الجزء الثاني: أعدك بأيّامٍ سوداءَ تذوقين فيها مرارة العلقم

Start from the beginning
                                    

لحق به كرم وهو يجيب مستاء:

-كأنّك لم تصدّق ما قلته سابقًا... أقسم إنّها الحقيقة... كانت كاميرات المراقبة على ذلك الطريق معطّلة تلك الليلة بسبب شدّة الصواعق... وقد جاء في تقرير الشرطة أنّ الحادث قد وقع جرّاء الانزلاق... يعني لا وجود لسيّارة أخرى، فكيف تريدني أن أعثر على تلك المرأة وما من دليل على الأرض ؟

أجاب يمان غاضبًا:

-أنا الدليل... أنا وتلك اللعينة التي اختفى أثرها لكنّ تكاوين وجهها راسخة في ذهني... تلك اللحظات القليلة التي أبصرتها فيها حفرت ملامحها في ذاكرتي... لا تغيب عن رأسي على الإطلاق... أميّزها بين الآلاف

-كيف هذا وقد ورد في التقرير أنّ الطريق كان غير مضاء؟ كيف استطعت أن تركّز على ملامحها؟

تنهّد متذكّرًا:

-وجدتها فجأة على أقصى يساري وضوء سيّارتها الداخليّ مسلّطٌ على وجهها... صدّقني... منذ تلك الليلة لم أعد أبصر غير ملامحها... تلاحقني تستفزّني تعذّبني...

-لكن لماذا أخفيت أمر المرأة عن الشرطة... لا بل عن الجميع؟ أنا الوحيد الذي صارحته بحقيقة الحادث عندما عدت من الغيبوبة... ماذا يدور في رأسك يمان؟

شاح نظره إلى السماء وقد اشتعلت بسيوف البرق تشقّها طبول الرعد تعلن بداية عاصفة عاتية تنذر بأشدّ الويلات، وبصوت يضاهي الرعود في الزمجرة صرّح منفعلًا:

-شعوري ينبئني أنّني سألتقي بها... متى وأين؟ لا أعرف... كلّ ما أعرفه أنّني سأحوّل حياتها إلى جحيم لا يُطاق... لن أنسى أبدًا أنّها تركتني مصابًا على الطريق وفرّت هاربة... ثق أنّني سأعذّبها تمامًا كما تعذّبني...

-----------------------------------------------------------------------------------------------

دخلت هيفاء غرفة محسن تمدّه بشراب ساخن على مضض فإذا بها تسمع رنين الجرس، عبرت الممرّ متذمّرةً تظنّ القادم ابنة زوجها المصون: "ستّ الحسن والجمال تستصعب استخدام مفتاحها الخاصّ"

وما إن فتحت الباب متأفّفة حتّى برز أمامها رجلان من الشرطة تلقّفها أحدهما بلهجة الاستفهام:

مساء الخير، منزل محسن أوغلو؟

أجابت مشدوهة بهويّة الزائرين:

-نعم... ما الأمر؟ أنا زوجته... ماذا فعل محسن؟ هو طريح الفراش

-لو سمحت، أودّ التحدّث معه على انفراد

وبعد دقائق قليلة قضاها المأمور في غرفة الزوج خرج يوجّه لهيفاء الكلام وهو يكبّل يديها بالأغلال:

-أنت موقوفة بتهمة التزوير

كلمات قليلة أشعلت جنون المرأة:

-ماااااااذا؟ أنا... أنا لم أزوّر شيئًا... لا... لا بدّ أنّ في الأمر خطأ

أمسك ذراعها بقبضة حازمة يدفعها إلى الخروج:

مُعذّبتيWhere stories live. Discover now