💎تعريفات 💎

1K 7 1
                                    

داخل منزل يبدو لك في الخارج من الوهلة الأولى أنه على وشك الإنهيار لهشاشة جدرانه و قدم تصميمه ،دليل على مرور كل قساوة السنين عليه ،ولكن رغم تهالكه الخارجي إلا أنه ينعم بدفئ تركه "السيد عاصم عبد الرحمن" في قلب إبنته آمال، تعيش على ذكراياته ،فقد كان حبه مثالا يحتذى به ،كانت دائما ما تقول له بأنها لن تجد رجلا مثله حنيةً ،شهامة و وقار .
إلا أن القدر سرعان ما أخذه منها و هي لازالت صغيرة ،ولم تكتفي الحياة بذلك لتزيد عليها مرض والدتها الذي يتفاقم يوما بعد يوم ،فتحتم عليها الأمر عدم مواصلة مشوارها الجامعي، نظرا لتكاليف علاج مرض والدتها الذي ينهش جسدها والتي تحاول أن تسدها بشتى الطرق ،ورغم معارضة أمها لقرارها فدوما ما كانت تقول لها "يا بنيتي ،مهما كانت مشيئة الله فأهلا بها".
فالسيدة بسمة إسم على مسمى ،سيدة مؤمنة ،حنونة، متفائلة دوما، و هي إمرأة في الأربعينيات تحكي تجاعيدها المبكرة ، و إصفرار وجهها و زرقة شفتيها المعتاد عليها على ما تقاسيه مع مرض القلب، لديها ثقب في قلبها حاول أن يودي بحياتها مرتين بذبحة صدرية ،عندما كانت تقاسي الحياة لتعيل إبنتها ،بعد وفاة زوجها و رفيق دربها ،و من ذلك الوقت قررت أمال أن توقف دراستها الجامعية فهي لا تستطيع أن تتحمل خسارة أخرى بعد رحيل والدها ،فوجدت نفسها تحمل عبئ مرارة الأيام على عاتقها ،لعل والدتها ترتاح من الضغط الشديد الذي يلازمها رغم تظاهر هذه الأخيرة بالقوة كي لا تُقلق إبنتها أكثر .
فهاهي تلك الصغيرة المكافحة ،ذات العيون البنية الواسعة كعيون الريم ، شعر أسود طويل كسواد الليل ، شفتين صغيرتين ،نحيفة القدً قليلا ، بيضاء الوجه لدرجة الشحوب ،لوهلة تراها كمراهقة ،متوسطة القامة و هشة كياسمينة بيضاء وسط أعاصير ثلجية و مواجهة لرياح تعصف بها وحدها ، لتنهض من سريرها بعجلة للحاق بعملها بعد طول عناء الإنتظار إستطاعت إيجاده بمساعدة أم صديقتها.
رنيم أحد أفضل صديقاتها ،لنقول الوحيدة التي تعتبرها كأختها، فهي تتشارك معها نفس الظروف الصعبة و نظرا لتقارب العائلتين منذ سنين ، فوالد رنيم "السيد فواز" كان رفيقا مقربا لوالد آمال، لهذا فهو يعتبرها كابنته رنيم ، و لذات السبب أم رنيم ستترك مكان عملها لآمال، في منزل كانت تعمل به عندما كان زوجها "السيد فواز" يجاهد ليجد عملا براتب محترم ، يسد به قوت يومهم ، حتى جاءته الفرصة لإيجاد عمل رغم صعوبته لكن الراتب مغري و يريحهم من بعض معاناتهم اليومية و يوفر لإبنته تكاليف دراستها الجامعية، و كذلك لترتاح زوجته من العمل في بيوت الناس، فأوصت السيدة "عفاف" بآمال لتحل محلها، فبالرغم من صغر سنها إلا أنها ، شجاعة و أمينة و لا تتهاون في عملها أي كان نوعه.

*في عالم آخر و بالتحديد في منزل أقل ما يقال عنه أنه قصر، بعيدا كل البعد عن الحارات المتهالكة لأناس يجاهدون يوميا من أجل لقمة العيش ، تعيش عائلة السيد "إبراهيم سعد الدين رضوان" كبير عائلة رضوان بعد وفاة أخوه الأكبر منه، مع زوجته في حادث سير تاركا خلفهما إبن لم يتجاوز الخامس عشر من عمره ، ليتربى مع جدته أم والدته، بعيدا عن عائلة السيد إبراهيم ، إلى غاية وصوله لعمر الحادي والعشرين ، يوم فقد جدته ،ليجد نفسه ينظم لعائلة عمه، و لأنه أيضا الوريث الوحيد لأسهم والده في شركة العائلة ، و التي تعتبر من أهم و أشهر الشركات التي تُسير أعرق سلسة فنادق في البلد "سلسلة فنادق سعد الدين رضوان" لينهض بها كأشهر شركة و يتربع على عرش أهم رجال الأعمال في عمر صغير ، و نظرا لتركيزه الدائم على عمله ،و يشغل الحيز الأكبر في حياته ،فقد نسي و أهمل ذلك الجزء الذي يضخ يسار صدره ،و أغلق على مشاعره لتصبح باردة ،باهتة، ليصل عمره إلى الخامس و الثلاثون دون زواج أو حب، فلم توجد أي إمرأة إستطاعت الإستحواذ على تفكيره و إزلة الغبار من ثنايا قلبه، رغم أن الشعيرات البيضاء قد شارفت على الظهور في شعر و رغم أن صديقه الوحيد و يده اليمنى و شريكه في العمل " يوسف" دائما ما يحثه على إيجاد فتاة محترمة للزواج بها و لكن دائما ما يقول له " المشاعر و الحب ليس بالشيء الهين لتلقيها على من هب و دب لابد أن تتآلف الأرواح و أنا لم أجد فتاة تنير عتمة روحي فاتركني لحالي يا صديقي و أهدي هذه النصيحة لنفسك أولا "و لكن رغم كل ذلك لا يمكن إنكار أنه ذو وسامة طاغية، و لم يعر يوما إنتباها لأي إمرأة أي كانت، بالرغم من إحترامه للجنس الآخر ، و توددهن الدائم إليه ، إلا أنه دائما ما يتعامل ببرودة معهن ، و في حدود العمل و الإحترام ، يعتبر رجل حاد الفك و العينين كالصقر ، وسيم الملامح ، شفتين بلون الدم، فارع القامة، يسقط أمام جاذبيته أعتى الرجال، ذو عضلات جسم لوهلة تراه كجبال لا يهزها شئ، له هالة من الرعب و القوة و الوقار تحوم حوله ،و تجبرك على إحترامه ، رجل شهم، فرغم قساوته الخارجية إلا أن قلبه لديه من الحنية و الرأفة ما يوازي العالم ، لكن لا يحب إظهارها فيبدو للآخرين باردا غير مبالي ،هذا هو "قاسم سعد الدين رضوان" يسكن في منزل لوحده إلا خادمة تأتي من حين لآخر من أجل تنظيف و ترتيب البيت ، فهو يعيش وحدته و هدوءه بعيدا عن ضجيج عائلة عمه ليختلي بنفسه في قوقعته ، رغم وجوده معظم الأحيان عندهم للاستفسار عن أحوالهم، فهو يحب زوجة عمه مثل أمه ، فهي إمرأة حنونة، بشوشة الوجه ،دائما ما إعتبرت قاسم بمقام إبنها، لأنها و منذ زواجها من السيد إبراهيم ، لتكون كزوجة ثانية له و أم ثانية لأولاده ،بعد طلاقه من زوجته الأولى لرغبتها في التحرر و الاستقرار خارجا ، لتترك له ولدين بنت و ولد، فاشترط سبب غريب على السيدة "أسمى"في عدم الإنجاب ، و هي رضخت لقراره و قساوة قلبه، فكرست حياتها لتربية أولاده كأنها هي من حملتهم في أحشاءها ، فبالرغم من أن السيد إبراهيم كبير عائلة رضوان ، إلا أنه و منذ وفاة أخوه الأكبر بالتحديد ، أصبح جشعا ، و قاسي القلب و الروح ، و تهمه الأموال و الإستحواذ عليها ، رغم معرفة قاسم بتغير طباعه للأسوء إلا أنه لازال يكن له إحتراما لكونه عمه أولا و لكبر سنه ثانيا.
و كما ذكرت فلسيد إبراهيم ولدين ،الشاب الأكبر حاتم صاحب السابع و العشرين عاما ، رغم أنه وسيم الوجه ، إلا أنه شاب طائش ، متبجج، يفتخر بثروة لم يكن له يد للمساعدة في بناءها ، لم يحاول العمل في حياته ، أيامه كلها يقضيها في الملاهي ، مسرفا في الشرب و إتباع شهواته و غرائزه دون التفكير في العواقب، و إتباع أسوء الأصدقاء ، و رغم إلحاح قاسم عليه بالإبتعاد عن كل هذه التصرفات و الدرب الذي يسلكه ،الا أن لا حياة لمن تنادي ، فهو شخص كريه النفس والطباع ، ووقح المعاملة.
على عكس أخته الوحيدة"مروة" فتاة في العشرينيات بشعر أشقر قصير ،مكتنزة القوام، فبالرغم من ثروتهم إلا أنها بسيطة الملبس ، و متواضعة و هي في السنة الثانية إعلام و إتصال ، لم تخالط يوما ثريات الجامعة كما يسمين أنفسهن ،فهي تفضل دراستها و العودة مباشرة للبيت للجلوس و المطالعة ، و المرح مع قاسم أثناء زيارته ، فهي مقربة من إبن عمها ، و هو يحبها كأخته الصغرى التي لم يحض بها يوما ،لتعتبره كسند و مانا لها ،نظرا لغياب والدها و عدم إهتمامه، و بطش و طيش أخيها ، فوجدت قاسم كأخ ثان لها ، و حتى زوجة أبيها كذلك تعتبرها ملاذا آمنا لها نظرا لحنيتها و حبها لها كأمها منذ مجيئها للمنزل لتعتبرها كصديقتها الوحيدة .

باقي الشخصيات ستتعرفون عليهم في باقي الرواية .

🦋حب يولد من رحم المعاناة 🦋Where stories live. Discover now