الفصل الثامن والعشرين

Start from the beginning
                                    

******************

صخب قلبها يعلو مع دقات الساعة، كل دقيقة تمر تزيدها جنوناً وقلقاً، تترقب بلهفة وشوق عودة الغائب بل الغائبين

جالت بنظرها تطمئن على بكر أبنائها الذى أندمج فى الحديث واللعب مع ندى التى تخفف عنه قلقه ببراعة، عمة أصيلة تجلس فى خشوع ترتل أذكارها ودعائها الذى يشملهم طيلة الوقت

شمس وياسمين يقومان بأعمال المنزل وتعود أحدهما كل عدة دقائق تطمئن وتُطمئن أمل بعودة الجميع سالمين

صوت إطارات السيارة التى تقطع الحديقة ببطء بث الأمل فى القلوب فاجتمعوا بترقب خاشع لاستقبال القادم بينما تقدمت أمل بتوجس نحو باب المنزل، أنفاسها تتلاحق فى تزايد وقلبها يتوسل ويناجى الله

انفتحت أبواب السيارة وقفز من المقعد الخلفى جسد صغير صائحاً بفرحة عارمة تواكب ركضه فى اتجاه والدته

:- أماى .. أتوحشتك يا أماى

عجزت ساقيها عن حملها فركعت على ركبتيها مغمضة العينين وأنهمرت دموعها من مقلتيها شكراً لله تستقبل الروح التى رُدت إليها بعوده ولدها سالماً

فتحت ذراعيها التى ما لبثت أن أمتلئت بجسد صغيرها بلهفة وسعادة أكبر من أن توصف، تشبثت بجسد ابنها بقوة، تطمئن لوجوده بين ذراعيها سالماً وهو متعلق بعنقها بأصدق معنى للحب

حين طال احتضانهم لبعض أقترب ياسين الذى ينتظر بلهفة للقاء شقيقه الأصغر ورغم ذلك أنتظر بتعقل حتى تطمئن والدته ولكنه لم يستطع كبح نفسه أكثر من ذلك

فأقترب ليضمهم سوياً بتلقائية نقية فجذبته والدته إلى أحضانها تملأ فراغ قلبها بطفليها وتوزع قبلاتها على وجوههم بشوق وبعد دقائق تركت لهم الفرصة ليحتضنوا بعضهم البعض بفرحة عارمة

وبعد أن انتهوا وبدأت أمل تتفحص جسد فارس بيديها وعينيها ولسانها ينهال عليه بالأسئلة للاطمئنان عليه من أى إصابة أو أذى

صاح فارس بصوت طفولى و تفاخر ذكورى فطرى

:- ما تخافيش يا أمه .... أنا مكنتش خايف واصل ولا همنى ضرب الرصاص حتى ... أنا راچل

ابتسمت والدته باطمئنان وربتت على وجنته برفق ثم رفعت نظرها نحو شقيقها وزوجها الواقفين أمامها جنباً إلى جنب، رفعت كفيها تُخفى فمها ولمعة تتراقص فى عينيها وهى تتأمل أجمل مشهد تخيله عقلها لأيام طويلة

منذ علمت بوجود شقيقها وعادت إليه وهى تتمنى وتدعو أن يؤلف الله بين قلب شقيقها وزوجها ... أحب الرجال إلى قلبها

هذه المحنة قربت بينهما وتعاونا على استعادة طفلها سالماً، تنهدت بسعادة يتقافز لها قلبها طرباً رغم مظهرهم المزرى المغبر إلا إنهما أجمل الرجال فى نظرها

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانWhere stories live. Discover now