الفصل السابع

145 5 0
                                    

دلفت معه منزله في التجمع الخامس، والتفتت له وجدته يغلق الباب وعندما انتهى والتفت إليها وجدها تنظر له بتمعن، نظرات لم يستطع تفسيرها فاقترب منها ورفع كف يده يحركه أمام وجهها قائلا باتسامة :
- مالك بتبصي لي كده ليه ؟
أزاحت نظراتها عنه بإرتباك متمتمة :
- ولا ببص ولا حاجة أنا بس سرحت شوية .
- ويا تري سرحتي في إيه بقا ؟
جزت علي أسنانها بغيظ هاتفة بضيق :
- سرحت وخلاص فيها حاجه دي ؟
رمقها باستغراب من حالها المتغير حتي أنها طوال الطريق لم تتحدث معه أبداً، بل كانت تنظر بشرود من نافذة السيارة فاقترب منها أكثر ومد يده يضعها علي جبينها بحركه مباغتة جعلتها تنتفض ونبضات قلبها تتسارع حتي أنها خافت من أن يسمع ضربات قلبها المتسارعة من قربه المهلك بالنسبة لها وسمعته يقول بنبره قلقة :
- حرارتك كويسة أومال مالك متغيرة ليه ؟
أزاحت يده عنها بإرتباك لا تعلم بماذا تجيبه، هل تخبره إنها بدأت تشعر تجاهه بمشاعر غريبة عليها حتي أنها صارت تحب قربه ولا تريد الابتعاد عنه ، أفكار كثيرة تجتاح عقلها وشعور جديد عليها يقتحم دواخلها جعلها في متاهة لا تعلم بدايتها من نهايتها، قطع سيل أفكارها صوت شهاب وهو يقول بتساؤل :
- أنتِ بتفكري في إيه كل ده ؟ 
لا إراديًا قالت :
- بفكر فينا 
- فينا ازاي ؟
عضت علي شفتيها بإحراج من اندفاعها ولم تجبه؛ فتوقع هو أنها تريد الانفصال وربما ندمت جراء ما حدث بينهما، ضم قبضة يده بضيق هاتفًا بجدية مصطنعة :
- لو علي علاقتنا فأنا عند وعدي وهطلقك زي ما اتفقنا بس نستنى شويه عشان كلام الناس .
ترقرقت الدموع في عينيها وهمست بتيه :
- يعني هتطلقني ؟
- مش ده اتفاقنا ولا ايه؟
ولَّته ظهرها كي لا يري دموعها وهي لا تعرف لماذا عندما سمعت أنه سيطلقها شعرت وكأن شيئا ما يعتصر قلبها فأدمعت عيناها لتجيبه بصوت متحشرج :
- صح إحنا متفقين علي كده.
و رغم ما قاله إلا أنه كان يتمني أن تخبره إنها لا تريد الطلاق وتود أن تستمر معه، انتظر للحظات منتظرها أن تنهيه عما قاله إلا إنها لم تفعل بل ظلت متسمرة مثل التمثال توليه ظهرها، اعتصر قبضة يده محاولًا التحكم في أعصابه وتحدث بنبرة خرجت حادة :
- أنا رايح المستشفي عشان ورايا شغل.
أنهي جملته وخرج بسرعة كالرياح العاصفة، التفتت إلى أثره ودمدمت :
- هو إيه اللي بيحصل ده ومالي زعلت كده ليه لما قالي هنتطلق .
زفرت بضيق من مشاعرها المتخبطة وتصرفاتها الغريبة والأكثر غرابة كان هبوط ماء عينيها دون إرادتها وكأنها تعترض علي حديث شهاب. مسحت دموعها بسرعة وهي تهز رأسها بنفاد صبر من حالها ، اقتربت من الأريكة وجلست عليها والتقطت الهاتف وهي تتنحنح في محاولة منها لتنظيف حنجرتها واتصلت بأختها وجاءها الرد بعد ثوان منها :
- ألو 
أجابت نارة في لهفة بصوت مشتاق :
- بتول أنا نارة .
- نارة حبيبتي، عاملة إيه، انا كنت قلقانة عليكي أوي، أنتِ كويسة ؟
- أنا كويسة يا حبيبتي الحمد لله ورجعت القاهرة المهم طمنيني عليكم .
- إحنا كويسين بس بابا من امبارح وهو شايط وبيخانق دبان وشه هو إيه اللي حصل ؟
تنهدت نارة هامسة بألم :
- هو اللي اضطرني أعمل كده.
عقدت بتول حاجبيها باستغراب هاتفة:
- ليه هو ايه اللي حصل ؟
- أنا اتجوزت أنا وشهاب .
شهقة عالية خرجت من حنجرة بتول علي الجانب الآخر قائلة بصدمة :
- يخرب بيتك اتجوزتي أنتِ والدكتور اللي بيساعدك !؟
أجابت نارة باستغراب :
- أيوه اتجوزته هو بابا مقالش ليكم إني اتجوزت ؟
- لأ طبعًا مقالش بقولك شايط من امبارح ومحدش عارف يتكلم معاه دا حتي ماما معاه تحت في المكتب بتحاول تعرف منه ايه اللي حصل.
- طيب يا بتول طمني ماما عليا وأنا هبقى أتصل بيكم تاني عشان أطمن عليكم.
- حاضر يا حبيبتي وخلي بالك من نفسك 
أغلقت نارة الهاتف مع شقيقتها وبدأت الدموع تتجمع في مقلتيها وهي تحدث نفسها :
- انا آسفه يا بابا بس أنت اللي اضطرتني أعمل كده .
ظلت علي حالها هذه لدقائق قبل أن تمسح دموعها قائلة لنفسها بمرح :
- انسي كل الدراما دي دلوقتي يا نارة وتعالي نعمل أي حاجة تسلينا.. أنا هموت من الجوع.
أنهت جملتها ودلفت الي المطبخ فوجدته مطبخًا حديثًا مصمم علي الطراز الأمريكي باللون الابيض الممزوج باللون البنفسجي الغامق لترمقه بإعجاب هاتفة:
- واو ذوقه يجنن. 
بدأت تتحرك يمينًا ويسارًا بنشاط تكتشف كل شئ في المطبخ وبدأت تفكر ماذا ستطبخ وهي بعمرها لم تدلف إلى المطبخ، فتحت هاتفها وبحثت على اليوتيوب عن وصفة سهلة ولذيذة للغداء وأمدها الموقع بالعديد منهم حتى توصلت في النهاية إلى فكرة عمل معكرونة ودجاج بصوص الجريڤي لكن عندما فتحت الفريزر لم تجد به أي لحوم فعزمت أمرها على الذهاب إلى السوق وشراء كل ما تحتاجه .
التقطت حقيبتها من علي الأريكة بعدما سوت ملابسها وشعرها وخرجت الي التسوق بقلب فرح وكأنها لأول مرة تشعر أنها حرة لها شخصيتها الخاصة ويمكن الاعتماد عليها .
***********
" في المستشفي "
وبينما شهاب يمر علي مرضاه واحدا يلوه الاخر اصطدم بفتاة وكانت علي وشك الوقوع ولكن يد شهاب حالت دون ذلك وعندما اعتدلت في وقفتها وأبعد يده عنها وهو يعتذر رفعت هي وجهها له هامسة بصدمة :
- شهاب !
ارتسمت معالم الضيق علي وجهه ليقول بابتسامه صفراء :
- رانيا!! ازيك ؟
تلقائيا نظرت إلى يده اليسري لتتأكد إذا كان يرتدي محبس الزواج وعندما وجدت يده خالية قالت بسعادة :
- الحمد الله بس إيه الصدفه الجميلة دي! 
أجاب من بين أسنانه :
- هي فعلا جميلة .
ثم استطرد بغيظ :
- أنتِ بتعملي ايه هنا ؟
- أنا اتعينت هنا جديد بقالي يومين .
شهاب بإيجاز :
- اه ألف مبروك.. طيب بعد إذنك بقا ورايه شغل .
وعندما كان علي وشك الذهاب أمسكت هي بذراعه في سرعة قائلة :
- استنى بس مش تحكيلي عملت إيه في الفترة اللي سيبنا بعض فيها .
أزاح يدها عن ذراعه بضيق هاتفًا بحدة :
- أظن دي حاجة ماتخصكيش وياريت متتجاوزيش حدودك معايا سلام .
أنهى كلامه وذهب مسرعًا وهو يشعر بالضيق من لقائها بينما هي وقفت تتأمله وهو يذهب مسرعًا قائلة لنفسها بضيق :
- اتغيرت أوي يا شهاب في الفترة اللي سيبتك فيها بس ده مايمنعش إني أحاول معاك للمرة التانية.
عقدت العزم علي أن ترده لها بما أنه ما زال لم يرتبط حتى الآن حسب اعتقادها .
**************** 

نارة (مكتملة) Where stories live. Discover now