الحلقة الخامسة

80 9 2
                                    

_مين اللي بيخبط كده.
خرجت سميرة من غرفتها وهي تعقد غطاء رأسها خلف عنقها وتقول بفزع:
_خير يارب مين اللي هيكسر الباب ده؟!
فتحت انعام الباب لتقول بهدوء:
_اتفضل يا أبو هند، خير يا أخويا؟!
قال وهو يستند على اطار باب البيت ويلهث بقوة:
_متأخذنيش يا أم سميرة.
_مؤاخذتك معاك، مالك مقطوع نفسك كده؟!
انحنى بجسده وهو يتطلع ناحية سميرة وقال بنبرة متقطعة:
_معلش يا سميرة تعالى معايا بيت أمي، لحسن البت هند بقالها ليلتين تعبانة والنهاردة زايدة وفايضة.
لوت سميرة فمها وقالت:
_اللي ما حد بيفتكرنا من غير حاجة ليه.
اعتدل بوقفته وقال:
_بتقولي حاجه؟!
_لا يا اخويا، هحط البرقع والف الملاية واجي معاك، عنيا يا جوز الأربعة.
عقد حاجبيه وقال لأنعام بتذمر:
_شايفة يا خالة بنتك.
_اللي يعرف سميرة ما يزعلش منها، هي مسحوبة من لسانها بس جدعة.
جذبتها سميرة من يدها وقالت:
_ادخلي انتي يا أما لتستهوي، اقعدي بالعافية.
وجذبت باب البيت ورائها وهي تقول مشيرة بيدها كي يتقدمها:
_قدامي يا أخويا، لما نشوف حكاية بنتك إيه؟!
وصلا لبيت أمه فإستقبلتها بشرى قائلة بنحيب:
_عوقتي ليه يا سميرة البت هتروح مني يا اختي.
دلفت سميرة وهي تقول بهدوء:
_ولا عوقت ولا حاجة، لما جوزك جه سحبت العباية وخرجت معاه، في ايه خير؟
_البت هند بقالها يومين السخونة بتاكل في جسمها يا اختي، والماية محبوسة فيها مش بتدخل الحمام.
امتعض وجه سميرة وقالت:
_ كده يبقى عملتيها وختنتي البت، صح يا ام نص عقل؟
كففت بشرى دمعاتها وقالت:
_اه يا اختي ختنتها، وبقالها يومين نايمة والدم مش بيقف وبتهلوس.
ضربت سميرة صدرها بيدها وقالت:
_وندهالي انا! منقلتيهاش المستوصف ليه يا ولية؟! البت كده دمها هيتصفى وتموت زي بنت الحاج احمد.
خرجت سيدة كبيرة بالعمر من احدى الغرف وقالت بتذمر:
_تفي من بؤك يا سميرة، واه ختنا البت دي الأصول، وباعدين مستوصف ليه هي يومين وهتبقى زي الحصان.
هزت سميرة رأسها باستنكار وقالت:
_دي أكيد شورتك يا حجة، مش كده؟
_ايوة، وباعدين انتي لازم تباركلها مش داخلة تفزعينا عالبت.
_اباركلها!  ابارك على ايه على وكستها وخيبتها وحالة بنتها.
خرجت سيدة اخرى من الغرفة وقالت بصياح:
_في ايه يا ست الداكتورة سميرة هانم، انتي مالك داخلة بزعابيبك كده.
ضحكت سميرة وقالت باستهجان:
_ انتي هنا يا ام زكريا يا داية، اهلا يا اختي، شوهتوا البت وارتاحتوا.
وقفت ام زكريا أمامها وقالت:
_شوهنا ايه ان شاء الله، دي نضافة يا اختي، علشان البت تبقى نضيفة لما تتجوز.
دفعتها سميرة من كتفها ودلفت لغرفة الفتاة قائلة:
_والله ما عايز ينضف غير مخكم اللي مليان زبالة وعفن.
جذبتها ام زكريا من ذراعها وقالت:
_انتي رايحة فين؟! البت انا بعالجها وانتي مالكيش مكان هنا، وباعدين اللي هي فيه طبيعي بس أمها بتعاند حماتها وخلاص ومكبرة الموضوع.
صكت سميرة على أسنانها وقالت بشراسة:
_سيبي ايدي، والا وربي اللي خلقني وخلقك هساوي وشك بالأرض وهطلع عالمركز اعمل فيكم بلاغ انكم هتقتلوا البت.
قالت جدة الفتاة:
_يالهوي، بلاغ؟!
قالت سميرة بنبرة عالية:
_ اه هعمل بلاغ، كل اللي عاوزة اعرفه انتوا ليه بتغيروا في خلقة ربنا، ما ربنا بيخلق البنات كده، لو كان ختناهم صح، كان خلقهم مختونين.
اجابتها ام زكريا قائلة:
_دي مكرمة وكرامة لكل بت، اش فهمك انتي.
هزت سميرة رأسها بيأس وقالت:
_الكلام معاكم مضيعة للوقت، انا داخلة للبت.
بعد ربع ساعة خرجت يميرة وهي تقول بحزن:
_جرح البت متلوث، والنزيف لازم يقف ولازم تتنقل للمشتشفى دلوقتي، اكيد يا ام الزفت لا عقمتى الموس ولا حاجة، ومن بت لبت بتدبحي حتة منهم ولا نضافة ولا غيره.
_ادبح مين يا ست الداكتورة، ده شغلى انتي هتفهميني فيه.
تغاضت سميرة عن نقاشها معها وقالت:
_ يا ابو هند، على بلاطة بنتك بين الحياة والموت، انت هتروح لسي حسن وتقوله جايلك من طرف سميرة الممرضة وعاوزك تنقل البت بالأطومبيل بتاع الشغل لمشتشفى البندر وهو مش هيتأخر.
اقترب الرجل منها وقال:
_ بنتي بتروح مني يا سميرة؟!
_مش سمعت كلام أمك، وجبت البت هنا لقضاها، متلومش الا نفسك، اعمل اللي قولته وبسرعة يا اخويا.
تركتهم وخرجت وهي تسير والوجوم على وجهها، حتى توقفت امام دكانة خيوط وصاحت:
_العواف يا عم صابر.
خرج الرجل قائلا:
_الله يعافيكي يا غالية.
_جيالك في طلب يا عم صابر، كل لما بتزنق ماليش غيرك، عاوزاك تقول لشيخ المسجد يحذر الناس من موضوع الختان ده، في شهرين ماتت بنتين، والبت هند بنت بشري بين الحياة والموت.
اومأ الرجل برأسه وقال:
_صح يا سميرة، هنفضل لأمتى عايشين في الجهل ده، يختنوا بناتهم بحجة العفة والشرف، وده لا له أساس لا في الشرع ولا الدين.
انتوت السير وهي تقول:
_بس يا ريت حد يسمع ويفهم، تقعد بالعافية يا حاج.

يوم الجمعة اثناء الصلاة، فتحت سميرة شباك غرفتها وهي تستمع لخطبة شيخ المسجد والتي كانت تتحدث عن موضوع الختان، ابتسمت وقالت في نفسها:
_يارب تهديهم ويبطلوا العادة الزفت دي، كل واحدة فينا كبرت وجواها كلكيعة قاد كده، علشان كلام لا له اصل ولا سند.
دخلت انعام عليها غرفتها وهي تقول:
_لسه نايمة يا سميرة.
_هو مافيش مساحة خاصة لأي حد في البيت ده؟!
توقفت السيدة في محاولة لاستيعاب كلام بنتها المعقد، ثم قالت بسخرية:
_اهه ده اخرة اللي يقرا الجرانين، يقول سحر والعياذ بالله، قدامي يا اختي علسان تنضحي المجرور، امبارح سيبتك تنامي والريحة هتموتني.
رفعت سميرة عيناها بملل وقالت:
_نفسي في يوم يبقى عندنا حمام ندخله ونخرجه من غير ما ننضح، زي حمام الداكتور الانجليزي كده.
دفعتها إنعام امامها وهي تقول:
_ابقي اعمليه في بيت جوزك يا كونتيسة، قدامي يا اختى.

#عزبة_ريشة
بقلمي ✒️ #ياسمين_أبو_حسين

فضلا وليس أمراً الاشتراك بقناة العرافة قناتي عاليوتيوب ☺️♥

https://youtube.com/@Al3rafa00?si=qWE7GEM3v_CpLzK9

🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸

عزبة ريشة Where stories live. Discover now