حين خرج مهيار للحديقة الخلفيه بعيدا عن الانظار في ركن يحتوي على كراسي خشبيه تحت احد الأشجار الضخمه بعيدا عن الانظار تركته وسام وحيدا بعد ان طلب منها ذلك ، وحين تصادمت قرب البوابه مع فؤاد الذي جاء هو ووسيم وانس ووائل لتعزية مهيار طلبت منهم الانتظار قليلا وقادتهم إلى باقي أفراد الأسرة واخبرتهم بصوت هامس وهي تتجه معهم نحو الممر الذي يقود إلى الصاله ذات الارضيه الرخاميه ان مهيار منهار الان ويود ان يبقى بعض الوقت بمفرده ، لذلك عليهم ان ينتظروا قليلا حتى يذهبوا إليه ، واحترموا ذلك.

رد همام على المكالمه الدولية التي وردته وهو يظن انها ربما من تركيا أو من اصدقاء جده الاجانب ، ولكنه شعر كما لو ان نبضات قلبه من شدتها ستفضحه وتجعل الجميع رغم أصوات البكاء تلتفت له ، اتجه مسرعا متجاهلا صديقه رامز الذي قدم معه حين سمع بالخبر،  توجه نحو احد أركان الحديقه في الجهة المعاكسه من مهيار ، شعر كأن الزمن توقف ، كأنه لم يعد يشعر أو يسمع بشئ إلى صوتها ، كل الضيق والحزن الذي اثقل صدره صار اخف ، كأن صوتها كان مثابة مسكن لألمه،  مرت قرابة السنه لم يسمع صوتها ، وفي كل يوم كان يسأل نفسه عن  حالها ويزداد لهيب شوقه ، الان هي تتصل لتعزيته بعد ان قراءة الخبر في صفحة فؤاد وهو يعلق على إحدى بوستات مهيار الذي عرفت انه ابن عمه الذي تحدث عنه عرضا سابقا ، حين رأت صورت الجد منصور الذي من المستحيل ان تنساه ، فمن عساه ينسى رجلا بملامح اجنبيه؟!!!

همام قال بصوت خافت وهادئ عكس الضوضاء التي بداخله بعد ان انتهت من تعزيته ببعض الكلمات: حترجعي متين؟!
صمتت :.....
توقعت سؤال كهذا حتما ولكن لم يكن لديها إجابه فقالت بصوت جاهدت لتجعله غير مرتجف إذا كانت هي الأخرى تعاني ما يعانيه: همام....ما تنتظرني ....كمل حياتك
همام بسخريه:هه حياة....انا من بعدك نسيت كيف اعيش اصلا....من اول يوم شفتك فيه وانا كنت حاسي انه وجودك في حياتي ما حيكون عابر ...بس رغم كده لقيت نفسي مواصل اقرب منك ، كأنك مغنطيس وانا ما في يدي شئ غير انجذب ليه....نور ....انتي نور حياتي بالجد من بعدك انا عايش في ظلام...(اكمل بصوت يختنق بدموع اختلطت بشوقها لها وخسارة جده) ....انا بالجد بالجد محتاج ليك اكتر من اي وقت ...ما عارف السنه دي مرت كيف بالجد ، انا م حرجع لندن تاني،  وصية جدو الاخيره انه نحافظ على البيت ونحاول نعيش فيه ، حتى في وصيته كان ما عايز يجبرنا نكون فيه...عارف انه انا وعمي بعد وفاة ابوي م قدرنا نعيش فيه...ارجعي وخلينا نكمل زواجنا بالجد مش على ورق
نورهان وهي تقاوم الدموع: همام...خلاص ...ما تعذب نفسك وتعذبني زواجنا انتهى
قاطعها همام بإنفعال: منو القال؟؟!....عشان وقعتي على ورق قايلاهو انتهى؟!...وقعتي وهربتي بسرعه قبل حتى ما تلتفتي ، لو كنتي التفتي كنتي حتعرفي اني شرطته الورقه ، اني ما وقعت ...نورهان محمد الهاشمي انتي لسه على زمة همام احمد منصور .
صمت:.....
صمت آخر......

اصابت بالذهول ، ابعدت السماعه عن اذنها تحاول إستيعاب ما قاله للتو...وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها ، لا تدري حقا لما تنزل دموعها بهذه الغزارة.
نورهان بصوت باكي: ه...همام ...د ده شنو البت فيه د؟
همام بثبات: الحقيقه ، الكنت بحاول اصل ليك عشان اوضحها ليك .
نورهان انهارت باكيه في الخط حين أرادت انت تتحدث : همااام ...ليه عملت كده؟؟! ...ليه مصر ترجعني في حياتك ...انا ما نورهان البتعرفها ...انا عبارة

متاهة ذكرياتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن