أقترب بخوف وهو يرفعها ويمسح الدموع على عجل من على خدها ، قرب وهو يضمها ويمسح على رأسها بخوف : وش صاير يا أم عزيز ، من تجرأ ونزل دموعش ؟ من تجرأ وبكاش وهو يدري إني بنهيه عن وجه الأرض
زادت شهقاتها بوجع وهي تشد على ثوبه وهو غمض عيونه بضيق واجم من شدته وكأن قلبه بيتقلص : نذرٍ علي و النذر ما فيه تباديل يا أم عزيز
يا جارحش والله ما يهتني في منامـه ، قولي لي من هو ، وش اللي أوجعش دخيلش إحكي
بلعت غصتها وهي تحاول تتكلم وقالت : راجح بن جبار يا عزيز ، أبوك
أبتعد عنها وهو يناظر للدموع اللي ما وقفت عن النُزول ومسحهت بضيق وهو عاقِد حواجبه : بن جبار ما يوجعش يايمه !
أخذت نفس ورفعت يدها وهي تمررها على لحيته السوداء وقالت بضيق : سبعة وعشرين سنة ، بعمرك أنت .. وأنا معه وحوالينه نسينا الناس من حوالينا ، نسينا الضيم من هله وقبيلته وديرته ، نسينا كل الهموم في سبيل هالحب وهالزواج ، والحين بعد هالسنين الطويلة تجي رابعة تستحل قلبه معي ؟
أرتجف صوتها وقالت : المزن ما تتحمل هالوجع يا عزيز
ناظرها بإستغراب وقال : وش صاير يايمة فهميني من هالرابعة
ناظرته للحظات وهي ساكتة ثم قالت : تنازل هِشيمان السريع واللي أنتهى بيوم وليلة كان بسبب موافقة أبوك على الزواج من بنته !
ناظرها بدون ما يرد ، يحس الصدمة شلّت لسانه
تنازل عن قتل نفس بريئة بإرتباط عائلتين ببعض ؟ وش بيستفيد ، كان يدري إن المشكلة بتنحل بما إنها صارت بين يدين الشيخ راجح
ولكن ماهو بالطريقة هذي .. مو بالطريقة اللي بتكسر قلب أمه ، يهون عنده طارق وجسار وكل قبيلته والخسوف بكبرها ، ولا تهون هالدموع اللي كسرت مجادِيفه
حاوط وجهها بحنية وهو يقول : نذر عليّ يا أم عزيز ما يلحقش ضيم ، خلي الموضوع علي
هزت رأسها بالنفي وقالت : ماحد بيقدر على هالموضوع ياولدي ، هالموضوع ثأر قبايل ولا راح تخمد النار إلا بهالإرتباط ، عزايّ لقلبي وبس
ناظرها بضيق ، وترك يدينه من على وجهها بعتب ، وشلون تظن إن محد يقدر عليه ، وهو عشان دمعة من عيونها يحرق القبيلة كلها !
عاتبها بنظراته ولكنه سُرعان ما ناظرها بحنية وقال بإبتسامة عذبة : إمسحي دمعش ، ورب البيت ما يصير شيء يضايقش ، خذيها من عزيزش وعزش يايمة !
ناظرته بإمتنان وهي تبتسم بضيق ، ولو إنها تدري إن مصير هالشيء يتم ، ولكنها ماودها تِكسر بخاطره
مشى عنها ، وأتجه لمجلس البيت بعدما عرف إن أبوه وسعود جالسين فيه ، ولكنه من كان بيدخل حتى لاحظ خُروجه
وبنفس الوقت ألتفت على دُخول نسيم بخطوات سريعة ناحيه البيت
وقفت جنبه وراجح عقد حواجبه وقال : يالله صبـاح خير وعفو ومغفرة ، وش بلاكم "وشفيكم"
نسيم ناظرته بتوتر ، ولا تدري وشلون أصبح الصُبح عليها ، ولا تدري وشلون عدت ليلتها المرِيرة
من درت ، وش صار بمجلس الشِيخ حتى أرتجفت كُل خلاياها ، من درت إن أبوها بين خيارين إما " إرتباط القبيلتين ، أو القصاص لجسّار وطارق وكُل الرجال اللي حضرو الموقف "
ولأن جسّار كان راضي بأي حُكم يصدر بحقه ، كون الندم يِنهش ضلوعه بسبب تركه للرجل على الأرض وهربه من المكان ، كان نايم طول الليل دون يرف له جِفن ، بينما هي تتأمله وتبكي بخوف ، تحس إن الجاثُوم على صدرها من تخيل الموقف بس ، وشلون لاصار حقيقة !
من أصبح الصُبح وطلع جسار من البيت ، حتى لبست عبايتها ومشت بخطوات سرِيعة ناحيه بيت أبوها ، تبي تتأكد من قراره تبي تتطمن إن الإرتباط كان الخيار اللي أختاره
واقفه جنب عبد العزيز اللي بادر وقال : صبّحت بالخير يا شيخ ، وش العلم اللي سمعناه؟
عقد حواجبه راجح وناظره بحيرة وعبدالعزيز قرب وقال : أنا في ذرى ربي يا ولد جبار ، إلا الرابعة لا تجيبها على رأس المزن
سكت راجح وصد بضيق ، وسعود تنهد وقال : هذا اللي بيصير يا عز ، ما تدري إن رقبة جسار وطارق على المحك ، إن ماصار هاللارتباط طارت أرقابهم
عبد العزيز قال وهو يتذكر شهقات أمه اللي ماغابت عن باله : تطير يا سعود تطير ، تطير رقبة القاتِل وأعوانه ، ولا تطيح دموع أمـي
شهقت وهي تحط يدينها على فمها بربكة ودموعها ملأت عيونها من قوة خُوفها على الرجل اللي منها وفِيها ، وألتفتو كلهم لها بخوف ..
ألتفتو بخوف ونسيم أقتربت وهي تضرب كتف عبد العزيز بخفيف وبعتب ودموعها تحِرق محاجر عُيونها : يروح جسّار لأجل دموع المزن يا عز ؟
عقد حواجبه وهي أردفت بوجع وناظرته وهي ترفع طرف كمها وتمسح دموعها اللي تِمردت غصب عنها ونزلت : الشيخ راجح لاتزوج وتركها ، فمعها عز بيداريها ويطبطب عليها ، ولكن نسيم لاراح جسّار من لها ياعز ؟ فهمني وقل لي من لها !
YOU ARE READING
من قريت الشعر وأنتي أعذبه من كتبت الشعر وأنتي مستحيلة
Romanceالقصيد والبدو وشبّة النار والقهوة على الجمر . ملحمة عشق بين شيخ قبيلة وفتاة كان أقصى طموحها أن تدّرس فوقف الكل ضِدها! مزيّج فريد بين الثقل والهيّبة وبين حب إستمر برغم العوائق والخيانات والغدر ..
الفصل السادس عشر
Start from the beginning