(4)

20 3 0
                                    


ذي رائحة التفاح

امنحني قوة الضوء يا خالق الضوء، امنحني صبر الأمس على البقاء حیّاً في ھذا الیوم يا خالق الأمس، امنحني الكلمة يا واھب الكلمات وخالقها، لأكون
ممن ترضى عنهم، يا رب الأمنیات قل لها أن تكون،
لعلّي أبصر الطرقات، في كل ھذا ضیاع، لا بوصلة إلا قلبي الذي يشیر إلیك يا مالك الملك  .

أحادث الوقت الذي يذوب من بین يدي ولا يجیبني، أُسائِل السماء التي تحتضننا، أين ھو الآن؟ لِم لَم تظھر تلك الجموع التي يسیر معها، أمسك بالُتراب بین يدي، علّه ُيفشي ھذا السر، إلا أن الكلمات لا
تتشكّل، متى سألتقي الحسین؟ شتاتنا ھذا لیس إلا البداية، ھذا التیه سیخفینا، يمحقنا من الوجود،
فمهتي البحث عن ركب الحسین  ، واعتقاله، أ ّما كیفیة الاعتقال لم ُتحدد، فقط علّي أسره وھو حي، متى أفیق من سكرة السؤال؟ لست أدري.

"عبدالله الجمال" لم يصل منه أي خبر إلى الآن، ووقت صلاة الظھر اقترب، و"سعد الأوسي" مل من سؤالي له، ويبدو أنّه الآن يتهرّب منّي، فإجاباته المستنسخة ُتغیظني، ما أنت بصانع أيّها الحر؟

- سعد، ھل تشم ھذه الرائحة التي اخترقت أنوفنا؟

- ُعذرا سیّدي، ھذه العفونة ناتجة عن مسیرنا تحت ھذه الشمس الحارقة.

- لا يا سعد، رائحة  زكیة ، ُتشبه أريج التفاح .

- ..... 

- ھل تفرّق يا ھذا بین الرائحة الطیبة، وتلك الآسنة؟

- أفرّق يا حر .. ما بك؟

وأطلقت عیني لتزجره ..

- يا ُحر؟

- ...... ُعذرا سیّدي.

الأمور بدأت بالتسرّب من بین يدي، بدأ يخاطبني بالُحر، يبدو أ ّن ھذا الأخرق لا يستنشق عطر التفاح ھذا، ھل ھذه الرائحة حقیقیة؟ أم ھي وھم بدأ يداعب عقلي لأنني أتعرّض فعلیاً لھجمات أشعة
الشمس!، أنا لم أعد أشعر أنني في ھذه الصحراء الممتدة كالسماء!، ھذه الرائحة ھي لیست رائحتي، محمولة ھذه عبر الرياح، لا أتذكّر أنني ُكنت أستمتع برائحة التفاح كما أنا الآن، ماُء ذاكرتي لا يروي شیئاً
عن ھذا الوله الذي يداخلني، أعیش ھذه اللحظة في مكان بین الحیاة وبین الخیال: رائحة تفاح، في الصحراء، وفي طريقي لأسر الحسین .

- سیّدي، وصل أحد أعوان "عبدالله الجمال" ..

قالھا سعد مكفر عن جرأته السابقة، واستبشر قلبي، سنعود إلى الديار قريبا، فعودة ھذا الرجل تعني أنّه يمتلك خبراً مهما ..

- إن سیّدي عبدالله ُيخبرك يا سیّدي بأن الحسین  بن علي وصل إلى جبل ذي الحسم، وقد يكون موقع ُمصلاه.

تباً لكل جواسیس الدنیا، لا يحسنون نقل الأخبار، كیف ُيمكنني إجباره على المسیر معي إلى الكوفة
وھو وصل إلى نقطة مهمة في رحلته، حیث ُيمكنه القتال وإن كنا أكثر عددا،ً فلا شيء ُيمكنه إيقاف الشجاعة العلوية التي تنبض فیه، آخر الأسباط، إني قاد م إلیك، لا شيء ُيشبهك، لا شيء فالكوفة مقفرة منذ ٍ زمن طويل، إني قادم والمسافة حلم. سأسحق الصخور، سأطیّر الرمال في الهواء، سأمتلك ما أريد، لن تغرس خیمة واحدة في صحرائي ھذه.

الحُرWhere stories live. Discover now