بيـن أزهـار الساكـورا || Between Sakura 🍁

[13]

_ هل تريدين القدوم لمنزلي؟
اعترتْ الصدمة ملامح وجه رين التي بدأتْ تسعُل بعدما أخرجتْ المصاصة من فمها.

انتبه هاروكي إلى ما قاله للتو وظنَّ أنها ربما قد فهمتْ قصده بشكلٍ خاطئ، فراح يُصحح سريعًا: "أقصد لتناول العشاء. أنتِ لم تأكلي شيئًا طوال اليوم، لنتناول الطعام سويًا. أنا سأطبخ."

حاولتْ رين السيطرة على سُعالها الذي تضاءل ثم اختفى بعد ثوانٍ، وقالتْ مُستعيدة نبرتها الاعتيادية: "هل أنتَ طباخٌ ماهر؟"
_ بالطبع.
= كم تُعطي لنفسك من عشرة؟
همهم مُفكرًا ثم نظر إليها مُبتسمًا: "مئة من عشرة."
رفعتْ حاجبيها دهشةً: "واثقٌ للغاية!"
_ إنه أحد نقاط قوتي.
= لا بأس، لنذهب.
ابتسم ثانيةً وشغَّل مُحرك السيارة وانطلق قاصدًا منزله.

منزله يقع في حيٍّ هادئ من طوكيو على الرغم من كونها العاصمة المُزدحمة ذات الكثافة السكانية الكبيرة. كانتْ شقته في الطابق الثاني من بنايةٍ تتألَّـفُ من تسعِ طوابق.
وقف عند الباب وهي خلفه وقد لاحظتْ شبح ابتسامةٍ على وجهه بينما يضع كلمة السر.

لا يمكنها حقًا منع نفسها من الأفكار السيئة: ماذا إن كان خلف هذا الوجه الهادئ قاتل مُتسلسل مجنون، أو تاجر أعضاء بشرية، أو مُغتصبًا؟ ماذا إن لم يكن ابن السيدة كازومي أصلًا؟ ماذا إن كان أحد أولائك المهووسين، تابع حركاتها ووجد في ذلك اليوم، حينما خرجتْ في الموعد المدبر، فرصة للاقترابِ وتنفيذ خطته؟ ربما اختطف هاروكي الحقيقيّ، وهو الآن مُحتجزٌ في مكانٍ ما!

كانتْ لتُضيف المزيد والمزيد من الاحتمالات لولا ذلك الذي أفاقها سريعًا بصوته: "رين! هل أنتِ بخير؟"
استفاقتْ فجأةً من اللامكان، حيث كانتْ، ونظرتْ له لثوانٍ مُهمهمة.
حثَّها على الدخول فاستجابتْ بعد تردد. أشعل الأضواء لتُنار الشقة كاملة، ولقد كانتْ ألوانها تتدرج بين الدرجات الرمادية والبنية بشكلٍ مُتناسقٍ يبعث على الراحةِ للعينين.

بالنظر إليها ليستْ بالشقةِ الكيبرة، أول ما يواجهك عند الباب هي تلك الصالة المُدرجَة مع المطبخ، وهُناك ممر يقودك للحمام على يمين المطبخ، أما باب غُرفة النوم فهو مُلاصقٌ تقريبًا لباب المنزل، مما يجعلها خلفك حالما تدخل.

طلب هاروكي من رين الجلوس على أحد الكراسي وبدأ بإخراج ما يحتاجه من أدواتٍ وموارد لإعداد الطعام.

كانتْ تُراقبه بصمتٍ وهو يبدو مُنفصلًا تمامًا عن العالم الخارجيّ يصبُّ جلَّ اهتمامه على ما يفعله.

حينما تراقبه هكذا تشعُر أنَّ الاهتمام والتفاني جزء من تكوينه، فعندما تتحدث يُنصت إليها بتركيزٍ شديد، وعندما يتكلم يحرص على إيصال ما يرغب به بدقةٍ، حتى قيادته مثاليةٌ ويولي الطريق أهمية بالغة، وهو الآن يُعامل الطبخ كأمرٍ مُقدَّس.