كان رجلا قوي البنية جدا .. عريض المنكبين .. ليس ذا قامة طويلة و إنما هو أقرب للقصر .. أحمر البشرة مثل أبناء الجنس الأبيض القوقازي .. شعره أسود شديد الجعودة طويل شديد التشابك .. متباعد الساقين .. جمع صفات الإنس كلها و صفات الجن .. ولهذا فإن إسراعه في الأرض كسرعة الريح العاصفة .. وهو يرى الإنس والجن و الشياطين و يرى الملائكة .. ويراه أولئك كلهم .. ولا تجري عليه أحكام الزمان .. يعيش منذ أيام فرعون وحتى نهاية الزمان .. لا يهرم ولا يشيخ .. هو سيد الجن وسيد الشياطين .. ولاسيد له إلا أبوه "لوسيفر" .. وسيكون سيد الإنس في نهاية الزمان. ولرأسه هيئة يتهيأ لك لما تراها وكأنها رأس ثعبان أو أصَلَه .. لست أدري كيف أقرب الأمر إلى ذهنك لكن رأسه كانت توحي إليً بهذا الإيحاء دائما . يقول الشيطان "بافوميت" معبود فرسان الهيكل .. عاش سيدي في مصر الفرعونية وتعلم علما لا يسعه عقل إنس و لا جن .. لا يسعه إلا عقل كعقل سيدي .. علمه إياه أبوه "لوسيفر" و حكماء الجن .. وليس بمقدوري أن أحكي عن تفاصيل حياة سيدي "أنتيخريستوس" في مصر .. إلا أنه يمكنني أن أقول أنه لما تعلم ركوب البحر قرر أن يُبحر من مصر الفرعونية ويغادر ليستكشف العالم من حوله .. وظل يجول بين البلاد و الشعوب يتعلم ويراقب حتى انتهى بإبحاره إلى اليمن .. و تحديدا إلى جزر لها اسم عجيب .. جزر حنيش في اليمن .. أو جزر الثعبان .. وقد انتقى منها جزيرة واحدة ليكون فيها مقامه أبد الدهر. وحدث في ذلك الزمن أن الفراعنة المصريين كانوا يجهزون سفينة عظيمة .. لتقوم برحلة بحرية طويلة .. وقد وضعوا على تلك السفينة خمسمئة من أشجع رجال مصر و أكثرهم حنكة و دراية بالبحر .. وبينما كان هؤلاء في رحلتهم إذ هبت عليهم عاصفة عاتية .. ظلت تروح بالسفينة و تغدو بها حتى اصطدمت بالصخور في وسط البحر .. وغرق كل من كان على السفينة وسط البحر الغاضب .. ماعدا رجل واحد .. تعلق بلوح خشبي من ألواح السفينة المحطمة .. و ظل التيار يجرفه و هو متعلق باللوح لثلاثة أيام و ثلاث ليال .. حتى انتهى به التيار إلى شاطيء جزيرة. أفاق الرجل بعد طول نصب و جوع على شاطيء الجزيرة التي لاحظ أنها ذات رمال ساخنة .. لكنها كانت حقا جزيرة غناء لم ير مثلها في حياته كلها .. وهو البحًار الذي لم يترك أرضا جميلة إلا وطئها .. لكن تلك الجزيرة كانت تختلف .. كانت الجزيرة مليئة بالحيوانات من كل جنس ولون .. و فيها من كل الثمرات التي عرفها والتي لم يعرفها .. فشرع يصيد ذوات اللحم و يطهو ويأكل اللحم و السمك .. ويقدم قرابين مشوية للآلهة المصرية التي يعبدها امتنانا لهم من أجل سلامته و حسن حظه. وفجأة اهتزت الأرض و اهتز الشجر وبرز له رجل يرتدي رداء ذهبيا جميلا .. كان الرجل قد امتلأ رعبا من هول المفاجأة .. لم يكن ذلك الرجل الفرعوني يعلم أنه أول من يطأ بقدمه من البشر جزيرة سيدي .. جزيرة "أنتيخريستوس" .. قال له سيدي بصوته الهادر الممتليء قوة : - من أين أرض جئت ؟ قال البحار في جزع من قوة سيدي و عظمته : - جئت من أرض مصر .. لقد كنت أُبحر مع رفاقي البحًارة العظام في سفينة .. ثم إن البحر قد غضب علينا ورمى بسفينتنا إلى الصخور .. فتحطمت و غرق الكل إلا أنا. قال له سيدي بصوت هاديء حكيم : - لا تجزع أيها المصري فأنت آمن هنا في جزيرتي .. لقد كنت أنت المختار الوحيد الذي نجا من الكارثة التي هلك فيها العديد من الرجال العظماء المصريين .. أنت المختار الوحيد أيها المصري. قال له البحار و قد بدأ يهدأ : - ومن أين أنت أيها الرجل القوي ؟ قال له سيدي "أنتيخريستوس" : - لا يهمك من أين أنا .. يمكن أن تدعوني بالثعبان .. لقد كان يعيش معي على هذه الجزيرة سبعين من رفاقي .. لكن شهبا سقطت عليهم فأحرقتهم جميعا .. ولم أنج إلا أنا .. و فتاة صغيرة أخرى. قال البحار : - يبدو أنك محظوظ مثلي أيها الثعبان . بدا على سيدي "أنتيخريستوس" شبح ابتسامة و هو يقول للبحار : - إن لدي القدرة على التنبؤ أيها المصري .. وإنه ستأتيك بعد شهور أربعة سفينة أخرى تنقذك و تعيدك إلى بلادك. فرح البحار فرحا غامرا و قال : - حقا أيها الرجل الطيب ؟ حقا ؟ أقسم بعظمة الآلهة أنه لو حدث ما تقول لأعودن إليك محملا بالهدايا و الكنوز و البخور و القرابين من مصر. ضحك سيدي "أنتيخريستوس" وقال له : - ليست جزيرتي بحاجة إلى أي شيء يمكنك أن تحضره .. ولتعلم أيها المصري .. أنك ما إن غادرت جزيرتي هذه فإنه لن يكون بمقدورك العودة .. لأن جزيرتي هذه سوف تختفي في البحر .. ولسوف تُظهر نفسها للتائه المختار التالي الذي ستقوده قدمه إليها. قال سيدي "أنتيخريستوس" فجأة : - ولكن أيها المصري فور عودتك إلى بلادك ليس مسموحا لك أن تذكر أنك قابلت إنسيا هنا .. بل قل أنك قد قابلت ثعبان .. وليصدقك من يصدقك و ليكذبك ومن يكذبك. قال الرجل : - كما تريد أيها الثعبان. وبعد مرور أربعة أشهر وصلت سفينة بالفعل إلى الجزيرة و أهدى سيدي "أنتيخريستوس" إلى البحار المصري هدايا و عطايا كثيرة .. من العاج والكحل والعطور و البخور ونبات السنا و التوابل و الأخشاب و الذهب و الفضة ومن الحيوانات الزراف و القرود ليأخذها معه إلى مصر .. و أمضى البحار في سفينته الجديدة شهرين .. و كان ينظر إلى جزيرة "أنتيخريستوس" وهي تتضاءل و تتضاءل حتى اختفت تماما كما أخبره "أنتيخريستوس". ولما عاد ذلك الرجل إلى مصر حكى قصته تلك إلى الوزير الذي حكاها بدوره إلى فرعون .. و أمر فرعون رئيس الكتبة "آمون آمونا" أن يكتبها على البردي وكوفيء البحار بمنصب كبير في القصر الفرعوني وهو كبير موظفي القصر تعويضا له عن محنته و مكافأة له على روح المغامرة التي يتحلى بها. قرأت أيها الإنسان هذه البردية في العصر الحديث وكان اسمها "قصة الملاح التائه" ولم تفهمها أيها الإنسان .. الحقيقة التي ذكرها "أنتيخريستوس" لذلك الرجل عن السبعين رفيقا من رفاقه الذين ضربتهم الشهب .. أن هؤلاء شياطين كانوا يعملون في مقام خدمة سيدي "أنتيخريستوس" ويأتمرون بأمره .. و إنه قد نما إلى علمه أن الله سيبعث في بني