#إذلالتضع راحة يدها على بطنها المنتفخة بجنين تنتظره بعينين تغيمان دمعا ، كأن ولدها أمامها تُربت عليه بحنو .
أصوات بجانب الباب تخبر عن وصوله ، انتفض قلبها وتسارعت نبضاته ، رفعت عينيها لباب المنزل ، سمح عقلها لتلك العينين بالاتساع تهيؤا وتأهبا.
نهضت تتفقد ولديها التوأم النائمين، قّبلتهما بحرارة، كأنها ستفارقهما .
دخل ببزته السميكة كقلبه ، وحذائه الاسود الذي يشابه فعله ، تعب العمل واضح على ملامح وجهه المتجّهم وفمه المتشقق إزداد بشاعة مع التدخين .
لم يُلق لها بالاً ولم يُرحّب ، مر أمام تمثال واقف متأهب ، يده تحمل جوالاً ملتصقاً بأذنه يُلقي السِباب على طرفه الآخر وأوامر لطالما شبعت منها وارتوت .
" كيف لم يعترف ذلك ال... الحقير أريد زعيمهم الذي يتاجر بها وإلا لن يحدث معك طيب "
ثم قذف الهاتف على السرير بجانب الصغيرين مقطب الجبين
أخرج من بزته العسكرية سيجارة أخذها كعادته ممن يعتقلهم بتهمة الاتجار بالممنوعات .
شهقة خفيفة صدرت من جوفها حين أمسك ذوائبها بقوة ، سرعان ما تزايدت وتعالت بسبب يديه اللتان تتفننان في شد شعرها ، يدها فوق بطنها خوفا على طفلها والثانية على قبضته القوية .
" أ تمثال أنتِ ، إنقلعي وحضري لي شيئاً يسد جوعي "
أفلتها ، جسدها خانها فأبي إلا أن يرتطم بالأرض ، دموع متحجرة تكافح عدم النزول ، وجنينها يرفس مقهورا .
وضعت الطعام أمامه متحاملة على ألم سقوطها ، لم يأبه لأنّاتها لإنشغاله بهاتفه ، تلك البسمة تراها يومياً لكن ليست لها .
حين انحنت تضع إبريق الماء رأت بعض من كلمات الغزل ، تذكرت ماضيها السعيد أو البئيس ، تمنت لو تغّيره.
بسمته تلك طالما شهدتها وأغدقتها بالحب ، جمله المغازلة أخجلتها وأحبتها ، سأجعلك ملكة ، جملة أخطأها فأصبحت عبدةً لسيدها .
كم تخاصمت مع والديها ولم تصدق قول أبيها أنه ليس على صراط مستقيم
هجرتهم ، فهجرها هو وأبى الرحمة .
تتعالى صرخات دواخلها وتنوح بؤسا لحالها ، ثلاثة سنين تراقصت وجعا ، وأهلها نفوا أي صلة بها .
كارتجاف صحيفة في الرياح كانت يدها ، تضغط اسم والدها لكن تتراجع في آخر لحظة ، تعاود من جديد حتى فاض بها وعدم ردهم لها ذبحها .
حزمت أمتعة عدة واحتضنت أطفالها عازمة الاستنجاد بأهلها .
نظرة باكية من والدتها ، والعتاب والألم بكشرة والدها .
تفحصت وجهيهما وبعينيها استنجدت وطلبت السماح ، قدمت طفليها اللذين يطالعان الوضع بحيرة ، يقّلبان النظرات بين الوجوه الواجمة .
صرخ الأب وتكلم ، والأم تحاول أن تجعله يرحم
"إذهبي إلى من تركتنا لأجله ، فليس لنا بنات هنا "
حاولت الأم التكلم لكن نظرة واحدة من زوجها جعلتها تتنازل
ورمى بها خارج البيت ، هي والصخر سِيّان .
رجعت مذلولة ، صعقت متقهقرة للخلف تستوعب الصدمة ، زوجها وغريبة على فراشها ، لملمت الفتاة ثيابها تستر عورتها أما هو ، أخذ سيجارة محشوة وملا بها صدره ، ارتدى سرواله وجلس ببرود .
جوفها مزدحم بالإذلال والإهمال ، والحرمان والخذلان ، واُتخم بالآلام. حاولت أن تبتلع ذلك وتسكت كالزمان ، رفض واسترجع كل الذي في جوفه ، صرخت كالمجنونة صوتها بح ، بكاء الصغيرين يعلو خوفا منها ، وهو فقط يدخل أدخنته بدل صوتها
وقعت تحت عينيها ، حديدة سميكة تفي بالغرض ، تداركها وتصارعا عليها ، طارت وسكت الصوت وعم الهدوء .
وصل الوالدين عازمان علي الصلح وأخذ ابنتهما ، دخلا فصُعقا ، إرتجفت ثناياهما
رجل عارٍ يبرك أرضا كأن الزمن توقف عنده وسيجارته تحرقه دون أن يشعر ، يصوب ناظريه نحو زوجته المضطهدة خاوية الحياة والقلب، كانت تنظر لصغيرها المضرج بالدماء وقد فارق الحياة. وتوأمه ترقد بجانبه تحاول أن تصبح مثله .
YOU ARE READING
قصص متنوعه 2
Short Story🥈#2في الفصحى قصص باللغه العربيه الفصحى ،،، تابعها ففيها العبر والفائده