ملخص كتاب الوجودية منزع إنساني- الفكر الوجودي: نشأته وتطوره لجان بول سارتر

18 0 0
                                    

تربط الوجودية – لدى سارتر بصورة خاصة – بين الحرية والاختيار والمسئولية ربطًا يجعل من تلك المعاني الثلاثة أساس الوجود الإنساني أينما كان، وأصلًا من أصوله. لقد تعرّضت فكرة الوجودية للكثير من إساءة الفهم، وفي هذه الكلمات نعرض ما أراده (سارتر ) توضيحه بشأن الوجودية التي تُعْلِي من شأن الإرادة الإنسانية، وتركِّز على أن الحريّة شيء أصيل في النفس الإنسانية، وأنّ الإرادة الحُرّة تجعل الإنسان مسئولًا عن أفعاله، وتضعه أمام واجب تحمّل المسئولية.

1- الموضة الوجودية

إنّ أغلب الناس الذين يستخدمون هذه الكلمة سيواجهون صعوبة كبيرة في تفسيرها، خصوصًا لأنها أصبحت اليوم "موضة " تُستخدم في كافة الأوساط الاجتماعية والثقافية، فإذا بنا نرى الناس يَسِمُون بها بعض الفنانين – الرسّامين أو الموسيقيين وغيرهم – باعتبار أنهم وجوديون، ونرى محررًا في صحيفة يوَقِّع باسم "الوجودي ".

وهكذا اتسع مدلول العبارة في الواقع على نحو لم يعد دالًّا على أي شيء.

ومما يزيد الأمور تعقيدًا وجود جنسين من الوجوديين: أوّلهما الوجوديون المسيحيون ذوو العقيدة الكاثوليكية ، وهم الذين يرون أن الإنسان له وجود بشري أصيل؛ حيث له حرية اختيار ما يكون عليه في حياته، ولكن هذا كله يخضع للحقيقة المتعالية الخفيّة وهي الدعامة الأساسية للوجود البشري، ومن هنا أتى تصنيف ( سارتر ) لتلك الفلسفة على أنها "الوجودية المؤمنة ".

ثانيهما : الوجوديون المُلحِدون، وهم الذين اعتبروا أن الحريّة هي المقوِّم المبدئي للذّات الإنسانية، مما يدفعها باستمرار نحو صُنع وجودها على النحو الذي تريد، ومن هنا لا يكون الوجود البشري – بالنسبة لهم – مُكْتَمِلا، وإنّما بمثابة الوجود الناقص الذي يطمح نحو اكتساب ماهيته. فالإنسان إذن مشروع وجود أكثر منه ماهيّة مكتملة.

وما يشترك فيه جميع الوجوديِّين هو أنّ "الوجود يسبق الماهيّة ".

2- الإنسان والله في القرن الثامن عشر

عندما نتصوّر إلهًا صانعًا، فإننا نماثل هذا الإله في أغلب الأحيان بالصانع الأعلى، وبما أننا نقبل دائمًا بأنّ الإرادة تتبع الفهم أو على الأقل تلازمه – أي أنّ الله عندما يخلق يعرف على وجه الدقة ما يخلق - ، فإن مفهوم الإنسان في ذهن الله، مُماثل تمامًا لمفهوم قاطعة الورق في ذهن الحِرَفِّيِّ، والله ينتج الإنسان تبعًا لتقنيات وتصوّر تمامًا مثلما يصنع الحرفي قاطعة لورق طبقًا لتقنيات وتصوُّر؛ إذن فالإنسان الفرد يحقق مفهومًا مُعينًا موجودًا في ذهن الإله.

وعن طبيعة الإنسان وخلقه في نظر الفلاسفة نرى أنهم نظروا إلى الإنسان على أنه يمتلك طبيعة إنسانية، وهذه الطبيعة الإنسانية – التي هي مفهوم الإنسان – موجودة عند جميع الناس؛ فإنسان الغابة وإنسان الطبيعة - مثلهما كمثل الإنسان البرجوازي - خاضعان للتعريف نفسه، ويمتلكان الخصائص الإنسانية نفسها، وهنا تسبق "ماهيّة " الإنسان – أي صفاته ومواصفاته – وجوده.

عَالَمُ الكُتُبْ 📖 - 📚 Books World حيث تعيش القصص. اكتشف الآن