٢

4.8K 70 17
                                    


سيّـاف :
مرّ طيف أمه واخوه قبال عيـنه ، شد على السكين اللي بيدّه
ورجع خطـوه وبرجعتـه أرتفعت أصوات الشرطه بالحيّ كله
أظـلم بعيونه كل شيء وحسّ نهايته أقرب من إنه يلقى مهرب ومنفذ أو منـقذ ، ألتفت لهـا وقال بحده : قتلتيها يانوف ! ماكفــاك اخــوي ! والله ماخليك ، والله لأرجـع لك
ساقته رجوله بكل سرعه للمـطبخ وكأنها تدل المكان ، كان ناوي يتخبّى ماتـوقع انه يلقى باب ، فتحه بسرعه وبدون تفكير ، شاف مستودع صغير وفيه أغراض ، رفع ثوبه وربطه وثبّت السكين فيه ، ركب فوق الرفوف الين مسك الجدار ونط من فوقـه للبيت المجاور ، ولمستودع يشبه مستودع بيت نـوف .
قرّب للباب وكان فيه فتحه صغيره طلّ منها شاف مطبخ ، حاول يدخل لكن الباب مقفول من داخـل ، وقف ورغم قسوة البرد ماحسّ فيه من حر التوتـر ، سمع صوت بالمطبخ ورجع ناظر مره ثـانيه ، شاف هيّئـة بنت ، وسمع صوت من خارج المطبخ يناديها : ذكــرى ، تتوقعين ليش الشرطه موجوده
ردّت بكل برود : ماتوقع صاير شيء كبير لكن الا يخوفون العالم
الصوت : طيّب صحيني الفجر اذا كنتي صاحيه، تصبحين على خير.
سيّاف حسّ انتهى به المطـاف هنا ، خاف الشرطه يتتبعون أثـره وبدون مايتردد مسك كرتون مركون على احد الرفوف وضربه ع الأرض وتكسّر كل اللي فيـه.

وقف جنب الباب وسند نفسه بحيث إنها لما تفتح الباب ماتشوفه، فعلاً سمع صوت قفل الباب ينفتح وكتم أنفاسه ، سمع خطوات تقترب له ، وشافها بطرف عينه تتقدم وعيونها تتأمل الأغراض المتكسره وبرمشة عينه سحبها وسد فمّها بكل قوته وكتم صرخاتها وهمس بإذنها : تكفـين يابنت الأجواد ساعديني، والله مابغيت بكم الضر ، لكن الضر بيلحقني لو ماساعدتيني،تكفين امي ماعندها غيـري ، أنا بوجــهك عن الضـيـم ياذكـرى !

ارتخت حركتها بين يدينه وامتلت يدّه بدموعها ، ارخى قبضته عليها وقال بصوت خافت : والله ماقصدت اخوفك.. بس ارحميني الله يرحم والديك.
ذكرى رغم رعبها اللي ماعاشته بحياتها كلّها ، ورغم رجفتها وتلعثمها ودموعها الغزيره ماترددت إنها تساعده بعد كلامه .
قالت بصوت باكي : خلك هنا ماراح ابلغ عنك
سيّاف وهو يحاول يكون هادي : لا، بيراقبون المكان ويلقوني، خبيني ببـيتك !
ذكرى ناظرت خلفها بتوّتر وقالت وهي تمسح دموعها : طيب ، طيب باخذك بس أحلف ، احلف انك مـ.
قاطعها بصوت صارم : أقسم باللي رفع سبع وأنزل سبع ماني متمادي وان كان احد شافني بسلّم نفسي على أني حرامي هايت سربوت .
ذكرى بربكه : يالله ادخل!

سـيّـاف :
دخل ورا ذكرى وقفّلت الباب ومشت قباله بخطوات سريعه
وهي ضامنه إن مافي احد قدامها وقالت بهمس : استعجل تكفى
صعدت وهو وراها لين وصلت غرفتها وفتحت له الباب
ودخل وقالت بصوت ماينسمع من رجفته : خلك هنا وانا بطلـ.
شافت السكين اللي بثوبه وغرقت عيونها من جديد : هذا إيش؟
سيّاف مافيه حيل يتكلم ويوضّح قال بتعب : يابنت الناس سالفه طويله لكن نذر الجريمه مالي يدّ فيها !
ذكرى حسّت انها طاحت بمصيبه كبيره ماهي عارفه كيف تطلع منّها بسلام، قطع تفكيرها صوت أنين جاي من غرفة امها
اللي قبال غرفتها ونست كل شيء وطلعت لها.
صرخت لما شافت وضعها ، كانت تنتفض من فوق لتحت
وحالتها مزريه جداً وكأنها تحتضر رفعت راسها وحاولت تناديها بصراخ ، لكن لا رد من امها سوى ان حالتها زادت سوء
وغمّضت عيونها وارتخت بيدين ذكرى .


