٣

4.4K 62 11
                                    

ناظرت فيه أمه بعدم إستيعاب ، وابتسم رغم تآكل قلبه من الضيق وهو بنفسه مو مستوعب اللي قاعد يقوله.
كمل بهدوء : ادري وش بتقولين، وورد اللي انتظرتها كل هالسنين ؟ ورد راحت بنصيبها يمه ، ونوف طلعت من السجن وتطلقت من بتال ، وانتي عارفة كلام الناس ، ماتركوا كلمة ماقالوها بعرضها يوم انسجنت ، والحين تطلقت ، الناس بتتكلم زود ، وانا مايرضيني هالشيء ، نوف محسوبة علينا ومابقى لها غيري ، بتال ما منّه رجا .

ورد ، دخلت بـيت أبو بتال بخطوات حذرة وراجفة، تس انها تمشي على شوك وخطواتها تردّها مليون خطوة للخلف ، انعدم الهوى من صدرها لما شافتهم متجمعين ويناظرون فيها ، حسّت بينها وبين الهوى مليون بـاب وأنجبرت تبتسم لما قال بتال بصوت جهوري : حياك ياورد ، البيت بيتك
تقدمت لهم وسلمّت على ابو بتال وهي ترجف خوف ، ماكانت عارفة كيف يناظر فيها بعد اللي صار كلّه ، وبعد مااخذت مكان بنت اخوه ، سلمت على امه وخواته اللي ماحسسّوها بشيء غريب ابداً وهذا الشيء ريّحها شوي .
بتال : يالله عن اذنكم بنرتاح شوي
أم بتال : وين على الله، تغدوا معانا
بتال : تعبانين يمه من الصبح وحنا رايحين جايين ، نشوفكم على العشاء بأذن الله ، يالله ورد
رجعت له ومشت معاه ، صعد فيها وأختفت عن أنظارهم.
ليـان جلست وهي متضايقة : حرام ، كسرت خاطري
مجد : صدق تكسر الخاطر، صغيرة حيل تحسينها ماتدري وين مصلحتها
ابو بتـال اللي تغيّرت نظرته عنها بعد ماشافها تنهد بضيق : لاحول ولا قوة الا بالله ، حرام بنيّة مثل هذي تعيش اللي عاشته، وربك ماحطها الا بين بتال وسند .
ام بتال : ياهنيّها يوم الله حطها عند بتال ، ولدي رجـال وقف معاها وقفة تذكرها طول عمرها !
ابو بتال : وولدك ارخص بنت عمه بعد ، ماصدق على الله تطلب الطلاق !
ليان : انت قلتها ، هي طلبت الطلاق وهو مستحيل يذل نفسه اكثر ، انت تدري كم مرة اهانته نوف وارخصته ، واصلاً نوف هي سبب المشاكل كلها.


الساعه 8 اللـيل ؛
طلع سند من بيت أهله ، وأتجه لبيت نوف ، وطلعوا من وراه جواهر وذكرى ، ركبوا مع السواق وكانت وجهتهـم للمستشفى.
جواهر بربكة : ياذكرى تكفين تراجعي، حرام عليك والله حرام
ذكرى : خلاص انا قررت ياجواهر، واستخرت اكثر من مرة
جواهر : ما فكرتي بأمي ؟ وش بيصير لها لو عرفت ؟
ذكرى : امي طول عمرها تحب الخير للناس ماراح تزعل
جواهر : طيب اذا لاسمح الله صار لك شيء وش بنسوي
ذكرى عصبت : جواهر خلاص لاتزيدينها علي، جايبتك توقفين معي مو تخوفينيِ
جواهر : طيب ، طيب ماراح اتكلم بس الله يستر.
وصلوا للمستشفى ، نزلوا وجواهر كل مالها تخاف اكثر وتدعي ، كان عندها حلول كثيرة علشان تمنع ذكرى لكن ماقدرت ، وقفت ذكرى عند الرسبشن وقدمت بياناتها ووقعت على بعض الأوراق وأتجهت مع الممرضة لأحد الغرف ، وكانت متأكدة من وجود سـياف وكانت تدعي من قلب إن محد يتبرع لحاتم غـيرها ..

سـيّاف ؛ بلغوه بوصول المتبرعة وطلـع كانت هالمرة غير عن كلّ المرات ، رغم نجاح الفحوصات الا انه ما أرتـاح
على كثر خوفه وأيّام الشقاء اللي عاشها مع أخوه ماكانت مثل هذا اليوم الثقيل ، دخل غرفة الفحص وطاحت عينه عليها ، من الوهلة الأولى ماعرفها وأبتسم لها ابتسامة خاطفة ، وما أن ناظرت فيه حتى تلاشت إبتسامته
عرفـها ، وحسّ انه بيطيح من صدمته ، لكن تمـاسك
عقد حواجبه بتعجّب لما قالت الممرضة : هذي المتبرعة
ذكرى وقفت وهي منزلة راسها ومتوترة من نظراته ، سيّاف اخذ نفس عميق وهمس بضيق : ليش ؟
ذكرى : وش اللي ليش ؟
سيّاف : ليش بتتبرعين
ذكرى بتعجب : وليش انت مستغرب ؟
سياف سكت، ماهو عارف كيف يوصل لها شعوره ، كان وجود الممرضة مسبب له عائق ، تقدم لذكرى ومسك يدها وسحبها معاه ، طلع فيها بأقصى سرعه لين وقفها عند البوّابه وقال بحدة : غلط اللي تسوينه ، أرجعي بيتكم
ذكرى بصدمة : لحظة انا مو فاهمة ، يعني مو مستانس إنك لقيت احد يساعد اخوك ؟
سياف بقلّة صبر : ذكرى ، اللي يبي يتبرع لازم يكون قادر نفسياً وجسدياً
ذكرى من الصدمة والإستغراب ضحكت : مو طبيعي ، فيك شيء انت؟ الحين اخوك بين الحياة والموت وفاضي تتناقش ، شرايك اجيب لك قهوة ونجلس نسولف ؟ ترا ماورانا شيء فاضين !
تغيّرت ملامحها للجدية وقالت بحدة : مالك دخل ، احمد ربك احسن !
مشت من عنده وتركته بصدمته ، ماتوقّع منها هالحركة ولايبيها منها رغم صعوبة وضع اخوه ، لكن ماهان عليه تكون ذكرى هي المتبرعة ، تذكّر وضع امها وحز بخـاطره ، إتجه للأمن وبلّغهم بوجود بنت وضعها مُريب ومشكوك فيه ، ورجعوا معاه لنفس الغرفة ، دخلوا وكانت ذكرى توها جالسة وخافت لما شافته يدخل وهم وراه، ووقفت من جديد.
سيّاف بتمثيل : هذي البنت ، شكلها مجنونة ، قاعدة تصارخ بالممرات وتسوي حركات غريبة ، ياخي هذا مستشفى له إحترامه ، طلعوها بسرعة !
الحارس : لو سمحتي أختي، تفضلي معانا
توسّعت عيون ذكرى بصدمة وقالت بصوت خافت : لحظة لحظة ، قاعد يتبلى علي الغبي هذا ، وربي مافي مجنون بهالمكان الا هو
الحارس بأستغراب : لو سمحتي !
ذكرى : انا متبرعة وتفاصيلي كلها موجودة هنا تقدر تشوفها وتعرف من الغبي والمجنون بهالغرفة ، طبعاً واضح مين مايحتاج اقول !
سياف : لو سمحت طلعها برا ، ماحد له خلق لها
دخلت جواهر وكانت سامعة كل كلامهم والربكة لاعبه فيها وخايفة أحد يكشفهم قبل تتمّة العملية .
ذكرى : ها شوفوا هذي اختي جت تشهد لي ، تعالي جواهر علميهم اني جايّة اتبرع مو ألعب
جواهر : لو سمحتي لاتكذبين ، انا مو اختك ، بعدين اسمي مو جواهر ، وش ذا مجنونة انتي ؟ الله لايبلانا .
طلعت جواهر وتركت ذكرى بــصــدمــة عمــيقة ، ناظرت لسيّاف وكان مبتسم إبتسامة جانبية دليل الشماتة ، ماعصبّت لإنه تبلى عليها كثر ماعصبّها رفضه المُبالغ فيه لشيء هو أكثر إنسان محتاجه .
تجاهلتهم وطلعت بخطوات سريعة ودموع القهر بعينها ، نفسها تقتل جواهر وترتاح، كانت حاسة إنها راح توقف بطريقها لكن ماتوقعت بهالطريقة، ولا توقعتها تكون ذهينة لهدرجة .
طلعت للشارع ووقفت وعينها عالحرس ، كانوا واقفين بطريقها ، بلعت غصّتها لما فقدت الأمل ، مشت وألف سؤال وسؤال يدور براسها ، سمعت صوت خطوات خلفها وألتفتت بسرعة ، شافت جواهر وبدون تردد هجمت عليها وضربتها بكل قوة وقالت بصوت مخنوق : الله ياخذك ياوجه النحس الله ياخذك !
جواهر رغم ألمها من الضربه ضحكت : الله يسامحك ، صدقيني هذي خيرة لأن كلنا استخرنا وربي ماكتب لك
ذكرى بقهر : وأنتي شدخلك ؟ انا ابي اتعب ، انا ابي اموت بالعملية انتي شدخلك ؟ الله ياخذك وياخذ سياف وياخذ اللي يبي يساعده ، دنيا غريبة وناس غبيّة !

