(1)

173 3 0
                                    


اضطراب

رياح تصرخ في وجه الهاربين من اسواق الكوفة حاملة معها رمالا تلطم الوجوه بهدوء قل نظيره، وسماء حمراء تعتلي للرؤوس الكل يهرول باتجاه الازقة يحتمي باكمامه او بقطعة قماشية استلها من عمته، نسوة على وجه الخصوص احتمينا من ذرات الرمال المتطايرة عبر اوشحة ملونة طويلة تغطي اجسادهن ووجوههن لم تكن الكوفة كما هي اليوم الصمت يركل الافواه يمنع الجميع من الحوار ركود مخيف رغم كل هذه الحركة السريعة في الارجاء العيون في كل مكان تبحث عن شيء جديد عن كلمة تهرب رغم القمع الشديد المحيط بالبشر خطواتي تاخذني الى حيث وجهني المرسول "جابر" حيث "عبيد الله بن زياد" في قصر الامارة، هو ايضا اطبق على فمه ومنع انفاسه من تشكيل الحروف رسالته كانت واضحه جدا "الامير يريد حضورك وزاد" بهمس الخائف "وحدك" هذا النداء الغريب لم يكن الا في هذا اليوم لم اعتد على الذهاب الى القصر وحدي هممت بالرحيل عن الكوفة والهروب فلا يستدعى انسان وحده الى هذا القصر المشؤوم من بعد رمي "مسلم بن عقيل" من اعاليه الا وتحل اللعنة عليه اما يقتل او يصبح منبوذا فحيطانه لها السن.

لم يبوح لي "جابر" بشيء طوال الطريق،استخدم قطعة القماش التي يغطي بها فمه حجة لعدم التحدث معي طوال الطريق -القصير-، لا اقطن بعيدا عن قصر الامارة ، الا ان الطريق في هذه اللحظات مسافته مسافة بحر، بعد رؤيتي لعين زوجتي، لروحها المطلة من هذه البلورات الربانية، لخوفها الذي انسكب من فمها على قلبي، اصلاني هذا الخوف ترك اثرا لن يمحى، اشعر بالاشتعال في صدري الى الان، لا اعلم ان كانت شهيقي يسحب الهواء الساخن ام صدري يصفر النيران الى الخارج، مجرد حرارة اشعر بها تحيط بي تحتويني تسكنني والطريق لم ينتهي افاعي تتلوى على بطونها تسابقني، وطيور مذعورة تتقلب فوق الرؤوس كانها شاردة من خطر، كمن بعث من الموت، يابسة اطرافي، جافة شفاهي، دهش من قدرتي على رؤية حبات الرمال وهي ترتطم بالاشياء وهي تغزو الوجود وهي تتغلغل تشبهنا بعض الشيء هذه الرمال المتطايرة.

خوفي مكتسب،زوجتي تركت شيئا من خوفها في داخلي،اقصائي لهذا الخوف مؤقت، فاحساسها العالي لا ينضب صوابه، لا خشا "عبد الله بن زياد" هو عبد للدنانير الذهبية، متوله بكل ما يلمع، يبحث عن الاموال حتى وان كانت في الجحيم، وهذه الاخيرة هي ما ترعب، هو لا يخاف الله، كل رجالات الكوفة تعلم علم اليقين باننا يمكننا ان نشتري قرارات ابن زياد بصورة ما، ولا يزال "جابر" صامت، الا اننا ومع اقترابنا من بوابة القصر، لاح بريق دمع في عينيه، نهشتني الرغبة بالسؤال، مزقتني هذه الرغبة ما الامر؟ ماذا يمكن ان يكون يا جابر؟ حدثني، انبئني، الا انه اختزل الحديث بدمعة تلاحمت مع القماش الذي يحمله بيده، وصلنا الى قصر الامارة نشبه الجنازة التي لا يمشي من خلفها احد، تلك التي لم تترك شيئا في هذه الدنيا، انا وجابر برفقة الريح والرمال وكل نيران خوف زوجتي وكثير من الصمت.

-يدخل وحده يا جابر.

صح احد الواقفين على البوابه أجذأر جابر كما لاح على محياه، الى انني تداركت الامر وتحدثت:

-لا ادخل ان لم يكن برفقتي ليرافقنا منكم شخص حتى اصل الى الامير.

تهامسوا، وافقوا بعد ان بصق احدهم على الارض التي تقابل جابر،امساكت في يده في محاولة للجم غضبه و سطوة جنونه، يا له تلك التي وصلت الى قائم سيفه، هدأ؛ تحركت بهدوء عاصفة، لم يتحرك احد من الحرس كنت امني النفس ان يتحرك احدهم حتى اجتث ارواحهم من اجسامهم، غاضوني وانا بانتظارهم، اخطوا اتوقف لحظة حتى يبدر منهم شيء الا انهم دمى لا تتحرك الى باوامر المحدقين بعرش الكوفة، دخلنا القصر الذي صير باهتا بعد ان قتل فيه "مسلم بن عقيل" سفير "الحسين بن علي". لم يعد يروقني هذا المكان اسرعت الخطى بعد ان اجتزت حراس البوابة، رائحة الحراس النتنة تشير الى انهم لم يتحركوا من هنا فترة من الزمن هاجمتني الرغبة بالسؤال مجددا هذه المرة فقط ساسمح لهذه الرغبة باكلي بالانطلاق ناحية "جابر":

-ماذا هناك؟

وجه بصره اتجاه الستائر التي تفصلنا عن ديوان "ابن ابيه" وتحدث بصوت لا يكاد يسمع:

-لا تقرر بسرعة يا سيدي.

لم افهم الكثير ما هو القرار الذي يحذرني منه "جابر" ما هي الطريقة التي يجب ان ابدا بها كلماتي امامهم؟ولما في هذه المره تحدث "جابر" الخطر له رائحة،وهذه المره احتراق. سادخل كما انا، ساتجرد من كل شيء الا من انني (الحُر)

الحُرDär berättelser lever. Upptäck nu