الفصل الثالث و الأربعون ( الجزء الأول ) : القرار لكِ.

Comenzar desde el principio
                                    

هز رأسه بمضض و لم تكن له القدرة على التعمق في هذا الموضوع أكثر فقال مغيرا مجرى الحديث وهو ينظر إلى الساعة :
- الساعة واحدة الفجر حضرتك صاحي ليه لحد دلوقتي في مشكلة تانية في الشغل.

فهم رأفت نيته وسايره فربت على كتفه مجيبا :
- فكرت اني اتكفل برحلة للأطفال اليتامى و كنت بناقش الموضوع ده مع عادل و طلبت منه يجمعلي أسامي دور الأيتام و عددهم عشان احدد الميزانية.

همهم عمار بشرود :
- وانا هساهم معاكم كمان ياريت متنقصوش حاجة عليهم.

- متقلقش احنا طول عمرنا بنعمل كده حتى مع الناس اللي مش محتاجة ... فاكر يا عمار كنت ابعتلك ايه كل اسبوع وانت في المدرسة الداخلية ليك انت و صحابك كانو يتبسطو اوي بالهدايا.
تمتم رأفت بعفوية متذكرا السنين الماضية ولم يدرك أنه مسَّ وترا شديد الحساسية عند عمار الذي تجمد للحظات قبل أن ينظر لوالده و يغمغم بنبرة رخيمة حملت داخلها جرحا لم يندمل بعد :
- بس انا مكنتش عايز هدايا و فلوس عشان غيري يشوف قد ايه عيلتي غنية و مكنتش عايز في ال weekend غير انك ترجعني ابات في بيتي وفي حضنك انت و لتيتا الله يرحمها ... و على فكرة الولاد دول كانو مصاحبيني علشان الهدايا و الفلوس اه بس ده مكنش يمنعهم يروحو لبيت أهاليهم في نهاية كل اسبوع و اقضي انا الويكاند لوحدي.

اختفت ابتسامته و انسحبت الدماء من وجهه فجأة عند سماع حديثه ، و اعتصر قلبه كما لم يفعل من قبل وهو يزم شفتاه بوجع و ندم تآكله من الداخل.
فأبعد عيناه عن خاصة ولده الذي نجح في إلقاء جمرات مشتعلة في صدره ثم قال :
- انا عارف اني جرحتك و ظلمتك اوي بس كنت مدمر بعد وفاة والدتك و لأسباب ...

قاطعه عمار بإنفعال خفيف :
- ايه الاسباب ديه اللي تخلي أب يبعد ابنه عنه في عز تعبه و احتياجه ليه حضرتك انا كمان كنت مدمر بعد أمي ما ماتت و كنت محتاج ليك جدا عشان تهون عليا و متحسسنيش باليتم بس انت ...
اذا كان انا لسه بحس بالحزن عشان البيبي اللي مات قبل ما يجي للدنيا وكل لما اشوف ولد صغير في الشارع اتخيله ابني و اتمنى لو قدرت اشوفه و المسه مرة واحدة بس ، يبقى ايه اللي هيخليك تبعدني عنك !!

لوهلة شعر أنه رأى عينا والده تدمعان و أحس بالندم لأنه تمادى في كلامه لكن صدقا هذا العبء أصبح يثقل كاهله بشدة تجعله عاجزا عن متابعة حياته بشكل طبيعي لذلك أراد الإفصاح قليلا عما يعتريه ربما يخفف حِمله.
بينما رأفت تنهد بحرارة و أردف :
- مهما عملت ومهما جرحتك و حسستك باليتم افضل متأكد اني عمري ما كرهتك يا عمار و كنت دايما بدور على مصلحتك حتى لو اخترت الطرق القاسية و النتيجة بقيت راجل عملي يعتمد عليه و مبيسيبش فرصة تضيع من ايده غير لما يستغلها و انا اتأكدت من النقطة ديه لما قدرت تصلح غلطاتك في الشركة في غضون اسبوع واحد.

صمت قليلا ثم تابع :
- اسمع النصيحة ديه مني حتى لو مش عايزها ... لو جه يوم و اضطريت تختار بين عقلك و قلبك اوعى تخلي مشاعرك تتحكم فيك امشي ورا المنطق دايما و شوف عقلك بيرسملك ايه لان القلب بيتعب و بيضيع.

نـيـران الـغـجـريـةDonde viven las historias. Descúbrelo ahora