البارت الرابع عشر |لا تعرفني

538 26 10
                                    

حينما تدرك خسارتي جيدا، ستجوب البلدان بحثا عني، ستزور الكنائس و المعابد، ستنام على أرصفة الشوارع و تخييم على رؤوس الجبال... و حين تنصفك الصدفة و تقابلني ستظن أنك وجدتني، و عندما تتمعن النظر لي ستعلم أنك وجدت شخصا آخر عن الذي تريده...















فرنسا 10:00 صباحا...

" هيا أمي إتصلي بأبي إشتقت له... أريد أن أتكلم معه... هيا... "

في منزل راقي في إحدى شوارع باريس المعروفة،كان ذلك الطفل الذي لا يتجاوز عمره الخمس سنوات يتبع أمه أينما ذهبت ،يطلب منها بإصرار أن تتصل بوالده...
كانت تمشي في أرجاء المنزل تأخذ ألعابه الملقاة على الأرضية بإهمال،تحاول أن تمسك أعصابها بقوة...

" حسناااا... كفاك صراخ سأتصل به بعد قليل،خذ مكانك على الأريكة و كن مطيعا... أسرع... "

أومئ الطفل بسعادة،ليذهب راكضا نحو الأريكة ينتظر من أمه أن تتصل بوالده...

دقائق فقط و جائت والدته تجلس بجانبه،تحمل الهاتف لتتصل،لكن قبل أن تجري المكالمة تلفضت بحزم...

" إياك و الحديث عما يدور بيننا،إنه سر بيني و بينك... هل إتفقنا، و إلا لن أتصل "

أخبرت الأم الطفل بشرطها،ليهز رأسه موافقا، و يقترب منها يضع أذنه على سماعة الهاتف منتظرا صوت والده...

كانت خمس ثوان بالظبط، ليرد بعدها...

" أهلا طفلي ،كيف حالك... "

دخل ذلك الصوت الخشن مسامع ذلك الطفل ليبتسم و تلمع أعينه...

" أنا بخير أبي، كيف عرفت أنني المتصل..."

تسائل الطفل ببرائة،ليجبه الآخر و الضحكة تتخلل صوته...

" يمكن أن يكون إحساسا... دعنا من هذا أخبرني عنك، هل تشتاق لي... "

كان هذا السؤال المنتظر ليبدأ الطفل حديثه الشيق...

" نعم أبي ،إشتقت لك كثيرا ،لم أرك منذ مدة،ألن تأتي لتراني... تقول أمي دائما أنك مشغول و لديك أعمال كثيرة،لكني أشتاق لك و أريد أن تأتي عندنا... "

صوت الطفل الهادئ الذي تخطيه بحة البكاك،جعل من كيان الآخر يتهدم... ليجيبه بنبرة هادئة مستبشرة...

" آسف طفلي، لقد تأخرت هذه المرة بالفعل،لكن أعدك سأراك و نلتقي قريبا، لا تنسى أنني أحبك.... إعطي الهاتف لوالدتك... "

الدخيلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن