البارت التاسع والاربعين

85 2 0
                                    

جالس على الكرسي وهو يناظر بآخر لوحتين بذهول اللوحه اللي انهاها قبل أسبوعين كانت عباره عن " عيونها الحوّر " راسمها بدقه مُستحيله بالأسود اللي أعتادت عليه إيده بينما اللوحه الثانيه اللي كانت "ايدها واظافرها" واللي زاد ذهوله و الغرابه في الموضوع إنه ولأول مره كان يستخدم الألوان ! لأول مره هو فعلا يرسم بألوان ، حس إن في شي مختلف فيه وإن اللي يصير له شي غريب عليه ، هو تعلم الرسم من سنتين لما كان بالمستشفى ولكن بسبب إكتئابه وكرهه للحياة بعد أمه و سُلا كانت رسماته بالاسود ولا بعُمره فكر بغير الأسود وحتى وقت تعلمت "ود" الرسم عشانه هو ما أهتم كثير كونها كانت ترسم بالألوان ، بس الحين هو يشوف إن حتى هو صار يرسم بالألوان و لأول مره يحب الألوان ولأنه أصلا مندهش من اللي رسمه و تركيزه حتى بلون أظافرها كانت رسمته عباره عن إيدها اللي تلطخت أطراف بنانها بدمّه ويحيط بها اللون الأسود عبر فيه عن الظلام اللي كان شريك ليلتهم ، هو ضحك بذهول يكلم الفرشاه : اللي صمّم على الموضوع أنا ولا إنتي !
وقف ينتبه لجواله اللي يدق بإسم جده سعيد وهو يفتح الخط ينتظره يتكلم : انا بالمكتب أنتظرك
قفل الجد وهو طلع من المرسم يتجه لجناحه يتحمم ونزل لجده بعد ربع ساعه وهو يدق الباب ولما سمع "ادخل" فك الباب يلقي السلام بخفوت وهو يجلس بصمت ، كان يناظره بهدوء للحظات وثم نطق : لين متى؟
من ما كان منه رد اردف الجد بنفس الهدوء : تبي تسمع اعتذاري ولا تبي تشوف الندم بعيوني زي الكلب؟
رد بهدوء وهو يرفع نظره للجد : محشوم
هز راسه وهو يقول : ما كنت قاصد الكلمة جت بلحظة غضب وانت عارف
اخذ نفس بدون يزفره وهو يناظر الجد : انت خذتني من وانا صغير من ايد حامد حتى كلمة أبوي ما كانت الا لك وهو لا ناديته احترت وش انده له لين تعود لساني على قول حامد والسبب إن ما كان لي أب الا انت ، ولمن أخذ حامد روح أمي بيديه وهو يضربها ضرب العالمين لين ما ربي لطف عليها واصدمتنا الشاحنه انا ما كنت انادي الا أنت ولمن طلعت من المصحة انا ما اتجهت الا لك انت ، ويوم تخرجت من الكلية ما كان يعرف الا انت وما ولي امري الا انت ، بس يوم جاء بالموضوع ابها والصلح صرت انا ولد حامد ؟
كان ساكت يناظر في هدوء ملامحه وهو يتكلم وقال يقاطعه : وإنك ولد حامد عيب؟
هز راسه بالنفي وهو يناظره بحد : ماهو عيب إني ولد حامد ولاهو لو لإني ما اخترت أكون ولده ، ما اخترته من بد الأوادام لان محد بالدنيا ذي يختار منهو ابوه ، العيب تدري وشو ؟ العيب هو اني اخترت ابديك عليه لو ايش ما كان سوءه ما كان لازم تاخذ بيدي وتعلمني انك ابوي وهو حامد بس !
انصدم من كلامه وهو اللي يظن ان بهالجلسة بيحل المشكلة ، بس ما كان يتوقع ان مهيب يحن لأبوه ! ولما ابتسم هو يناظر لجده بتهكم : بس تطمن ماني جحودي لاجل انسى كل شي سويته لي بتظل أبوي
قام وهو يقبل راسه ويطلع يقفل الباب وراه بكل هدوء تارك الجد في فوضاه ويتمعن بكل كلمه هو قالها ، ما ينكر حُبه لحامد الكثير من بين عياله كلهم ولكن صدق من قال "ما اغلى من الولد إلا ولده" ، هو حبه لحامد كلّفة الكثير ، كلفه السكوت عن فعلة راشد وكلفه روح مناير اللي حتى عن إسمها تخلت في سبيل رضا الجد ، وكلفه الحفيدة الصغيرة اللي كانت روح هالبيت ، كان يدري إن سلا بنت حامد لان راشد انردع بعد آخر مره دخل عليه وهو مع مناير الخايفة اللي كانت تستنجد حتى بجسد ولدها الصغير كانت تبيه يسندها من صغر سنه وسندها كل عمره لين جنّ بفقدها ، كان يعرف بطُهرها ولكن غافله هالرّاشد العاصي ودبر من وراه كل شي لين ما وصل الأمر لحامد واللي ابرحها ضرب لين أنقذتها الشاحنة من تحت إيده .
.
.
-" بالفندق "
جلس وهو يجلّسها بحضنه ويسمع سوالفها بأختلاف لهجاتها وبأبتسامة تملا وجهه :يا بابا تدري إن أنس اصبح صديقي المفضل وللأبد !
رفع حاجبه وهو يقول لها بلغتها : يعني ستغلقين ملف صداقتي ؟
دخلت آسية اللي كانت في الغرفه وتسمعهم : مو معقول إنك تغار يا أحمد
ميّل شفايفه بخفه وهو يقول : ٨ سنين محافظ عليها بلندن عشان ينسفها ولد سعود بأسبوع!
ضحكت بذهول : ما اصدقك
تكى براسه على كتفها وهو يتنهد : خلّصت زيارتنا يا أم آدم ، وصار لازم نرجع
هزت راسها وهي تدري إن لو جاه أبسط الاسباب بيجلس هنا بدون تفكير ، بس اشغال عياله و شغله هو : ليه تبعد بعد ما لقيت نفسك ؟
عبس شفته بعدم معرفة : ما عندي سبب !
مدت إيدها تلتقف إيده : إنك تبي ... مو سبب أحمد؟ حتى عيالك يبون وإنت عارف ولإنهم ما تكلموا وتخاف تكون ما فهمتهم ، إنت بتبدي رغبتهم على رغبتك زي دايم 
ابتسم يحب إيدها برقه : عيالي قلتيها ، وانتي بتسوين الشي ذاته بعد
وقام يسحب جواله اللي يدق بإيد ليّا وهو يشوف رقم أبوه : سم يبه
ابتسم وهو يسمع صوت ليّا عند أحمد : متى ماشي يابو آدم
رد بهدوء وابتسامه جانبيه : بكرة على المغرب إن شاء الله
هز راسه وهو يقول : العشاء معي الليله بما إن زايد موجود بعد
قفل من سمع رد أحمد بالموافقه وهو يرد على شمسه اللي دقت الباب تستأذنه بالدخول ، اشر لها على الكرسي وهو يدق على يوسف اللي بعد ثواني طويله رد : سم يابو يوسف
ابتسم وهو تعب منه : ليمتى وانت ناسف أخوانك ؟
ضحك يلتمس روقان ابوه الغير معتاد بهالوقت : يقولك صغيرك نديمك يابوي
هز راسه بالنفي وهو يقول : مهيب وينه
شال الكاب عن راسه وهو يركب السيارة : مع أدهم بالشقة اخر خبري به
تكلم بهدوء : زين ، العشاء بالبيت اليوم ولا تخلف ابي سامعني
قفّل منه وهو يناظر لشمسة ويتنهد : إيّيه يا فيّ وكل ضيّ صار اللي ما حسبت له حساب ولازم أحله
ناظرته بعدم فهم وهي تقول : بسم الله عليك وش صابك و وش اللي صار ؟
دنق راسه للحظات ورفعه وهو ياخذ نفس : بزوّج مُهيب لبنت أحمد يا ضيّي

ابدتِ بأطراف البنان مهابتي Where stories live. Discover now