الفصل الثامن والأربعون

Start from the beginning
                                    

ابتسمت السيدة الكبيرة فى السن فى وجهه فهو اعتاد الشراء منها كنوع من المساعدة لها حتى تنهى عملها سريعاً وتعود إلى دارها، بدأت فى تعبئة طلبه من الخضروات داخل الأكياس وإعداده للوزن :- صباح الفل يا محروس .. والطلبات ديه لدار أحمد بيه ولا للمضيفة؟

جلس محروس أمامها القرفصاء يساعدها فى إنتقاء الخضروات مجيباً ببساطة :- حاچات إهنا وحاجات إهنكا

وضعت السيدة الكيس البلاستيكى المملوء بالخضروات داخل الميزان ذو الكفتين ومدت كفها تحمل بعض الأوزان من الصلب وضعتهم فى الكفة الأخرى وتسائلت بفضول :- إلا شموع بت عتمان هتفضل لميتا فى ضيافة أحمد بيه؟

توقفت يد محروس عن تعبئة الخضار وحول بصره نحو السيدة بتعجب يستشف ما وراء سؤالها الفضولى، وهو عالم لما ترمى إليه فقد تهادى إلى سمعه بعض من الأقاويل المنتشرة منذ طلق حمدى شموع وغادر القرية

وقف محروس يلملم ما تزنه السيدة من أكياس وأخرج لفافة نقود من جيب جلبابه وبدأ فى عد النقود لدفع ثمن الخضروات قائلاً بجدية بصوت مرتفع نسبياً لعل حديثه ينهى الألسن الفضولية عن الأحاديث الكاذبة :- الست شموع بجت أم واحد من عيلة السمرى .. يعنى الدار دارها

مصمصمت السيدة المجاورة شفتيها مستهجنة والتى تبيع بضائع مختلفة وكانت منتبهة للحديث من البداية ثم قالت بمراوغة :- يبجى الواچب تجعد فى بيت سعيد السمرى چد ولدها ... ولا يچبلها دار باسم ابنها مش تجعد فى دار أحمد بيه

التفت لها محروس يتفحصها بشفة مقلوبة، يواجهها بعبوس ملامحه وقال زاجراً باستياء :- تجعد مُطروح ما تجعد .. أيش دخلك أنتِ يا حرمة .. وبعدين هى جاعدة فى مضيفة السمرى مش فى دار أحمد بيه

لملم الأكياس فى يده ونقد السيدة الأولى أموالها ثم حمل الأكياس مبتعداً وهو يغمغم باستهجان مدافعاً عن سيده وولى نعمته بصوت مرتفع ونبرة زاجرة

:- كل حى يخليه فى حاله وهملوا الناس النضيفة فى حالها

تحرك من جديد يتنقل من بائع لأخر وفى كل مرة يستمع لكلام جديد وقصة مختلفة وقد نسج كلاً منهم قصة فى خياله

لم يسلم من الأسئلة والتلميحات التى تجاهلها مرة ودافع مرة أخرى حتى أختنق صدره واكتفى من هذه الأكاذيب فحمل ما بيديه وغادر السوق بوجه مكفهر

قرع بوابة المضيفة الحديدية بعصبية ودلف يضع ما بيديه جانباً ثم جلس على الدكة الخشبية القريبة من البوابة حتى أغلقها عرابى وعاد وجلس بجواره يتفحصه بتعجب متسائلاً

:- مال وشك مجلوب إكده .. حُصل حاچة ولا خبر إيه؟

مسح على وجهه ينفخ أنفاسه الحارة الغاضبة ثم نزع طاقيته القطنية المغزولة من فوق رأسه وقال بحمائية :- محُصلش حاچة .. عالم فاضية وحديتهم كتير

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانWhere stories live. Discover now