نــوف ، طلعت من غرفتها على صوت الجرس يرنّ
دق قلبها بقوّة ، كانت متأكدة أن ماحد بيجي لها اليوم لإنها طلبت عمّتها ماتجي وتبلغ الجمـيع ، لكن من اللي مايفهم وزارها بوقت غلط ، أكثر وقت هي منـهارة فـيه ، وتفاصيل الجريمة أنعادت بكل لحظاتها من أول مادخلت بيتـها .
قررت ماتفتح الباب لأحد ، لكن زاد قرع الجرس وكأنه يتوّسل لها تفتح ، كانت خايفة وحـاسّة بجريمة ثانية راح تصير هالليلة.
وقفت خلف الباب وقالت بصوت هزيل : ميـن !
طال الصمت ثواني إلى ان وصلها صوت فخـم زلزل ثباتها : سنـد !
لصقت بالباب وأنتفض قلبها من الرعب ، ماشكّت ولا 1٪ بإنه جاي يقتلها كانت متأكــدة إنه ناوي فيها الشرّ .
سـند اللي كان عارف تفكيرها قال بهدوء : لو سمحتي نوف افتحي، جاي ابي اسولف معك بموضوع
نوف بصوت راجف : مابيني وبينك كـلام، روح ياسند اظن انا ويّاك مو ناقصين مشاكل ووجع راس!
سند حسّ بنفاذ صبره وقال بتسليك : أفتحي الحين وخليني أعلمك وش جاي له
نوف بذُعر : جاي تقتلني ؟
سند بصدمة : أقتلك؟ لا لا ارتاحي ، حنا نخاف من الله ونرحم البشر .. فكي الباب يانوف ، شينة ترا وقفتي كذا !
نوف : ماني مرتاحة لك، طيب جيب احد معك من خواتك!
سـند : نوف ، على فكرة ترا بيتك مراقب بالكاميرات بعد الحادثة، ولو بسوي جريمة بسويها هالحين وانا مراقب بعد ؟ افتحي افتحي حسبي الله عليك ، ماوصلنا لهالمواصيل الا حبك الغريب هذا ..
طال صمـتها ، وكمّل سند بإبتسامة مُنهكه : الله يهداك في احد يحب كذا ؟ شكلك تتابعين أفلام واجـد ، بس ماعليه
تنهّد بضــيق : صار اللي صـار.. افتحي الباب
نوف حسّت براحة بعد كلامه الأخير ، بغض النظر عن تأكدها انه مستحيل ومن سابع المستحيلات وأصعبها إنه ينسى ويستسلم بكل هالسهولة، لكنّها تأكدت من نيّته وانه مستحيل يضرها بهاللحظة ، فتحت الباب وطاحت عينها بعـينه .

سحابة لو حملت جبال و حلوة لو شربت المُر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن