خيرا تعمل أحسانا تلقى

21 8 2
                                    

خمسيني يروي قصة قائلا :

كانت زوجتي حامل في الشهر السابع و كنت أمر بظروف مادية صعبة ، جلسنا مساء ذات يوم لا نجد ما نسد به جوعنا الى حين قبض الراتب في اليوم الموالي ، ربتت على يدي مبتسمة  و قالت لا بأس سنحتسب هذا اليوم اجره عند الله  عسى ان يطعمنا على الصبر خيرا منه في الجنة  ، نظرت الى القطعة النقدية الوحيدة بجيبي لم تكن تكفي لشراء اكثر من بضع حبات بيض ،  لنسلقها ، سخطت حينها ليغفر الله لي على الظروف و فكرت انه لم يكن علي أن اتزوج حتى تتحسن أوضاعي .
رن هاتفي اذا به زميل لي بالعمل يطلب مني ان أجهز نفسي سيأتي لاصطحابي انا و زوجتي ، كنت قبل أيام طلبت منه اعارتي سيارته لاذهب لسوق الأثاث كي نبتاع سريرا لطفلنا ، لكن المال الذي خصصناه لذلك  ، قمنا بصرفه على معاينة طبية أثر وعكة صحية اصابت زوجتي ، تحججت اني لا أريد الذهاب ، اقفل الخط بوجهي و بعد عشر دقائق وجدته أمام البيت يستعجلني ، اصريت ان نؤجل الذهاب للغد حين اقبض الراتب لكنه اصر بعناد قائلا : انظر اليوم الى الأسعار و لك مني وعد ان أعيد اصطحابك في الغد
رضخت للأمر و ذهبنا معه ، و بال زوجتي مشغول بالعشاء و قد كانت امرأة واجب تكرم الضيف بسخاء ، استغفرت و هي تزفر انفاسا متعبة توصيني ان اشتري قنينة عصير صغيرة على الأقل نكرمه بها لصنيعه معنا ، و بعد التجول لساعة من الزمن انتظرنا بها قررنا العودة الى البيت .
تفاجأنا أنه ركن السيارة بجانب مطعم شواء ، فرت الدماء من وجهي و لا أملك غير تلك القطعة النقدية الوحيدة ، و لكم ان تتخيلوا احراج الموقف و العجز الذي شعرت به في تلك الأثناء .
انتظرناه في السيارة بضع دقائق ، عاد بعد ان طلب لنا طاولة مناسبة بعيدا عن الأعين و جلس هو بعيدا عنها إحتراما لحرم الزوجة ، يطلب مني اخبار زوجتي ان تطلب كل ما تريده على حسابه  ، زاد الشعور بالحسرة و انا أرى زوجتي تلتهم أسياخ اللحم  ، عرفت فيما بعد أنها كانت تشتهيها لكنها اصرتها في نفسها كي لا تحزنني مراعية للظروف آنذاك .
اعادنا للبيت ليلا بعد ان عرجنا على شاطئ البحر تستنشق الهواء النقي ، عدنا للبيت نعاني تخمة بعد ماكان لدينا ما نسد به جوعنا ، و حين سألته عن سبب فعلته أخبرني انه رد جميل ، ذكرني قبل بضعة أشهر ، استقبلنا انا و زوجتي  اقرباء له من قرية نائية جاءوا للعلاج بمدينتنا ، و لانهم فقراء لا يستطيعون الحجز بفندق و هو بدوره يبيت في مقر العمل فطلب ان يمضو الليلة عندي ، رغم ظروفنا الصعبة فرحت زوجتي كثيرا بهم  و بينما تذمرت انا اخذت هي على عاتقها تحضير العشاء و تدبرت امرها ، تفاجأت من طاولة العشاء الشهية بعد ان جادت من القليل الموجود بالذ الأطباق ، و حضرت لهم أجمل ما نملك من الفراش رغم ضيق بيتنا ، و حين همت العجوز بالمغادرة في الغد ، نظرت الى زوجتي و اخبرتها ان الله سيبشرها بحمل قريب و قد مضى على زواجنا بضع سنوات ، و بالفعل منً الله علينا بالبشرى بعد أقل من شهر .
مضت عشرون عاما و لا زلت اتذكر تفاصيل  الحدث بحذافيره يأبى ان يبرح عقلي ، دعوت الله لصديق لن انسى له معروفا ، اجاهد نفسي كي لا اتوانى لحظة في فعل الخير و كلي ثقة انه سيعود لي ،  و كلما وقعت بموقف صعب تذكرته و اطمأنت نفسي لألطاف الله ، و رضيت بأقداره حامدا شاكرا ، متفائلا بفرجه ينزل من السماء .

#خربشات_نوريانا

خربشات نوريانا Donde viven las historias. Descúbrelo ahora