الفصل الرابع

54 16 9
                                    

وبالحديث عن اعتماد غرام المعتمد ..
فكثيراً ما كان يعجبها منظر الثلوج على قمم الجبال! لاسيما وهى من سبايا روم الشمال، ولكنها كانت تريده فى الربيع!

الان وفى هذا الزمن وارد تساقط الثلوج فى الربيع ..
لكن فى الماضى ما كان يحدث تساقط للثلوج فى الربيع ابداً.
ولِبث السرور في نفس اعتماد فعلها المعتمد
كيف؟!
أمر بزرع شجر اللوز على سفوح جبال المملكه؛ حتي اذا نظرت من شرفتها رأته .

-لان اللوز قبل أن يثمر ينور بزهرة بيضاء-

ولما جاء الربيع نور زهر اللوز الابيض ..فصار المنظر على الجبال بياض كأنه ثلج فى غايه الجمال، وكل ذلك من أجل ارضاء رغبات سويدائه.

"شيء جميل"

وهذا الحدث لا شيء مما ستعرفونه عن يوم الطين.

وقصته انه فى يوم ماطرٍ رأت اعتماد بنات البادية يبعن اللبن فى القِرَب حافيات رفعن عن سوقهن وأرجلهن تغصن فى الطين..

فاشتهت أن تلعب في الطين و تفعل مثلهن كما كانت تفعل فى سابق عهدها، ولكنها لا تستطيع فعل ذلك الآن فهى ملكه والسيدة الكبرى داخل القصر وخارجه..
استاءت كثيرا لدرجة البكاء.. فسألها المعتمد لماذا تبكين؟
قالت: لم أستطع قط فعل ما احب حتى لو كان شيء بسيط مثل ما يفعلنه..
فأجابها وعلى شفتيه ابتسامه لطيفه قائلاً: بل انك عما قليل ستستطعين.


وذهب ثم أمر بجمع كميات هائله من العنبر والمسك والكافور وسُحيقت ثم نصبت الغرابيل وصب فيها ماء الورد وعجنت حتي صارت كالوحل طيناً.

وقد كلف هذا ثمنا باهظا واموالا طائله من أجل سويداء قلبه.
ثم ذهب اليها وقال لها: اذهبي وخوضِي في الطين و افعلي ما تشائين.
مما اسعد اعتماد وابهجها كثيرا .

وقد نظم بيتا يقول بأنه لايوجد محبوب احتل قلب محبه مثلما فعلت اعتماد به..
فقال:

فَما حَلَّ خِلٌّ مِن فُؤادِ خَليلِه
مَحَلَّ اِعتِمادٍ مِن فُؤادِ مُحَمَّدِ

واشتهر هذا اليوم بين الناس حيث انهم صارو يؤرخون به كقولهم قبل يوم الطين ام بعد يوم الطين.

لم يقصر ابن عباد فى حبها ابدا لقد فعل العجب من أجل ارضائها وتدليلها.
.
.
.

-ما برح مدة طويلة.. فى مكان اخر كان هناك رجل يدعى البازى الاشهب.. اكبر لص في عصره، وكان بلاء عظيما قد أوقع الرعب والرهبة في سكان البوادي
لديه مهاره ودهاء فى السرقه والاحتيال..
فكثرت البلاغات عنه عند المعتمد، و ظل يلاحقه إلى
أن وقع في قبضة العدالة..
فقضى عليه المعتمد أن يصلب على مرأى من الفلاحين في الطريق العام، ليشهدوا ما حل به من خزي ونكال، ولما كان اليوم الذي حكم عليه فيه بالصلب قائظا، والحرارة خانقة.. قل مرور الناس بالطريق..
وكان قد وقف بأسفل الخشبة التي صلب عليها اللص زوجته وبناته يبكينه بدموع حارة ويقلن صارخات:

| كمد الأسير |Onde as histórias ganham vida. Descobre agora