[قَصة قَصيرة]

380 31 0
                                    


في كُلِّ مرة أذهبُ إلى عُزلتِي الجميلة لم أرى أي عيون أراها أو تراني لَربما كنتُ عمياء عن الآخرين أو عيناي مُلوثة بِالواقع لكنني رأيتُكَ اليوم و أنها المرة الأولى التي أرى فيها أحد يُشاركُني في عُزلتي البائسة ، لكنك لم تكنْ تجلس وحيداً مثلي بل كنتَ مع أصدقائك اللوحة و الفُرشاة حيث كنتَ ساعي البريد الخاص بِهم تَرسِلُ الرسائل الملونة بينَ أصابعكَ من الريشة لِلوحة ، حيثُ كانت ملامحكَ عنوان لِراحة و كيف لأحد أن يدخل عنوانكَ و استطاع أن يخرج؟.
في اليوم التالي ذهبتُ لِعُزلتي كَالمُعتاد و لكنني رأيتُكَ حينها في نفس المكان و التفاجئ أحتلَ تعابير وجهي قائلة لِنفسي :
أحبَّ عُزلتي كَما أحببتُها أنا؟.
جَلستُ على كُرسي بِقربِكَ قليلاً و افترقتُ عن كُرسي المُقرب لأول مرة و بعدها توقفَ الطفلُ الذي يسكنني من الركضِ في شوارعِ الارتباك ، حَدثتُكَ أخيراً و بِصوتِ خَجول :
أعجبتكَ عُزلة المدينة؟.
ردَ علي بِعينين واثقين :
نعم رائعة ، هل تأتي إلى هُنا منذ وقتٍ طويل؟.
نظرتُ إليكَ و ابتسمت :
نعم ، أعرفه جيداً هذا المكان .
_يبدو و كَأنكِ تُحبين هذا المكان .
رَديتُ بِحب :
و من يأتي إلى هذا المكان و لا يُحبه؟ ، جميع من يأتي إلى هُنا مرة واحدة سَيحبهُ و يأتي أخرى و أخرى و لَربما مدى الحياة .
ردَيتَ بِنظرة مُحبة لِلحروف التي نطقتُ بِها :
و لِهكذا أتيتُ لِـهُنا مرة ثانية ، لعل هذا المكان أخذَ أجزاء قَلبي حُباً ، لَقد أتيتُ البارحة بِالصدفة و أحببته .
_نعم رأيتُكَ آتي لِـهُنا كُل يوم .
_رائع .
سَألتني مُتسائل عن حالتي الساكنة :
ماذا تفعلين هُنا عادةً؟.
رديتُ بِحب يملأُ عيناي و قَلبي :
لا شيء حقاً ، فقط أجلسُ على ذلك الكُرسي و أشاهدُ السماء و الأشجار ،  و أرى روتين عائلات الطيور و كيف يتناقشون في أحاديثهم و يحضرون طعامهم اليومي ، أرسلُ سؤالي البائس من خطوات الحياة إلى نجومِ السماء عن حالي الكئيب .
ركنتَ عيناكَ على وجهي و حديثي المنشود و بعدها سألتني عن سبب كآبة حالتي :
لابد أنكِ تعيشين في صندوق الأحزان ، ما بال حالاتكِ الحزينة؟.
_أعيشُ بِشبيه السجن وحدي في غرفة صغيرة ، أعيشُ كالقمر وحيد بين الكواكب
_ماذا عن عاىلتكَ؟.
_والدي مشغولون بِالعمل كثيراً أنهم متعلقون بِالعمل حتى أنا لا أراهم في المنزل و عندما أتكلمُ معهم يتجاهلونني أما عن أخوتي فَـهُم غير مُهتمين أيضاً كما أن لديهم حياتهم الخاصة كل ما أحاول المُزاح معهم فقد يتجاهلون فَـهُم ليس لديهم روح العفوية .
_أسفٌ على سؤالي المُؤلم لم يكن ينبغي أن أسأل .
_لا بأس لَطالما أردتُ أن أنطق بِما في قَلبي .
_و لَهذا تجلسين بِمُفردكِ هُنا؟.
_أجل أحبُ الجلوس هُنا عادة ما أجلس بِغرفتي لكنني لا أطيق العيش بين الجدران كثيراً و في وسط حديثٍ من اندماج ، في وسط عذاب قلبي بِسحرِ عينيكَ كدتُ اسالكَ لأعرفكَ كما عَرفتني لكن جاءَ شخصٌ ما ، كانت فتاة لا أعلم من أيِّ عالم أتت لكن كُل ما أعرفه أنها كانت مُهتمة بِمَظهرها الخارجي على الرغمِ من أني لا أهتم بِمظهري لكن كان قلبي الأكثر جَمالاً ، تقدمت الفتاة الحسنة بِاتجاهكَ و قالتْ لكَ :
أَيُمكنكَ رسمي على قُماشتكَ البيضاء؟.
فَأنتَ بِكونكَ رسام فأجبتْ بِالتأكيد على الطلب ، لكن هي تَقدمت بِجرأةٍ لم تُعطي أيَّ مُبالاة بِكوني أنثى جالسة بِجانبكَ ارافقُ أحاديثي ابتسامتي المُحبة لم تبالي بِكوني حبيبتكَ مثلاً ، لا أعلم لِمَا فكرتُ بِكوني حبيبة لا أعلم حتى لِمَا اقتحمتْ الغيرة حُجرة صَدري و شيء ما يدفعُ جسدي بِجنون  إلى مُغادرة مكان كنتُ أقضي فيه ساعات و اليوم لم أقضي فيه سوى ساعة ، إلى مُغادرة حديثنا و أنا بِالقربٍ من عينيك فقط قُلِبتْ ابتسامتي إلى وجه لا يُفسر حتى أنا لم استطع تفسيره و قلتُ لكَ بِارتباك :
سَأذهب لِنرى بعضنا البعض لاحقاً .
حتى أنتَ وضعتَ علامات الاستفهام على ملامح وجهكَ لكنكَ لم تقلْ ملامحكَ المُستفهمة أي كلمة فقط نطقتْ بِـ :
حَسناً ، وداعاً .
لكن أيقنتُ أنكَ ما زالتَ مُستفهم من تصرفي المجنون .
و في اليومِ التالي استيقظتُ على نور الشمس الساطع و أنني فقط طوال الوقت أذكرُ موقفي المُحرج من نفسه حتى و كيف غادرتُ بِوجهٍ قلق لا ينبغي أن يقلق كان من المفترض أن يبقى مُبتسماً و عقلي كان يجب أن يبقى مُستيقظاً على حديثنا المُمتع ، و الآن مشاعر الغيرة و الندم اختلطت بِقلبي الصغير تلكَ الفتاة و كيف سوف يَنظرُ إليها و هو يرسم ملامحها على قُماشته و لكنني حقاً نادمة على المشي هكذا كان حديثنا الأول لا أعلم كيفَ خطفتَ قلبي حُباً من أيامٍ قليلة و منذ ساعاتٍ قصيرة ، ما زالتُ أفكرُ ما زالتُ مُحتارة بِالعودة إلى عُزلتي لكنني مُحرجة بِأظهار وجهي لكَ و أنني حقاً سَتنعكس ساعاتُ دقات قلبي عند سؤالكَ عن مغادرتي المُفاجئة لذا من كُثرِ التفكير و الحيرة لَقد مرَ اليوم كُله و عقلي مُتيقظ بِكَ و مرَ اليوم الآخر و حَرجي ما زالَ بأن أذهب ، أنها المرة الأولى التي ابقى أكثر من يومٍ بين جُدراني الأربعة .
أنتَ رسام و أعتقدُ أنكَ أبدع فنان الشيء الأول الذي يجعلُني أتأكد اختيارُكَ المكان المُناسب لِممارسة فنكَ ، لا أعلم لِمَا أتيتَ لِعُزلتي هو أنكَ تعاني مثلي أو لِتدون ملامح الناس على الورق لكن أُيَقنُ أن قلبكَ اختار المكان الأكثر صفاءً .
أيقنتُ في لحظة مُفاجأة عند تأملي نجوم أفكار عقلي و كأني ادركتُ واقعي قلتُ في نفسي أنكَ رسام ترى وجوهاً كثيرة في حياتكَ لتدون شكلها لعلَ شعور الغيرة أُزاحَ قليلاً بعد الإدراك لكنني تمنيتُ أن تتأملني ، تتأملني دونَ أن تُدون مَلامحي المُتعبة لا أريد أن تتأملني لمرة واحدة في حياتكَ بل على مدى أيامكَ المارة .
و بعدَ غياب تراكم مشاعري عن أرضِ قلبي قررتُ بأن أعود إلى تأمل عينيكَ في عُزلتنا الجَميلة و أنا ماشية على زهور الحب و الحماس رأيتُكَ في منتصف طريقي تَحركَ سحر عينيك في كُلِّ زاوية من الحي لعلَ هناك شيء ما في ذهنكَ تريد أن تلقاه و لِحُسنِ هذا الشيء سَيرى حُسنكَ الباهر .
ها نحن ، تَسيرُ أقدامُنا تقترب من بعضها إلى حين التقتْ أعيُننا بِبعضها بدأنا قليلاً بِالتواصل العيني و بعدها بدأ قلبُنا بِالنطق لعل الحب قبضَ لساننا لِلحظات .
قد مسحتَ عرقَ الارتباك من أوردة قلبكَ و قلتَ :
هل أنتِ بخير؟.
قُلتُ لكَ بِتفاجئ و قلق :
ماذا تفعلُ هُنا؟.
_كُنتُ أبحثُ عن منزلكِ بِجوارِ الحديقة بين الشوارع في الأحياء .
_لكن كيف علمتَ أنني أقيمُ هُنا؟.
_لَقد قلتِ سابقاً أنك تأتين إلى الحديقة بِشكل يومي فَقلتُ ربما تُقيمين بِالقربِ منها ، و لأنكِ قلتِ أنكِ تأتين إلى هُناكَ كُل يوم و لا تُحبين الاندماج بين أجواء الجدران تَفاجئتُ بِأنكِ لن تأتي من يومين ، كنت قلق .
عندما نطقتَ بِتلكَ الحروف المُهتمة بِشأني أحسستُ بِفراشاتِ قلبي تتحركُ كأنها تلقتْ شيء أزهر في أرجاء قلبي الصغير ، حاولتُ أن أخفي ابتسامتي المُفرحة و قلتُ :
لا تخفْ كنتُ بخير ، كنت مُتعبة قليلاً ، أتمنى أن تكون استمتعت بِعملكَ بِذلكَ المكان .
_ليس كثيراً أحسستُ بِقليلٍ من الفراغ فَعندما أتيتُ إلى هناك كُنتِ أول من لاحظتهُ .
هاقد تناولتُ منكَ أول اعتراف و تلاشى عقلي قليلاً بِالارتباك لكن بَعدها قلتُ :
ظننتُ أني مُجرد أحد أخوة شجرات الحديقة .
_ليس صحيح ، على الرغمِ من أني لم أراكِ سوى يومان هناكَ لكن طريقة جلوسكِ و نظركِ على ما حولكِ و تأملُ عيناكِ لِلمكان تُأكد أنكِ جزء من هذا المكان للتأمل أيضاً خصوصاً أنكِ تزورينه لمدة .
قُلتُ و الخجل يُلامسُ رؤوس شرايين قلبي :
شكراً لكَ من اللطف منكَ أن تقول هذا الكلام .
ردَ بِأبتسامة تجعلُ من قلبك مدينة فرح :
الأهم أني رأيتُكِ بخير و أن لا تكوني مُتعبة كثيراً .
_أنا بخير ، شكراً .
و بِالطبع بعد كلامكَ المليء بِنقاء قطرات المطر أصبحتُ أكثر إنسان متنقل بين بتلات الخير و الكلام الذي خرجَ من قلبي لِقلبكَ منذُ أيام فقد سبب قلبكَ الصدمة لِقلبي بِأنكَ تذكرتَ كُل الكلام بل حتى عندما قلتهُ أنتَ كانت أحرف قلبكَ غارقة بِرحيق الرقة .
سَألتني بِكل لطافتكَ المثالية :
أكُنتِ ذاهبة إلى الحديقة؟.
_نعم .
_لكن ألم تفكري في الذهاب إلى مكان غيره؟.
_لا لم أفكر ، أحبُ عُزلتي فَحسب .
_أتودينَ الذهاب معي؟.
_إلى أين؟.
_إلى مكان سَتحبينهُ كما أحببتِ هذه العزلة .
_بِما أنني واثقة من معرفتك للأشياء الرائعة سَأوافق .
_لِنذهب إذاً .
على الرغم من أنني لم أعرف من أنتَ بعد لا أعرف سوى أنكَ رسام ذو مشاعر أبسط من الراحة بين الأعشاب و أعمق من بحرِ الحُبِّ ، كنتُ واثقة بِأنكَ ذلكَ الشخص الذي كنتُ أودُ أن يُنقِذُوني من الغرقِ بِبحرِ الحيرة و الوحدة لعل هو أنتَ و أخيراً ، كنا نتبادلُ الأحاديث كثيراً عن مارة الطريق و عندَ الوصول إلى المكان الغير مُتوقع قُلتَ لي :
تَفضلي .
_ملاهي؟.
_أجل ملاهي .
_لماذا هي؟.
_إلا تريدينَ الخروج من الوحدة؟.
_نعم ، لكن ....
_أنتِ وحيدة و تودينَ الهرب بعيداً و لكن لا تُحاولين .
_حسناً هذا صحيح ، لِندخل .
نعم أيها الفنان قارئ مشاعر الناس كنتُ أحاولُ الهربَ بعيداً أن أخرج من ما كنتُ عليه لكن لم يكن لدي أحد مثلكَ يَدفعُني يرافقني للهرب معي إلى القيام بِأشياء مجنونة و غريبة لربما أنتَ هذا الشخص .
دخلنا و لعبنا بِجنون ، لعبنا و ضحكنا حتى أن أي أحد يرانا يعتقد أننا أخوة بِالروحِ لكن في الحقيقة نحن لا نعرف اسماء بعضنا البعض .
بعدَ ما جعلنا روحنا تلهو مَرحاً مع بعضها بعيداً عن الواقع الحزين جلسنا على أحد مقاعد الملاهي بدأنا بِجدية التكلم عنا.
_لم تقولي لي ما هو اسمكِ .
_اسمي "جونسي" و أنتَ؟.
_"جونغكوك" .
_أليس من المُفترض أن نعرفَ اسماء بعضنا من أول لقاء و هل نحن في منتصف العلاقة نتعرفُ على بعضنا؟!.
_أنها علاقتنا الشاذة .
ثم ضحكنا سوياً و عندها رأيتُ أبتِسامتكَ التي ليس لها توأم لا في الشكل و لا في النبرة و أكملنا حديثنا الدافئ .
_أظنُ أن لكَ قصة مع هذا المكان .
_نعم صحيح .
_إذاً اسمعني بِكل ما في منزل قلبكَ .
_كان والدي يصطحباني إلى هُنا عندما كنتُ صغير ، كنتُ عندما أحزن يُذكراني بِهذا المكان و نأتي لِهُنا نلعب لِساعات لِذلكَ أحبُه كثيراً و عندما رأيتُكِ تذكرتُ نفسي بِذلكَ العمر أحببتُ أن تشعري بِفرح هنا كما شعرتُ سابقاً .
_ذكريات دافئة ، لكن أين والديكَ هل ما زلتَ تعيشُ معهم؟.
نَظرتَ إلي بِنظرة عاجزة و بعدها تلهفتَ لهفة حزينة و قُلتَ :
عشتُ أياماً مُفوحة بِالجمال لكن الآن أعيشُ وحيداً بعيداً عن أهلي و ذلكَ بسبب عَملي .
_ما الذي يمنعُكَ عن لقائهم؟.
_المسافات ، مكان عملي بعيد عن منزل والدي ، أتعلمين أن المسافات جعلتني أتناولُ في صباحي و مسائي طعم الوحدة أن طعمها مُر يا "جونسي" أنه مر للغاية .
_ألم تبحث عن عملٍ آخر قريب منهم؟.
_لا أستطيع الخروج من عملي .
_آه..... ، أتمنى أن تلقاهم قريباً .
و بعدها نظرتَ إلي نظرة شُكر و توقفنا عن الكلام و ها نحن تسير أقدامنا بِاتجاه المنزل أقصدُ تسير بِاتجاه منزلي لكي يطمئن قلبُكَ الصغير ذو الصفوة علي ، قبل أن أدخل حجرة المنزل نظرنا لبعضنا كان هناكَ بِقلبي مرة كلمة شكر لا أعلم أي واحدة أنطقُ بِها أو بأي واحدة ابدأ بِها على أي حال الكلام كان لا يكفي فأنتَ أثمن من كُلِّ الكلمات .
بَعدَ حيرة من قلبي ، نطقَ قلبي بِشكركَ ، قُلتُ لكَ بِعمق من الشغف :
لا أعرف أي كلمة شكر أنطق بها لكن كُل ما أعرفه أنكَ أعطيتني اليوم أجمل أوقات من المرح و شكراً لكَ على كُل شيء .
_لا تشكريني ، دعينا لا نتعامل مع بعضنا بِرسمية فَبتلكَ الطريقة المُميزة التي عرفنا بِها بعضنا سَتكون علاقتنا نادرة بِشكل مُميز .
_أيعني الآن نحن صديقان؟.
_نحن صديقان منذ أول لحظة التقت روحنا بِذاتِ المكان و أيضاً سَنذهب معاً إلى أماكن كثيرة .
_ماذا ، إلى أين؟.
_سَتعلمين لاحقاً ، الآن ادخُلِ و استرخِ جيداً .
_حسناً ، ليلة هادئة ، نم جيداً .
_و أنتِ أيضاً .
و بعدها تقدمتُ نحوَ باب المنزل نظرتُ نظرة آخيرة من تلك اللية إليكَ نظرة اختمُ بِها أجمل أيام حياتي ، حين نظرتُ لوحتَ بِيديكَ اللينتين إلي مع أبتِسامتكَ الجميلة التي كانت تحكي بِأسم قلبكَ بعدها دخلتُ المنزل بِوجهٍ باسم ، هذه أول مرة ادخلُ بِها و أنا بِمزاج هذا الوجه الضاحك قلباً و قالباً و أنت وقعتُ بِكَ حُباً ليس لأنكَ فقط أعدتَ الحياةَ لِقلبي و لأن قلبي ارتاحَ بين فن كلامكَ الدافئ ، في هذا اليوم الاستثنائي نمتُ على سحابِ الصفاء بعيداً عن فضاء عالمي المُؤلم ، كيف أُصارحُكَ بِأنكَ لا تغادرُني أبداً و لا تُغادرُ خيالي المُزهر بعدَ سماعَ صوتكَ فَهو أشبه بِالغيثِ الخيّر .
لَقد مرَ يوم على افتراقي عن صدمتي بِحُسنِكَ فَكل مرة أراكَ فيها انصدمُ مُجدداً و كأني أول مرة أرى حُسنكَ ، في منتصف يومي المُعرف بِأسم الفراق القصير فكرتُ بِمكان قضاء الأربع و العشرين ساعة خاصتكَ لربما كنتَ بِحديقة لقائنا أحببتُ أن أجري لِهُناكَ لقاءً بِكَ لكن كنتُ خائفة أن أذهب جرياً فَأعود خائبة بِعدمِ لُقياكَ .
في اليوم التالي و على الرغم من أني نمتُ دون أن أختم يومي بِكَ واقعاً لا خيالاً ، لا أعلم ما هذا الشعور ، بِراحة أجمل من نهاية جميلة للقصص الخيالية و كأنها شارة لِيومٍ مُميز آخر بل أيضاً كانت السحاب و الجو الذي يملأُه نسماتَ الحبَّ كانت لحظتها أكثر لحظة اتمنى أن أراكَ بِها حتى لم تكتمل بعد سلسلة أُمنياتي بِلُقياكَ ، في هذا الصباح الباكر لقيتُكَ أمام باب منزلي تطرقهُ بِروائعِ يداكَ و إذ أتيتُ بِبسمة ملامح وجهي أُلقي إليكَ كلمات هذا الصباح المُشرق :
صباح الخير .
أغرقتني كَالعادة بِبسمتكَ الهادئة لِترد علي :
صباح الاشراق .
_أين الاشراق؟ ، أن الجو غائم .
_أقصدُ الاشراق بِوجهكَ المُشرق .
أصبحت مثل لحظة أنكَ تغزلتَ بِملامحِ وجهي للتو ، أكلماتُكَ حقيقية يا سيدي؟ ، بعدما أكملنا حديثنا بِقولكَ :
هيا ليس هناكَ وقت أذهبِ و أرتدِ شيئاً دافئاً علينا الذهاب .
_إلى أين؟.
_إلى مكان سَيذبلُ بِه قلوبنا من الراحة دخلتُ غُرفتي حماساً أجهزُ مظهري الخارجي ، كنتُ كطائر الذي يُغرد فرحاً ، متسائلة عن مكان ذهابنا هذه المرة إلى ملاهي الخاصة بِطفولتكَ أو إلى حديقة لقائنا المُميز حتى لو كان ذلك المكان رصيف و إشراقة شمس فأني بِلقاء صوتكَ أنهارُ حُباً .
خرجتُ استعداداً لمغامرتنا المجنونة أو الساكنة لا أعلم فقط أعلم أنها ستدخل أفراح الكون داخل حُجرة صدري ، دخلنا سوياً إلى سيارتكَ المتواضعة ، لم يكن علي الجلوس بِكرسي القريب منكَ فَبِكلِّ الطريق قلبي ينبضُ بشدة لا تُحصى و كأنكَ جالس بِجانبِ قلبي ليس بِجانبي ، تلكَ الملامح و جانب وجهكَ لم تعد هناكَ أحرف ينطقُ بِها قلبي فاتخذتُ التأمل طيلة مسيرتنا ، أحسستُ بِبعض النظرات منكَ ليست كثيرة لكنها مُميتة ، مُميتة بمشاعري من عُمقها ، كنا نتبادلُ الأحاديث العامة :
_أتمنى أن تكوني تشعرين بِراحة بِرحلاتي .
_نعم ، أنها المرة الأولى التي أشعرُ بِها بِراحة كبيرة و خاصة مع شخصٍ رائع مثلكَ .
_رأيتيني رائع ربما لأنني رسام .
_أعترفُ بِأنكَ فنان مُبدع لمن الروعة لا تكمن في المهن فَأنتَ بِصفاتكَ بِمظهركَ الخارجي و الداخلي أكثر من رائع .
نظرتَ إلى نظرة عاشق لكني مُوقنة أنكَ لستَ بِعاشق لهذا الوجه الذي أملكهُ ، و بعدها استدرتَ لِصورة الطريق و قلتَ :
و أنتِ أكبر دليل على ما قلتيهِ ، بل أنتِ أجمل من ذاتِ الشخصيتين اللتين وصفتيهما .
لم أدرك ما قُلتهُ أولاً أو لم أصدق ما قلتهُ لا أعلم أن كان ذلك اعتراف للمشاعر أو مجرد وصف جميل لكني الآن أصبحتُ أسرع زهرة تنمو في ثواني قليلة ، لم أعرف ماذا كنت سَأقولُ أو ماذا سَأقولُ أن تم إعادة دفئ تلكَ الكلمات بِنمطٍ مُختلف فَقلتُ :
ش.... شكراً لتلك الكلمات .
ضحكتَ قليلاً و تابعتَ سيركَ حتى وصلنا لذلكَ المكان المُعاكس عن الذي ذهبنا إليه مُسبقاً ، كان بحر أزرق و رمله اللين ، ركنتَ عربتكَ جانباً و بدأنا وضع خيمة صغيرة تكفي كِلانا و إذ أنت تَخرِجُ أشياء كثيرة من طعام و اثاث و كأنكَ سَتقيمُ حفل عشاء لكن نحن ماذا حقاً يا "جونغكوك"؟ ، بقيتُ عفوية أُساعدكَ بِجمع الأشياء و ترتيبها و آخر ما قُمنا به شوي اللحم و الخضار ، كُنا مُقيمين حفلة فعلاً دون إعلان ، لم أكن جائعة فَكنتُ مُشبعة بِالتأملِ بِكَ طيلة المشوار ، بدأنا بِتناول طهيكَ الرائع و التكلم :
أعجبكِ طعمة اللحم؟.
_في الحقيقة أنا من طهيته .
_أنتَ بارع ، تفضل السودة أنها جيدة مع اللحم .
_شكراً ، و المكان مُريح أليس كذلك؟.
_قُلتُ لكَ مُسبقاً أنتَ بارع بِأختيار كُل شيء .
_أتسأل عن راحتكِ
_أنا مُرتاحة ، فَأظنُ نوعكَ المُفضل نوعي .
_اعتراف مُفرح .
و بعد تناول وجبتكَ الشهية ، مشينا قريب من البحر تلامسُ أقدامُنا الرمل الناعم و ها هي السحاب فوقنا تشاهد ثنائي يملكان قلبان أكثر صفاءً من بعضهما و نسمات تأتي من جهاتٍ مجهولة تدفعُ كلا خُصلات شعرنا المُتشابه كل تلكَ الأشياء لم ينقصها سوى لمسة يديكَ ليصبح المشهد أكثر دفئاً .
ثم نطقتَ في منتصف صمت :
هذا المكان لدي به ذكريات كثيرة .
_أخبرني ما هي؟.
_كما تعلمين أخبرتُكِ سابقاً أنني أُعاني من فراقِ عن والدي و بعض الأحيان كنا ننشاجر لكي أتركَ العمل و أذهبُ بِالقرب منهم ، أنني مُحتار دائماً بِهذا الأمر لذلكَ في كل مرة أذهبُ بها آتي إلى هنا و أصبح شافي بِالكامل .
_أنهُ جميل للغاية ، أهذا يعني أنكَ بِالبارحة أو من فترة تشاجرتَ مع والديكَ .
_نعم لذا قررتُ بِالمجيء و اصطحابكِ معي ، أنتِ و هذا المكان لربما سَأصبح كائن الصفاء .
_و لِمَا أخترتني أنا؟.
_على الرغم من أني ألتقي كل يوم بِكثير من الأشخاص سواء بِالشارع أو بِمهنتي لكن أنتِ و تصرفاتكِ و نظراتكِ بِتأملِ الأماكن و بساطتكِ في التعبير جعلتْ قلبي يرتاحُ أكثر .
في كل مرة يتطور الأمر و تنطِقُ بِكلمات أجمل فَأجمل يحتلني الارتباك و يقتحم قلبي لمسات غريبة و الخجل لا أعلم كيف اتصرف هل أشكرك أم أبقى صامتة و ابتسم لكَ أم أحضن قلبكَ الدافئ و اتمنى حقاً أن يكون نهاية الأمر بِحضنٍ من دفء يديكَ .
ابتسمتُ و قلتُ :
أشكركَ على كل كلمة ، أنتَ تُخجلني لم يقل لي أحد هذه الكلمات من قبل .
