الفصل الثالث والعشرين

ابدأ من البداية
                                    

رفع حمدى صوته الخشن الجهورى ليستمع الجميع إلى كذبته التى قفزت إلى عقله المريض وقال بكلمات خرجت واثقة من فم رجل متمرس على الكذب والخداع

:- الولية اتچنت خليص ... بتها طفشت مع راچل أكل عجلها وضحك عليها ... والولية المچنونة دايرة ترمى بلاويها على الناس الشريفة

رفعت قبضتها تضربه بكل قوتها على صدره رغم ضعف قبضتها ... تنفى كذبته بحرقة

:- كداب ... كداب وفاچر بتى أشرف منيك ... أنت اللى طمعت فى البنية وچريت وراها ...وأمممم

كتم صوتها بكفه العريض حتى كاد يزهق روحها وقال بتأفف بنفس الصوت الجهورى ليصل للجميع

:- ده اللى ناجص ... تتهمى ابن الأكابر فى بتك الفاچرة بنت الجهوجى ... ديه أخر الزمن يا ولاد

أخيراً أخترق الصفوف التى تتزايد مع كل لحظة حجازى الذى انتزع نرجس من بين يدى حمدى وأدارها نحوه لتبدأ فى التقاط أنفاسها بصعوبة من جديد

رمقه حمدى بتهديد، يذكره بحوارهم بالأمس وما ممكن أن يصيبه من أذى فى أمواله إذا ظهرت الحقيقة، ابتلع حجازى ريقه وصاح بأعلى صوته بكذبه جديدة تفتق عنها عقله

:- لا حول ولا قوة إلا بالله ... الولية عجلها خف لما عرفت أن بتها ماتت

التفت نحو حمدى يستجدى رضاه وقال معتذراً

:- لامؤاخذة يا حمدى بيه أمسحها فيا أنى الحُرمة مسكينة مش فى وعيها

حقاً لم تكن فى وعيها، وكيف تمتلك وعيها أو سلامة عقلها وهى تستمع إلى خبر موت صغيرتها، ضحية ضعفها وخنوعها ... هل ماتت حقاً!!، هذا هو التفسير الوحيد لغيابها عنها وعدم تواصلها بها

تشبثت بمقدمة جلباب حجازى، تحدق فى ملامحه بعيون زائغة النظرات تتسائل بعقل مغيب وصوت واهى

:- بتى ماتت ... ماتت يا حچازى ... كيف ...ميتى ... كيف تموت بعيد عنى ... كيف تموت وأنا حية فوج وش الأرض ... كيف

تهاوى جسدها أرضاً، لاتقوى ساقيها على حملها، تحجرت الدموع بمقلتيها وجذعها يهتز للأمام والخلف تولول غير مصدقة، تهزى بكلام غير مترابط أو مفهوم ومقلتيها تدور فوق التراب تنبشه بكفيها تردد بضياع وتيه

:- ضنايا تحت التراب .... ضنايا خدها الموت .. كيف .. لاه .. لاه بت جلبى حية ... حية

رفعت حدقتين مهتزتين بتيه تتجول بها بين الوجوه المحلقة حولها تتسول إجابة تؤكد حديثها أو تنفيه، إجابة تشفى صدرها المنشطر والناس حولها تضرب كف بالأخر، بين مشفق على لوعة قلب أم يحترق وبين من يشاهد بتطفل وينسج روايته الخاصة عما يحدث

*****************

فى سيارة حسام العزازى المنطلقة على الطريق عائدة إلى البلدة بعد رحلة قصيرة استغرقت عدة ساعات منذ ساعات الفجر الأولى

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن