ذو القناع الحديدي

3 2 0
                                    

ربما هو من أشهر الألغاز التاريخية.. لغز الرجل ذي القناع الحديدي.. أكثر سجناء التاريخ غموضا.. والذي عاش ومات دون أن يعرف أحد هويته الحقيقية.. ففي عام 1669.. وأثناء فترة حكم الملك (لويس الرابع عشر).. وصلت عربة ملكية فاخرة إلى سجن (الباستيل) الفرنسي الرهيب.. وكان على متن العربة عدد من الحراس الذين يحيطون برجل يرتدي ثيابا فاخرة ويخفي وجهه خلف قناع حديدي لا يترك له سوى فتحتين لعينيه وأخرى لفمه.. مع قفل كبير وضع على القناع لمنع فتحه.. وقد استقبل مدير السجن ذلك السجين الغامض باحترام.. وطلب منه وعدا قاطعا ألا يخبر أحدا على الاطلاق بحقيقته أو أن ينزع قناعه.. فوعده ذو القناع الحديدي بذلك بنبرة صوت قوية وكبرياء شديد كما لاحظ الحراس.

وبعد ذلك تم نقل السجين إلى زنزانة خاصة مؤثثة على نحو جيد.. لكنها منعزلة تماما.. بل وبدا أنه قد تم إعدادها خصيصا له.. فحتى تصل إليها.. عليك أن تجتاز أكثر من غرفة وتمر من أكثر من باب.. وكأنهم يريدون التأكد من عزلة السجين عن العالم بأكمله.. وقد كانت هناك تعليمات صارمة لمن يشرف على خدمة السجين أن يلبي كل احتياجاته الضرورية دون أن يجري معه أي حديث.. وإلا سيتم قتله مباشرة.

‫ وتذكر المصادر التاريخية أن ذا القناع الحديدي كان سجينا مثاليا يقضي معظم وقته في القراءة ومراقبة الطيور.. إلا أن هناك بعض الأقاويل التي تشير إلى أنه كان ينهار باكيا وينتحب بين الحين والآخر.. حيث استمرت حياته بهذه الصورة لسنوات طويلة دون أي تغيير.. إلى أن توفي بهدوء في سجنه بعد حوالي 34 سنة قضاها هناك منعزلا تماما عن العالم.. علما بأن من أشرف على خدمته طوال فترة السجن رجل واحد فقط كان يتلقى التحذيرات باستمرار ألا يتحدث أبدا مع السجين!!!.

‫ وعندما تم نقل جثمان ذي القناع الحديدي من زنزانته إلى قبره.. حضرت عربة ملكية خاصة حملته إلى قبر فاخر صنع من الرخام.. وأحيط القبر بعد ذلك بحراسة مشددة لمدة شهر كامل حتى يضمن الملك (لويس الرابع عشر) بقاء هذا اللغز في طي الكتمان.. وقد دفن تحت اسم مستعار.. وهو (مارشيولي) (Marchioly).

وبالطبع أثار هذا اللغز خيال المؤرخين إلى أبعد الحدود.. وخرج أحدهم بفكرة عجيبة ومنطقية للغاية كما قد تبدو للكثيرين استغلت في عمل فيلم شهير قام ببطولته النجم الأمريكي (ليوناردو ديكابريو) عام 1998.. ويحمل عنوان: (الرجل ذو القناع الحديدي).. حيث ذكر أن السجين الغامض هذا ليس سوى شقيق الملك (لويس الرابع عشر) التوأم.. وأن الملك أودعه في ذلك السجن طيلة عمره كي لا ينازعه على العرش.. وأنه أخفى وجهه بهذا القناع الحديدي كي لا ينتبه أحد إلى الشبه الواضح بين التوأمين.

‫ وعلى الرغم من طرافة هذه النظرية ومنطقيتها إلى حد ما.. إلا أنها لم تلق استحسان المؤرخين الذين وضعوا بدورهم تفسيرات أخرى لم يتم حسم أي منها.. لتظل القصة إلى يومنا هذا مجرد حدث غامض.. و.. لغز.. لم يحسمه التاريخ.

وراء الباب المغلقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن