الفصل 4: المارد!

7.2K 452 169
                                    

   لم تتوقع ماريغولد أن تجد نفسها في مواجهة حصان بتلك الشراسة، راحت ترتعش و تتصبب عرقا حين اتسعت فتحتا أنفه و تنفس بحدة جعلتها تنتظر حدوث كارثة، حدق فيها الحصان مطولا بينما كانت أذناه تهتزان، أيقنت أنه شعر بتوترها، و فجأة... ثارت ثائرته، صهل بقوة، و رفع قائمتيه منذرا بكسر بوابة الخشب العالية التي تفصله عنها، كان الزفير الحار الذي يطلقه يصل إليها و لامس وجهها، التصقت بالبوابة خلفها و انزلقت عليها مجهشة بالبكاء حتى شعرت بالأرض الباردة تحتها تستقبل جسدها المرهق، و تعانق انهيارها. هاجمتها الآلام دفعة واحدة، رحيل والدها، بيعها لبيتها و تركها للمكان الذي عاشت فيه سنين العمر، ثم تخلي أوليفر عنها بكل بساطة، و الآن... جبروت هذا القاسي المدعو هارولان كينغ! شعرت أنها خالية من القوة، و مستنزفة! و تواصل نشيجها مع تواصل ثورة الحصان، كانت تتوقع أن يكسر غضبه الخشبة في أية لحظة، و أن تُسحق بعدها تحت حوافره كأنها لم تكن، و استمر صهيله الجنوني يثير فيها الرغبة بالبكاء أكثر فأكثر، انكمشت على نفسها محتضنة ركبتيها بعياء، و أغمضت عينيها منتظرة لحظة الموت لساعات و ساعات!

   وضع هارولان السماعة على أذنه منتظرا إجابة على الطرف الآخر، و بعد لحظات حدثه صوت البيطري الدكتور أوكلي الوقور قائلا:

”مرحبا سيد كينغ“.

   تمطط هارولان على كرسي مكتبه بتكاسل، و أغمض عينيه يسأل:

”كيف هو وضع المُهرة؟“.

”أخضعتها لجراحة مستعجلة، و هي الآن خارج دائرة الخطر، يجب أن تشكر الشخص الذي تصرف بحكمة و جبر القائمتين بطريقة محترفة، لقد جعل الأمر أسهل على المُهرة و حال دون تشوه مناطق الكسور و تضررها أكثر، أرجح أنه واحد من رجالك“.

   فتح هارولان عينيه نصف فتحة متسائلا مرة أخرى، و هو لا يصدق ما سمعه:

”ماذا تعني؟ لو كان طاقم عمالي جديرون بجبر القوائم المكسورة فلِمَ بحق السماء أعوزُ بيطريًّا؟“

”لا أدري سيد كينغ! لكن... لحظة!“.

   أحدث ضجة طفيفة بجانبه، و تجاذب حوارا قصيرا مع إحدى مساعداته في العيادة، ثم عاد إلى المخابرة مستطردا:

”هذا غريب! رود جونز كبير عمالك هو من نقل المُهرة إلى عيادتي، لكن لا أعتقد أن رجلا قام بإسعافها، لأن الحزام الجلدي الذي جُبرت به قائمة المُهرة يعود لامرأة!“.

   حدق هارولان في سقف مكتبه بعنف، و عدل من جلسته واجم الملامح، فيما تابع البيطري قوله دون أن يكتم إعجابه:

”أيا كانت من قامت بذلك... فهي بطلة حقيقية!“.

   امتنع الآخر عن التعليق، إنه يعي جيدا من هي صاحبة الحزام الجلدي، لكنه لا يصدق أن مجرمة طماعة مثلها يمكن أن تسعف حيوانا باحتراف؛ و لكن... لعلها هي و شريكها في الجريمة الفارّ قاما بذلك، ليوهماه بحسن نواياهما، و يتصيدا فرصة سانحة لنهبه! تقلص فكه، و اشتد غيظه إثر ذلك، و أقسم أنه سيشطر خطيبها نصفين لو طاله، و قبل أن يكمل نسج فكرة الانتقام التي تراقصت في خياله، سمع الدكتور أوكلي يضيف بقلق شيئا بدا غاية في الأهمية:

الغضب الأسود|Black Rageحيث تعيش القصص. اكتشف الآن