الفصل السادس والخمسون ( القسم الأول

Start from the beginning
                                    

أخبره بأنه يمتلك شقة في محافظة الاسكندرية و سيذهب ليختبئ بها وبعدها سيتم ترحيله الى خارج البلاد لكي يبتعد نهائيا عن العائلة ولا يكشف أمره ، و رغم اعتراض سليم الأولي لأنه لا يستطيع ترك أخيه إلا ان عادل أقنعه بأنه سيتحمل كافة مسؤولياته من بعد الآن و فعلا هرب الأخير للإسكندرية و بدأ يجهز في أوراق السفر وهو يكاد لا يتخلص من عذاب الضمير بعدما كان سيتسبب في موت ذلك الرجل الطيب.
و بعد مرور أسبوع اتصل سليم بعادل و قال له :
- يا فندم انا مش قادر اسكت اكتر من كده بقالي كتير مش قادر انام من ضميري و الكوابيس اللي بتجيلي و عايز اواجه عمار بيه و اعترفله بكل حاجة.

حينها كادت تتوقف نبضات عادل وهو يهدر بعصبية :
- انت اتجننت ايه اللي بتقوله ده !
- متقلقش انا مش هعترف عليك هكدب و اقول اني تبع واحد من المنافسين و عملت كده عشان اشغلك عن الشركة و اقسم بربي مش هجيب سيرتك حتى لو هموت.

ضرب الآخر يده على الطاولة مزمجرا بحدة ثم أغمض عيناه محاولا تهدئة نفسه ليتمتم :
- سليم انت دلوقتي مش عارف نفسك بتعمل ايه من الخوف اهدا شويا و ركز عمار مش هيرحمك لا انت ولا اخوك و هيأذيك ... انا فاهمك كويس و عارف حاسس ب إيه و عارف كمان انك هتندم ع اللي بتقوله لما تصحى ع نفسك ... انا حجزت تيكيت من مطار القاهرة و سفريتك هتبقى بكره بليل تعالى ليا عشان افهم ايه مشكلتك ولو مقتنعتش ساعتها اعمل ما بدالك ماشي.

اقتنع سليم بصعوبة ثم أخبره بأنه يحتاج لأدويته و قطرات العيون التي يستخدمها من أجل القيادة الليلية لينبهه عادل بعدم الخروج من المنزل و سيرسل له هو كافة ما يحتاجه.
كان الأخير يدرك جيدا بأن الرجل الوفي لم يعد كذلك و قد أدرك هذا جيدا لذلك ليس لديه حل آخر للنجاة سوى ... التخلص منه !
و لأنه على علم بحالة سليم الصحية استطاع ايجاد فكرة ممتازة لقتله وهي وضع مادة تشوش الرؤية داخل عبوات قطرات الأعين و أرسلها له مع أحد رجاله ... لم يكن متأكدا من اذا كان مساعده سيتعرض لحادث أم لا و لأول مرة قرر الاعتماد على حظه و بالفعل نجحت خطته و انقلبت سيارة سليم في حادث مروع أدى لفقدانه لحياته.

و في النهاية وقف على قبره متأسفا لأنه اضطر على قتل الرجل الذي كان يعتبره كولد له و لكن الخطأ ليس منه هو لم يجعل سليم يخونه و يحيد عن طريقه لذلك فإنه يستحق عقاب الموت ! )

كل هذه الأحداث مرت على ذاكرته بشكل سريع كمقطع فيديو تعاد مشاهدته سطحيا بينما يجلس على الكرسي مقابل الحاسوب و يستمع لكلام عمار :
"- اعتقد مفيش داعي نخبي اكتر من كده اللعب بقى ع المكشوف و انا عارف كل اللي عملته و اللي خليت سليم يعمله قبل ما تقتله بس مادام وصلت بيك الحقارة للدرجة ديه يبقى لازم اقولك حاجة ... انا لسه موصلتلكش ومعرفتش انت مين وليه بتعمل كده بس وربي هلاقيك اقسم بالله هعرف اوصلك و ساعتها ... موتك هيبقى ع ايدي !!"

احمرت عيناه مبتسما كالمختل وهو يستمع لتهديد هذا الشاب الذي استيقظ من غفوته أخيرا ، لقد كان عادل يشك في موضوع معرفته بكل شيء و ككل مرة اتضح أن شكوكه صحيحة تلك الغبية اعترفت لعمار بأمر التسمم فبدأ رحلة البحث عن الفاعل من خلال تمثيله بأنه لا يعرف شيئا ثم مراقبة سليم الذي أوصل لها قطع الشوكولاطة بنفسه ذلك اليوم و في اثناء فعله لذلك وثع بفخه و اتهم الشخص الخطأ و عندما أفاق كان الأوان قد فات لأن كل الدلائل اختفت حتى الطبيب لن يفيده بشيء من الأساس لأنه لا يعرف هوية المسؤول الحقيقي عن كل هذا.

تنهد عادل بسخرية وهو يرى أنه قد تم قطع الإتصال مما يعني بأن عمار نزع جهاز التنصت الذي كان يزرعه في شقته ، هل يظن ذلك الأحمق بأن هذا سيفرق لديه ألا يعلم بأن لا شيء يوقفه بطريقه لتحقيق أهدافه !
ابتسم باِستمتاع قائلا :
- يعني فاكر انك هتقدر تقف ضدي بس مع الاسف لا انت ولا ابوك هتعرفو توصلولي لأن الفارق بيننا ان انا بعرفك و عايش معاك و فاهم كل خطوة هتعملها لانك ابن الست اللي حافظها اكتر من نفسي وانت نسخة طبق الاصل عنها في تصرفاتها و ردود افعالها بس انت مبتعرفنيش و معندكش فكرة عن هويتي اساسا..
و زي ما قولتلك اللعب بقى ع المكشوف دلوقتي و هنتسلى كتير.

_________________
جلست على الأريكة مسندة رأسها على كف يدها وهي تراقب عمار الذي جن جنونه و حطم جهاز التنصت بعدما واجه ذلك المجرم و هدده بطريقة مباشرة ، لا تصدق أن هناك شخصا بهذا الخبث و الدهاء ان مريم لا تستوعب لحد الآن كيف يكون الشخص المجهول متقدما عنهم بخطوات إضافية دائما.
هل يعقل أن يكون قريبا من العائلة و الشركة بهذا القدر الذي يجعله يتوقع الحدث قبل حصوله ؟  و لكن من هو ولماذا يفعل كل هذا !

زفرت مريم بإرهاق فاِنتبه عمار اليها و انتابه شعور بالشفقة عليها فذهب ليجلس بجانبها و قال محاولا إخراج صوته هادئا قدر الإمكان :
- انا عارف انتي بتفكري ف ايه دلوقتي بس خلاص مبقيناش مضطرين نعمل نفسنا مش فاهمين اللي بيحصل ع الاقل انتي مبقتيش مضطرة تنامي فمكان انتي مراقبة فيه.

زمت شفتها و هتفت بخفوت :
- بس هفضل عايشة لوحدي فنفس الشقة اللي دخلولها من قبل و اتسممت فيها كمان.
- مفيش داعي تقلقي الحراسة هنا مشددة حطيت كمان bodyguard فالشقة اللي قصادك مباشرة محدش بيقدر يقرب عليكي ومع ذلك لو خايفة انا هجبلك شقة تانية اا...

قاطعته الأخرى مضيقة عينيها :
- عمار انت مش فاهمني انا بتكلم عن اني لحد دلوقتي مش عارفة مين اللي بسببه خسرت ابني و سنين من حياتي ضيعتها في كرهك ع الفاضي معقول الشخص ده بيكرهك لدرجة يأذي اي واحد قريب ليك طيب اشمعنا انا ليه مأذاش حد من عيلتك ابوك مثلا ولا مراته ولا ... بنت عمك بما انها غالية عليك هي كمان.

نطقت بالجملة الأخيرة ممتعضة ولكن عمار كان و كأنه تنبه لشيء لم يفكر به من قبل ، صحيح هذا العدو لماذا لم يسبب أذى لفرد من عائلة البحيري بصفة مباشرة و ذهب مباشرة لزوجته حسنا من الممكن أن يكون قد استغل ضعف مريم من أجل قهره بأكثر طريقة سهلة و لكن لِمَ لم يمس عائلته بسوء بعد غيابها و كأنه ... كان يريد ابتعادها عنه هي بالذات !
شرد في أفكاره ولم يلحظ شحوب وجهه وهو يفكر في احتمال ... ان يكون المجرم فردا من العائلة نفسها !
_______________
ستووب انتهى البارت
عارفة انه قصير بس ده اللي قدرت اكتبه في خلال يومين اضافة ل ان عندنا حالة وفاة ادعو للمتوفي بالرحمة فضلا وليس أمرا.

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now