إسرائيل نبيا عظيما .. فغضب سيدي لذلك غضبا شديدا و أمر جميع الشياطين أن تصعد إلى السماء لتأتيه بالخبر اليقين عن ذلك النبي و متى سيبعث .. وعندها حدثت المأساة الحزينة .. لقد أُمطرت جميع الشياطين بشُهب من السماء فأحرقتهم كلهم .. كما يحدث دائما عند اقتراب نزول أي نبي .. كان النبي الذي وُلد فيما أتى من الأيام هو "موسى" .. أما "أنتيخريستوس" فلم يبق معه على الجزيرة سوى شيطانة واحدة .. وهي التي سماها للبحار بالطفلة الصغيرة .. كانت تلك هي الشيطانة "سباي".. وكانت لاتزال طفلة أيامها. يقول "سيربنت" الأفعى اليهودية الشيطانية .. سأنزل بكم إلى مشهد عظيم هو الأعظم على الإطلاق بين مشاهد الأرض جميعها .. مشهد "موسى" وهو يشق بعصاه البحر إلى قطعتين .. قطعتين من البحر عن اليمين و عن الشمال كأنهما شلالين يسيلان إلى الأعلى و ليس إلى الأسفل .. مشهد نحتاج حتى نوصله إلى ذهنك ..أن يجتمع كل مخرجي هوليوود في مشهد واحد .. وكل هذا و "موسى" يتقدم بني إسرائيل الذين يمرون وسط البحر المنشق بمتاعهم وراء موسى .. وكان بينهم سيدي العظيم .. "أنتيخريستوس" .. كنت أراه يتقدم الصفوف وراء "موسى" .. فلما عرف سيدي أن النبي المبعوث هو "موسى" أصر إلا أن ينزل إلى ساحته ويتحداه في قومه. كنت أزحف بين أقدام بني إسرائيل في ذلك المشهد العظيم وأنظر إلى "أنتيخريستوس" الذي كان يفعل أمرا عجيبا جدا .. كان يرى المَلَك "جبريل" و هو على فرسه الأسطورية يشق البحر ومن ورائه "موسى" ومن ورائهم بني إسرائيل .. أما "أنيخريستوس" فقد لاحظ أن أثر فرس "جبريل على الأرض الصفراء يحولها إلى خضراء .. كان "أنتيخريستوس" هو الوحيد بين كل هؤلاء الذي يرى "جبريل" .. و قد عرفه لأنه هو الذي تعهده و اعتنى به في طفولته .. والآن يرى أثر فرسه على الأرض الذي يجعلها خضراء .. فانحنى أنتيخريستوس و قبض قبضة من أثر فرس "جبريل" .. ووضع تلك القبضة المقدسة في متاعه .. فقد عرف أن فيها سرا ما. وبعد أن اجتاز الجميع البحر شرعوا في عبور الصحراء قاصدين أرض فلسطين .. وبينما هم يمشون إذ رأوا في طريقهم قوما عاكفين على عبادة عجل .. فقالوا لـ "موسى" : - يا "موسى" اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال لهم "موسى" غاضبا : - إنكم قوم تجهلون .. إن الله لمفسد عمل هؤلاء ومهلكه .. أفغير الله تبتغون إلها وهو فضلكم على العالمين وللتو أنجاكم من آل فرعون ؟ لاحظ "أنتيخريستوس" هذا المشهد و أسرًه في نفسه .. حتى أتى ذلك اليوم الذي غادر "موسى" فيه قومه إلى جبل الطور ليكلم ربه .. و أخبر قومه أنه عائد لهم بعد ثلاثين ليلة .. وترك أخاه "هارون" خليفة له في قومه .. ومرت ثلاثين ليلة ولم يأت "موسى" .. ومرت ليلة ثم ليلة ثم ليلة .. ولم يرجع "موسى" .. وهنا انتهز سيدي "أنتيخريستوس" الفرصة أعظم انتهاز و أشده عبقرية و دهاء .. قال لهم بصوته القوي الآسر : - يا قوم اجمعوا إليً الذهب الذي أعاركم إياه المصريين و الذي تشعرون بالإثم لحمله .. فإني مُخلصكم منه. وجمع