الفصل الخامس عشر

109 7 1
                                    

(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الخامس عشر _

دوى في الهاتف صوت اصطدام قوى وانقطع صوته فجأة ، انحبست أنفاس جلنار في صدرها التي كانت تجلس بجوار ابنتها وهي تتحدث مع أبيها وتفتح مكبر الصوت .. جذبت الهاتف من يد " هنا " فورًا بزعر وهتفت :
_ عدنان .. عــدنـان !
انقطع الاتصال في لحظتها فحدقت بشاشة الهاتف في ذهول وقد بدأت نبضات قلبها تتصارع بشدة ، أعادت الاتصال به مرة أخرى لكن ارتفع صوت سيدة في الهاتف تردد ( الهاتف الذي طلبته مغلق أو غير متاح !! ) .. ازدردت ريقها بصعوبة وبقت لدقيقة تتطلع في الهاتف ، تحاول السيطرة على نفسها التي تنتفض نفضًا ، وتستمر بتهدئة نفسها أن ما تظنه ليس حقيقيًا وأنها تتوهم وقد يكون هاتفه انتهت بطاريته .
تابعت هنا تقلبات وجه والدتها المزعور وسألت بحيرة وطفولية :
_ بابي ليه قفل ياماما ؟!
ردت عليها جلنار بصوت تائه ومبعثر :
_ مش عارفة ياحبيبتي .. إن شاء الله هيجي دلوقتي

                                    ***
بعد مرور ساعة تقريبًا .....
خرج آدم من الحمام بعدما أخذ حمامًا دافئ ، وكان يلف حول نصفه السفلي منشفة طويلة ويمسك بأخرى صغيرة يجفف بها خصلات شعره السوداء .. ارتفع رنين هاتفه الملقي فوق الفراش ، فترك المنشفة من يده واقترب من الفراش لينحنى ويجذب الهاتف يجيب على الرقم مجهول الهوية :
_ الو
رد الطرف الآخر بنبرة متوترة :
_ أيوة يا آدم أنا سمير
ابتسم آدم ورد عليه بحرارة مشاكسًا :
_ أهلًا ياعم بالناس اللي مش بتسأل .. اخبارك إيه واخبار عملياتك وشغلك اللي ماخدك مننا ده
سمير بنبرة خافتة ومرتبكة :
_ آدم عايزك تهدى كدا قبل ما تسمع اللي هقوله ده
ضيق عيناه بريبة وقد بدأ القلق يتسرب لقلبه فقال بحيرة :
_ في إيه يا سمير ؟!!
تنهد سمير وقال بأسى ونبرة واضح عليها الحزن :
_ عدنان عمل حادث وموجود في المستشفى عندي وهيدخل على العمليات فورًا دلوقتي
وقعت الكلمات على أذنه أثر الرعد .. استغرق ثلاث ثواني يستوعب ما صك سمعه للتو ، حتى خرج صوته غير منظمًا من أثر الصدمة :
_ حـ .. حادث إزاي يعني !! .... طيب .. طيب أنا جاي يا سمير سلام

انهي الاتصال دون أن يسمع رده عليه حتى وكان سينبهه بألا يخبر أمه أو زوجته ، لكنه لم ينتظر ليسمع أي شيء .. القى بالهاتف وشرع فورًا في ارتداء ملابسه متلهفًا وبدأ قلبه يطرق كالمطرقة من الزعر على أخيه ، وفي ظرف دقيقتين انتهى من ارتداء ملابسه وجذب هاتفه واندفع إلى خارج المنزل شبه ركضًا مستقلاً بسيارته وانطلق بها بسرعة البرق .

دقائق ليست بطويلة وكانت سيارته قد توقفت أمام المستشفى .. ترجل من السيارة وهرول راكضًا إلى الداخل فتوقف عند الاستقبال وسألها فدلته على الطابق ورقم غرفة العمليات الموجود بها ، اسرع ركضًا نحو الدرج حتى دون أن ينتظر المصعد .. وصل أمام غرفة العمليات وكان سمير يقف مستندًا على الحائط عاقدًا ذراعيه أمام صدره ومطرقًا رأسه أرضًا بحزن ، أحس بأن قلبه توقف للحظة فأسرع نحوه وهتف :
_ سمير !!!
رفع نظره له وبمجرد ما رأى معالم وجه آدم التي فرت منها الدماء رد عليه بهدوء ليطمئنه :
_ أهدى متقلقش هو دخل العمليات من حوالي تلت ساعة
_ حصل إزاي الحادث ده !
زم شفتيه بجهل ورد عليه بتنهيدة حارة :
_ حادث سير عربية نقل خبطت في عربيته .. حالته كانت صعبة جدًا لما وصل المستشفى
عاد الزعر يظهر على ملامحه أشد من السابق وقد تحول كالوحش وهو يصيح لاعنًا سائق تلك الشاحنة :
_ وهو فين ****** الي كان سايق العربية ***** دي !
_ نزل من العربية وهرب ومعرفوش يمسكوه بس البوليس بدأ يبحث عنه دلوقتي
استند بظهره على الحائط وانحنى بجزعة للأمام ماسحًا على وجهه بخوف ملحوظ فرتب سمير على كتفه متمتمًا في شيء من بث الطمأنينة لنفسه :
_ متقلقش إن شاء الله يكون مفيش حاجة خطيرة ويطلع منها بخير
ردد آدم بتنهيدة حارة وصوت ينبع من صميم قلبه :
_ يااارب .. يارب

رواية امرأة العُقاب Where stories live. Discover now