الفصل السابع عشر : نوبة أشد

ابدأ من البداية
                                    

تأوه عمار و حرك رأسه بتشوش ،  ما هذه الأفكار التي تدور في عقله ، سحقا لقد نضبت سيطرته و سيتحول إلى سفاح إذا لم يبتعد عنها الآن.
كان جزء منه يدرك هذا جيدا و يعرف كم أنه من المهم الإبتعاد في الحال ، نصفه السليم المتعقل يحثه بتركها قبل أن يفعل شيئا يندم عليه لاحقا.
و نصفه الآخر يدعمه بتصوير مدى المتعة التي سيعيشها لو أغلق باب الشقة عليهما و ترك الأمر لجنونه الذي سيحاسبها على كل حرف خرج منها.

" تحمل ... إنتظر ... تعقل " إن عمار يكره هذه الكلمات التي تتردد في عقله.
تشعره أنه مجنون لا يفقه في شيء وهو ليس كذلك ، حسنا إنه إبن خائنة ماجنة و رجل قاسٍ مستبد و لكنه ليس مثلهما ، هو لا يريد أن يكون نسخة من رأفت و فيروز ، لا يريد.

فجأة خرجت منه شهقة عميقة أجفلت مريم وهو يزيحها عنه و يبتعد عنها مسرعا ، تخطى موجة الظلام التي أغرقته لثوان ظن فيها أنه سيموت.
إستطاع أن يطفو ، و يعود إلى بر الأمان في آخر لحظة قبل غرقه في القاع.
ثم ما لبث أن التفت إليها بعد أن استعاد وعيه المؤقت ، و طالعها وهي منكمشة حول نفسها و عيناها مثبتتان عليه.

اِعتقدت أنها ستموت بين يديه ، فكرت مريم بهذا وهي متصلبة مكانها وتضع يدها على بطنها ، لقد عاشت دقائق مخيفة منذ قليل ، ظنت فيها أنها لن تسلم منه ، جفت الدماء في عروقها و إزداد رعبها على طفلها المسكين.

إلا أن عمار أبعدها عنه كأن شيئا لم يكن ، يا الله كيف يستطيع الإنسان أن يجعل غيره يعيش كابوسا بمجرد نظرات منه فقط ، كيف هذا.

هزت مريم رأسها بهستيرية و تحركت لتذهب من أمامه و لكنه أمسك ذراعها و أعادها إليه بالقوة.
رفعت وجهها إليه فإبتسم عمار ثم وضع يده على عنقها يملس عليه بنعومة قبل ان يضغط عليه قليلا و ينخفض إلى أذنها يجيبها بنفس الهمس :
- عجبني انك بتهدديني يا مريم .... بس لازم تصحي على نفسك لأن عمرك ما هتقدري تعمليلي حاجة ولا هتقدري تبقي مع غيري انتي اضعف بكتير من انك تدوسيلي على طرف انتي ولا حاجة فاهمة ولا حاجة و اللي بقوله أنا هو اللي بيحصل.

تريث برهة يستمع لصوت أنفاسها التي تحول نسقها من الخوف للغضب ثم تابع :
- و كل كلمة قولتيها من شوية هتتحاسبي عليها بس مش دلوقتي لما أنا اقرر.

لم تعلق مريم على كلامه لكنها رمقته بنظرة مستهزئة وهي تفكر أنها بالأصل لن تدع له فرصة ليفعل أي شيء ، ستهرب من هذا المكان و ترفع عليه دعوى طلاق لتذهب و تعيش بعيدا عنه و عن كل ما يرتبط به.

لكنها تفاجأت عندما وجدت عمار يضحك مغمغما :
- لو بتفكري دلوقتي ف انك تستغفليني و تمشي فياريت تشيلي الفكرة من راسك انتي مش هتقدري تهربي من هنا ولا حتى تقدري تمشي خطوة واحدة برا الشقة ديه من غير إذني.
و يكون في علمك لو مسمعتيش كلامي فأنا هخليكي تشوفي مني وش عمرك ما اتخيلتي انه موجود و هدمر حياة اللي عماله يملي في دماغك و صاحبتك اللي اسمها هالة .....

نـيـران الـغـجـريـةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن