الفصل السادس والثلاثون : لطف مزيف.

Start from the beginning
                                    

قابلها في طريقها أحد المساعدين وقد رحب بها بحرارة :
- اهلا يا هانم الشركة نورت بوجود حضرتك.

إبتسمت له و هتفت :
- بابي في مكتبه ؟

- لا عادل بيه و رأفت في ميتنج من ساعة ونص و عمار بيه معاهم ، حضرتك تقدري تستنيه في مكتبه تحبي اطلبلك ...

قاطعته بدون مبالاة :
- لأ انا هعمل جولة سريعة ع المكان هنا ولو عوزت حاجة هقولك.

اومأ بإحترام و انسحب بينما تابعت ندى تخطو بكعبها العالي خطواتها الرشيقة و في كل دقيقة تسمع شهقة تفاجؤ عندما يرونها ، حتى وصلت أخيرا إلى القسم الذي تبتغيه و المغطى بحواجز زجاجية تجعل من في الخارج يرى كل ما يحصل بالداخل.
توقفت ندى تمرر عيناها بخفة حتى وقعت على شخص بعينه ، و تأججت النيران بداخلها وهي ترى غريمتها تجلس بوقاحة في مكان هو ملك لعائلتها.

كم شعرت بالكره لها في هذه اللحظة ، هي لم تمقت أحدا بهذا القدر من قبل ولكن ما فعلته الغجرية الهمجية جعلها تعيش مشاعر لم تتخيل أنها تجتاحها يوما.
و كم تتمنى لو تمتلك الحق في شتمها و لعنها أمام الجميع ثم طردها من شركتهم و حياتهم ، غير أنها لا تستطيع.
فعمها و عمار و حتى والدها موافقون على توظيفها لديهم !

أخذت نفسا عميقا تسترد ملامحها الرقيقة ثم توجهت لغرفة عمار و دخلت دون صعوبة بما أن عمار قد أعطاها في الماضي الحق في إنتظاره بمكتبه إذا لم يكن موجودا ، لذلك ولجت بثقة و جلست على كرسيه بعدما أمرت مساعدته بطلب المتدربة مريم عبد الرحمن.

كان عمار قد ترك وشاحه معلقا فسحبته و دست أنفها به تستنشق اثر عطر عمار الرجولي الممتزج مع رائحة سجائره وهي تغمض عينيها.
لطالما صاحب هذا الوشاح الرمادي عنق عمار في كل موسم خريف بارد ، و برغم أنه يملك الكثير من الأوشحة إلا أن هذا الوشاح بالذات متعلق به بصورة عجيبة ، و لكنها لا تلومه فلونه و ملمسه و الدفئ الذي ينبعث منه يجعل الإنسان لا يتخلى عنه.
تنهدت ندى متلمسة إياه ولا تزال مسحورة برائحته ، كانت هي من رشحت له هذا العطر الفاخر منذ سنتين و أهدته إياه كهدية فلاقى إعجابه و منذ ذلك اليوم وهو يستخدمه ، كم كانت علاقتهما جميلة و مميزة لولا دخول تلك المرأة بينهما ، ليته لم يعرفها أبدا ، لكانت حياتهما جميلة جدا الآن.

طرق الباب و ظهرت من خلفه صاحبة أفكارها ، المرأة الغجرية التي طالعتها بدهشة من وجودها لأنها اعتقدت بأن عمار من طلبها و كانت آتية من أجل نهره عن جلبها لمكتبه كلما سنحت له الفرصة.
و لكنها لم تتوقع وجود إبنة عمه التي سبق و أن أفسدت حفل زفافها و تسببت في محاولتها الإنتحار ، ازدردت ريقها بضيق و اقتربت منها بضع خطوات متمتمة :
- كنت فاكرة عمار اللي ...

قاطعتها ندى وهي تضع ساقها فوق الأخرى :
- اسمه عمار بيه ... هو هنا مديرك.

ألجمتها ببرودها فلعنت مريم نفسها لأنها جاءت للمكتب من الأساس وقد أدركت أن ندى حضرت من أجل إستفزازها و إستحقارها.
لذلك لم تود أن تعطيها هذه الفرصة على طبق من ذهب لذلك هتفت بهدوء :
- بما أن عمار بيه مش موجود يبقى حضوري ملوش لازمة.

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now