الكمالات الروحية

10 0 0
                                    

أمام الزمان (عليه السّلام) يغسل الدم

اسمه الحاج محمد حسن من مخلصى شيعة مولى المتقين الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . كان معاصراً للمرحوم آية الله سيد مهدى بحر العلوم ( طيب الله ثراه) (۱) و كان صاحب مقهى على نهر دجلة في بغداد ، هي مصدر رزق له ولأسرته . في صباح أحد الأيام .. كان الطقس لطيفاً رائقاً بعد أن نقت السماء برذاذ من المطر ، حين كان الحاج محمد حسن فتح تواً باب المقهى و اذ كان يحضر الشاي ، رأى ضابطاً ناصبياً معادياً لأهل بيت الوحي (صلوات الله عليهم ) يقبل الى المقهى ، قبل أن يرد أحد من الزبائن .

و ما ان جلس الضابط الناصبي في المقهى حتى راح يكيل الشتائم القبيحة لأهل بيت العصمة و الطهر (عليهم السلام) .. و بخاصة أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عليه السلام) و الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها ) . كان مندفعاً في فورة من الشتائم والشباب وكأنما هو منجرف في تيار من الألفاظ النابية البذيئة لا يقوى على ايقافه . كان يهمهم بصوت خفيض .. ثم يكيل الشتائم للامام ( عليه السلام ) .
أما الحاج محمد حسن .. فقد فارت في عروقه دماء الغيرة ، و أخذته حمية الحق المقدّسة ، و لم يعد يبالي ـ ازاء ما يسمع ويرى - بعواقب الأمور. تطلع فيما حوله .. فلم ير أحداً غير هذا الضابط الناصبي الكافر . و في لحظتها قرر أن يقتله . و لكن .. كيف ؟! مع الضابط سلاح .. و الحاج محمد حسن أعزل الاسلاح معه .. و تفطن فجأة إلى أمر عشر فيه على ما يريد . فكر في سره : من الأفضل أن أتظاهر ازاءه بالمودة ، ثم أتناول سلاحه من يده و أقضى بسلاحه
عليه .

و مضى فعلا اليه . قدم له فنجاناً أو فنجانين من الشاي الساخن الجيد التحضير و تلطف معه في القول . ثم قال له باحترام ظاهر : يا رئيس .. يبدو أن الخنجر الذي في حزامك من النوع الرائع جداً .. بكم اشتريته ؟ و في أي بلد مصنوع ؟ مد هذا البليد المغرور يده الى حزامه فأخرج خنجره ، و وضعه في يد الحاج قائلاً بزهو : نعم ، أنه خنجر نفيس . لقد اشتريته بثمن كبير ، و نقشت اسمي عليه .
انظر .. انظر اليه !
أمسك الحاج محمد حسن بالخنجر ، و أخذ ينظر اليه بكل هدوء و برود ... متحيّناً الفرصة المواتية اذا ما غفل هذا الضابط الناصبي لينفذ ما عزم عليه . و في هذه الأثناء حدث أن التفت الضابط الى نهر دجلة . و ما هي الا لحظة خاطفة حتى انهال الحاج محمد حسن بحركة سريعة عليه ، و غرز الخنجر حتى مقبضه في قلبه و شق بطنه . ثم ترك المقهى قبل أن يصل أحد .. هارباً نحو مدينة البصرة .(٢) يقول الحاج محمد حسن : كنت أمشى من بغداد الى البصرة و أنا خائف أرتعد .. حتى وردت البصرة . و حين حلت أوّل ليلة على فى هذه المدينة .. ما كنت أدرى أية داهية ستنزل بي . ترى : أيمكن لصاحب مقهى أن يقتل ضابطاً عراقياً في مقهاه ، و يطرحه هناك و يأخذ خنجره و يفر .. ثم لا يتابع أو لا يقتفى أثره ؟! ما كان لي الا أن أستغيث بامام الزمان ( عليه السّلام ) . استغشت به و قلت له : يا مولاى ، من أجلكم فعلت ما فعلت . ثمّ أنّى قصدت مسجداً هناك أبيت فيه ليلتى تلك .

الكمالات الروحية Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz