الفصل الأول

832 22 27
                                    

نوفيلا "بكاء في ليلة عرس"
بقلم إيمان كمال ✍️
#إيمووو

الفصل الأول

انسحبت مسرعة شمس الصباح، كأنها كانت على موعد مع احداهم في مكان اخر، لتتيح للظلام يفرش ظلامه على الكون دون خجل من انسحابها، فتجلت الأنوار وضوت بالتفاف حول مدخل هذا المنزل الخارجي، كأنها مثل اوراق شجر اللباب الملتفه والمتداخله معانقه اوراقها بكل حب في سعادة.
اما في الداخل نجد المدعوين منتشرين كخلية نحل في كل مكان داخل المنزل، منهم من يهنئ والدة العروس، ومنهم من يقدم كاسات شربات العرس، بينما كانت العروس مرتدية زيها الأبيض وفوق رأسها
تاج متوجها في ليلة تنصيبها على العرش، لكن يبدو على ملامحها الانطفاء والكسرة، والعبوس، لم تخفيها تلك المستحضرات التجميليه المرسومه على وجهها، على عكس والدتها السعادة تبدو مشرقة لهذا التزاوج الذي كم تمنته لابنتها الحسناء، غير مبالية لأي شيء مخالف للعرف وعادتهم، كل الذي يعنيها هو فقط انها تزوجت من زوج عربي ثري لا أكثر.

فاقت "بسملة" من صدمتها واستوعبت اخيرًا عرسها المزيف، فقد شعرت كأنها كانت تحت تأثير تنويم مغناطيسي، والآن عادت لواقعها المحتوم، المظلم بوصمه سواد تلازمها الباقي من عمرها، كيف لفتاة لم تبلغ العشرون عام تُطلق في نفس يوم عقد قرانها؟
صرخت "بسملة" صرخة هزت جدران ثنايا فؤاد والدتها، اخرجت من اعماقها صرخة مدوية اهتزت لها كل جدران المنزل، التفتت إليها خالتها، فـ ازاد حزنها على تلك المسكينه؛ الذي زوجتها من رجل ثري عربي لا يوجد بقلبه شفقه ولا رحمه دون قصد، اقتربت والدتها حتى تضمها لصدرها الحنون، وعندما اقتربت كان الصد العنيف من جانبها فـ قالت و هي في حالة انهيار تام لها :

- عتقربي مني دلوچيت عشان تطيبي خاطري يا اماي، عتمسحي دمعتي دلوچيت، كان فين لما كنت عتحايل عليكي وچولك وعحلفك بكل غالي ترحميني ومعتفسخيش خطبتي من معاطي، عجبك عاد  واني قاعده چارك  متطلقة في ليلة دخلتي، عتتبسطي واني ملجيش حد عيبص في وشي تاني واصل.. حرام عليكي اللي عملتي فيا وفيه يا اماي، خلتيني عضحي بالانسان اللي چلبي كان رايده عشان واحد عشمك بشوية جرشنات وبيت وكام قيراط طين، اهو سابني أول ما ابوه وبت عمه مرته دخلوا الفرح، اهو رماني كيف البَهيمه عشان ميزعلش ابوه.

صمتت تبتلع مرارة الحنظل في علقمها، ثم استطردت بوجع وحزن:

- ضمنتي الأطيان عاد، اهي كل حاجة راحة منيكي، حتى الدهبات اللي كنتي فرحانه بيعم راحوا، واني اللي بقيت قاعده زي البيت الوجف، يارب تكوني ارتاحتي... ذنبي في رچبتك ليوم الدين، و اني معاسمحكيش ابدا واصل.

ادمعت عين والدتها بشده، و جففت الادمع المتساقطة بطرف وشاحها  وحاولت مره أخرى مواستها؛ لكنها رفضت واولتها ظهرها وجلست بعيد عنها، فقد كانت المسافة التي تشعر بها اميال وليس خطوات تعد وتحصى، وحين خلى المكان من المباركين، وانطفئت الأنوار؛ وتحول الفرح لمأتم وكانت العروس هي من ذبحت في ليلة عرسها، فرغ من حولها وبقى إلا من عدد قليل، شردت والدتها "سكينة" حين جاءت لها الخاطبه تزف عليها خبر هذا العريس الشاب الثري ذو المال والجاه "هادف" فكان يمتاز بمميزات لا حصر لها؛ حيث المال الوفير وما يغمر به ابنتها به، ويجلب لها المجوهرات الثمينه، ومنزل فخم في بلدتها، وكل هذا في مقابل ان يكون الزواج سريًا عن اهله، ولا يريد منها اطفال، وكلما جاء من بلدته قضى معها اجازته، وعندما سمعت شرط عدم رغبته في الإنجاب، وقفت محتده عليها رادفة:

بكاء في ليلة عرس Where stories live. Discover now