ورد كانت تبكي بصـمت ، وعينها على نوف
وكل المشاعر السوداء تجمّعت بصدرها ، مابكت بعمرها وسنينها
مثل مابكت بهاللحظه ، ماتعرف وش مصيرها بعد هالليلة
ودّعت احلامها اللي ماحقّقت منها حلم ، ودّعت حـبها اللي ماجنت منه الا الحسرات وهذي أكبر مصيبه واجهتها بسبايب حبّها .. صارت قاتله وهي تحاول تنجو من القتل ، صارت مجرمه
وماكسبت من مسميّات الحياة الا مسمى مجرمه،
رغم ان اللي بينها وبين سند شيء وتفكير نوف شيء ثاني تماماً
الا انها عاشت ألم الفراق قبل يبـدا ..
سمعت صوت خطوات تقترب للباب ولا رفعت راسها ولا حرك فيها ساكن، ثواني ودخل عليها شخص ملثم بشماغه ، رفعت عيونها لعيونه وشافت فيها الصدمه العظيمه والرعب ، ماعرفت من يـكون وظلت تنزف دموع الألم والمآسي وأنفزعت لما قال بصوت مرعب : قتلتيها يانوف !
ماكفــاك اخــوي ! والله ماخليك والله لأرجـع لك !
دخل للمطبخ وهذا آخر علمها فيه، لكن تفكيـرها بكلامه صحاها من تفكيرها بالجريمه ، تردد في بالها " قتلتيها يانوف"؟
ثواني وسمعت صوت خطوات سريعه وكثيره ،شهقت لما دخلوا عليها رجال الشرطه ومدوا اسلحتهم بوجهها، وبان عليهم انصعقوا من المنظر تقدموا لها وهي دموعها تنزل بصمت ، تبلّدت لما عرفت إنها خسرت كلّ شـيء همست بتعب ونبرات مهزوزه : ماقتلتها، هي اللي قتلت حالها لما حاولت تتهجم علي، والله ما اكذب عليكم والله.
مسكوها بقوه وقال الضابط بقسـوه : اتصلوا بالإسعاف والجنايات
اعرفوا اسم القاتله والمقتوله !
وقف قبالها وقال بقسوه : وش اسمك؟
ورد بلع غصّتها وعيونها بعيونه وكرر بصرامه : وش أسمـك؟
خطت خطوه تعرف عواقبها ، عاشت أصعب لحظات حياتها
لما نطقت بكل ضعف : اسمي نوف بنت عبدالرحمن الجاسم..

ذكرى كانت تناظر لأمها مفزوعه ، وكيف ارتخت بين يدينها
برمشة عـين ، اومئت راسها بإستنكار وبكت بهستيريا : لا يمممه !
يمه ردي علي يمه تكفين
دخل سيّاف وهو سامع كل شيء ، وعدها مايتمادى لكن ماقدر انه مايساعدها وقف عند ذكرى ومسك معصم أمها وقاس نبضها وكان ضعيف جداً وقال بتوّتر و بصوت مرتفع علشان تسمعه : مافيها شيء !
قومي وارفعي رجولها ، يمكن عندها هبوط بالضغط
ناظرت فيه بعيون غرقانه ، غض البصر صدّ عنها وبلع ريقه مايدري وين حط حاله وكيف يخرجّ حاله ، وقفت ذكرى على سرير امها وعند رجولها ورفعتهم ، مرت دقيقتين ولا صحت أمها ولا تحرك لها ساكن، سيّاف جمع ايدينه على صدرها وبدأ يضغط في محاوله لإنعاش نبضها ، زادت شهقات ذكرى وهي تناديها وزاد توّتر سياف ، أتخذ قرار صعب بأقل من ثانيه وماتردد فيه ، شال شماغه وقرب لها ثواني وصرخت ذكرى : وش بـتسـوي !
سيّاف بحده : امك ماتتنفس ، بسوي لها تنفس صناعي
انهارت ذكرى على رجول امها ، بكت بشكل يحرق القلب وماكان من سيّاف الا انه يسوي لها التنفس الصناعي.
مرّت ستين ثانيه وبدت تتنّفس طبيعي ، اخذ قارورة مويا وصب في يده ومسح على وجهها لين غمضت عيونها بإنزعاج وفتحتها تدريجياً وابتسمت ذكرى بين دموعها ، وانسحب سيّاف بهدوء وقبل تستوعب ام سند ،رجع لغرفة ذكرى وهو مُنهك ، إتجه للشباك وناظر من خلف الستار وكان الوضع مستقره وهاديه جداً ومافي وجود لأي سيّارة شرطه او اسعاف ، فتح الباب بسرعه وطلع من غرفتها وكانت هي بوجهه وتمسح دموعها ولما شافته وقفت مكانها وبلعت غصتها .
سيّاف قال بهدوء : الحمدلله على سلامتها ، شوفي لي الطريق
ذكرى ماكانت قادره تردّ عليه ،لكنها استجمعت نفسها وقالت بصوت خافت : مشكور ..
سيّاف نزل راسه وسبقته ذكرى للمطبخ وهو وراها بحذر ، طلع للمستودع وتقفل الباب من وراه ، ومثل مادخل طـلع. •

ورد : اسمي نوف بنت عبدالرحمن الجاسم..
الضابط : والمقتوله شسمها؟
ورد بصوت مخنوق : اسمها ورد ، كانت خادمه عندي، وجايه تطالب بحقها ولما رفضت تهجمت علي، انتوا سمعتوا صوتي لما كلمتكم قبل شوي كيف كانت مجنونه وتبي تقتلني ، حتى شوف
مدرت له يدها اليمنى وكانت تنزف دم وساده نزيفها بيدها اليسرى ضاغطه على مكان الجرح ، كانت ترجف ودموعها مثل المطر همست : والله دافعت عن نفسي.. ماقتلتها
الضابط : خذوهـا للسجن ، وانقلوا المريضه للمستشفى بأسرع مايمكن
مشى خطوتين والتفت لورد وقال بشكّ : وين اهلها ورد ؟
ورد برعب : مالها، هي لقـيطه ، والله لقيطـ.
ماكملّت كلامها لانهم سحبوها بكل قوه وركبوها الدوريه واخذوها ، دقايق ووصلت الأسعاف وحملوا نـوف واخذوها للمستشفى. •

سحابة لو حملت جبال و حلوة لو شربت المُر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن