-2- أرض الثلج والجليد

96 14 87
                                    


سار بخطوات متمهلة خلال ممرات منزله الواسع، إحدى كفيه في جيب بنطاله والأخرى تتحول لقبضة قاسية بجانبه.

فتح باباً يتلوه الآخر، يبحث بعيونه الجليدية عن فأر تهرّب من التدريب الصباحي كالعادة لكن هذه المرة كان قد بالغ بأساليب المماطلة خاصته عندما سكب المياه في الساحة ليلاً مما جعل الأرضية تتحول لجليد لا يمكن السير فوقه دون الإنزلاق، وكم كان هذا مخزياً له أمام البيتا الذي أشرف على تدريب اليوم بنفسه.

نفس حار جديد غادر صدره وجعله يقوم بحلحلة أزرار قميصه الخفيف، أراد أن يتقدم لتحطيم الجليد مع الآخرين لكن حين منعه البيتا من ذلك وأخبره أن يُحضر شقيقه ليتلقى العقاب أولاً رمى المعول وعاد بأسرع ما لديه للمنزل بغضب لن يصبه سوى على ذلك الفأر فكيف له أن يجرؤ على التصرف بتلك الطريقة المخزية وهو ابن للألفا والثاني في خط تولي قيادة مجموعتهم.

حواسه إلتقطت رائحة الخوف أخيراً تنبعث من غرفة في أقصى اليمين ومع دفعه للباب انتفضت هيئة ضئيلة في نهاية الغرفة المظلمة.

"ريكايل!"
هتف باستياء جعل الفأر الأشقر الصغير يزحف بين طاولتين في محاولة عقيمة للإختباء، ذلك الأخير لم يكن يخاف صوت شقيقه الأكبر الهادئ البارد بقدر ذلك الغاضب العالي، والآن علِم أنه قد أفسد كل شيء وأن خطته للتهرب من التدريب إنقلبت ضده ونتج عنها أسوأ أنواع العواقب.

صرخة فزعة فرت من فاه ريكايل حين تم الإمساك به من كعب قدمه ورفعه في الهواء رأساً على عقب.
"تمهل يا نايت أرجوك!"
هتف بشقيقه الأكبر متضرعاً.
"أقسم أنني لم أقصد فعل ذلك بالساحة، كنت أحاول رش المعدات بالماء لتتجمد ليوم أو بضعة وليس التخريب!"

"وما الذي قد يغيره تبريرك هذا من حقيقة أنك طفل جبان وعار على غلاتشايس؟"
قبضة أصابع نايت اشتدت مع التوبيخ.
"أنت لا تجرؤ على مواجهة الأطفال في مثل عمرك بتدريب ودي فكيف لك أن تصبح صياداً، بأي وجه ستطلب من القمر رفيقة إن لم تكن قادراً على حمايتها؟"
رفع جسد أخيه أكثر في الهواء ليرى الدموع تتعلق على أطراف أهدابه الذهبية.

"مازال الحديث عن مثل هذا مبكراً بالنسبة لي، أيضاً لا أريد سماع هذا من شخص بلغ منذ زمن ومازال بلا رفيقة."
غمغم ريكايل بخفوت ونبرة مقهورة مستفزة.

"ما الذي تقصده؟"
سأل نايت وهو يرمي بجسد شقيقه بعيداً ليتدحرج ذاك كالكرة ويرتطم بالطاولات الزجاجية متسبباً بتحطمها.

"أقصد أن تراجع نفسك!"
دلك الأخ الصغير رأسه ثم هتف مضيفاً بعناد:
"سأصطاد ظبياً ضخماً! دعني وسأريك بأنني لا أحتاج تدريباً حتى."

"اذهب..."
النظرة القاسية في عيون شقيقه جعلته ينكمش على نفسه. لم يدري ريكايل أن شقيقه الأكبر كان يبطن بغضبه حسرة جعلته يقسو عليه أكثر.
"لكن عندما تعود باكياً ستعتذر للبيتا وتقبل عقابه دون جدال، أفهمت؟"
رفع نايت أحد حاجبيه الأبيضين على ريكايل الذي زم شفاهه وقبض أصابعه بقوة.

زّمـرّدWhere stories live. Discover now