١٨

2.7K 173 11
                                    

١٨
وكأنها عذراء
أسما السيد
#########

أسبوع مر، لم تر روضه فيهما فارس، حبيسه غرفتها بتلك المشفي حيث تركها هكذا بلا وداع أو كلمه طيبه تطيب جراحها، وتهون بها انتظارها له،  اسبوع دموعها لم تجف ،تبكي ليل نهار كالاطفال، ولولا تلك الممرضه التي دفع لها فارس من قبل رحيله كالمجنون، كي تعتني بها، لجنت من وحدتها، وخوفها، الممرضه عزيزه كانت حنونه بصدق، وتحاول التخفيف عنها وتختلق الأعذار له فتقتنع قليلا، ويهدا قلبها، وتتجدد آمالها بالانتظار ، ولكن ما أن ترحل بعد مناوبتها تعود لحالها
حتي النوم باتت تخشى منه، من كثره الكوابيس، والأحلام التي تقتحم احلامها، والتي انصبت جميعها به، تراه باحلامها يصارع اخر يشبهه، وكأنه بصراع مع نفسه ، تحاول الوصول له، ولكنه بعيد، محاط بأسلاك شائكه، صنعها بنفسه
فتنهض صارخه تعاني من نوبات صداع قاتله، بالفتره الاخيره من بعد فراقه، وهي تجاهد طيله الوقت لتتذكر، مؤكد هناك أحد يفتقدها
ايعقل أن تكون ب لا اهل، بلا هويه، تفكر باستمرار، ماذا لو لم يعد فارسها الحنون؟
كيف ستعيش باقي حياتها وحيده هكذا؟
انكمشت على حالها، وعاودت البكاء، وهي تغمض عيناها، وتستحضر صورته الاخيره وابتسامته أمام عينيها، وتبدأ بعتابها اليومي له، وكانه اتي أخيرا ، الان هو أمامها، تسأله بحزن عميق:
_ لما تركتني هنا الا تعلم اني وحيده بدونك هنا، الم اخبرك أن تتركني معك
فتحت عيناها، وقد استخدمت بحلقها تلك الفضه مجدداً ،وسؤال وحيد يردده عقلها، ولا يجرؤ لسانها علي لفظه:
( لما  تركها، وهل حدث له شيء، وهل ستقضي باقي عمرها حبيسة تلك الغرفه البائسه البارده؟
وكيف ستخرج من هنا؟)
الي هنا، وعاودت البكاء بمراره علي وحدتها، وهي تتمني بصدق لو ماتت بتلك الحادثه وما قابلته، وما تعلق هذا القلب الطفولي به كما تخبرها عزيزه الممرضه
وعلي ذكر عزيزه، دخلت كعادتها المرحه، بذلك الوقت تبتسم وتضحك لها، مردده ذلك الاسم الذي خصصها به قبل الرحيل:
_ ملاكنا الحلو مكشر ليه بقي، كلك  عاوزه حضرة الظابط القمور الحليوه يعاقبنا كلنا ولا ايه بقي
تبدلت ملامح روضه الباكيه، لآخري متجهمه يشوبها الحده، دفعت عزيزه للضحك كالعاده، وهي تهتف بها؛
_ بريء يا بيه، اوعي تفهميني غلط، انا بس بنكشك، بس أن جيتي للحق بقي الواد مز، والمستشفي كلها بتحسدك عليه، دا انا مخلتش حد اعرف هنا، الا وحكيتله حكايتكم كلها
ابتلعت روضه غصتها، وادات وجهها تخفي دموعها، هي تعلم أن عزيزه تخفف عنها ليس الا، فمن سيغير منها، وهي هنا، وهو مفارق لها منذ اسبوع، ولم يهتم لامرها، بالاخير نطق الحقيقه تلك الماكره، واعترفت بأن لسانها الفالت هذا، هو السبب، مؤكد لقد اصابتها عين احداهن، واللعنه علي عزيزه وافعالها
يد عزيزه الحانيه، هي من أشعلت فتيل بكائها مجددا، فاندفعت روضه لاحضانها وقد انهارت حصونها، وطارت تلك الجبهه التي تصنعها علي عينيها حتي لا تنخرط بالبكاء كالعاده :
_ بردو مجاش، هو أنا هقضي عمري كله هنا يا عزيزه، انا ..انا خايفه اوي
ربتت عزيزه علي ظهرها، وهي تبتلع غصة حلقها عليها، لقد احبتها بصدق، وحالتها هذه تؤلم قلبها، هي أيضا بحيره من أمرها
من يري لهفته عليها، وخوفه بل وتلك الاموال التي اعطاها لها، وهو يهددها بكل غضب أن تعتني بها قبل رحيله حتي يأتي لها، لن يصدق أبدا أنه قد يفارقها يوما..هي متاكده ان هذا الشاب اصابه شيء، ام..
عضت شفتيها، تؤنب حالها، وهي تفكر انها قد تكون حسدتها، أو احداهن فعلت ممن قد حكت لها، هتفت بحيره:
_ يا حبيبتي الغايب حجته معاه، مش انا حكيتلك علي اللي حصل
عبست بوجهها، وهي تمسح وجهها بكف يدها بطفوليه، ولم تتحدث اكثر، دوما ما تذكرها عزيزه بما فعله، وعلي الأموال الكثيره التي تركها لها حتي تهتم بها، ومع تهديده لها أن تعتني بها
عقلها الصغير كما تخبرها عزيزه تشعر وكانه سينفجر، والف سؤال يجول بخاطرها، والف فكره راودتها عن حالته الان، وما قد يكون تعرض له

وكأنها عذراء(لم يلمسها أحد من قبل) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن