التاسع

33 3 0
                                    

كان نهارًا مرهقا بالنسبة لوردة، فلم تجد بد في النهاية من النوم حتى موعد عشاء الفندق، ارتدت فستان صيفي أبيض، تاركة طرفا حجابها الارجواني يغطي كتفيها ، وفي طريقها للأسفل نحو بهو الفندق إلتقت بمن لم تحسب حسابه، راقبت تلك الفتاة التي تتغنج بلؤم جانبه، كان باهر الطلة كالعادة، كانت ضربات قلبها عنيفة لدرجة أنها لم تنتبه لبركان النار الذي طفح من وجهها حينها فقط إلتقت نظراتهم، لم تطرف له عين عندما رآها بل ابتسم إبتسامة ماكرة لم تفهم وردة فحواها والتي كانت بدورها لاجمة الغضب لم تستطع ورؤية تلك المسرحية أمامها.
سها بلؤم
" برضو يا جاسر بيه مش فاهمة سبب جيتك "
جاسر بنظرة موحية
" انتِ عارفة انا عايز منك ايه فبلاش لف ولا دوران "
سها غامزة " بس انت مش خايف من طلباتي "
نظر لها مطولا وقال
" طلباتك آه "
سها بعد ان فهمت مقصده
" أنا ممكن اصوت وألم عليك الناس على فكرة "
جاسر بلا مبالاة واضحة
" لمي "
ارتبكت سها بوضوح فلم تقو والرد
لينوب عنها جاسر قائلا بجمود
" ايه افتكرتي إنك هربانة اصلا !"
سها بتلعثم
" أنا معملتش حاجة يا باشا "
جاسر " رجلي على رجلك يا سها يا حبيبتي لحد ما تجيبيلي أوراق البيع وإلا .."
أتم بقسوة " انتِ فاهمة هرميكي لمين!"

"" في القاعدة العسكرية ""
وصل عز إلى مبنى التدريب العسكري مستعدًا لوظيفته المؤقتة كمربية أطفال كما اعتبر، بعد أن أمر بجمع جميع المتدربين في ساحة التدريب ليعرفهم بنفسه.
انقسم المتدربين إلى أربع صفوف كما أمرت المِنظمة استعدادا لتحية المدرب، مفاجأة عظيمة انتظرته عندما رأى نفسه سيدرب فتيات ولكنه سرعان ما تخطى الموقف وصدح بصوت رخيم
" عايز أعرفكم بنفسي، أنا النقيب عز الدين بدران أكيد وصلكم خبر بأني اتعينت كمشرف على تدريبكم السنة دي"
ثم أردف متابعا
"طريق المخابرات مش سهل وانتوا قدها أنا واثق بكده.. الملازم نور هتشرحلكم نظام التدريب بالتفصيل بس أنا محتاج اعرفكم قوانيني"

" التأخير ثانية واحدة كفيل بأنه يدمر عملية كاملة وبما انكوا لسه متدربين فأنا مش هقسي عليكم وأطلب منكم المستحيل.. حد يجرب يتأخر دقيقة واحدة مش بس هطردها وأهين كرامتها دي تنسى انها دخلت كلية شرطة من اساسه"
كانت وقع كلماته كالسيف، فمنهم من رحب بها وقدرها ومنهم من انتقدها ولكنه لم يرى بد والانصياع لأوامره.
دنيا هامسة لصديقتها
" شكل بتاعك مش سهل"
ابتسمت رؤى بتكلف ثم قالت
" زي مانا عايزاه بالظبط "
اعتبرته كمشهد سينمائي، ذلك الغروب الفاتن وراء سهول الرمال البيضاء، كيف لا تغرق داخل سحر الطبيعة؟ غير منتبهة لما يقترب من قدمها لتضرب صرخة مدوية المكان قاطعة كل تلك الهمهات المكتومة لزملائها، ذلك الألم الحاد الذي أصاب قدمها وامتد إلى ساقها لم يُفزع ملاك كما أفزعها مشهد تلك الحية التي سرعان ما هربت من امامها.
كانت الفتيات في حالة من الذعر الشديد والهياج الحاد، والذي سرعان ما قُطع بصرخة اخرى تطلب الانتباه.
" مش عايز أشوف متدربة قدامي ! يلا !!"
ثم صب انتباهه لملاك والتي كانت على وشك الإغماء، ليقترب منها بخطى واسعة ساحبًا ذراعيها بقوة ليقوم بجرها إلى الداخل.
ملاك متأوهة
" مش قادرة! "
إلتفت إليها عز بتمعن ثم أخفض نظره ليجد قدمها غارقة في الدماء ليطلق سبة مكبوتة ويقوم بلفها حول ذراعيه وحملها، كانت الفتيات في الداخل تشاهد بحماس ذلك الذي اعتبروه مشهد في مسلسل.

"' على باب السيما ""
حبيبة بفضول
" هنتفرج على ايه؟"
خالد مبتسما
" رومانسي ولا كوميدي؟ "
حبيبة " اتكل على الله واطلب اكشن "
ليضغط خالد تلقائيا على خيار اكشن ليدرك فجأة الذي سمعه.
خالد باستغراب
" انتِ قولتي اكشن ؟"
حبيبة بنبرة عادية
" اهه "
خالد بفضول
" انتِ بتحبي الاكشن؟"
حبيبة " اهه"
" تمام "
ثم تمتم " مش باين عليها "

"" في الفندق ""
لم تتمالك وردة أعصابها في النهاية وقررت أن تترك تلك السهرة الغبية في اعتقادها، ذلك قبل أن تمتد يد من خلفها بكأس لتواجه صاحب تلك اليد والذي لم تتعرف عليه بطبيعة الحال .
وردة " أفندم ؟"
طارق " هاي اسمي طارق "
وردة بعصبية
" عن اذنك "
لترتعد وردة بذعر في نفس اللحظة إثر قبضته التي طوقت يديها
طارق مبتسما بخبث
" بسرعة كده !"
ليتدخل صوت آخر
" أنا هوريك السرعة يا ** !"
ليقوم جاسر بجر رأسه في البار جارحا وجهه بسلسلة من اللكمات والتي أودت إلى أن يمتلئ بالدماء، ليتجه نظر جاسر وأخيرا صوب وردة والتي كانت كالفرخ المبلول في نظره، ما جعله سرعان ما يخفي تلك الابتسامة التي اعتلت ثغره.
جاسر متصنعًا الجدية
" يلا قدامي على اوضتك "
وردة بعدم تصديق
" انت مين أصلا عشان تكلمني بالأسلوب ده احترم نفسك "
جاسر بإبتسامة لعوبة
" أصلا!"
ليجذب ذراعيها بعنف ويقوم بجرها أمامه
متمتما
" مش هتيجي غير بكده يا بنت اسامة !"
وردة " انت بتبرطم بتقول ايه؟"
جاسر وقد احتلته امارات التعجب
" ببرطم؟ "
ليشدها بقسوة ضاربا ظهرها بالحائط
" انتِ مبتتعلميش ابدا !"
وردة بإنفعال واضح لذلك القرب الشديد
" انت أكيد مجنون !"
شُلت اوصالها لقاء حرارة أنفاسه التي لفحت وجهها، كانت غير مسرورة أبدا بإنقلاب قلبها ضدها، أما هو فقد كُبل أمام عينيها، لم يفهم أكانت تلك الرجفة منه أم منها، كل ما عرفه في تلك اللحظة أنه يجب أن يبعتد، كانت تلك الفكرة تحارب للخروج وسط تلك الرغبات التي ملأت عقله في تلك اللحظة ، ذلك الوجه الدافئ وتلك اليدين الباردتين كم أراد بشدة بأن يدفنهم بداخله، ليقرب شفتيه ناحيتها بإستسلام متنهدًا بإنفعال واضح
" انا مش عايز آذيكي فبلاش تجبريني أكتر من كده مفهوم! "
ولكن ما لم يتوقعه ذلك الكف الحار الذي تلقاه من تلك اليدين الباردتين والذي جعل الأخير يقف مشدوها للحظة
" يكنش فكرك إني زي البنات القذرة ال بتسهر معاهم كل ليلة مسمحلكش !"
ذلك قبل أن تتجه راكضة نحو غرفتها وفي قلبها نار توشك على الانبلاج تاركة خلفها ذلك التمثال الذي لم يقو وأن يخطو خطوة أخرى فقد عُقد قلبه كما جُمدت حركته، نعم إنه لا يستطيع الابتعاد عن تلك المخلوقة.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jul 22, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

حُبَّك براءة اختراعWhere stories live. Discover now