إليه القوم الذهب الذي استعاروه من المصريين فصهره كله و صنع منه عجلا ذهبيا ذو شكل رائع .. لم أكن أعرف أن سيدي "أنتيخريستوس" فنان .. إن مثله لهو أعظم من أعظم فنان .. ثم إن سيدي "أنتيخريستوس" أخرج من متاعه ذلك الأثر الذي قبضه من أثر فرس "جبريل" .. ثم إنه ألقاه على العجل الذهبي .. فاستحال العجل الذهبي عجلا ذهبيا حيا .. كان مشهدا مهيبا أذهلني أنا نفسي ولم أستوعبه في البداية .. و كذلك ذهل بنو إسرائيل كلهم ونظروا إلى تلك المعجزة بعيون مبهورة .. وفي غمرة انبهارهم قال لهم سيدي : - لقد ذهب "موسى" ونسي أن إلهه هاهنا .. هذا إلهكم الجليل ياقوم و إلهي و إله "موسى" فخروا له متعبدين و طافوا حوله فرحين فخورين محتفلين .. جزع "هارون" و نزل فيهم قائلا : - ياقوم ماذا دهاكم اتقوا الله الرحمن ربكم .. دعكم من هذا الشيء واتبعوني و أطيعوا أمري قالوا له : - بل لن نبرح مكاننا .. نحن هاهنا عاكفين عليه حتى يرجع إلينا "موسى" وفجأة رجع "موسى" .. وهاله ما رأى من أمر العجل الذهبي الذي يخرون له سجدا عابدين .. غضب "موسى" غضبا شديدا .. فقد اشتهر بسرعة الغضب .. وكانت معه ألواح مكتوبة فيها التوراة أملاه إياها ربه في جبل الطور .. فألقى الألواح التي في يده كلها فتحطمت على الأرض .. صاح في قومه : - ياقوم مابالكم .. ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ؟ أفطال عليكم العهد يا قوم ؟ أم أنكم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم. قال له قومه : - بل إننا قد جمعنا ذهب المصريين فألقيناه عند قدمي هذا الرجل السامري .. وقد أضلنا. ثم إنه أمسك بأخوه "هارون" من لحيته ورأسه بشدة و قال له : - ما بالك يا "هارون" ؟ مامنعك لما رأيتهم قد ضلوا .. أفعصيت أمري يا "هارون" ؟ قال له "هارون" : - أخي لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي .. لا تشمت في العدا .. لقد خشيت أن تقول أني فرقت بين بني إسرائيل من بعدك. تركه "موسى" والتفت إلى "أنتيخريستوس" .. و الذي سماه بني إسرائيل بالسامري .. فالسامري في عُرف بني إسرائيل هو الرجل الغريب عنهم .. وهي تعني أيضا الرجل المُضل .. وكانت تلك مواجهة "موسى" مع "أنتيخريستوس" .. و إني كنت متحمسا جدا فارتفعت برأسي أراقب ما سيحدث عن كثب. قال له "موسى" بهدوء غريب : - ما خطبك يا سامري ؟ قال له "أنتيخريستوس" بهدوء أشد : - رأيت مالم ير هؤلاء في يوم مررنا بين شقي البحر .. رأيت ذلك الرسول على فرسه الأسطورية .. فقبضبت قبضة من أثر فرسه .. فرميت القبضة على هذا العجل .. وكذلك سولت لي نفسي أن أفعل. توقعت أن يثور "موسى" في وجه سيدي "أنتيخريستوس" بما اشتهر عنه من سرعة الغضب خاصة في هذه الأمور .. لكن "موسى" قال له بهدوء غريب : - اذهب أيها السامري .. فإن لك في هذه الحياة موعدا .. و إن هذا الموعد لن تُخلفه .. أما عن إلهك الذي ضللت به القوم .. فستراه ونحن نحرقه ونذر رماده في البحر. كان أمرا عجيبا أن يعامِل "موسى" أنتيخريستوس بكل