-لكنها استغنت عن العزف وتزوجت بوالدي ثم انتقلت معه إلى سور روز، كان رجلا عاديا..

صمتت ثم قالت باقتضاب:

-لم يعجب ذلك عائلتها بالتأكيد.

-خلق ذلك عداوة.

-بالضبط. لكنها قامت بذلك على أي حال.

ثم قالت:

-بعد ذلك، علموا بأمر ولادتها، حتى تلك اللحظة اعتقدوا أن الموضوع كان مزاحا، فأرسلوا أشخاصا وقتلوا أبي.

تقطب حاجبا إيروين:

-هذا فظيع.

-بعدها ماتت بسبب الحزن والمرض، وبقيت أنا مع جدتي (ميرديث).

خيم الصمت ما سمح للموسيقا بأن تصبح واضحة.

-أنا آسف لذلك.

-لا عليك.

أرخت حاجبيها وقالت:

-لم أكن أذكر شكلها، كنت أعرفها من اللوحات، شعرت بالغيرة عند النظر إليها وهي تحمل الكمان، وأردت أن أكون مثلها.. لكن لم أكن موهوبة.

أبعدها عنه مع بقاء يديهما معلقتين فالتفت على ذراعه وانحنت للخلف ببطء ثم وقفت من جديد.

-ماذا بعد؟

-قمت بادخار المال واشتريت كمانا بسيطا دون علم جدتي وحاولت العزف عليه بعد المدرسة مع كل درس موسيقا، لكن كما تعرف، لا تدرس الموسيقا بشكل جيد بما يكفي في المدرسة العادية.

-صحيح.

-لذا، كان عزفي أكثر من شنيع، وبسبب ذلك، سخر مني بعض الأولاد الذين اكتشفوا أمر تدربي على الكمان.. تنمروا علي وكسروا كماني، أرادوا ضربي لكن حظي كان سعيدا إذ مر المعلم سميث بالصدفة هناك.. كان عائدا باتجاه بيته..

ارتجف قلب إيروين، أكملت:

--بالطبع هرب الجميع وبقيت وحدي، كنت حزينة جدا حد البكاء، لكنه جلس إلى جانبي وانتظرني حتى هدأت واستمع لقصتي.

صمتت بينما تتمايل بهدوء أكبر ثم قالت:

-طلب مني انتظاره، بعد قليل عاد ومعه كمان أحضره من المدرسة وطلب مني أن أبقي الأمر سرا، وأراد أن أعزف له على قدر استطاعتي ذلك اللحن الذي كنت أتدرب عليه.

أغمضت عينيها

-كان سيئا حد الجنون.. لكنه استمع له كما لو كان مؤثرا.

ابتسم إيروين لذلك، بينما تنهدت كايت:

-منذ ذلك الوقت، اعتدت على تلقي كتب تعليم الموسيقا من المعلم، وكان سرا آخر.. لكن جدتي اكتشفت الأمر ولم يعجبها ذلك، تحدثت للمعلم عدة مرات لكنه لم يستجب لها.. بل استمر في إعطائي الكمان المدرسي كل يوم بعد الانصراف..

-هل تحسن أداؤك بعد ذلك؟

-بالطبع، استمر ذلك لعام كامل.. إلى أن..

احتقن صوتها ففهم القائد:

-إلى أن مات بشكل مفاجئ.

أدمعت عيناها:

-أنا آسفة..

ولسبب لم يذكره إيروين قال:

-أنا آسف أيضا.

هدأت حركاتهما فقالت:

-أنا سعيدة لأنك موجود.. على الأقل قد أجد شخصا يشبهه على قيد الحياة.

لكن أنفاسها احتبست عندما فرضت البديهة نفسها، إيروين قائد فيلق الاستطلاع، رجل انتحاري قد يموت في أي لحظة.

-كيف تابعت التعلم بعد ذلك؟

مسحت عينيها وقالت:

-حزنت جدتي لأجلي رغم أنها لم تكن تحب المعلم أبدا، لكنها -عندما رفضت الاستمرار في الذهاب للمدرسة- عملت لأجلي وادخرت المال، وذات صباح أعطتني كمان أمي الذي أخفته عني دائما، وأرسلتني للداخل إلى مدرسة للفنون الموسيقية في العاصمة. وتخرجت بعدها.

نظر إيروين بعيدا حيث أمكنه رؤية نايل وماري مجددا:

-أنا سعيد لذلك.

-منذ ذلك الوقت، أعمل في التدريس لصالح الميتم..

أحنت رأسها:

-لأجل الأطفال الذين كنت مثلهم..

ابتسم:

-هذا لطف كبير، كان أبي ليسعد لذلك.

-أعتذر لو كنت...

-لا، أنا أشكرك.

ابتسمت.

هدأت الموسيقا فانحنيا لبعضهما، في الخارج كانت السماء تفقد لونها الأزرق تدريجيا.

__________________________________

《STOHESS WOMAN || امرأة من ستوهيس》حيث تعيش القصص. اكتشف الآن