الرسالة الثانية : أسى

101 14 10
                                    

-

إلى عزيزى المجهول

يوم آخر وعيناي تبحث عن وجه آخر لنسج قصه جديده لأتوقع إن كانت قصتي صائبه أم من وحي خيالي فحسب؟

أتمني أن تصلك رسائلي وتستطيع التجديف مع أمواج أفكاري العاليه.

"كوبان القهوه"
وضع النادل الكوبان علي الطاوله لتقع عيناي علي أظافره المصابه والتي بدي أنه يقضمها كثيرا لشعوره الدائم بالتوتر، ولكن ما لفت إنتباهي تلك الإسواره الملتفه حول معصمه حامله ميداليه عليها صوره فتاه شابه لأعاود النظر بوجه النادل الذي بدي عليه السير بنهايه الأربعينات ورغم تلك العلامات إبتسم بوجهي وكأنه يعرفني.

هل المتوفاه زوجته؟

لا فهو لا يرتديه ومن يفقد زوجته يظل مرتدي خاتمه، هل إنفصل الزوجين؟ لا أعلم فكل منا يملك عاداته بالزواج لا يفهمها الأخرون.

إذن إنها إبنته

كانت كل ما يملك، داليا
وحيده جاسر و يارا، جاسر العامل بأشهر مقاهي القاهرة، ويارا التي تعمل معلمه رسم بمدرسه داليا للثانويه.

"بالتأكيد سأتِ معكِ لزيارتها، سأذهب الأن لشراء الزهور عليك فقط إرتداء زي تحبه حتي يكون اليوم مميز"
تحدث إلي زوجته أو طليقته لا أستطيع تحديد حياته علي الرغم من إحتسائي لخامس رشفه من القهوه، عادت عيناي لترقب تصرفات جاسر المتمسك بحبال السعاده رغم صراخ عيناه بالوحدة والخسارة.

"لن تعلمني كيف أرتدي وكيف أتصرف لطالما أحبت داليا كافه تفاصيلي عن حبها لك، لم تكن بجانبها عند تعرضها لكل تلك الصدمات النفسيه"
صوت صراخها بالهاتف جعله يغمض عينيه سامحا لدموعه بالهطول علي وجنتيه حتي لا ينفجر باكياً وسط العاملين.

"رجاء لا تجعلي الأمور تزداد سوءاً، يكفي عجزي عن الخلود إلي النوم كل يوم، يكفي بأنني لم أخبرها بأنني أسف حتي أنال راحتي بعد رحيلها"

"حتي إن سمعت أسفك، فلن تتركك براحه، أشكرها علي تركك تعاني حتي بعد مرور ثلاث سنوات، ستظل دوما غارق بالندم منتظر من ينقذك ولكن ستستمر في الغرق حتي الموت"
صراخها أخذ يعلو حتي أغلق الهاتف متخذ نفس عميق إلي أن إتجه نحو رئيس الندلاء قائلا:

"سيدي علي الرحيل فاليوم كما تعلم، علي زياره داليا"

"لا بأس إذهب"
ربت علي كتفه لينزع الزي الخاص بالمقهي ليهم بالرحيل ركضاً

"إذن هل نذهب لمعرفه إن كانت مخيلتك صحيحه أم خاطئه؟"
قطعت شرودي بجاسر تساؤل ليلي التي تنظر إلي بإبتسامه هادئه لأحاول التركيز فيما قالته

"أ..أجل"
تمتمت لتنهض لألحقها وبخطوات هادئه أتجهنا نحو رئيس الندلاء، تحدث كليهما بعيدا بينما بقيت علي بعد خطوات صغيره منهما إلي أن وقع علي مسمعي.

"إبنته داليا توفت بعد معاناه مع السرطان بالرئه وهي بنهاية مرحلة الثانوية، كانت محبوبه من قبل الجميع، ولكن بعد وفاتها لم تستوعب والدتها الصدمه مما جعل جاسر يضعها بمصحه للأمراض العقليه، وبكل عام يذهب لإصطحابها لزيارة إبنتهما"
إغرورقت عيناي بالدموع لسبب أجهله، لم أتوقع بأن القصه المأساويه التي وضعتها مخيلتي أن تكون حقيقيه لدرجه مؤلمه

"فليكون الرب معه ومع زوجته"
أنهت ليلي حديثها مع كبير الندلاء لتقترب مني لأشير لها بيدي بألا تتحدث لتمسك بيدي كي نعود إلي المنزل.

لا أعلم ما هي رسالتي لك اليوم عزيزي المجهول، لما شعرت بأنني فقدت شيء ما ولكن أجهل ما هو؟

أهو أنت وعقلي لا يتذكرك، أم شيء بمثابه إبن أو إبنه؟

شيء ما وغز فؤادي، كنت أتمني وجودك بجانبي كي تهديء من روعي، فلا أحد يشعر بما بداخلك سوي من يهواك، ولا يخرجك من حجرتك المظلمه سوي كلماتهم المضيئه للتلك العتمه المميته.

فهل تهواني ياعزيزي؟ هل ستأتِ لإنتشالي من الظلام المخيف الذي يحاوطني؟

محبوبتك سارة.

-

إلى عزيزى المجهول.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن