الفصل السادس عشر

Start from the beginning
                                    

أقترب بخوف وهو يرفعها ويمسح الدموع على عجل من على خدها ، قرب وهو يضمها ويمسح على رأسها بخوف : وش صاير يا أم عزيز ، من تجرأ ونزل دموعش ؟ من تجرأ وبكاش وهو يدري إني بنهيه عن وجه الأرض
زادت شهقاتها بوجع وهي تشد على ثوبه وهو غمض عيونه بضيق واجم من شدته وكأن قلبه بيتقلص : نذرٍ علي و النذر ما فيه تباديل يا أم عزيز
يا جارحش والله ما يهتني في منامـه ، قولي لي من هو ، وش اللي أوجعش دخيلش إحكي
بلعت غصتها وهي تحاول تتكلم وقالت : راجح بن جبار يا عزيز ، أبوك
أبتعد عنها وهو يناظر للدموع اللي ما وقفت عن النُزول ومسحهت بضيق وهو عاقِد حواجبه : بن جبار ما يوجعش يايمه !
أخذت نفس ورفعت يدها وهي تمررها على لحيته السوداء وقالت بضيق : سبعة وعشرين سنة ، بعمرك أنت .. وأنا معه وحوالينه نسينا الناس من حوالينا ، نسينا الضيم من هله وقبيلته وديرته ، نسينا كل الهموم في سبيل هالحب وهالزواج ، والحين بعد هالسنين الطويلة تجي رابعة تستحل قلبه معي ؟
أرتجف صوتها وقالت : المزن ما تتحمل هالوجع يا عزيز
ناظرها بإستغراب وقال : وش صاير يايمة فهميني من هالرابعة
ناظرته للحظات وهي ساكتة ثم قالت : تنازل هِشيمان السريع واللي أنتهى بيوم وليلة كان بسبب موافقة أبوك على الزواج من بنته !
ناظرها بدون ما يرد ، يحس الصدمة شلّت لسانه
تنازل عن قتل نفس بريئة بإرتباط عائلتين ببعض ؟ وش بيستفيد ، كان يدري إن المشكلة بتنحل بما إنها صارت بين يدين الشيخ راجح
ولكن ماهو بالطريقة هذي .. مو بالطريقة اللي بتكسر قلب أمه ، يهون عنده طارق وجسار وكل قبيلته والخسوف بكبرها ، ولا تهون هالدموع اللي كسرت مجادِيفه
حاوط وجهها بحنية وهو يقول : نذر عليّ يا أم عزيز ما يلحقش ضيم ، خلي الموضوع علي
هزت رأسها بالنفي وقالت : ماحد بيقدر على هالموضوع ياولدي ، هالموضوع ثأر قبايل ولا راح تخمد النار إلا بهالإرتباط ، عزايّ لقلبي وبس
ناظرها بضيق ، وترك يدينه من على وجهها بعتب ، وشلون تظن إن محد يقدر عليه ، وهو عشان دمعة من عيونها يحرق القبيلة كلها !
عاتبها بنظراته ولكنه سُرعان ما ناظرها بحنية وقال بإبتسامة عذبة : إمسحي دمعش ، ورب البيت ما يصير شيء يضايقش ، خذيها من عزيزش وعزش يايمة !
ناظرته بإمتنان وهي تبتسم بضيق ، ولو إنها تدري إن مصير هالشيء يتم ، ولكنها ماودها تِكسر بخاطره
مشى عنها ، وأتجه لمجلس البيت بعدما عرف إن أبوه وسعود جالسين فيه ، ولكنه من كان بيدخل حتى لاحظ خُروجه
وبنفس الوقت ألتفت على دُخول نسيم بخطوات سريعة ناحيه البيت
وقفت جنبه وراجح عقد حواجبه وقال : يالله صبـاح خير وعفو ومغفرة ، وش بلاكم "وشفيكم"
نسيم ناظرته بتوتر ، ولا تدري وشلون أصبح الصُبح عليها ، ولا تدري وشلون عدت ليلتها المرِيرة
من درت ، وش صار بمجلس الشِيخ حتى أرتجفت كُل خلاياها ، من درت إن أبوها بين خيارين إما " إرتباط القبيلتين ، أو القصاص لجسّار وطارق وكُل الرجال اللي حضرو الموقف "
ولأن جسّار كان راضي بأي حُكم يصدر بحقه ، كون الندم يِنهش ضلوعه بسبب تركه للرجل على الأرض وهربه من المكان ، كان نايم طول الليل دون يرف له جِفن ، بينما هي تتأمله وتبكي بخوف ، تحس إن الجاثُوم على صدرها من تخيل الموقف بس ، وشلون لاصار حقيقة !
من أصبح الصُبح وطلع جسار من البيت ، حتى لبست عبايتها ومشت بخطوات سرِيعة ناحيه بيت أبوها ، تبي تتأكد من قراره تبي تتطمن إن الإرتباط كان الخيار اللي أختاره
واقفه جنب عبد العزيز اللي بادر وقال : صبّحت بالخير يا شيخ ، وش العلم اللي سمعناه؟
عقد حواجبه راجح وناظره بحيرة وعبدالعزيز قرب وقال : أنا في ذرى ربي يا ولد جبار ، إلا الرابعة لا تجيبها على رأس المزن
سكت راجح وصد بضيق ، وسعود تنهد وقال : هذا اللي بيصير يا عز ، ما تدري إن رقبة جسار وطارق على المحك ، إن ماصار هاللارتباط طارت أرقابهم
عبد العزيز قال وهو يتذكر شهقات أمه اللي ماغابت عن باله : تطير يا سعود تطير ، تطير رقبة القاتِل وأعوانه ، ولا تطيح دموع أمـي
شهقت وهي تحط يدينها على فمها بربكة ودموعها ملأت عيونها من قوة خُوفها على الرجل اللي منها وفِيها ، وألتفتو كلهم لها بخوف ..
ألتفتو بخوف ونسيم أقتربت وهي تضرب كتف عبد العزيز بخفيف وبعتب ودموعها تحِرق محاجر عُيونها : يروح جسّار لأجل دموع المزن يا عز ؟
عقد حواجبه وهي أردفت بوجع وناظرته وهي ترفع طرف كمها وتمسح دموعها اللي تِمردت غصب عنها ونزلت : الشيخ راجح لاتزوج وتركها ، فمعها عز بيداريها ويطبطب عليها ، ولكن نسيم لاراح جسّار من لها ياعز ؟ فهمني وقل لي من لها !


من قريت الشعر وأنتي أعذبه من كتبت الشعر وأنتي مستحيلة Where stories live. Discover now