_ألم يدخل الحب من قبل بِقلبكِ؟.
_لا لم ألهف لأحد من قبل و أنتَ؟.
_لم أجد من قبل قطعة فنية يَرسمُها قلبي بِداخله .
_لكن لا أعتقد بِأن لا أحد انعجبَ بِشخصيتكَ المتواضعة .
_ربما معكِ حق .
أعتقدُ أنكَ اتخذتَ سبيل الجرأة في الكلام بالذي قلتَه و بالذي ستقوله ، و بعدها قلتَ لي :
_لكن الآن ... أعتقدُ هناك قطعة ثمينة جداً من فنٍ مُختلف قد دخلت قلبي .
عندما سمعتُ تلك الكلمات كنتُ أخشى أن تكون تلك القطعة هي ليست أنا لا أعرف لِمَا خفتُ بِأن تكون ليست أنا لكن أعتقد أنكَ أنتَ أيضاً قطعة ثمينة كبيرة قد دخلتْ قلبي الصغير و ازهرته بِالكامل و إذ عاد ذهني للواقع لتكمل كلامكَ :
تلك القطعة هي فتاة حسنة المشاعر ، لينة الملامح و اندهشتُ عندما علمتُ أنها وحيدة الحال بِكل تلك الخُصال من المُفترض أن تكون أميرة الكون حتى أن اسمها غريب و مُختلف عن الجميع لديها بعض مرح الطفولة أنها "جونسي" التي أقفُ معها الآن و ها أنا أكادُ اعترفُ لها بِوقوعي بِـحُبها منذ أيام تحت سماء تَكادُ أن تمطر على قلوبنا النابضة بِسرعة البرق .
أكلني الصمت لم أعد اعرف معنى النطق أمام هذا الاعتراف ،  للتو فنان الرسم اعترفَ بِدخولي منزل قلبه ، جميع ما قلتهُ كان تحويل فن الرسم لفن الكلام أو حتى لم أكن أعلم أن الفن يكمن في التعبير عن المشاعر الآن كيف أصارِحُكَ بِتبادل ذات المشاعر لن أستطيع أن أقول فناً كفن مُصارحتكَ لكني أخفيتُ عيوني المُتفاجئة و قلتُ :
ماذا؟ ، هذا يعني....
_يعني أنا مُعجب بِكِ ، أنا مُعجب بِكِ "جونسي" .

اختفى في نطق تلك الكلمات ، اختفى كُل شيء ، اختفى البحر و رمله و الملاهي و أطفالها ، اختفى حتى ذلكَ الحب المُتبادل ، أين الغيوم التي كانت ترانا أين قماشتكَ و الفرشاة اين مَلامُحكَ التي كانت ملجأي للتأمل .
استيقظت للتو على إدراك عقلي الباطن أني عدتُ للواقع ، أهذا الواقع؟ ، لكن أين كنتُ للتو أكان كل هذا خيال بِخيال ، لم أصدق أن كان كل شيء فقط قصة خيالية في مدينة ذهني ، من شدة وحدتي رسمتُكَ بِداخلي لكي تنقذني من الوحدة بِالخيال ، أريدُ بشدة العودة لذلكَ الحلم أو أن أرى ذلك الذي اعترفَ بِحُبه لي للتو ، لم استطع حتى الاعتراف بِتبادل ذات المشاعر ، هذا الجسد الذي املكُه مُتقبل للواقع لدرجة أنه لم يجعل نهاية حلمي سعيدة ، لا أريد العودة لكي لا أكره كِلا الحلم و الواقع ، لكنني حقاً أحببتُكَ و شعرتُ بِعمق حبي الدافئ لكَ ، كنتَ دافئ كما لو أنكَ في الحقيقة ، أن كنتَ حقيقي فعلاً تعال أنتَ و اصحابُكَ اللوحة و الفرشاة أنا هنا أنتظرُ في عزلةِ لقائنا الخيالي .

Relax || ✓Où les histoires vivent. Découvrez maintenant