الفصل الثاني

418 16 15
                                    

الفصل الثاني

فاقت "سكينة" من شرودها على صوت عتاب اخاها الذي يصغرها ببعض أعوام، لكنه كان يتسم بطباع مختلفه عن اختيه، فقد كان رهيف القلب، شديد التسامح، فحين زاد من عتابه ولومه، وقفت اخته وانهت حواره معه بقوة، وربتت على كتفها لتواسيها مما هي فيه، جففت دموعها، وحين شاهدت انهيار ابنتها قالت لها بنبره باكيه:

- حرام عليكي يا بتي ليه عتظلميني بس، اني كان كل حلمي استتك مع راجل عيصونك و يكون مقتدر، معاطي هو اللي كدب علينا في الأول، و ما دام الراجل عيكدب يبقى ملوش أمان يا بتي، دخل علينا بالحنجل و المنجل و صدقناه، لكن كله إلا الكدب.
حقك عليا يا ضنايا، و بكره عيجيلك اللي عيستهلك و احسن منيه الف مره.

كانت تسمعها "بسملة" و بداخلها تريد ان تصم حتى لا تسمع ما تقوله، فهي اغرمت بقوة على ترك حبيبها "معاطي" اول انسان دق على باب جدران قلبها وتربع بداخله، وضعت يداها على عيناها واغمضتهما حتى توأد هذا الوميض الذي راودها أمام عيونها و اصعب لحظات هاجمتها بكل قسوة تتعش ذاكرتها حين نزعت من اصبعها البنصر خاتم خطوبتها وحتم عليهما بالفراق المميت فـ شردت غصب عنها في هذا اليوم الصعيب...

فقد كان واقفًا "معاطي" مطأطأ الرأس لأسفل خجلا من معرفة حقيقته الكاذبه، فـ لم يستطع مواجهة والدة خطيبته، التي رمقته بغضب يكاد ان يطيح به لمفترق الطرق، فـ وجهت حديثها له بحزم:

- بجى انت يا معاطي عتفتكر إني عشان مَره قولت اضحك عليها وارسم على بتها أنك من الاعيان، وصاحب فدادين واطيان، قوم ربك كشف كدبتك فاكرك انها عتمشي عليا، لع فوق ياولد الطحاوي مش سكينة اللي عيل كيفك راح يلبسها الطاجيه ويغفلها، ده اني اشتريك انت واهلك كلاتهم.

كان يستمع كل اهانتها و لا يتفوه ثغره بحرف، كأنه خرس للتو، عيناه تلمع من الحزن لافتضاح أمره في وقت قصير، فـ هو لم تلحقه الأيام ان يمتع عيناه ويحيا فترة اطول مع صغيرته التي احبها منذ سنوات في صمت ولم يستطع البوح بعشقه خوفًا من رفضه لفقره الذي وصم به، فاق على سماع احب صوت لقلبه قائلة:

- جول حاچة يامعاطي، اونطق وكدب الحديت ده !! جول محوصلش واصل اللي بتقوله اماي !!
جول ان ابن النجعاوي بيتبلى عليك، وانك عفيف و عمرك ما عتكدب عليا واصل ؟! بلاش تسكت أكده كيف الصنم، حرام عليك انت معرفش سكوتك ده عيعمل فيا ايه ؟! أني روحي عتطلع من جتتي بالبطئ يا معاطي.

قالت حديثها و هي تبكي مقتربه منه وتضربه في صدره بقوة ليفيق من حالته ويبرئ نفسه؛ لكنه كان واقفًا كالصنم لا يتحرك، يحترق داخليًا على حالتها وحالته، وما وصلت بهم الأيام وتوهمه بأن بهذه الكذبه البيضاء سينولها، لكن لسوء حظه ان والدتها رفضت عقد القرآن برغم تصميمه في طلبه، ربما لو كانت مقترنه باسمه الآن لما تركها حتى لو دفع حياته ثمنا لاحتفاظه بها، فهي بالنسبه له الوطن الذي على اتم استعداد ان يفديه بروحه.
وقعت "بسملة" ارضًا فـ قدماها لم تسعفها ان تقف عليهما، و اكتفت بنظرات اللوم و العتاب له، بينما والدتها حاولت مساعدتها للنهوض مره اخرى مردده لها بنبره قويه:

بكاء في ليلة عرس Where stories live. Discover now