هذا الهدوء .. لكن يبدو أن "موسى" عرف من هو "أنتيخريستوس" .. وعرف أن موعد المواجهة الحقيقية معه ليس الآن .. وإنما في زمن آخر .. زمن لن يكون فيه "موسى" ولا فرعون .. زمن هو آخر سطرين من تاريخ بني الإنسان. تقول الشيطانة "سباي" .. لو أن نفسي تحب الحديث عن نفسها لقالت أنني شيطانة لم يعرفني أحد من أهل الأرض قاطبة .. و إن كنت أعرف أهل الأرض قاطبة .. لست جاسًة بل إنني جسًاسة .. أجس خبر الأرض و أهل الأرض وأبالغ في ذلك .. وليس لي سكن إلا بجوار سيدي العظيم "أنتيخريستوس" .. في جزيرة الثعبان .. ويوم مأساة احتراق كل شياطين الجزيرة بالشهب في زمن "موسى" .. لم أصب بأدنى أذى .. لأنني لم أكلف بجس خبر السماء .. و إنما بخبر الأرض .. وليس يفعلها إنس و لا جن خير مما أفعلها .. هيئتي الشيطانية يراها الإنس .. ولايزالون يرونها حتى العصر الحديث .. فأنا من قبيلة من الشياطين كلهم على هيئتي .. و إن اختلفوا عني في تفاصيل تشريحية يسيرة .. إن قبيلتي تسكن غابات الأرض كلها .. ولأيسر عليك تصور هيئتي عليك أن تتصور أولا غوريلا .. ثم تضع لهذه الغوريلا شعرا طويلا كثيفا جدا يغطي جسدها كله ويغطي وجهها .. هكذا أنا .. وهكذا نحن .. وقد أطلقتم على قبيلتي في عصركم الحديث اسما عجيبا .. ذو القدم الكبيرة .. أو Big Foot .. ومسماكم هذا إن دل فإنما يدل على جهل بني الإنسان وشده حمقه .. تسألني كيف أجس الأخبار بالضبط ؟ هذا مما لا يجب أن يقال .. فقط اعلم أنني أعلم .. وأراقب .. وليست قبيلتي مثلي .. فلهم حياتهم ولي حياتي .. و حياتي عند سيدي .. وهو سيدي وسيد الجميع. لقد وطئَت جزيرة الثعبان أقدام بشرية مرتين .. إحداهما في زمن "موسى" .. وهو ذلك الملاح التائه .. و كانت الثانية في زمن "محمد" .. نبي آخر الزمان .. وإن لهذا قصة .. في ذات ليلة عاصفة في بحر اليمن كانت هناك سفينة يلعب بها الموج حتى فقد ربانها القدرة على تحديد مكانه .. فأيما ينظر بوجهه لا يرى إلا زرقة البحر .. وقد حاول ربانها أن يعود إلى أية يابسة بالجوار لكنه يئس .. و أصبحت تتناوب على السفينة عواصف وراءها عواصف .. حتى مكثت في بحر اليمن شهرا كاملا تتلاعب بها الأمواج كيفما تشاء .. حتى أرفأت السفينة فجأة إلى جزيرة .. كانت هذه جزيرتنا جزيرة الثعبان .. و كان هؤلاء نفر من النصارى العرب عددهم إحدى و ثلاثين رجلا .. كان منهم رجل يدعى "تميم الداري". جلسوا أول الأمر في قوارب السفينة حتى غربت الشمس واسودت السماء .. ثم دخلوا إلى الجزيرة .. وفور أن دخلوها لقيتهم .. كانت هيئتي غريبة جدا عليهم .. ظنوني حيوانا فسموني دابة .. ولأن هيئتي بدت لهم أقرب تشريحيا إلى الإنسان وجهوا لي كلاما فقالوا وعيونهم تغمرها الدهشة : - ويلك .. ما أنت ؟ قلت لهم بلغتهم العربية ببساطة : - أنا الجساسة قالوا لي : - وما الجساسة ؟ تجاهلت السؤال و قلت لهم : - أيها القوم .. انطلقوا إلى هذا الدير هناك .. ففيه رجل .. وإنه لخبركم مشتاق. بدا على القوم الذعر مني فتركوني و ذهبوا مسرعين إلى ذلك الدير .. ولما دخلوه رأوا فيه رجلا عظيم الجسد قوي النبة بشكل لم يروه من قبل في حياتهم .. الأغرب أنه كان مقيدا بقيود لم يروا في مثل عظمتها في حياتهم .. مجموعة يداه الاثنان وراء عنقه بحديد .. و أغلال من حديد تقيد ما بين ركبتيه إلى كعبيه .. كان هذا هو سيدي "أنتيخريستوس" .. ولتقييده بتلك الطريقة القاسية قصة ليس من حقي أن أخبرك عنها .. فلما رأى أولئك العرب ذلك المشهد فزعوا و قالوا : - ويلك .. ما أنت ؟ قال لهم سيدي "أنتيخريستوس" : - سأخبركم بأمري .. لكن أخبروني ما أنتم ؟ قالوا له : - نحن أناس من العرب .. ركبنا في سفينة بحرية فصادفَنا البحر في هياجه .. فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه .. و لما دخلناها لقينا دابة كثير الشعر لا ندري أين قُبلها من دُبرها .. من كثرة الشعر .. فسألناها ما أنت .. قالت اعمدوا إلى رجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق .. ففزعنا منها و لم نأمن أن تكون شيطانة. قال لهم سيدي "أنتيخريستوس" : - أخبروني عن نخل بيسان في فلسطين .. هل لا زال يثمر ؟ قالوا له : - نعم يثمر قال لهم بلهجة عجيبة : - أما إنه يوشك ألا يثمر .. أخبروني عن بحيرة طبرية في فلسطين على نهر الأردن .. هل فيها ماء ؟ قالوا له وهم ينظرون إلى بعضهم بنظرات مندهشة : - هي كثيرة الماء قال لهم بلهجة مثل الأولى : - أما إن ماءها يوشك أن يذهب .. فأخبروني عن عين زغر في غور الأردن في فلسطين أيضا .. هل في العين ماء ؟ و هل يزرع أهلها بماء العين ؟ قالوا وقد بدأت كل تلك الأسئلة تريبهم : - نعم هي كثيرة الماء و أهلها يزرعون من مائها. قال لهم سيدي "أنتيخريستوس" بلهجة بطيئة : - أخبروني عن نبي الأميين .. ما فعل ؟ قالوا له : - قد خرج من مكة ونزل يثرب قال لهم مضيقا عينيه : - وهل قاتله العرب ؟ - نعم قاتلوه - وكيف صنع بهم ؟ - لقد انتصر على من قاتله من العرب وأطاعوه - أحقا كان ذلك ؟ - نعم - أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه ثم قال بصوت قوي : - إني مخبركم عن أمري الآن .. إني أنا المسيح .. و إنه يوشك أن يؤذن لي في الخروج إلى الأرض .. فأخرج فأسير فيها فلا أدع فيها قرية إلا مكثت فيها أربعين ليلة .. غير مكة و المدينة .. فهما محرمتان علي كلتاهما .. كلما أردت أن أدخل واحدة منهما استقبلني ملك بيده السيف يصدني عنها .. و إن على كل نقب من أنقابها ملائكة يحرسونها. فزع منه القوم و أسرعوا وغادروا الجزيرة .. وقد ذهب واحد منهم إلى نبي الأميين "محمد" فأسلم وحكى له كل ما حدث معه من أمر جزيرتنا .. فما كان من "محمد" إلا وفرح بقوله فرحا شديدا و روى حديثه لأصحابه. يقول "لوسيفر" عظيم الشياطين وحامل النور الأعظم .. ابن الشيطان أنت يا "أنتيخريستوس" .. ابن "لوسيفر" .. ابن "إبليس" .. وحامل نطفة النور .. لأجلك حدثت كل فتنة في الأرض إلى يوم يبعثون .. إنسي وجني أنت .. صرت فخرا للجن .. وفخر للإنس .. وفخرا لأبيك .. خلقت بين النار و الطين .. في رحم يهودية .. الأرض بإنسها و جنها لا تساوي مثقال ذرة فيك .. يوشك أن يؤذن لك فيَفك قيدك فتعود وتسيح في الأرض كما كنت تسيح .. تأتيها من قبل المشرق .. من مدينة أصفهان في إيران .. وسيتبعك أول من يتبعك سبعون ألف يهودي يرتدي كل واحد منهم شالا على كتفيه يقال له طيلسان .. الشال الذي عُرف بارتدائه كبار الماسون .. من هم في الدرجة الثالثة و الثلاثين .. من كوًنوا السبط اليهودي الثالث عشر .. سبط بني صهيون .. جنودك الذين جهزوا الأرض كلها لخروجك الأعظم .. رؤساء دول وحكومات و من فوقهم ملوك المال .. وحراس السحر .. يظهرون العجائب للناس بعد أن كانوا يبطنوها .. فلن يبقى على ظهر الأرض إنسان إلا اتبعك .. إلا قليل. من قبل المشرق ستنزل إلى الآرض ومن أمامك شياطين .. و من خلفك شياطين .. و عن يمينك وعن شمالك شياطين .. وهم جنود لمقامك السامي من الجن .. يكلمون الناس بأمرك .. ومن ورائك يزحف "سيربنت" .. ومن أعلاك ترفرف عباءة "ماستيم" .. تأمر السماء فتمطر .. و تأمر الأرض فتنبت .. وتأمر الضروع فتسمن .. تُميت من تشاء و تحيي من تشاء بقبضة فرس الرسول .. وتأمر الجن الراصدين حراس الكنوز في باطن الأرض أن يُخرجوها فتخرج لك كما تخرج يعاسيب النحل .. سيرى فيك الجن و الإنس إلههم .. فسيسجدون لك .. ستعلمهم أن كلام أديانهم كله أساطير .. تتحدث عن أمور مشكوك في وجودها .. جنة خضراء ذات أنهار و جحيم أسود ساخن .. ستريهم الجنة أمام أعينهم .. و تريهم النار .. ستريهم كيف أن من يؤمن في عهدك فإنه سينال النعيم الفوري .. و ليس النعيم الآجل المشكوك في أمره. لا تجزع .. ففور أن تقول أنك الرب .. فسيحاربك من يعبده الناس على أنه الرب ... بقدرته سيمسح إحدى عينيك فتكون ممسوحة في وجهك غير بارزة و لا غائرة .. وسيجعل عينك الأخرى عليها ظفرة خضراء تخفي بؤبؤها .. فتكون كأنها عين زجاجية خضراء .. كأنها عنبة طافية .. حينها سيعرفك عباد الرب .. ولن يتبعوك أبدا .. لكنهم قليل ولن يؤخروك قيد أنملة. أنت المسيح و أنت إله الإنس و الجن .. و أنت ابني .. ومن عبد ابني فقد عبدني .. ومن وقر ابني فقد وقرني .. ومن وقرني أنزلت عليه عطايا لم يك حتى يتمنى أن يدركها .. انزل أيها المسيح فإن لك في كل خطوة تخطوها مني بركة .. انزل فامسح عقائد الناس التالفة وضع عقيدة واحدة .. نظاما عالميا واحدا أنت حاكمه .. انزل أيها المسيح و حقق وعدي الذي وعدته للرب قبل أكثر من عشرة آلاف سنة يوم نبذني لما أردت الخير لبني الإنسان.. وعدته أنني بما أغواني لأقعدن لابن آدم على صراطه المستقيم .. و لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم و عن شمائلهم .. ولن يجد أكثرهم على دينه .. بل إن أكثرهم سيلحقون بي إلى حيث ما نبذني .. إلى أرض السعير .. فانزل أيها المسيح .. فمن لا يقدر عملك خلال كل هذه السنين الطويلة لا يستحق الحياة. تمت *************************************

انتخريوستسHikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin