الجزء السادس

598 6 2
                                    

مزون
عند دخولها للبيت ناظرت أمها اللي فزت:وين كنتي إنتي بعد؟
مزون:شصاير؟
عائشه:ثنيان غايب كل هالأيام يامزون ولا ادري وينه ولا ادري وش حاله
مزون تنهدت وجلست:أمي ثنيان من يومه غيابه عن البيت أكثر من حضوره هذي عوايده
عائشه:بس هالمره لا معه زوجه ولا صاحب محد يدري عنه شي
مزون تنهدت وعائشه كملت:مادريت إنه مسحور فيها لهالدرجه
مزون:أمي ؟ كفايه اللي صار لرجوى بعد تتهمينها بالسحر ؟ الواحد اذا حب ووفى عندكم صار مسحور ؟
عائشه ناظرتها:وانتي اللي تشوفينه حب وبس ؟
مزون:اي حب امي حب يحبها واللي يحب يسوي سواة ثنيان وأكثر
عائشه:اخوك يتهيأ له يامزون أخوك مهبول
مزون بلعت ريقها وسكتت وعائشه كملت:وتقولين هذا حب عادي ؟ هذا جنون اصلاً
مزون:أكيد بيجي قريب لزواجي ماراح يخليني وهو أخوي الوحيد
أكدت الكلام لأمها وكأنها تقنع نفسها بحضور ثنيان ورغبتها في وجوده في أفضل ليالي عمرها .. ليلة زواجها
عائشه:أبي بس أعرف وين أراضيه ، تدلين بيته مع رجوى ؟
عقدت حاجبينها مزون وهي تناظر توتر أمها وهزت راسها بالإيجاب
'
السديم
منسدحه وتناظر الجدار اللي أمامها وتسترجع ذكرياتها في سجون النساء اللي عاشت فيها فتره طويله وعرفت إن اللي داخلها كانوا مظاليم وكانت تكذب مقولة «ياما في السجن مظاليم»
ماصدقت بإن السجن يعلم ويغير الناس ويطهرهم من شرورهم وهو كافي يربي ويصحح أغلاطهم
كانت في دوامة إن هذا المكان فقط للمجرمين وإن باقي أماكن الدنيا سليمه من الأشرار
تذكرت نظرات رفعه لها وسكوتها وخوفها،كانت تتجاهلها دايماً مقتنعه بإنها تستحق المكان هذا وتعاملها بمعاملة الاشرار
بكت وهي ترجف وتتخيل لو شافت بس منظر رفعه وتلطخها بالدم من رصاص مسدس ممدوح
اللي كان قاضي ذو منصب مرموق ماتوقع يكون حامل كل هالشهر كل هالدنيا طلعت شريره واللي ضنت إنها أنظف من داخل السجون طلعت الدنيا ملوثه بأيادي ظلّام وعبيد وبين قصاص وبين إفتراء ورشوات
دخلت في دوامة من البكاء الهستيري وتلحفت بيدينها وهي تبكي وتون لحد ما حست باليد اللي على كتفها خلتها تصرخ برعب
'
ثنيان
إستقر بشقه صغيره تكاد ينقال عنها غرفه فقط وحمام
هِنا بيشعر بالأمان أربع جدران كافيه على هوسه وجنونه وهِنا بيستفرذ بحروفه الصعبه ويغزلها على حرير المناديل كتابة
فتح الكرتون اللي جابه ونثر الصور والأوراق وارخى جسمه على الأرض والقلم بيده وبدأ يتكلم بهذيان بمنتصف كل هالعولمه
:قولي لهم ياعزوتي ، ‏ما عابنا موت النخيل ‏اللي يوافيها الأجل .. ‏وتموت لكن واقفه ! ، ‏أخر عباراتي وداع و‏أخر مشاويري رحيل ‏جيتك وبي لفحة ضما ‏وأقفيت كبدي ناشفه
قالها بهمس وهو يناظر السقف منسدح بمنتصف مكانه وبيده قلمه وأوراقه والضياع وحب رجواه
ما توقع إنه بيحارب بس بيحارب لوحده ولا توقع إنه يضيع ويضيع وحده ، كانت أياديهم كلهم له والحين وين ولّت أياديهم ؟
ما أشوف الا سقف وعامود من طين وكسرة ذراع وكسرة قلوب
كان حاله يرثى له مهزول الجسم ذبلان الملامح معدوم البشاشه ، كل هذا تعب فراق ولوية ذراع صاحب
حتى ولده بسّام اللي حرمه من الأبوه السليمه والحنان ومعنى الأب وكان متمسك بإنه يكون من صالح حضانته ؟ الآن مستسلم للابتعاد عنه يحس إنه ما يستحق يصير أب ولا يبي يظلم أحد معه
يحس إنه صعب المعاشره صعب الطباع يحس إنه مكروه وعاجز وضايع ولا أحد يوده ولا أحد يحبه ويفقده
هذا هو بهالمكان لحاله من سأل عنه ؟ من دوره ؟ من فقده ؟
ناكر يامجنون رجواه إن الأم على باب بيته الآن تدور له وناكر وجاهل نومة رجوى اللي مابين كابوس ودمعه ومابين ركعه وسجده
كانت رجواه بهالوقت بالذات تخصص لها ساعه كامله تقرأ سورة البقره سمعت عن العجب فيها وفي تحقيق الأمنيات وتمسكت فيها من اليوم وبكل يقين طلبت من الله يرد ثنيان لها رداً جميلاً يرضيها
تدري بإن الغياب قاسي عليه أكثر من قسوته عليها
وتدري بإن لو جات عين وغابت عين ما بيملي عينها غير عينه ، هذا ثنيان اللي شالني من كفون الدنيا المتعبه لحضنه المريح
'
فتحت الباب وهي تناظر وجيههم المصدومه والمستغربه وأبتسمت
:تدورون ثنيان صحيح ؟
عائشه:من إنتي ؟
نورا:حياكم
ناظرتها مزون والتفتت لأمها اللي علامات التعجب بوجهها ودخلت بعدها
قفلت الباب نورا وضحكت:والله اليوم أول يوم لي بهالبيت شرفتوني
مزون التفت لها:بس هذا بيت ثنيان
نورا:اي بيته وانا استأجرت هِنا
عقدت حاجبينها بشك:انتوا اهله ؟
عائشه:أنا أمه
ابتسمت بهدوء نورا:شلونك ياخاله؟
عائشه:ادور على مكان ما يبات ثنيان تعرفين وين اخذ اغراضه وسكن؟ هو سافر والا موجود هنا ماعندك علم ؟
نورا تقدمت:اهدي ياخاله ثنيان اليوم كان عندي بمكتبي وسلمني مفتاح البيت وبخير
سكتت ثواني وكملت:بس ليش غايب عنكم؟
مزون همست:معليش تعطيني رقمه
نورا هزت راسها بالإيجاب ودخلت ولفت عائشه لمزون:ياويلي وين تهقين يبات هالولد ؟
مزون:المهم انه طيب والحين بنطمن عليه اهدي امي
طلعت لهم بجوالها ومدت لمزون:هذا رقمه سجليه عندك
اخذت الجوال مزون وهي تنقل الرقم الجديد تحت أنظار نورا المستغربه لهم
رفعت راسها عائشه بإحراج:اعذرينا لو ازعجناك ببيتك او دخلنا بدون استئذان عليك وعلى عيالك
ضحكت نورا: لا تطمني ياخاله مافي هالبيت غيري أنا لا زوج ولا عيال فيه
ناظرتها مزون بحيره ونورا كملت:حياكم طيب أجلسوا
عائشه:مشكوره مره ثانيه ، امشي مزون
خرجوا بإستعجال من نورا اللي وقفت خلف الباب تحل المعادله الصعبه في ذهنها للقائل عنه مجنون "ثنيان"
'
السديم وفعت راسها تحت ضحكته الهاديه:تطمني لا تخافين
جلست بإرتباك وهي تشوفه يجلس قريب منها وعيونه ضايعه بالمكان
ابتسم إدريس:سمعتك لحالك تبكين وجيت أبكي معك
سكتت وهي تناظره وكمل إدريس:أعتبريني أبوك وإسمعيني
أخذ نفس وتكلم:اللي مريتي فيه ماهو شوي وأنا أبوك وأدري إنك فاقده أهلك وتحسين بالخوف بس بإذن الله كاظم ما بيقصر معاك ماهو عشانه رجال بس ؟ لا والله لأنك بيوم كنتي من أعز ناسه وتمسك فيه رغم إن فلتيه بنص الطريق
بلعت ريقها سديم وكمل إدريس:ماشفته مكسور مثل ليلة فراقه عنك وتصديك عنه والله ياهو كان يحبك والله ياهو كان ساهي فيك
سديم نزلت انظارها لكفوفها وإدريس أبتسم:بس هذا النصيب ومحد ياخذ نصيب غيره شوفي مزون حوالينه غيم تمطر عليه من عذوبة كلامها ومن إهتمامها
سديم سكتت وأكمل إدريس:وانتي جايك نصيبك إن شاء الله بس بغيت أقولك شي
رفع يده يتحسسها وحط يده على صدرها بخفه:اللي هِنا لا كان نظيف وطاهر ماهم لا منصب ولا مكانه
نزل يدينه وكمل:لا الفلوس تعيشنا بسعاده ولا المناصب العاليه ، هذا أنا مكفوف وأبسط ما يفرحني ضحكة أحفادي ، الفرحه في روتين العافيه ووجود الأهل والأحباب وناس توفي وناس تحب وناس تقدر
كمل وهو يبتسم:يمكن تروحين عند اهلك ولا أشوفك مره ثانيه بس تأكدي لو عشتي هِنا كان عشتي مع أب وزوج حنينين عليك بس هذا نصيب مزون
سديم ماردت عليه وهي مكسوره ومخنوقه من كلامه
ادريس:الله يوفقك ويجبر بقلبك بعد كل هالقسوه اللي ذقتيها ، تصبحين على خير
وقف وخرج من الغرفه تاركها تخوض في بحر الندم لحالها تماماً
'
صحت على صوت رساله من جوالها وفزت رغم ان صوتها هادي الا انها فزت منها وكأنها اصلاً مانامت وغفت أو تقفل لها جفن وارتاح
اخذت جوالها وهي ترفع شعرها وتقراها واللي كانت من المرسل"أمواج"
:ياسر اخوي قدم لك على وظيفه في رسيبشين المستشفى العسكري وموافقين بأي وقت صحيتي كلميني عشان اعطيك تفاصيل
تنهدت وهي تشوف رسالة أمواج الرسميه ودليل على حساسيتها من رجوى ووجود رجوى ورجوعها
بس شالت لحافها عن جسمها وهي تلبس روبها الحرير وتربط ربطته وتناظر الشباك اللي امامها
انقضت ايام وقريب الاسابيع وهي ماتدري عن اي خبر عن حال ثنيان
تنهدت وغيرت ملابسها ولبست عبايتها وخرجت وهي تتصل على أمواج وهي طالعه من غرفتها
ردت أمواج:هلا
رجوى:أقدر اشوفك ؟
أمواج هزت راسها:ما يحتاج ياسر بيقابلك بالعنوان اللي برسله لك وانـ...
قاطعتها رجوى:مو بخصوص الشغل
أمواج سكتت ثواني:انا بالصالون
رجوى:تمام ، جايتك
قفلت منها رجوى وهي تغادر الفندق وتتوجه لها
'
ثنيان
فز على رنين جواله وجلس بتعب وهو يناظر مكان نومته
الأرض ! كيف غفى بدون ما يحس وكيف أشرقت الشمس وما تضايق أبد ؟ هذا دليل تعبه وجهده بهالايام
ناظر الرقم وعرفه حتى بدون ما يستذكره ، هذا رقم أمه بس كيف جابت رقمه الجديد ؟
قفل الجوال ووقف وهو يرجع يسمع صوت رنين الجوال ويتأفف
جلس ويدينه على ركبتيه وماسك راسه ما يبي يواجه بني آدم أبد تعبان من كل شي وذهنه وروحه مو معاه ولا له نيه يرجع لأهله بهالنفسيه
التفت اول ما انتهى الاتصال وانرسلت رساله نصيه محتواها ؛
أنا مزون أمي منهاره جنبي تبي تتطمن عليك وكلنا نبي نطمن عليك بس كلمها طمنها
ناظر الرساله وتنهد ودق وهو مقفل عيونه وردت مباشرة عائشه:ثنيان؟
ثنيان:هلا
عائشه بخوف:وين يا أمي انت ؟
ثنيان:انا بخير بس ابي ارتاح خلوني على راحتي
عائشه:وين اراضيك طيب ؟
ثنيان:نفس اراضيكم لا تخافون
عائشه:اختك جنبي ياثنيان تبيك تحضر زواجها تحدد من صاحبك ورفيق عمرك تكفى ياثنيان ارجع وانا امك وقر عيني وعين اختك وخلنا نفرح سوا
ثنيان بلع ريقه:ماعندي صاحب ولا رفيق وابوي ما بيقصر ، سلام
قفل منهم وناظر جواله بضيق وهو يسمع معاودة الاتصال من امه بس ترك جواله بمكانه وخرج من غرفته الكيئبه وغادر المكان تارك جواله وركب سيارته وهو يتوجه لبعيد لمكان ممكن يخليه يكون بخير بس مافي مكان بهالدنيا بيخليه بخير غير شوفتها وحضنها
ولا له حيله يروح ولا يعرف مكانها ولو انه مخمن مكانها الا ان كل خطواته ودروبه تمنعه لها
'
نورا
دخلت مكتبها وفتحت اوراقها وكأنها تتفقد المنديل المهلوك بسبب قبضة كفوفه وفعلاً ! لقته وابتسمت وهي تقرأ الكلمات بتكرار وتصبّح على هالابيات الزجليه
التفتت لجوالها وهي ترسل بهدوء وحكم شخصية الكاتب الجريئ زيها اللي كان لها أدوار بدار النشر من ملقي ومن مدير دار كبير كانت خطوتها بالإرسال دليل لشخصيتها القويه
؛صباحك خير ولو إني مبكره مع عصافير الصبح الا انك خطرت ببالي بعد ثلاث بالضبط من أيام هالأسبوع بقيم إفتتاح للدار وبيكون مسلي لك بإذن الله ، ودي أشوفك زايرنا
جمعت الزياره وكأن في مجموعه معاها مترقبين زيارة ثنيان ولكن الحقيقه هي الوحيده اللي مترقبه زيارته للدار وبتسعد في قدومه
ققلت جوالها وانشغلت بوسط تجهيزاتها لإفتتاح النشر
'
رجوى
دخلت الصالون وتوجهت لمكتب أمواج ووقفت وهي تناظت المكتب الفارغ والتفتت لمنتصف الصاله وناظرتها تتكلم مع احد العاملات
التفتت أمواج بإنتباه لها ومشت وتعدتها ودخلت المكتب:حياك
جلست رجوى وناظرتها أمواج بهدوء تنتظر منها بداية الحكي
رجوى:مدري ليش جيتك ومدري ليش كررت الإتصال فيك بس بسننا ود مامر عادي علي وحسيتني اعرفك من سنين ، ما اعرف اذا هذا شعور الأخوه او لا لاني ماجربته
أمواج تمت ساكته وكملت رجوى على نفس وتيرة الصوت
:واسفه لو بدر مني قصور او غبت فجأه او وتخلفت عن عقد شغلنا سوا بس اللي ذقته من ايام كان مر
أمواج:مو طبعي اشيل بقلبي يارجوى تطمني من جهتي مامسني لك كره او حقد
رجوى:ولا ابيه يمسك ولاني ما عرفت بهالمكان الحلو غيرك ماهان علي ارجع اضيع فرصة اني اكون قريبه منك
ابتسمت أمواج:اهم شي انك بخير الحين
رجوى ابتسمت وأمواج ناظرت جوالها:خل اكلم ياسر يرسل لي الموقع وتروحين مباشره من هنا
هزت راسها رجوى ومشت أمواج لخارج المكتب وهي ترد على كلامه الأخير:صاحي إنت ؟ تطلع من شغلك عشان توصلها؟
ياسر:الله والشغل اصحابي يغطون علي اجي اخذها وارجع وترا المستشفى العسكري قريب منا
أمواج:ماله داعي ياسر اعقل
ياسر وقف وابتسم:ماله داعي عندك قولي لها انا باخذها
أمواج تنهدت وقفلت جواله ولفت لرجوى اللي مكانها تناظرها
دخلت للمكتب وهزت كتوفها:ياسر بيجي ياخذك
رجوى:لا لا أمواج انا بروح بنفسي ، تكفين
أمواج:رفض يرسل الموقع انتظريه يوديك وتطمني معاه على شغلك ومنها عشان بعد يعطونك اهتمام اذا شافوه عسكري ومعاك
سكتت رجوى بتوتر وهي تخفي خوفها من هذا الشخص اللي الى الان تعتبره جثه وفجأه رجعت لها الحياه
'
كاظم
شافها تطلع من الغرفه وكأنها كانت بمكان منعزل عن حلاوة الروح وماكانت تشوف غير المراره وعاشت أيام صعبه ومن أول ماشافت أبوها أمامها تحولت هذي الصلبه السجانه الغليظة للطفله اللي تبحث عن أمان وحضن والدها
التفت كاظم من سرعتها لحضن ابوها اللي تمسك فيها وهو يردد:بسم الله عليك بسم الله عليك
تنهدت بتعب كاظم من صوت بكاها وهو يسترجع ذكرياتها السيئه ولا يقدر يلومها أكثر يكفي اللي ذاقته والدرس اللي جاها
انتظر الدقايق اللي مرت بين شكوى سديم لأبوها وبين خوفه عليها
لحد ما التفت أبو سديم:تخيل إني كنت مستأمن عليها عند زوجها وخايف عليها من الغريب ؟ ومن رجع لي بنتي من كل هالكربه ؟ الغريب ياكاظم
رفع حاجبينه كاظم وهو يشد على سبحته بيده:بزعل عليك إن كان مقصدك عني بالغريب
ابو سديم:والله انها فوتت الرجال الصحيح ياكاظم
رفعت انظارها السديم بين دموعها لكاظم اللي ناظرها والتفت بسرعه لوالدها:محد ياخذ نصيب غيره وحمدلله على كل حال المهم انها بخير
ابو سديم التفت لها يناظرها:الحمدلله ، ادخلي وانا ابوك هاتي اغراضك وامشي نطلع من هالمكان كله وتجين لامك ولبيتنا
مشت السديم بتأني وتعب أمام نظرات كاظم الهاديه ودخلت غرفتها اخذت اغراضها وخرجت متوجهه لغرفة إدريس
اللي وجدته منسدح ومغمض عيونه وصوت القرآن هادي قريب من مسامعه دليل على سباته
مشت وهمست له:عمي !
وكأنه هذاك اللي ماحس على قدومها وفز بخوف:هلا
السديم بلعت ريقها وهي تمسح دموعها وتكبح غصتها وهمست:انا بروح
إدريس:الله يصلحه كاظم ماناداني اشوف ابوك
السديم:ارتاح جيت عشان اقولك اني ندمانه
إدريس سكت وكملت السديم:ماهو بس عشان سوء الظن بولدك عشان اني مابلاقي مثل حنيتك بشخص ثاني أبد ، ومحظوظه زوجة ولدك
إدريس إبتسم:لا بغيتي شي بتلاقيني وانا عمك لا تخافين
السديم ابتسمت رغم انها متأكده مابعد هاللقاء لقاء ثاني لها بهالمكان وبتغادر بمنطقه ثانيه تاركه أصابع الندم محروقه حسره
خرجت لكاظم اللي واقف عند الباب لحاله وكأنه ينتظرها بس كان يناظر الأرض وهادي
رفع أنظاره لها وهو ساكت تقدمت له ورفع كفه وكأنه يمنعها تقترب أو تقول شي قبل مغادرتها وهمس دون النظر لها:خلينا خِفاف
السديم ناظرته بتأني لحد مارفع أنظاره لها وتكلمت بهدوء:عساك ما تطعم الندم اللي اذوقه الحين
كاظم:بقالك بهالدنيا حظ ونصيب ، روحي يالسديم .. الله يوفقك
كلامه الأخير خلاها تقدم بخطواته وتعزم تغادر البيت بين ماقدر يسكت أكثر وقال:ولو ان الحظ والنصيب ماهو لصحالي ! اعرفي انه لصالح اللي خذاك
التفتت له وناظرته وكاظم ابتسم بتنهيده صغيره:لا تروحين وانت فيك تأنيب ضمير لو شوي
هزت راسها بتعجب من حال هذا الإنسان اللي أطهر وأنقى من مسمى حليلته مزون "الغيم"
وقفل الباب خلفها ومستحيل لهالبنت رجعه او دخول لحياته او حتى ذكرى بقلبه غير الراحه من بعدها ، أيقن بإن الأمنيات اللي تمسكنا فيها ولاصارت جات من خلفها غيوم من الفرح والراحه وكانت غيومه «مزون» اللي توالفت قلوبهم بسرعه وارتسم بطريق حياتهم الرضا ، وما يخالف ولا يقصر من عمر بني الآدم شي لو سامح اللي خطى وأتعبه وأشقاه بطريقه لأن اللي ما يسامح ! بيعيش بدوامة الحقد والماضي وذكريات دائمه وممكن يكتظ صدره بالسواد ، مقابل وشتان اللي يسامح يعدي كيف ربي يعلمه الرضا بأبسط أموره وهذا حال كاظم الآن .. مسامح ، تخطى ، ومرتاح
'
ثنيان
فلت من يده كومة الطين اللي حبسها بكفه غضب وحده وارتخت ملامحه وهو يناظر الشمس ومغيبها ، فاقد اللذه بالدنيا والشغف وكل مافيه ، فاقد الثقه في عقله وسلامة عقله بعد كل اللي صار ، شبه ميّت هذا إن ما مات فيه كل شي
كان يحس بقل الحيله والضعف كان يقوي نفسه بإن اللي عافنا بعناه بس ليش قاعده تسيل دموعي على خديني ؟
ليه صارت هيّنه دموعي وصرت مكسور ولا أحس فيها على خديني
وين واصل بي حال المهاجر ؟
وقف على رجلينه يستند على سيارته ويفتح الباب ويناظر السما لوهله ولمح خلف تلك الغيوم المغيبه وخلف شعاع النور من المغيب !
صورتها اللي أبهى وأصفى من صفاء الشمس وبهاها
تمعن بالسما وكأنه استرجع هوسه من جديد في صوره بالسما مالها أثر
وفلت يدينه من سيارته واتجه باتجاه المغيب لمسافه بعيده جداً مغادر مكان سيارته ومكوثه ويركض بين ضياع البرّ بإتجاه ماهو موجود اصلاً ولا يقدر يوصله
بإتجاه المغيب وبرضو بإتجاه رجواه ! اللي كانت بعيده بعد السما عن حاله الآن
ركض ركض وتعثر بين التراب ورجع قام وهو يلهث خلف صورتها ومن تعب وطاح جسمه على التراب بعد زوال الشمس تماماً
استوعب حجم الخيبه الكبيره بصدره ويظل يخرج من صدره تنفس ضيق ضيق كحجم فتحة الإبره
نسي طريق عودته بس أي عوده ؟ عودة حياته الساكنه مع رجواه
والا ماهمته سيارته او ظلمة الليل اللي كسحت بالمكان سوادها
جلس وهو يتلفت وناظر نور سيارته من بعيد ومشى بهدوء عامس خطواته اللي كانت مسرعه
ولحد ما وصل ركب سيارته وقفل بابه وناظر كفينه اللي ماليها التراب وماليها التعب وحتى كفينه ماهي كفينك ياثنيان ! وش غير حالك واقلبه؟
رجع بيته بعد ما فوت طريق بيته ناسي ثلاث مرات ، وقف عند البيت ونزل ووقف عند الباب يدور مفتاحه والتفت لسيارته وشافها لازالت تشتغل دليل انه ماسحب المفتاح منها
جلس بتعب على الارض وهو يحط يدينه على راسه ويبكي يحس بالشيخوخه وهو بعمر الشباب ، ينسى ويتهيأ له وعايش وحداني بس بدون أحفاد فرقه عن فرق الأجداد
توجه وهو ياخذ مفتاحه ويمسح دموعه ويقفل سيارته ويدخل غرفته ويناظر جواله ويفتحه
ناظر الرسايل من مزون ومن بينهم رسالة نورا
عقد حاجبينه وهو يقرأ رسالته ورغبتها في مجيئه وقفل جواله بدون إهتمام لطلبها او حتى رد
وفجأه اتصل رقمها عليه وكأنها لاحظت قرائته للرساله ورد بهدوء
وسمع سؤاله:‏من وين لك قلبٍ على طول جاير!
ثنيان جلس بهدوء ولا رد ونورا اخذت نفس وهي تسوق وتكلمه:مازلت أتمنى حضورك إذا ودك تتسلى ولو إن القصايد والشعر والروايات ماهي للتسليه قد ماهي عافيه للروح الا اني ابيك تتسلى
ثنيان:مشغول
نورا:ماعندك اللي يلهيك عن شعر ، تعال
ثنيان سكت ونورا كملت وهي تنتظر ردة فعله:يومين والاقيك واتمنى فعلاً اني الاقيك وبكون سعيده
ثنيان بهدوء:إن شاء الله
ابتسمت وقفلت جوالها وهي تناظر طريقها بهدوء ومبتسمه
'
رجوى
راكبه جنبه وساكنه وتناظر الطريق وتفرك يدينها
ناظر يدينها المتوتره ياسر وهو يسوق بهدوء ورجع ناظر طريقه:بيساعدونا مباشره اذا شافوني معاك
رجوى هزت راسها بدون رد
والتفت ياسر لها وناظر ربكتها:لهالدرجه يعني وجودي معاك مهم تخيلي !
التفتت رجوى وناظرته وعقدت حاجبينها بإستغراب من كلامه ورجع كمل ياسر:العسكر بالمستشفى العسكري لهم مكانه وانا الكل يعرفني
أردف بالكلمه وكأنه يبي يصحح المفهوم اللي فهمته واللي كان مفهوم صحيح تماماً بس ماحب يخوفها او يوترها او ينفرها منه
اختنقت بجانب هذي الجثه اللي بجانبها وفتحت الشباك وهي تاخذ نفس وتهدي من أفكارها ، رفعت يدينها على بطنها من ألمها المفاجئ وغمضت عيونها تحت أنظار ياسر لها بهدوء
وقف عند المستشفى اللي كان المفروض يكون مسافة ١٠ دقايق بس استغرق منهم ٢٠ دقيقه بس عشان هدوء ياسر وتمعنه بالسرعه
نزلت وهي تمشي بتراخي بسبب تنميل رجولها ومشى ياسر بجانبها للداخل
وقف اول ما وصل للمكتب وسلم على الموجودين بإبتسامه وببدلته يرغم اللي موجود بالنظر له
جلست رجوى على كرسي وهي تضغط على ركبتها من التنميل وبخوف رفعت أنظارها لياسر اللي التفت لها بإستغراب:فيك شي؟
رجوى نزلت أنظارها:دايخه شوي بس
جلس عند اقدامها وهو يناظر عيونها:رجوى ؟ خل أطمن عليك دامنا بالمسـ
ومباشرة أرتخى جسدها بمنتصف صدره دليل فقدانها للوعي
ناظرها ياسر وأقتربت منهم ممرضه وأكتفى ياسر بإنه يرفعها بين يدينه والممرضه أمامه تدله الدرب
ارخى جسمها على السرير وبقوه سحب نقابها عن وجهها يستغل الموقف لو شوي ويرجع يكحل عيونه بالوجه اللي اخذ قلبه وتلّه
ابتسم وهو يناظر وجهها الأصفر الباهت وهمس وهو قريب منها:ما أكلت أبد
الممرضه تقدمت تسد طريقه:ما افطرت ؟
رجع خطوه لورا ياسر وهو يحط يدينه بجيوبه:وجهها تعبان وما اظن اكلت شي
الممرضه شبكت في وريدها مغذي وشغلته والتفتت لياسر:بس تصحى بطمن وأشوف
ياسر رفع حاجبينه من شاف حركتها بإنزعاج والتفتت الممرضه لها:حاسه بشي ؟
رفعت يدها على بطنها مباشرة رجوى وهي مغمضه عيونها وهمست:ولدي
جمدت ملامح ياسر ووقف بإعتدال وكررت الكلام الممرضه يإستغراب:حامل ؟ انتي حامل ؟
مشت بإتجاه دولاب المحاليل وهي تاخذ محلول تحت أنظار ياسر لرجوى الذبلانه تماماً أمامه ومو فايقه لأي تحرك صاير
خرج بسرعه من الغرفه ووقف عند الباب وهو عاقد حاجبينه ويناظر الفراغ بصدمه كبيره ؛ حامل ؟
'
كاظم
وقبل ما يتوجه لبيت مزون والورد جانبه وعلى يمينه خطرت بباله بعيدة الذكرى تماماً ( إبتسام )
وتذكر بسّام اللي تخلى عن صاحبه لأجله ولأجل سلامته ماحس الا وهو يوقف أمام البيت ويشوفه فارغ من السيارات تماماً وكأنه مهجور
عقد حاجبينه واخذ جواله يتأكد وأرسل بتردد:ودي أشوف بسّام موجودين بالبيت ؟
وكأن اللي فزت من سابع أرض وطارت حلقت لسابع سما من الإسم اللي تقراه بجوالها ودق قلبها بصدمه من اسمه
ابتسمت وحطت يدها على فمها بتعجب ومشت وطلت من شباكها وفعلاً لقت سيارته وارسلت:موجودين ، حيّاك
نزل كاظم بإستغراب تحت أنظار إبتسام ودق الباب وهو ينتظر
فتحت الباب لابسه شرشفها الأبيض وسمع كاظم مباشره صوت بكاء بسّام وعقد حاجبينه:شفيه بسّام ؟
التفتت إبتسام وهي تشوفه بالأرض منبطح ويبكي بشكوى ومشى كاظم له بسرعه وأنحنى:بسّام ؟
وقف محله وهمس:بابا ؟
بلعت ريقها إبتسام وقفلت الباب بدون إحساس منها لوهله حست إن الباب لازم ينغلق بعد هالمشهد وهالنداء الأخآذ من بسّام
كانت مرسومه أمامها العائله المتكامله صورتها وأخفت حزنها الشديد بعد ماقال كاظم:أنا عمك كاظم
بسّام ناظره ووقف وبشتات منه:بابا وين ؟
كاظم أبتسم:بابا موجود وان شاء الله يزورك قريب ، قولي كيف الروضه معاك ؟
بسّام تجمعت بمحاجر عيونه دموعه وهمس:ما أحب جدي ما أحب البيت
عقد حاجبينه كاظم والتفت لإبتسام الواقفه بقل حيله وهمس:شفيه؟
وقف وتوجه لها وأمامها:صاير شي ؟
إبتسام هزت راسها بالنفي:لا طبيعي اللي يخسر أبوه فجأه وبعمره !
كاظم ناظرها والتفت لبسّام اللي يناظرهم وانحنى له:بسّام يا ابوي انت احد يضربك ؟
إبتسام:أحد يضربك ؟ تتوقع إني بضرب ولدي ؟
كاظم وقف وناظرها بحده:ما أتهمتك بس هذا مو حال طفل وين الحياه الآمنه اللي خنت صاحبي عشانها ؟ هذي حظانته عندك
إنهارت إبتسام ببكاء هستيري وكأنها هذيك اللي امتلت من ماء الدنيا المرّ وانفجرت من شافت إتهامه:أهلي انشغلوا عني وعن ولدي وصفيت لحالي قولي كيف اصير له أب اذا ابوه باعه ؟
كاظم سكت بجمود وبلع ريقه من صوتها ودموعها
مسحت دموعها بقوه بطرف الشرشف وهي اللي كانت ماتبي تبكي وتضعف حتى لأهلها بس ماقدرت همست:يمين بالله ضايقه فيني الدنيا
مشت وجلست على الكنب وكاظم ناظرها:أهلك وين؟
إبتسام ناظرت اللي قدامها تمثل القوه:كلاً التهى بحياته أنا اللي صفيت مع هالطفل
كاظم مسح وجهه وجلس بالجهه المقابله لها وهمس:الولد تعبان إبتسام
رفعت راسها له من نطق إسمها لأول مره بدون نداء " أم بسّام"
كمل كاظم بخوف على هالطفل ونفسيته اللي اختلف حالها تماماً وصار متمرد وبكايّ : ولدك بتخسرينه
إبتسام:ولدي ؟ اي لاني انا اللي خلفته لحالي واللي صرت له الأب والأم لان اصلاً ماله أب
كاظم ناظرها:ثنيان مريض لا تحطين الملامه عليه
إبتسام ناظرته بحرقه:وأنا اشقاني وبيمرضني ثنيان ، أنا اللي عشت السواد وشربته بس كلكم تدافعون عنه وتخافون على ولده
ضربت صدرها وبعيونها الحقد والدموع:أنا ياكاظم اللي انرديت وانظردت وتطلقت وتشردت وربيت وشقيت أنا ياكاظم أنا
بلع ريقه وهو يشوف المرأه المتهالكه قدامه اللي تضرب صدرها وصوتها مخنوق وكأنها كانت بمستودع مع طفلها
نقل أنظاره لبسّام اللي شخصيته تبدلت للاسوأ من الضغط النفسي
وكان قاسي ومخيف ومهيب المشهد أمامه وإختلاف حالهم للاسوأ بدون أي يد معاونه معاهم
ناظر إبتسام اللي تترقب نظراته وتسأل حالها ليش ارتخت وتكلمت وبكت أمامه ؟ بعد ماوعدت نفسها إنها اللي بتكون قويه حتى على أهلها وبتوقف بقوه بعد طريق ثنيان اللي شقاها وأتعبها
ليش هذا الإنسان اللي قاعد يتأملها بطريقه غريبه الآن لازال مرغوب لها لدرجة إنها تجردت من التمثيل وأظهرت حقيقة الضعف اللي جواتها ولو كانت بسيطه وقليله الا انه لمح الكثير من التعب كاظم بعيون هذي الأم وطفلها
إبتسام همست:متعب الشعور ترا
سكت كاظم وكملت إبتسام:انك غير مرغرب من أحد ومحد يحس بألمك وكل اللي حوالينك يحطون الملامه عليك عشان تصبر على إنسان مريض هشّم حياتي
تقدمت وهي تأشر على صدرها:ثنيان اللي تعذرونه بمرضه هشّم حياتي ودمرها أختاروا أبوي وأبوه طريق الجمر بيدينهم لنا بس أنا اللي مشيت حافيه
كاظم بلع ريقه وكملت إبتسام:هو كان محتمي عن النيران برجواه بس أنا اللي صفيت أمشي على الطريق حافيه والحين صرت أمشي وبيدي طفل يمشي على نفس الدرب
كاظم ناظر بسّام اللي توجه لمقعد بعيد وجلس وهو يناظرهم
إبتسام:وينه العادل اللي يشوف حياتي من زاويتي ؟ محد ، الكل قلل من نفسي ومن رغباتي ومن اللي ذقته وقالوا لي اصبري وعادي تصير نواجه علاقات غلط ونخرج منها
هزت راسها:بس تدري انا خرجت من ثنيان بولد لو خرجت لحالي كان أفضل بس انا أم بعمري الصغير هذا شاب راسي من اللي ذقته عشت مع إنسان مابيني وبينه غير الكره والحقد والغضب وكل يوم كلام يجرح الثاني وفي سبيل اننا نسمع من المجتمع ونجيب طفل عشان تتصلح حياتنا ؟ خربناها اكثر
كاظم ماكان له قدره لغويه فصيحه تمكنه يرد عليها وكأنه اللي ذاق على خدينه صفعه من كلامها
فعلاً اللي أمامها مشهد ظالم وإنسانية كاظم ما تسمح له بمرورها عليه بعاديّه
بلع ريقه بعد طول تفكير في هذي الإنسانه ووقف:بجيك بوقت ثاني
مشى تركها وكأنه يخرج بسرعه من الأفكار اللي جاته وركب سيارته وحرك وهو يسترجع حديثها
'
رجوى
هزت راسها وهي تسمع قوانين شغلها وضاغطه على مكان المغذي اللي بيدها وياسر واقف بجانبها ويناظرها بهدوء
التفتت له ريئسة الشغل:كذا رتبنا أمورك
ابتسمت لياسر اللي هز راسه لها:مشكوره
رجوى:متى أداوم ؟
هزت كتوفها:من بكره اذا تبين
هزت راسها رجوى ووقفت وناظرت ياسر وخرجت من أمامه
مشى خلفها لحد ما وقفت ووقف خلفها والتفتت له وناظرته:اسفه
ياسر ناظر عيونها بهدوء:على ؟
رجوى:ماحسيت بنفسي يوم طحت
ياسر:لا عادي تصير دام بداخلك جنين
ناظرته رجوى وبلعت ريقها وياسر أبتسم:تغذي زين عشانه مو عشان نفسك اذا ماتبين
رجوى هزت كتوفها:صار الأكل ما يشهي والله
ياسر:لا لا بس اختاري على ذوقي ابشري بالعشا
رجوى رجفت بتوتر:لا مشكور برجع الفندق اريح
ياسر مشى قبلها ولارد وركبت رجوى وحرك ياسر وهو يتكلم بهدوء:عصير طازج الآن يخليك تتقوين وعشا على ذوقي من أحلى مطاعم جِده
رجوى بتوتر التفتت للطريق تحاول التخلص من شعور انها بجانب شخص غير مرغوب وثقيل عليها تماماً بس مابيدها غير تصبر لحد ماتاخذ حاجتها بدون مضره وتترك
طلب لها ورفض ياخذ فلوس ووصلها للفندق وكل هالمشوار والدقايق انقضت بإبتسامه وسيعه منه ولا تغير حاله ولا تبدل
لحتى وصلها لغرفتها وشكرته ورفع كتفينه:واجبي
قفلت بابها رجوى وهي تحط الاكل على السرير وتجلس بتعب
وتحط يدينها على بطنها وتهمس:تماسك تكفى ولا تخليني عملة وسواة أبوك يانور الصباح
تنهدت بتعب وانسدحت للخلف تناظر جوالها اللي مارن من بعد هالأيام والأسابيع الطويله ولا جاها خبر ولا سؤال عن حال
غمضت عيونها ومن تذكرت الملجأ المعتاد فزت واخذت جوالها وهي تفتح سورة البقره وتبدأ تقرأها وتتعجب بالسلاسه اللي تحس فيها وهي كانت تستصعب بالبدايه قرائتها الا انها بعد ماعودت صارت سلسه وجداً وغير انها تمدها بالراحه
'
نورا
اللي تمكنت وأخيراً باللحاق بالتجهيزات للحفل والطاولات والمسرح والشعراء المختارين بس متبقي الجمهور وهم اللي اليوم بتشوفهم
أبتسمت بإنجاز وغابت دقايق تجهز هندامها قبل فتح البوابه وترحيبها باللي قدموا ككتاب وكشعراء وكجمهور مستمع والعدد مريح من قلته
قدمت الحفل بإبتسامه وفرحه على محيّاها وجلست بالمسرح على كرسي بجانب شعراء بدوا في قراءة دواوينهم الشعريه بهذا الدار
استغرقت وقت طويل تسمع للأشعار وفجأه طرى ببالها الشاعر المجنون اللي طلبت منه القدوم
تفقدت كراسي الجمهور بتعقيده ولمحته وابتسمت
لمحته جالس بالطاوله الأخيره وبالكرسي الوحيد وبالمكان المظلم وكأنه يسرق من هذا المكان لسمعه شعر يستعذب فيه روحه الهلكانه
كملت سماع للشعراء والكتاب بإبتسامه
'
بعد ما أنتهت من أخر شاعر أنمد لثنيان فنجال قهوه ورفض يشربه ويتذوقه أبدا ولكن نورا وقفت وهي توجه شكر وتكمل:
بهالمناسبه حابه أعرفكم على شخص متعمق بالشعر ولكنه يمكن يكون خايف وطلبته القدوم عشان يكون لكم نصيب بالأنذهال لأبياته
سكنت ملامح ثنيان من يوم حطت بأنظارها عليه ونادته بإسمه:ثنيان !
بلع ريقه بعد توجه أنظار الناس له ولشكله المهزول لهذي الامسيه الراقيه ولنداء نورا اللي وضعته بموقف ما تمناه ولا توقعه أبد
وقف يحاول المغادره ولكن شاف إن طريق المغادره بعيد وصعب عليه يقطع كل هالمسافه أمامهم وبدون ما ينهار من خوفه
ناظر نورا ورجع ناظرهم وتوجه لها وطلع للملأ وظل يناظرهم بخوف ولا كأنه المحامي هذاك اللي يصعد قصاص وظلم وأحكام وجرايم !
الآن خايف ومن شعراء ؟ أرق القلوب !
نورا ابتسمت له وهي تبعد المايك عن فمها وتكلمه بهدوء:أبي محطتك الأولى من هِنا ما تستاهل قصايدك تنكتب على مناديل وبس ؟ عيب ما تنسمع للكل
ناظرها وكان بيرد ويقول بإن أشعاره لرجواه وقصايده لرجواه فقط كيف بيقدر يفصح بمكانه اللي يلاقي فيه راحته بعد موادعه لرجواه ؟
بلع ريقه وهو يناظر المايك أمامه ويرفع أنظاره للجمهور ويتكلم بهدوء وخوف : أنا ماني مستحضر شي الآن
التفت شاعر من الشعراء:نبي نسمعك والكل هنا بيستمتع ماعليك
رفع أنظاره وهو يراقب الجمهور والكرسي اللي بآخر المكان وحيد
تخيله مقعد لرجواه مجنونته وحبيبته بس عشان يلاقي بثغره كلمات وأشعار ارتجاليه يسلك فيها الموقف اللي ماتوقعه أبد
وبلع ريقه وهو يشوف بعيونه المرأه المبدعه من تصوير الخالق بهالمكان اللي اختلى عن الناس بلحظة ما تخيلها هي الجمهور وهي رأس القصيده ومطلع أبياته وهي المسرح
وتكلم بنبره هاديه قريبه للسمع :
يموت حيل ويحتضر للقي حيل
وانا على سفح الليالي وقوفي !
بين الظلام وبين ضي القناديل
اتمر من بيني ومن بين شوفي
واتخيلك صبح فهق سادل الليل
و غيم يبلل في حضوره حروفي
واستأذن الدله ؛وأكب الفناجيل
ويسري على رمضى المقابيل جوفي
ويزين في عين القصيد - التعاليل
إذا، كشفت اللي بقى في رفوفي
ماخفت في عمري وجيه المقابيل
الا بهذا الوقت ،یاقو - خوفي
خايف اشوفك قطرة في رجا سیل
وماتاسع فجوج الأراضي؛ كفوفي
'
سمع صوت تصفيق الجمهور وتحيتهم له والتفت لنورا اللي مبتسمه وكأنها انتصرت على هذا اللسان المحصّن بقفل وتركته يشرح ويعبر بكل هالأبيات
تلفت وهو يدور من بين هالجمهور رجواه اللي كانت مقصد قصيدته والملهم الأول لها
ترك المنصه وخرج وحتى ما انتظر شكر نورا او ثناء الشعراء له
غادر ورجع له الخوف من المكان اللي كان فيه بدونها وأفصح عن شعر يخصها ويخص رجواه فقط
ليش تهيأ لي حضورك بهالوقت ؟ ليش شفتك وماشفت الناس ؟ ليش اليوم وكل يوم يتهيأ لي وجودك ؟
حسّ إن القانون من بين قوانيه معاه إنسكر وأخلف قانونيه مع رجواه من بينهم إن شعره يبقى لرجواه ولا يسمعه إذن بشريه غيرها ، وهذي قناعه جاته بإن مافي أي شخص بيستعذب شعري زي ما بتستشعره رجواه
'
في هذي الأثناء ونورا السعيده جداً بالشاعر اللي أبهر الحضور وأثار استغرابهم وذهولهم للشخص الجديد اللي القى كلمات منمقه جداً لامست كل الحضور !
رفعت الفيديو على صفحتها بتويتر وهي تهني بإفتتاحها لدار النشر وتعلق على قصيدة ثنيان الملقاه بالحفل بعنوان على الفيديو
« ربح دار النشر بالإفتتاح الجديد »
واللي كان لها حضور ومتابع ومهتم لصفحتها كان الفيديو محط إعجاب الكثير والكثير
أرسلت له ردة الفعل على أمل انها تصلح اللي أفتعلته بس ماكان منه رد أبد جاهله خروجه لوين من هالدار وليه ؟ ليه أول ما ألقى أبياته ورماها كقطرات مويه عذبه على مسامعهم غادر بدون حتى يسمع المدح والثناء من الموجودين ؟
'
كاظم
تنهد وهو جالس ويناظر الورد اللي بيدينه وينتظرها
رفع راسه من دخول مزون بفستان ناعم والابتسامه على محيّاها وورا يدينها مخبيه شي ومبتسمه بسِعه
ميلت راسها له:الأثنين جايبين لبعض حاجه ؟
كاظم رفع يده ومد كفه لجهتها وهز راسه وهمس:تعالي
مشت له ومسكت يده وجلست وهي لازالت مخبيه ورا ظهرها شغله
كاظم بهدوء ناظرها:وش جايبه معاك؟
مزون اشرت بنظرها للورد:أولاً تقدم لي هديتي أنا
كاظم بلع ريقه وهو يناظر الورد وبهدوء اخذه من قدامه ومده لها وأبتسم وحطته بحضنها وهي مبتسمه وناظرته بفرحه: أحب الورد ، ليتني ورده
ماقدر ما يبتسم من عفوية التمني بمُناها:إنتي غيم في أحبى من المزون؟
إبتسمت بحيا وهي تناظر الورد بحضنها وارخى جسده للخلف بهدوء كاظم:وهديتي ؟
مزون مدت يدها وناظر الهديه كاظم واخذها من يدها وفتح العلبه السودا وناظر الساعه ورفع راسه لها وعقد حاجبينه:ليش الكلافه؟
رفعت كتف من كتوفها بحيا وبهدوء:أبي حتى الوقت اذا شفته تتذكرني
كاظم سكت وهو يناظرها ولحتى إنتبهت لسكوته مزون رفعت أنظارها له الغريبه وعقدت حاجبينه بخوف:ماعجبتك ؟
كاظم سكت ورجع ناظر الساعه بتفكير ساهي عنها وهمس:كل شي منك حلو
رفع راسه لها:بس أنا كل شي مني حلو ؟
مزون ضحكت وهي تلعب بأطراف أصابعها بالورد:أكيد
كاظم همس:حتى الوجع ؟
لانت ملامح مزون من غرابة حديثه وهمست بخوف:بتوجعني؟
كاظم بلع ريقه ونزل راسه وأبتسم ورفع أنظاره لعيونها اللي ملاها الخوف:لا بارك الله بعمري لو أوجعتك
مزون همست:بسم الله عليك
كاظم سكت وهي ياخذ الساعه ويلبسها بيساره تحت أنظار مزون له
أبتسم:ما يحتاج أشوف الساعه عشان تطرين ببالي يامزون الغيم ، مو أنا وين ما لديت بوجهتي بلاقيك
أبتسمت بخفوت وهمست:فيك شي ؟
هز راسه بالنفي بسرعه وتلاشت أنظاره عنها وسكتت مزون
كاظم رفع راسه وأبتسم:مابطول موجود هِنا ، إذا تبين شي كلميني
وقف وناظرته مزون وهي جالسه:أبي بس ما تخبي علي شي يوجعك
نزل أنظاره لها وهز راسه:مامن وجع وإنتي حلالي
أبتسمت بفرحه من لطف كلامه لها ومن عذوبته هالكاظم وسلم ومشى خارج وهي انحنت بأنظارها للورد ومبتسمه
'
ثنيان
متجاهل إتصالاته المزعجه بالنسبه له جداً ومتشائم بسبب ظهور كلماته علن ، تهالك وسط تفكيره وإنسجامه بين تكراره للقصيدع وصدمته لطريقة نطقه لها
وصلته رساله ولمحها من يمين أنظارها ببداية رساله أولا : مزون
التفت وهو ياخذ جواله ويقرأ تكملة الرساله : مزون زواجها هالأسبوع تحدد من فتره ولا قدرنا نبلغك ولازم تكون موجود
ثنيان رفع راسه بجنون وسط عولمة التفكير:كيف كاظم لا زال قريب من مزون ومن عائلته ، كيف وهو اللي طاعنه بظهره ومان على خيانته وكان سبب في فتح بيبان الموادع بينه وبين رجواه
هذا كيف يغفر له ويسمح له يكون جزء من عايلته ومن نصيب اخته ؟
ضرب يده بعرض الحائط وهو يتنفس تنفس الثيران الهائجه لرؤية الأحمر ولكن ثنيان يشوف الموت ولا يشوف كاظم أمامه
تكبدت بصدره أغلاظ من الغضب والحقد عليه ، كيف أنا اللي تدمرت وهلكت وطحت لحالي وإنت لازلت تضحك وبتفرح قريب ؟
تتوقع إن ثنيان بيسمح لهالفرحه ؟ ما بينتقم ؟ بيسكت ويختفي ويقفل حياته وغضبه عن الآخرين
ثنيان ناوي يحرق ويلعب بالنيران ويشب بكل شخص أخذ من راحته وأتعبه المرض بسببه وأولهم كاظم !
اللي كان بيوم البادي عن الكل والأول والقريب ، واليوم صاير العدو وياشينها غلطة الأصحاب .. ياشينها
'
رجوى
بعد ما تمكنت من التعوّد على شغلها بعد أسبوع كامل من المحاوله
بدت تسترجع طاقتها وعافيتها من الشغل وهذا إن كان دليل على إن الفراغ سبب أول للهلاك ! رجوى تمكنت من إنها تنشغل وتشغل بالها لو على الأقل بفترة الصبح فقط
لانها متأكده بإن الليل هو اللي يتعبها ويهلكها تفكير بس يظل الشغل مفيد لها إجتماعياً
رفعت أنظارها لصاحب البدله اللي داخل المستشفى ولابس نظارته وبيده أوراق وموجه مشيته تجاهها
صدت وهي تعطيه ظهرها وتغمض عيونها بتوتر وتبلع ريقها
حط الأوراق ونزل النظاره:لمحتيني ! ليش تصدين ؟
التفتت له وناظرت الأوراق:ساهيه
ياسر أبتسم:يالله مو مشكله جايب أوراق لمريض سجين يحتاج غرفه ودكتور أسنان بقسم خاص
بدت تكتب بالكمبيوتر المعلومات اللي تنقلها من الأوراق:تمام
إلتفتت للي تشتغل جنبها وطلبتها قلم وما إن حطت أصابعها على القلم سحب كفها وأنفزعت وتراجعت للخلف وهي تناظره
حط بيدها قلمه اللي من عناق جيبه الأيسر:هاك قلمي
سحبت يدها بقوه منه وفلتت توترها برجفة يدينها الواضحه تتمنى تجيها الجرأه وتقدر تقنع الإنسان اللي أمامها بإنه غير مسموح ومرغوب لها ولقربها منه أبداً بس عاجزه من توترها وخوفها
'
كاظم
ولأول مره يحس بإنه تسرّع وتورط وأقدم على شي ما يقدر يتراجع عنه بهاللحظه بالذات خصوصاً بإن كفه صار بكف أبو إبتسام وبينهم الشيخ المتوسط المجلس يردد كلمات عقد النكاح المعتاد عليها لسانه
كيف بلحظه وبعد مرور كم يوم أقدم بعد تفكير تكون حليلته عشان بس يخلصها من الظلم اللي تتكلم عنه ويكون هو العادل لها
وليش بهاللحظه وهو يشوف أخوانها وأبوها متجمعين بالمجلس ينتظرون عقد نكاحه عليها
كيف ما تصرف بطريقه تكون أبعد من النكاح والزواج ! ليش كل مافكر بطريقه منجيّه لإبتسام وبسّام من دوامة الدنيا وكآبة الوحده ودموع الخذلان ! ما يلاقي نفسه وتفكيره غير غارق في إنه يكون أب لبسّام وسند ومسند لإبتسام
طيب اللي خذل ثنيان ليش أنا أتحمل نتيجة خذلانه ؟
واللي شايل إسمه بسّام هو ثنيان ليش أنا اللي بصير أبوه نيابةً عنه ؟
كل هالتراجعات جاته بوقت غلط وقت ما أعلن شرطه الوحيد لأبو إبتسام المبتسم أمامه:بالسرّ
الشيخ ناظر أبو إبتسام:موافقين ؟
أبو إبتسام:على بركة الله
وقع كاظم بخفة يد من صعوبة تفكيره وناظر أحد أخوانه يتوجه بالدفتر لداخل لها بالذات
اللي جالس ببجامتها وشكلها ما يعطي إنها عروس أبداً وبسّام بجانبها يلعب وهادي
تناظر الفراغ بآخر قرار قرره كاظم لها وأقنعها فيه بإنها تكون زوجته ويكون لها العادل
بس كيف وهي تدري بإن زواجه بعد أسبوع من مزون الغيم ! اللي كل جزء من حياته ومن جسده مخصوص لها ، كيف وحتى ساعته المحظوظه مهداه منها ؟
يوم أقبل يكون العادل ما توقع بيكون العادل الظالم
ناظرت الكتاب اللي توجه لها أخوها فيه وهمس:وقعي
ناظرت إسمه اللي لطالما شالته سر بقلبها حُباً ورغبه فيه بس مو بهالطريقه أبداً ندمت أشد الندم على الدموع اللي هلتها من راحتها له ومن وجوده اللي أستشعرت من خلاله الطمأنيه
لأنها تأكدت بإنها مأخوذه الآن شفقه فقط
بس ليش وافقت تحت مقولة « نارك ولا جنة هَلي ؟ »
رفعت راسها للكتاب وهي تخط توقيعها جنب إسمه معلنه بإن إبتسام الآن حليلة كاظم وزوجته على سنة الله ورسوله  ، بس زوجه ثانيه
وبهالأثناء بالذات بعد ما اختلى كاظم بنفسه بسيارته منتظرها
ناظر رسالة مزون اللي أرسلت بوقت غلط وقت إنهياره وخوفه من تقدمه لهالخطوه اللي مايقدر يتراجع فيها
:وحشتني
غمض عيونه بقووه وصوت ضميره عالي ومزعج قاعد ينازع بقلبه حرب ونار جواته كل هذا بسبب إنه طلب يكون العادل لهالعائله ويقدم جزء بسيط من راحه لهم
بلع ريقه وهو يناظرأمامه عاجز عن النظر للجانب الأيمن أول ما فتحت باب السياره وركبت وركب بالخلف بسّام اللي يناظر بإستغراب الوضع
شد من قبضة يده على الدركسون ويحس بتعرق جبهته وجسمه كله بسبب غليانه من وجودها بجانبه
حرك وهو يحاول يسيطر على نفسه ويمنع حتى صوت أنفاسه يصدر بأجزاء السياره وعمّ السكوت بينهم
بين كاظم وبين إبتسام اللي مانعه ومش عينها يرمش لا تطيح دموعها ما أكتفت تكون زوجه لثنيان تحت ظروف سيئة ! صارت من نصيب كاظم بظروف أسوأ وحال أسوأ
طاحت بنفس الحفره وبتذوق نفس الوجع ، بس ليش راحت ؟ ليش سمحت لصوت قلبها يبادر بالموافقه عند طلب كاظم لها ؟
يمكن لأنها لأول مره يطلبها شخص تكون جزء من حياته ؟
عاطفتها غلبتها وضمير كاظم غلبه ووقعوا الاثنين بمتاهه صعبه
'
رجوى
طلعت من الشقه ونزلت للأسفل تنتظر سيارتها اللي طلبتها
بس من شافت ياسر ينزل من سيارته تمكن بهاللحظه الغضب وسيطر على خوفها تماماً
مشى لها وأبتسم:صباح الخير
رجوى سكتت وهي تناظره بحده
ياسر أبتسم:ماظنتي شفتي اللي صبحت عليه صح ؟
عقدت حواجبها رجوى:أخ ياسر ؟
أبتسم من شافها تخلصت من عقدة الصمت ونطقت إسمه وتقدم لها أكثر
رجوى:تراني متزوجه وأم وإنت عندك عِلم بهالشي ، حاولت أوضح لك إنزعاجي من تواجدك بس مصرّ تطلع دائماً لي
ياسر ما ينكر إنها عطته كف صدود منها ورفض تام وبنبره قويه قويه تشبهها تماماً وتشبه حياتها بالقوه وضحك:أنا جاي أبلغك بإن زوجك من فراقك صار شاعر
بلع ريقها من طاري ثنيان ولمعت عيونها وهي تناظره يفتح جواله ومبتسم ويشغل لها المقطع بتويتر
رجف فكها ويدينها وتثاقلت رجلينها وهي تسمع كلماته وهيكله المتشتت وهيأته الذبلانه والسواد اللي كسى وجهه واللحيه اللي طالت بكثافه والهندام المبهذل والمزعج لها ولقلبها
رجعت تكرر على إذنها قصيدته ودموعها تتجمع بعيونها بدون وعي منها ؛خايف اشوفك قطرة في رجا سیل وماتاسع فجوج الأراضي؛كفوفي .. كانت آخر ابياته اللي انتهى بعدها الفيديو
نزلت دموعها وبللت نقابها تماماً من غزارتها كانت مدة الفيديو دقيقتين فقط ولكن شافتها سنينها كلها
السنين الراحله عادت على ذاكرتها ، من شكل ثنيان من قوام صلب ووجهه مرتب ومن إبتسامه وبشاشه ومن قوه بالشخصيه لهالمنظر اللي كسرها وتعبها ، هذا غيابي ياثنيان ؟ أتعب لسانك غيابي بهالشعر ؟
'
إبتسام
دخلت الشقه بعد ما فتح لها الباب والتفتت وهي تشوفه يشيل بسّام وينزل مع الدرج بعد مارمى جملة:ارتاحي ، شوي ونرجع
ناظرته بنظرات غريبه وهو نازل وبسّام بحضنه
استغربت خروجه ومع بسّام ودخلت الشقه فصخت عبايتها وهي تشوف حالتها ، حاله أبداً ما تهيئ لمكانة عروس أو ليلة عروس حتى
مو لأول مره تحس إنها المهمشه بالقصه ومو لأول مره تحس إنها ما اخذت نصيبها من الفرحه بهالدنيا
الكل لقي له الحبيب والولي والصديق الا هي  .. ظلت على حالها بدون أصحاب بدون أهل بدون زوج وبدون حبيب وبدون أحد
بدون العادل اللي يعدل حياتها ويعطيها من مسرات الدنيا أحلاها ، مالها ذنب باللي صار وحتى بموافقتها من كاظم كل اللي شافته من كاظم تمسك وصوت ضميره العالي اللي أجبره يحنّ ويزنّ على موافقتها وحط أمام رغبتها المرفوضه صورة بسّام اللي خلتها مجبوره توافق عليه بس عشان بسّام
تدري بإنه صار من نصيب مزون علناً والكل يعرف إن كاظم من نصيب مزون ومزون من نصيبه
كانت تشوف فيه الرغبه في إنه يصلح عائلتها وشكلها وحياتها كانت تدري إنه يحب ويعز ثنيان بس مو لدرجة يصلح خرابه اللي خربه بيدينه ثنيان ، عُمر الصحبه الحقيقيه ماكانت تضحيه بهالشكل ؟
اللي يغلط يتحمل نتيجة غلطه ولا يحملها شخص ثاني أبد بس كاظم كل ماحاول يصلح الأمور عقدها وهذا اللي فكر فيه بهاللحظه
.
من دخل البيت والتفت إدريس لخطوات الطفل اللي تقدمت له:من جايني؟
مسك بيدينه وجه بسّام وابتسم وهو عاقد حواجبه:ولد ثنيان ؟
كاظم جلس جنبه:بسّام بن ثنيان
إدريس شاله وجلسه وهو يبوسه:ياهلا ياهلا
التفت لمكان كاظم وهمس:تصالحتم والا وش جابه عندك ؟
بلع ريقه كاظم وهو يناظر نظرات بسّام له وسكت
إدريس:وش صاير ؟
كاظم نزل راسه:ابتليت ببلوه وتسرعت يا ابوي
إدريس عقد حاجبينه والتفت:وش سويت بسم الله ؟
كاظم نزل راسه وهمس:تزوجت أم بسّام
إدريس جمدت ملامحه وظل واقف بأنظاره وساكت مصدوم
التفت كاظم له وهو يناظر عيونه واتجاهها بالفراغ وصدمته وهمس:كنت اشوف ثنيان ضايع ومضيع وراه عائله مو بس نفسه ولا قدرت اسكت واعدي ماقدرت
إدريس همس:وتتزوج ؟
كاظم بلع ريقه:ابي اصلح شي بيني وبين ثنيان
إدريس شال بسّام من حضنه وجلسه جنبه:ابشرك خربت اللي بينك وبين ثنيان اكثر
كاظم التفت له وناظره:كل اللي ابيه اصير انا العادل ابوي افهمني
إدريس بعصبيه:وتصير عادل كذا ؟ وش ذنبك إنت بهالعايله ؟ انت اللي خلفت وطلقت ؟ ثنيان يتحمل كل شي تراك صاحبه ما أنت مجبور ياكاظم تمشي وتصلح اغلاطه
كاظم تنهد وغمض عيونه وإدريس كمل:ما أنت متزوج مزون لحد ما تقول لهم
كاظم رفع راسه بسرعه:لا أبوي تكفى
إدريس بعصبيه:اجل وش نسوي فيك ؟ وش نسوي فيك ؟ بعد ماهببت هالمصيبه ياكاظم ؟
سكت كاظم وكمل إدريس:أول مره اشوفك غشيم وبعيد كل البعد عن الحكمه بحياتك
كاظم مسك راسه بقوه وسكت وتقدم إدريس وهمس:ليش ماشاورتني ؟ ليش يوم تهت وضعيت الطريق الصح ماجيت أشور عليك ؟ ليه
كاظم ناظر بسًام اللي ساكت ويناظرهم بهدوء:شفت نفسي فيه
إدريس سكت وكاظم كمل وهو يناظر بسّام:ماله ذنب اذا ابوه تعبان وأمه متأذيه من أبوه ، مابي أشوف طفل قدامي ينمو ببيئه غلط وأخليه
إدريس:تقوم تتزوج أمه ؟
كاظم: يا أبوي تكفى لا تشدها علي وتزيدها
إدريس:لانك حمار
سكت كاظم وهو يشوف حدة ملامح إدريس لأول مره وكمل إدريس:كل اللي بغيت اشوفه احفاد منك وعائله سليمه وصحيه تقوم تخرب حياتك بزواجتين ؟ وشوف من اخذت طليقة صاحبك
كاظم:بغيت اصلح والله بغيت اصلح واخيط اللي تشتت وتفرق
إدريس:عقدتها ياكاظم والله عقدتها وزواج ماعليه الا أيام ويهل بتدخل عليها بكذبه ؟
كاظم غمض عيونه وإدريس كمل:عبالك ما بتعرف ؟ بتعيش سنين بكذب؟ والله ما بيقدر ضميرك هذا يسكت ويتحمل
كاظم:وش اسوي طيب ؟
إدريس:الحين فكرت تجيني تشاورني ؟ وش أصلح حضرة جنابك؟
كاظم سكت وإدريس كمل:كل اللي ابيك ما تتزرج هالضعيفه اللي فرحانه فيك ومتعشمه فيك ، لا تكسرها
كاظم التفت:مستحيييل ، أبوي انا ماتركت السجانه والدوامه اللي كنت فيها وعذابي الا بعد مالقيت مزون أقسم بالله إنها أمطرت على براكيني اللي من سنين بهالشهور البسيطه ! يمين بالله إنها تلّت قلبي من أقصاه ورجعت لي لذة الدنيا
إدريس:داري إنها غيمه وأمطرت وصابتك ياكاظم ، بس عشانها غيمه لا تحرقها بنارك إبعد عنها
كاظم وقف:أبيها
بسّام التفت لهم الاثنين بعد طول سكوت وبهدوء تكلم:جوعان
التفت كاظم بأنظاره على بسّام وإدريس التفت يتحسس له:ما اكلت وانا جدك ؟
بسّام:اكلت بالظهر
إدريس اخذ نفس يهدي عصبيته وكاظم همس:تبي ناكل من مطعم ؟
بسّام هز راسه وأبتسم بهدوء وأبتسم له كاظم:إبشر
ناظر أبوه كاظم وبلع ريقه ومد يده لبسّام اللي مسكه وخرجوا من البيت
استغفر من غضبه إدريس وهو يشد من قبضة يده لغباء ولده وهو يفكر يفكر كيف يخرجه من وسط هالحفره المستحيله؟
ركب سيارته كاظم وبسّام جنبه واقف ويناظر الشباك بهدوء
التفت له وناظره:عمو
ناظره كاظم وهمس:هلا
بسّام جلس وهو يناظر الطريق:بابا ما بيجيني ؟
كاظم ناظر الطريق ورفع يدينه:الله أعلم
بسّام:الله ؟ يعني الله بس اللي يجيبه ؟
كاظم هز راسه وأبتسم
بسّام:طيب أبغى الله يجيبه
كاظم رفع يدينه:إرفع يدينك وقول يالله تقرّ عيوني بأبوي
بسّام رفع يدينه الصغيره وناظرهم:يارب أشوف بابا
ناظره بحزن كاظم من عمره الصغير على كل هالمصايب والمشاكل ورجع ناظر الطريق
نزل وفتح الباب ونط بسّام وركض لدخل المطعم وهو يشوف ركن ألعاب الأطفال
راقبه كاظم بأنظاره وهو يدخل ويلعب وطلب الأكل وأخذ جواله وهو يشوف رسالتها " كاظم مشغول ؟"
تنهد ورجع جواله بجيبه وناظر بسّام يحس إنه مظلوم من الناس محد قادر يفهم رغبته بتصحيح حياة بسّام حتى لو ماله علاقه يبي يكون سبب في رعايه صحيحه لبسّام
ما يبي مرض ثنيان يأثر حتى على ولده ويظلمه بكل هالطغيان والإنغماس بالحس
'
رجوى
تحس إن مو بس أرض غرفتها تبللت من دموعها تحس إن بحر جِده فاض من زيادة ميّ عينها ودموعها ، ياما هلت دموع وبكت وهي تعيد في نفس النبره اللي حبتها
امتلا صدرها وامتلا حتى جوالها دموعها وهي تشوف صورته المهزوزه اللي خلت صدرها يشتعل ويعورها لدرجة الأنين
كانت ملمومه بجسمها وتوّن بعجز ، هو اللي خلاني أبعد ليش الاقي على آثار أيامه فراقي ؟ هو اللي طلبني أبعد على أمل وهدف «النجاة» من مرضه وهوسه اللي كان فيه
هو اللي حرمني لذة النظر لوجهه ولذة سماعي لصوته وأشعاره
أنا تمنيته يعالج روحه بروحه ويرجع لي ولأحضاني ؟
طلع ظني إنه هالك بدوني ومحتاج ؟ طيب وأنا اللي صبرت عشان يظفر ويتعالج ويرجع لي العزيز القوي والحنون المحب !
ليش كل الحبايب بهناء سالمين ؟ وأنا وهالشاعر للمجنون هالكين ؟
ليش حُبنا ماكان صحي وإيجابي علينا ؟ ليش كان مسموم لي وله وللي حوالينا ؟
بكت وتعبت من صوت أنينها وتنهيداتها ووقفت بتعب لمرايتها تناظر نفسها وتمسح دموعها بقوه عن وجهها اللي إنتفخ نتيجة حبسها لكل هذا الضجيج داخلها
لبست نقابها وعبايتها واخذت جوالها وهي تقفله تماماً وتحاول تتناسى اللي شافته لو بس كم ساعه بشغلها اللي تخلفت عن حضوره أمس بعد ماشافت الفيديو بيد ياسر
أخذت بيدها سبع تمرات وخرجت للسياره وركبت وهي تاكل بدون رغبه أو حتى شهيه فقط عشان اللي داخلها يعيش ويقاوم
كان الأمل الوحيد اللي يخليها تمسح دموعها وتوقف وتاكل وتمشي للدنيا هو « النور » داخلها
ناظرت السواق وهي توصف له بإنها تبغى طريقين لدربها
أولهم تبي أول منشط لقوتها وطاقتها وهو نبضات الجنين أو زي ما تحب تسميه رجوى نبضات « النور »
ومن وصلت واستخرت وغمضت عيونها وبدأ الهدوء يعج داخلها بعد ما بدأ صوت النبض يرن بأسماعها والدموع هلّت من عينها وهي تتذكر أول ما عرفت وإرتمت في أحضان ثنيان تبشره
مسحت دموعها وناظرت السونار ووجه الدكتوره المبتسمه:جيّد وضعه حمدلله حابه أبشرك بحاجه ؟
هزت راسها رجوى وكملت الدكتوره:دخلتي فترة الخامس تبارك الله لك فيها أسبوع ونص وواضح لنا جنس الجنين بس للآن مو تحت الأكيد
جلست رجوى وناظرتها بلهفه وأبتسمت بين دموعها:بيجيني نور والا بتجيني نور ؟
ضحكت الدكتوره من لهفتها وسؤالها ورفعت كتوفها:للآن ببشرك بإن اللي بيجيك « نور »
ضحكت رجوى وعضت شفايفها وبكت وهي تضحك
حطت يدها على صدرها من قوة فرحتها اللي إجتاحتها ناكره وجاهله ومبتعده تماماً عن نصايح الدكتوره اللي تمليها عليها
فتحت عيونها وهي تمسح على بطنها ، ما ظنت اللي مرّ شهور حتى ؟
هي كانت أمس بأول ليله من ليالي الموادع بينها وبين مجنونها ؟
متى صارت هالشهور ٥ وبتتم نص السنه بعد ؟
سحبت نفسها وأحلامها وفرحتها وضعفها وخرجت خارج المستشفى متجهه للبحر
المكان الأحب والأجمل والأفضل .. بعد كل هذا التعب يروي شمعها موجه وينقي صفو عقلها لونه ، ملجأ الوحيد والمحتار بهالدنيا بعد الله
وفعلاً ماراحت خاليه للبحر ، قاسمت كرسيه مصحف بيدها تتلو فيه سورة البقره اللي كانت مثل السحر تماماً بسهولة شفائها للي تحسه
'
كاظم
رجع وبيده بسّام ويد بسّام الثانيه آيسكريم يراقبه لا يذوب
فتح الباب كاظم ودخل ومشى بسرعه بسّام وهو يرفع الآيسكريم لإبتسام:شرا لي آيس
تراخت عضلات إبتسام وهي تشعر بوجوده خلفها ولا هي قادره تلتفت وتشوف وجهه وملامحه وندمه اللي تشعر فيه بدون لا يبرر لها
مسكت الآيسكريم بيدها وحط الأكل كاظم أمامها وبدأ ينبش بالأكياس بسّام ويطلع البطاطس والبرقر والالعاب وكاظم واقف يراقبه
وبنفس نظراته كانت تراقبه إبتسام ، فرحة بسّام صنعت داخل إبتسام شكر للإنسان الصاد تماماً عنها
وصنعت كل هالبهجه من هذا الطفل درع خفي داخل كاظم من القوه ومن تراجعه بالندم
سمع صوت ضحكاته بعد ما شاف اللعبه الثانيه وبدأ يقفز باللعبتين ويضحك يضحك ضحك متواصل بفرحه ويراقب الشخصين اللي أمامه بعد إكتمال الصوره وأخيراً له من أم وأب
ولو ما كان أبوه على الأقل رجل يكمل دور الأبوه
أبتسم كاظم وهو يراقب فرحته وناظر شعرها وجسدها أمامه بدون حتى وجهها وتنهد وهو يهمس:تعشي بالعافيه أنا طالع
سكتت وهي تناظر بسّام وتسمع حس خروجه من المنزل
التفتت تناظر الباب وهي تحس بيد بسّام على فكها يلفها لجهته
:ياماما سبايدرمان
ناظرته إبتسام وضحكت:مبسوط ؟
بسّام:في معاي شفت أولاد يلعبون هناك
هزت راسها إبتسام وهي تناظر صورة ضحكة على محيّاه وإختلاف نفسيته بس من أكل وسبايدرمان
تنهدت وهمست:ليت اللي يداوي كل شي لعبه وبطاطس يابسّام ، ليت
بلعت ريقها وارخت راسها وهي تناظر كفوفها بتعب وتحاول بس هالساعه ماتبكي ما تبكي لأجل هالفرحه بعيون بسّام قدامها ، شهيته للأكل وضحكته ولعبه وصوته اللي زاح عن مسامعها من فتره
اليوم مبسوط بسًام يعني أنا مبسوطه
'
دق وهو واقف عند باب العماره ويلعب بأقدامه وينتظر ردها
ردت مزون بـ : المفروض أنا اللي أتغلى لأني عروس مو إنت !
أبتسم كاظم وهمس:إشتقت لصوتك
مزون أبتسمت بإتساع وبهدوء:كل هذا شغل عريس غايب عني مده؟
كاظم رفع راسه للسماء:صلحنا ما خربّه الزمن
مزون عقدت حاجبينها:بداخلك ؟
كاظم:لا كاظم صالح من داخل من زمان والحين صعب أصلاً خرابه من بعد ما سكنتيه
رفع كفه وهو يشوف ساعته:صارت حتى الساعات ترتبط فيك شلون أعلن فوز الزمن على خرابي ؟
مزون ضحكت:وحشتني ووحشني كلامي
كاظم بلع ريقه:كلها كم يوم وإنتي عندي إن شاء الله
مزون عضت شفتها بحيا وسكتت وكمل كاظم:إنتبهي مزون تدين كفوفك عن كفوفي من أي شخص يأثر عليك
مزون سكتت وكاظم كمل:أي أحد مزون إصرفيه عن حياتي وحياتك مابي أخسرك تكفين
مزون:قصدك ثنيان ؟
كاظم تنهد لدرجة رفع راسه كله وأعتلى صوت تنهيدة صدره:يااه ياثنيان
جلس بقل حيله وهو يحط راسه على يده ويهمس:تدرين إني متألم بدونه؟
مزون بلعت ريقها:إن شاء الله ربي يصلح مابينكم وترجعون أحسن من قبل وما ظنتي بيحضر بس لو حضر أكيد بيلين
كاظم هز راسه برفض تام لفكرة مزون للصلح فاقد الأمل بعودة ثنيان له
'
ثنيان
بعد ما وقف بأقدامه عند الباب جاهل من خلفه تأفف وطوّل لحد مافتح
خايف يواجه بشري أمامه الآن ويضعف ويسرد كل مافي داخله من مشاعر وحزن بس فتح الباب
ومن لقيها غمض عيونه:كيف عرفتي مكاني ؟
نورا:سر
ثنيان فتح عيونه وناظرها:تدرين إنك السبب في إنهزامي ؟
نورا ضحكت:وشو كل هذا عشان بيتين قدام الملأ
ثنيان بغضب:أنا ماخذ عهد ما يسمع مني شعر وحرف بني آدم غيرهـ...
سكت وعقدت حاجبينها بإبتسامه:غير من ؟
سكت ثنيان وهو يناظرها وكملت نورا:ياثنيان إنت تحتاج أحد تشاركه اللي فيك وأنا لقيت منك إستفاده بس حط كف بكفي
ثنيان:لا مكاني ولا حالي بيتغير منهم شي وارجعي من مكان ماجيتي
نورا:إنت ماكنت كذا صدمتي فيك يوم شفت القضايا اللي كان ماسكها المحامي ثنيان وصوره بالجرايد شكر وثناء ! وين كل هذا ؟
ثنيان:دفناه
نورا عقدت حاجبينها:من أنتوا ؟ من عنده القوه يدفنك حيّ ياثنيان من؟
ثنيان:أخرجي تكفين ، مامعي صبر الفلسطيني ولا باس العراقي
ضحكت نورا والتفتت للخلف وهي تجهش بالضحك وتلف له:ياخي إنتي أعجوبة هالزمن وإذا حتى بسكوتك تخاف تظهر كل هالأعجوبه من فمك ! ليش تخفي كل هالشاعريه ؟
ثنيان صرخ بوجهها بغضب:‏عديّم الوسطيه يا أنفعل وأقوم الدنيا وما أقعدها يا أستكن وما تحركني حتى الحرايق!
نورا:إحرقني يا آدمي راضيه بس نخرج من هالباب بإتفاق
ثنيان سكت وهو يناظرها وكملت نورا وهي تشوف وجهه اللي مشتعل بالغضب:نجرب !
دف الباب للجدار ودخل يعطيها ظهره وجلس
دخلت نورا وهي تناظر المكان اللي يشابه تماماً الشارع
ولا كأنه عايش بين جدران كأن حاله من حال جدران الشوارع
جلست بعيد عنه وهي تراقب جلوسه ورجفة يدينه وتوتره
نورا ناظرت كفوفه:خايف تخرّ اللي داخلك خرّ الأنهار الجاريه ؟
التفتت له وكملت:خرّها ترا والله ما بيسمع لك الا شخص حسَن الإستماع
اعتلى صدره بأنفاس طويله ومستمره بغضب وخوف
ونورا استرسلت بهدوء:داري قلبي لأنه دليله بإن ماعَفس هالحال غير بنت بس ماهو كل هذا حُب وش تسميه ؟
ثنيان بسرعه ناطقه:مجنونها
نورا ارتخت بهدوء بعد ما نطق بأول مفاتيح الفضول
وكمل ثنيان:هي وهو وحتى الطب شخصوني إني مجنونها
عقدت حاجبينه وكمل ثنيان : بس مازادني ظلمه ! غير إني وحداني بدونها وبدون أهلي وبدون ولدي اللي المفروض بحضني وبدون صاحبي اللي المفروض هو اللي يسمعني الحين
بلع ريقه بعد ما تجمعت الدموع بعيونه وأحمّر وجهه وهو يناظر الفراغ ويهز رجله بتوتر:وعاهدت إني بموت وحداني بدونها وبدونهم
التفت لها ومن لمحت دموعه وقهره بصوته اللي قال:‏ أمطري يا عيوني عقبهم وإستهَلي ، أبكّي!
بلعت ريقها وهمست له:وينها ؟
ثنيان صد بوجهه ولانت ملامحه بخفوت ورفع كتوفه
نورا همست:بس أهلك جوني
التفت وناظرها ونورا هزت راسها:والله جوني وشفت أمك وأختك بعد
ثنيان سكت ونورا كملت:وواضح عليهم التعب بدونك ياثنيان
بلع ريقه وصد عنها وكملت نورا:يمكن إنت مو سامح لهم يلاقونك طيب !
ثنيان عقد حواجبه بإستنكار:تكفين لا تخلقين أعذار أنا عديت السبعين والثمانين عذر وهلكت
نورا:ورين صاحبك ؟ ووش سوا لك ؟
ثنيان:هذا والمفروض إنه ماخرّ عندك يكفي فضولك الحين اطلعي برا
نورا:طيب اسمعني ثنيان إنت عندك فرصه تغير كل شي قاعد يصير الحين للأحسن والله للأحسن
ثنيان:مابي شي إطلعي ومابي اشوفك
نورا وقفت وناظرته واقف:إنت تقدر توصل أشعارك هذي لها وبتسمعك وبتشوفك بكل مكان صدقني وهذا سبيل يرجعها لك
ثنيان سكت ونورا كملت:الأوراق اللي هنا والقصايد اللي بفمك عاجزه طلعها وخلها تقراها وتسمعها وتشوفها بين الملأ
أبتسمت وهي تشوف سكوته:القصيده اللي قلتها رغم قلتها الا انها لاقت تفاعل كبير وسرقت قلوب كثير ياثنيان الناس تبيك وهي تبيك بعد وتبي تسمع بعدها وش سوى فيك
ثنيان نزل راسه وبلع ريقه وكملت نورا:وحتى ولدك
رفع راسه ثنيان وكملت نورا:تقدر تعتذر منه بقصايدك وقدام الكل وتخليه يفخر بك بس وافق ياثنيان ، وافق أعطيك من عندي فرصه لأول ديوان من دار النشر وصدقني من هِنا بيتغير كل شي صدقني
ثنيان مشى ووقف عند الباب وهو ساكت ومشت نورا وناظرته:فكر ورد لي خبر
مشت وتركته وقفل الباب خلفها ثنيان واخذ نفس طويل وهو يفكر بكلامها يراجع حساباته ورأيه بكلامها
هي ومن خلالها يقدر يفرغ كل اللي فيه بدون لا دكتور وطب وبدون لا صاحب وحب بس بالأشعار يقدر دواه بأشعاره
'
مزون
باليوم اللي غمضت عيونها بفرحه وهي تحس بالطرحه على راسها ولاشعورياً لمت كفوفها بحيا وفرحه بداخلها وعضت شفتها همست:مبسووططه
عائشه:الله يقر عيني بشوفة اخوك الليله قولي يارب الله يهديه ويسير لو ثواني نشوفه
مزون تنهدت:يارب ، امي شرايك فيني صدق ؟
عائشه:حصنتك بالله ياعين أمك إنتي
مزون أبتسمت بسعه وهي تناظر جوالها وتنتظر بس إشعار يخليها تتطمن بس تتطمن بإنه مبسوط زي ماهي مبسوطه ماهو شك فيها له ولمشاعره بس تبي تفرح أكثر بسبب فرحته بس ما أرسل شي
'
خرج من غرفته وعقاله بيده وناظر أبوه:بيجيك عمي وأنا باخذ بسّام وجايكم
إدريس:وش لك ببسّام بعرسك ؟
كاظم بلع ريقه:يشوف عمته على الأقل
إدريس:صلح الله هالراس ياكاظم ،هالراس اللي بلشنا ودي أفرح ولكن همّ مصيبتك مابقّى فيها فرحه
كاظم تقدم له وشماغه على كتفه وتنهد:أبوي تكفى لا تهدّ حيلي وإنت تدري إن هذا كله عشان تفرح وأفرح أنا وأنا فرحان اليوم ما بتفرح معي ؟
إدريس:فرحان اللي بتسكن حواليني إخت الغيم والا انت عتبان عليك
أبتسم كاظم:بتسكن حوالينك وحواليني وياحظنا كلنا بمزون
إدريس هز راسه وأبتسم رغم عتبه الشديد على كاظم الا ان فرحته الليله بشوفته عريس تغلبت على كل هذا
ورغم إن امنيته الوحيده الليله يشوفه بالبشت الأسود الا انه ماقالها عشان لا يكسر بخاطرها ويندّمه عن فلوسه
توجه كاظم وشماغه على كتفه ويناظر مرايته ويرجع يسوق بهدوء
هادي وساكنه ملامحه مبتعد عن التفكير المبتذل بالحزن والغضب كل اللي يبيه الآن ليله ساكنه
وقف عند العماره ومشى لباب الشقه وفتحه ولا لقي أحد مباشرةً امامه
استنكر الوضع وتقدم للغرفه ووقف عند الباب المفتوح ودفعه بشويش لحد ما أتضحت له الرؤيا
لبسته الثوب وناظرت وجهه من سألها:يعني عمو كاظم عنده عروسه ثانيه زي بابا ؟
بلعت ريقها إبتسام والتفتت وهي تاخذ الشماغ الصغير على حجمه ويلف وجهها بقوه بسّام:ياماما سمعتيني ؟ أقولك عروسـ
قاطعته:سمعتك والله سمعتك بس لا تزيدها علي يابسّام
:خلصت ؟
الفتت بسرعه للي واقف بثوبه وعقاله على راسه وشماغه على كتفه ومتكي على الباب يناظرهم
وقفت وهي تناظره يناظرها بهدوء عكس المشاعر اللي داهمته بسبب أول رؤيه له لشكلها ولملامحها المتضحه
صدت عنه وهي ترخي وجهها بإنزعاج من وجوده وخصوصاً إستماعه لكلامها
تقدم كاظم وجلس على السرير وسحب بسّام له وثبت الشماغ على راسه وتكلم بهدوء:الحين عمو كاظم زي بابا والا أحسن ياثنيان ؟
بسّام رفع راسه وناظر كاظم اللي ناظره:بس أنا بسّام
التفتت إبتسام لكاظم اللي سكت وأبتسم:رعاه الله هالثنيان يابسّام بس ما أنت بعيد عنه إنت ولده
ابتسم بإتساع:وبناديك أبو ثنيان لا كبرت
بسّام:بابا هناك ؟ عند عمه مزون وجده ؟
كاظم هز راسه بالنفي:لا
بسّام:ليش ما يجي ؟
لفه من كتوفه لإبتسام وناظر إبتسام وهمس:خل ماما تشوفك عريس صغير
ناظرته إبتسام وناظرت إبتسامة بسّام وبلعت ريقها ووقف كاظم:مشينا
إبتسام:ماطلعت العادل أبشرك
وقف كاظم والتفت لها وكملت إبتسام:العادل الظالم
كاظم سكت وكملت إبتسام:كان يوم صوّت لك ضميرك من أقصى مكان لي وطلبتني أوافق بلغتني إني بذوق نفس الكاس
ضحكت وحطت ملابس بسّام اللي بيدها على السرير وصفت:برافو خليفة صاحبك طبق الأصل
كاظم:العادل الظالم ؟
إبتسام تقدمت له وبحسره ناظرته:يالله من بقى ما ذوقني هالكاس؟ كاس إنك يا إبتسام عالرف والباقي مهتم له ، لا أبوه من ضمير اللي يخليك تشفق علي وعلى ولدي يا العادل الظالم
كاظم عقد حاجبينه:شفقه ؟
إبتسام:تكفى لا تبرر ماني طايقه نفسي ولا طايقه دنيتي اطلع تزوج لو تبي خمس وعشر ، بس تأكد أنا هِنا ذقت نفس الكاس وشرقت
كاظم نزل راسه لبسّام اللي يناظر أمه وبلع ريقه وخرج ومشى وراه بسّام
نزل من الدرج وهو يسمع خطوات بسّام الهاديه ورفع راسه لباب الشقه المفتوح
مايدري يرجع بهاللحظه والا يمشي ؟ هو وش بقى أصلاً على أكتافه من حمول وما يشيله ؟ بقى بس يشيل كل هالحزن اللي بصدر إبتسام
ظني بعيشها شوي سعاده وولدها معها بس شكلي عيشتها ضيم !
'
كاظم
دخل العرس وهو يسلم وبيده بسّام ما فلت يده عن يده أبد
يمكن لأنه يحسه ثنيان ويحس بإن بهاليوم كان لازم يكون يمناه ثنيان
وكفه بكفه يلازمه لحد ما يزفه لبيته
ركض بسّام لجده عادل من شافه وأبتسم عادل:ياهلا ياهلا
مسك غترته بسّام وجلسه بحضنه عادل:كيف الحال وانا جدك؟
بسّام هز راسه:بخير جابني عمو كاظم
إدريس هز راسه وهو يسمعه وتنهد
ووقف عادل من شاف كاظم ووقف وسلم عليه:مبروك وأنا عمك
كاظم أبتسم:الله يبارك فيك
عادل:وش هالمفاجأه إنا جبته ؟
هز راسه كاظم وعادل ضحك:ياحيّ الله من جانا يا ولد ثنيان ، جانا الولد وين الوالد عاد ؟
بلع ريقه كاظم والتفت يناظر الناس ولأول مره يحس إن يدينه الثنتين مبتوره ولا يحس بإتكاء ، يحس إنه ثقيل وبأي لحظه بيطيح من دون ثنيان
فاقد مو بس صاحب فاقد حتى طعم حلاوة الدنيا بدونه ، لحظه بس يشوفه فيها بهالليله بتغنيه عن سماح وعتاب بس لحظه !
ولأن الله مجيب ماعلى بال عبده صرخ صوت ثنيان بصدى الصاله
:بابا
ورفع راسه وتهجم على ملامحه الصدمه وهو يناظر ثنيان من بعيد
ثنيان اللي كانت أصعب خطوتين يخطيها لداخل
وقف دقايق ويمكن ساعات وهو يشوف الداخلين والخارجين من الضيوف بس مو قادر يخطي
لحد ما لمح الطفل اللي لابس غتره وثوب ويمشي بين الناس ويلعب وماسك غترته وضحك !
وسط كل هالليالي السود ضحك وأبتهج صدره من شاف بسّام ونزل وأصبحت كل الخطاوي سهالات
نزل أنظاره اللي أشتد بيدينه حضن رجليه ولا قدر ينحني ويضمه لصدره وبلع ريقه
شاف أنظار المتواجدين المستغربه من شكله وين شماغه وماعليه الا ثوب وثوب مهزول ولحيه كثيفه وهالات ظلال تحت عيونه !
لدرجة شكوا جميع بإنه ماهو ثنيان الا هو ، الا كاظم
لو يشكون العالم باللي فيه بإنه هذا ماهو ثنيان بيقول كذب هذا صاحبي بس عليه من غطاوي ليالي سودا
وبين نظرات ثنيان للحاضرين ورغبة بسّام في احتضانه وهو يرفع يدينه له ويناديه بتكرار:بابا ، بابا
طاحت عينه بعين العريس ماهو كاظم الليله هذا عريس بس ، كاظم دفنته بيدي وبكيت على قبره هالخمس شهور والنص هذا بس عريس إختي
ووسط تبادل النظرات بينه وبين كاظم طرى على باله
« البارحه في غبة الوصل سباحّ واليوم من عرش المواصيل مخلوع »
اي والله إنخلع ضلع لا له طب ولا جبر ولا أمل يتصلح اللي انكسر
نزل راسه وهو يخفي حزنه وضيقته ويجلس مقابل الوجه الضحوك
بسّام أبتسم:جيت مع عمو كاظم قالي ما بتجي
ثنيان همس:وجيت بس أسألك بالله كيف ما أختلف وجه أبوك ؟
بسّام وهو يشد غترته على وجهه بإنزعاج:أخذني المطعم أمس
ثنيان مارد وهو يناظر ملامحه وطوله اللي أتضح بالنمو وفصاحة لسانه: أسألك بالله كيف عرفتني وأنا أبوك ؟
ضحك بسّام وهو جاهل أصلاً كلام ثنيان ومعناه:عمه مزون عروسه
نزل أنظاره ثنيان من حسّ بنفسه ضعيف وبعيد عن هالعائله تماماً من بعد ما بشره بإن مزون عروس إخته الوحيده عروس !
'
كاظم
ماسك يد عادل اللي بيتوجه لثنيان ويناظر ثنيان والحديث اللي يدور بينه وبين بسّام
انقبض صدر عادل وهو يشوف حال ولده لأول مره بهالشكل ، هذا حال سجين بكهف ماهو حال ولدي !
وقف ثنيان وهو يناظرهم وتقدم بهدوء وبسّام خلفه يمشي ويناظره
مشى ووقف قدام أبوه متجاهل نظرات كاظم له تماماً
وعادل همس له وسط نظرات الناس:وش فيه حالك ؟ قولي وش صاير معاك ؟
ثنيان بهدوء:مافيني شي جيت أسلم عليكم بس وراجع
عادل:راجع لوين ؟ وين الأرض اللي غربلتك وخلتك بهالحال ؟ ياولدي وش صاير لك ؟
ثنيان رفع كتفه:عادي مجنون يحاول يتعالج بعيد عن ولده عشان لا أذيه وبعيد عنكم عشان لا أشقيكم
التفت كاظم وصد من حسّ بالطعنات بصدره بعد كلام ثنيان الواضح تماماً بإن المقصود به ؛ هو
ثنيان:أبي اسلم على مزون دوري لي درب
جلس ثنيان وهو يناظر صدمة عادل وسكوت الحاضرين اللي ما يسمعون من حوارهم شي بسبب مساحة المكان
ثنيان لف وناظر إدريس وهمس:شلونك ؟
إدريس:مانبي سؤال عنا ، إنت شلونك ؟
ثنيان:الله يدري
سكت إدريس وعادل مشى لخارج القاعه تارك الكرسي اللي بين كاظم وثنيان
جلس كاظم وبلع ريقه وبسّام جلس بحضن ثنيان وهو يلعب بجيوبه
طاحت غترة بسّام بحضن ثنيان وناظرها ثنيان:تسمح لي أخذها يا أبوي ؟
بسّام ناظرها وناظرها:تاخذها؟
هز راسه ثنيان وبسّام كمل:خذها اصلاً تضايقني
أبتسم ثنيان:كل شي يضايقك عطني إياه وأنا ابوك ولا تخاف علينا صدورنا وعره
وقف من شاف عادل يشاور له من أقصى الصاله
وتوّه بيمشي سحبه من ذراعه كاظم ولا قدر ولا يقدر !
التفت ثنيان وناظره ومن طاحت عينه بعين كاظم تراخت أهدابه بضيق
كاظم بلع ريقه والغصه تحرق حلقه من مرارة فراقه وجا بينطق بيقول
آسف وعد اللي صار وآسف وخل نكمل المشوار بس لا تخليني !
بس عاجز عن الكلام بين نظرات ثنيان اللي رفع كفه وبهدوء نطق
:تبي أزيد اللي داخلك نار ؟ ماشفت جرحٍ عليه هدوم؟ هذا أنا البيّن الخافي
سحب كفه ومسك يد بسّام ومشى معاه لعادل اللي وقفه عند باب غرفة مزون:بتدخل عن أمك كذا ؟ والله لتموت بمكانها
ثنيان أبتسم:والله ماشفت شكلي من فتره بس لهالدرجه أخرّع ؟
التفت لبسّام اللي يناظره:ماشفت ولدي خاف مني
عادل:ادخل ادخل
'
مزون
من قال أبوها بإن ثنيان يبي يشوفها رجفت بربكه وهي تنتظره عند الباب وعائشه قبلها
دخل ثنيان وأبتسم بإتساع من شافها بفستانها الأبيض وناظر أمه وضحك:سلام عليكم
مشت عائشه وهي تحضنه:يمه ولدي
أبتسم رغم خوفها من فضاعة الشعور والشوق اللي بعيون أهله كان يغيب عنه بس أقلها أسبوع ويرجع لهم ولا غاب ! غاب مبسوط بس هالمره غايب تعبان ومهلوك ، جرعة الشوق زايده ومضعفّه
عائشه ناظرته بخوف:وش جرى لك ؟
ثنيان ضحك:كنت في سفر ماعليك ، رحاله
عائشه:أسألك بالله تجاوبني هذا من عملتي والا صدق رحاله؟
ثنيان سحب نفسه منها:خليني أبارك للعروس
تقدم لها ومسك يدها البارده وهو يبوس راسها ويناظرها ويهمس
:اعذريني المفروض كاشخ وريحة عطري سابقتني بس عاد !
مزون وهي تناظره عيونه الحمرا وهالاته السوداء:ثنيان ؟
ثنيان التفت وهو يناظر وجيههم السوداء وماسك يد مزون:يالله دامنا وجبّنا لزواج العروس أستأذنكم
عائشه:وين رايح انا ماصدقت لقيتك ؟
ثنيان:والله يايمه إعذريني ولدك مجنون ويبي له يتعالج لحاله
عائشه أنهارت:انا المجنونه وانت الصاحي لحد يجننك والله انك اعقلهم
ثنيان صد بنظره لبسّام:ماعليه ارجع لكم ماني بعيد ولدكم تراني !
التفت لمزون وابتسم:كلهم يمشون بالأرض الا إنتي تهلين علينا من السماء بغيوم ، الله يوفقك
مسحت دموعها مزون وهي تشوفه يطلع تاركها وتسمع بكاء عائشه وحسرتها على شكله
عادل خرج معاه وناظره شايل بسّام:وين رايح ؟
ثنيان:بوصله لأمه
عادل:راجع ؟
ثنيان التفت له:يا أبوي ولدك ماهو بخير لا صار بخير بيجي تحت ثرى ظلك ، وعد
تنهد عادل ومشى ثنيان لسيارته وجنبه بسّام اللي مبسوط بشوفة أبوه قرير العين
دخل عادل وناظر كاظم:إدخل لزوجتك
كاظم همس:وين ثنيان؟
عادل بحزن:مشى
تنهد كاظم ودخل معاه لداخل شايل حمل طويق كله على أكتافه بعد كلام ثنيان وشوفته بهالحال
'
ثنيان
دق الباب وهو يناظر بسّام اللي يحاول يشرح له:مابي بيت جدي هذا أبي أمي
فتح الباب ومن ناظره ضحك:ياساتر من وين خارج إنت ؟
ثنيان:ماني جاي أضحك معك جاي أوصله لأمه
مع إن وعد كاظم لعائلة إبتسام إن الزواج يكون سرّ الا إن اخو إبتسام أفشى السر بس عشان يشوف بعيونه ثنيان ويتشمت:والله أمه ماهي هنا
عقد حاجبينه ثنيان وكمل أخو إبتسام:تزوجت
جمدت ملامحه ثنيان وكمل أخو إبتسام بهمس:وتبي تعرف من العريس ؟ أبشرك كاظم صاحبك العضيد ومتزوجها بالسر من فتره والعنوان شقته اللي بحي النسيم أكيد تعرفها
طاحت من يدين ثنيان كفوف بسّام وهو يناظره ويكذب اللي سمعه
'
كاظم
دخل وناظرها أمامه كل تفكيرها بثنيان وحال ثنيان اللي عكر صفو تفكيرها بفرحتها
عرف مباشرةً كاظم سبب سكونها وتقدم لها وهو يمسك بيدينه يدينها الثنتين والورد بينهم وهمس:يا أخت الغيم !
رفعت نظرها مزون وناظرته وعقدت حاجبينها من شافته ونزلت دموعها
كاظم سحبها لحضنها وهو يهمس:والله ماتهلين الدمع بهالليله وأنا موجود
مزون بدون صوت كانت تحاول ما تبكي بكثره وعمق عشان بس لا تخرب الليله هذي السعيده
كاظم:ثنيان مرده بيزين حاله وهذا وعد مني بس تكفين الا هالليله يامزون
رفعت راسها وناظرته وكاظم ناظر عيونها:بزفك الحين قدام الكل وأعلنها إني والله أنا العاشق الهيمان بس إضحكي
إبتسمت له وسط دموعها ورفع كفوفه يمسح أثر دموعها برقه وأبتسم لها وهو يخفي كل مافيه من تشتت
مشى فيها كل الممر الطويل تحت أصوات الموسيقى والاضاءه وصوت تصفيق الحضور وفرحتهم وهو يبتسم أو يحاول يبتسم
وبنص الممر وقف والصدمه كسَت وجهه والتفتت له مزون وهي تناظره وبلع ريقه من تذكر بسّام وهو يناظر مزون المستغربه
كمل الزفه بهدوء وما إن جلس حتى نادى عائشه اللي تقدمت له وناظرت خوفه وهو يهمس:بسّام ، بسّام وينه ؟
مزون التفتت بربكه لكاظم اللي يحاول يهدأ بس عشانها
التفت وأبتسم:بس بغيت أشوف بسّام
مزون بلعت ريقها وأبتسمت بخفوت وهي تناظر الناس حوالينها وشوي شوي تبدأ تتجدد داخلها الفرحه من شعور إنها عروس وكاظم يرقصها مبتسم البسمه اللي وراها خوف وتفكير وضيق بس مبتسم
التفت لعائشه اللي لا زالت تكلم وطال الموضوع عليه
وحسّ الدقايق اللي قضاها مع مزون أمام الناس دهر لحتى أستقر بالشارع ينتظر مزون تخرح وتوجه لعادل:وين بسّام ؟
عادل:بلغت عمتك ، راح مع ثنيان
جمدت ملامح كاظم:وين وداه ؟
عادل:بيت أمه، دقايق أشوف مزون اذا جهزت وأجيك
مسك راسه كاظم وهو يحس بالدنيا تدور فيه فتح ياقته وهو يتنفس ورمى بشته ورا ومسك باب السياره وهو يبلع ريقه
رفع راسه لمزون اللي طالعه بعبايتها وركب سيارته يخفي ربكته
شد من قبضة يده وهو يفكها ويرجع يقبضها ولا يفكر ويتوتر
ويهز رجلينه ويناظر مزون تركب جنبه ويوصي عليها عادل
اللي اكتفى بعد كلامه بإبتسامه تخفي ربكته وحرك
وطول الطريق وهو يفكر بوين راح ثنيان ؟ ووصله خبر أو لا ؟
قعد يطمن نفسه طول الطريق بإن أهل إبتسام سدوا على الموضوع وأخذوا بسّام بدون ما يعطونه تفاصيل
أكيد ماهو واعدينه يكون بالسر ولا أحد يدري عنه !
وصل الفندق ونزل وهو يساعد مزون المرتبكة تماماً من وجوده
دخل الغرفه والتفتت له مزون وناظرها وهمس:خذي راحتك
خرج وقفل الباب وهو يشيل شماغه وعقاله ويوقف بالممر ويدق عليها
أنتظر رد وهو متوتر ومن ردت عليه بـ:ماكفاك طعنتين ؟ تبي ثالثه؟
رجف بخوف وهو يسمع صوت ثنيان بجوال إبتسام
'
مزون
جالسه بفستانها وتفرك يدينها بتوتر رافعه راسها للباب وهي تنتظره
تنتظره يدخل لأن غيابه طول ومو معقوله كل هذا يبيها تاخذ راحتها !
بلعت ريقها وبتردد بعد ماشافت ان الوقت تأخر
طلت من عند الباب ولا حصلته وعقدت حواجبها ودخلت وهي تاخذ جوالها وترسل له " خوفتني وينك ؟"
قفلت جوالها وهي تنتظره وتنتظر اشعار منه بس مارد !
'
كاظم
دخل الشقه وناظر ثنيان جالس وبسّام بحضنه وإبتسام أمامه
قفل الباب كاظم وبلع ريقه وتقدم لهم
ثنيان ناظره:مبروك معرسنا على الزواجتين
كاظم صد وثنيان شال بسّام من حضنه ووقف وارتبك كاظم وهو يحس فيه يتقدم له
ثنيان ناظره وهمس:مع إن فكرة إنتقامي منك تدور براسي من شهور الا اني سكتّ بس عشان مزون
كاظم وهو صاد نزل انظاره لإبتسام اللي جالسه ونظرها لبسّام ومشبكه يدينها ببعض وهاديه
ثنيان بهدوء:متخيل ! هذي أول مرة أقفي و ما أبيك تشدني ، لأن النفس طابت منك وقدرتك الحين غريب ، لكن اللي خلاني اناديك وأوقف قدامك الحين وأتكلم وانا نفسي مي طايقه تتكلم معاك ؟ مزون إختي
بلع ريقه من جاب طاريها وهمس:ثنيان ! تراها عروس
ضحك ثنيان:اي عروس لواحد ما يستاعلها ، وغلطنا يوم زوجناها لك
كاظم:يرحم أمك وأبوك ياثنيان لا تشدني من إيدي اللي توجعني
ثنيان همس وقرب منه:بتطلق
كاظم التقت له وجمدت ملامحه وهو يشوف ثنيان اللي كان دايم خلفه ويسانده بكل شي بحياته اليوم ! واقف قدامه وضده ويهدده
ثنيان :طلق أختي وإنت ما تشوف الدرب أحسن لك وهاه ! ترا ثنيان القديم مات الحين حياتي ططزز فيها وعادي ادخل سجون من وراك
التفت لإبتسام وناظرها:وزين لقيت اللي تشبهك
ناظرته إبتسام وهمست:تشبهك ؟
وقفت وناظرتها بحقد:من اللي باعني وباع ولده ؟ والحين جاي تتكلم عني ؟
ثنيان:انا كلامي مو معاك ولو تتزوجين ابوي بعد ماعلي فيك
التفت لكاظم وناظره:علي بإختي وأختي ماتعيش معاك
كاظم:وأدري إني بنهان وأستاهل
مسك كف ثنيان بقوه:أبوس يديك لا تبعدني عن درب مابه مزون
التفتت إبتسام وناظرته وثنيان سحب يدينه:بأي فندق ؟
كاظم مسكه بقوه:تكفى ياثنيان داخل على الله ثم عليك الا مزون ياخي
ثنيان دفعه بقوه:دامك خايف تكسرها ليش تزوجت ؟
كاظم صرخ بوجهه:عشانك
سكت ثنيان وهو يناظرها وكمل كاظم وهو يبلغ ريقه بإرتباك لوجود إبتسام:عشان أصحح أغلاطك من وراك ، عشان ولدك ما يتوه من بعدك، عشان لو ما سمحت لي أكمل المشوار معاك ؟ أكمله مع ولدك
لانت ملامح ثنيان وهو يناظره وإبتسام ضحكت وهي تناظره
تجمعت بمحاجهرها دموعها وهي تضحك والتفت كاظم لها
إبتسام جلست وناظرت يدينها وهي مبتسمه وتهز راسها بهدوء
ثنيان وهو يناظر كاظم وساكت همس:مزون تحرم عليك وأنا حيّ
مشى من جنبه وسحبه بقوه كاظم:ولو إن العشره هانت بس عشان عشرتنا ياثنيان
ثنيان عقد حاجبينه وضحك: أي عشره؟ ياكاظم أنا يوم طحت ! طحت لحالي ولا لقيتك ، ويوم بكيت ! بكيت لحالي ولا كنت موجود
كاظم سكت من شاف نبرته تغيرت وملامحه لانت للضعف
ثنيان:يوم بغيتك عون رحت اخذت اوراقي من المصحه النفسيه وسلمتها للمحكمه وفضحتني عند الكل بإن ثنيان مجنون وعقله ماهو معاه
كاظم قاطعه بخوف:عشان بسّام
ثنيان عقد حاجبينه:ياعمي إنت بعتني ، أي بسّام أنا حتى يوم أقابل أحذ من معارفنا ينحاش مني عباله مجنون
صد كاظم وهو يشد على شعره بغضب ولاعنده كلام
وكمل ثنيان:يوم علمتك باللي صاير وباللي شفته وباللي حسيته ! فضحتني وخليتهم يتشمتون
لف لإبتسام وناظرها:تدرين أخوك يوم بلغني بإنك متزرجه شقال ؟ قالي يالمجنون
التفت لكاظم وناظره بضيق:مجنون
كاظم التفت شوي شوي لوجهه ويااه من نظرته وش سوت بقلبه ؟ نظرة البايع والضعيف واللي تهون عليه العشره باللي فيها ، نظرة الزعلان
ثنيان:وأبشرك يا أم بسّام ربي أخذ حقك من دموعي وقلت آمين ، لين جَفت عيني دمع والقـاع أرتوى
كاظم همس:تكفى ياثنيان الا مزون والله ياهي بتهل دموع من تعرف
ثنيان:يالله تبكي جنب أخوها ولا تبكي بدونه
كاظم تمسك فيه:عشانها هي ياثنيان ماهو عشاني ، تعشمت فيني
ثنيان ناظره بإستحقار وأسى:وليتك تستاهل !
كاظم وهو شاد من يده على ذراع ثنيان وساد طريقه عن الباب كان رافض تماماً يغادر ثنيان ويروح لمزون ، فكرة إن مزون ممكن هالليله ما تعيشها بفرحه مثل ماوعدها تحرقه ، تكويه ، تميته ، كان يناظر بعيون ثنيان وهو يشوف الرغبه بالإنتقام يعرف إن مزون تتصان وتمطر على قلوب اللي حوالينها ويدري بإن كاظم بعد ماعاد ورجع له من هالشهور ! مزون استحلت مكان السديم وتمادت بالعرش وتربعت ، وهاللحظه ؟ لحظة إنتقامه من كاظم بـ مزون
دفعه بقوه لدرجة أسقطه على الأرض وفتح الباب
غمضت عيونها إبتسام بقوه وهي تحس إن مو بس ثنيان غادر المكان ! حتى كرامتها بعد كلام كاظم وتمسكه وقلة حيلته ورغبته بمزون
كانت تشعر ومو لأول مره بإنها عالرف تماماً ، مُهمله وغير مرغوبه
ومالها ذنب تعيش هالموقف مراراً وتكراراً ، تتهشم بتكرار
حسّ كاظم بإنه ما وقع على الأرض بس ! حسّ إنه للحين قاعد يطيح بفوهه كبيره من السواد والعتمه ، كل ما يتخيل بشاعة شعور مزون يحس فيه نيران تسري مع مجرى الدم
'
مزون
رفعت راسها وهي تشوف الساعات اللي مروا وكاظم ما يرد
تنهدت بتعب وهي تحوس بالغرفه ولا تدري وين تودي خوفها هذا واللي تبي فرحتها تغلب عليه ، بس تعال ياكاظم خل هالفرحه تغلب على مخاوفي خل الخوف يزعل ويضيق صدره لأجل إنه خَسر
دق الباب مرتين وأبتسمت بإتساع من حست بإن الروح عادت من رب الروح بعد ماطرق هالباب كاظم اللي متأكده بإنه كاظم ومن ممكن يكون خلف هالباب غير عريسها !
ومن فتحته تلاشت البسمه من ثغرها وهي تشوف المعاتب اللي أمامها منحني على الباب ورافع يده لأجل يطرقه
نزل كفه ومن ناظر صدمتها وفتور عظامها ورعشتها همس:بدري لكل هالشعور ، ارفقي للحين ما قلت اللي عندي
دخل وقفل الباب ومشى بيجلس والتفتت له برجفه:وين كاظم ؟
ثنيان جلس وناظرها:ماهو بجاي
بلعت ريقها وتلاشى الأمان من حضن صدرها وهي تشوفه يملي عليها بأول الحوار المتآكل للفرحه واللي ينهش من فرحتها نهش
ثنيان:ماقلتي هذا أخوي ؟
عقد حاجبينها وهو يشوف دموعها تنهمر بدون صوت ولا حتى يبان على ملامحها ردة فعل ، فقط مجرد دموع
ثنيان:ماقلتي هذا اللي باع سمعة أخوي بالمحاكم ؟ حرمه من ضناه ومن رجواه ؟
ضرب صدره ثنيان وهو يهمس:ماقلتي هذا أخوي !
نزلت دموعها أكثر وهي تناظره متألم أمامه جاهله كل هذا الحديث المفاجئ اللي توقعت تسمعه بكل الليالي بس الا هالليله
ثنيان:ماقلتي وش شعور أخوي بعد ما كان محامي وبطل والكل يحترمه ! اليوم مجنون ومهبول والناس تصد عنه ؟
ضحك بين غصته وعض شفته ونزل راسه بين يدينه وكمل وهو يناظرها:ما يخالف تحبينه ، بس ماتحبين أخوك ؟
غمضت عيونها بقوه مزون بتراخي من جسدها لحتى جلست على الأرض وامتلى خدينها كحل أسود يشابه لون ليلتها السعيده
ثنيان:تدرين يامزون ! كاظم كنت احسه اخوي من ضلوعي ، كانت محاجر عيوني مليانه فيه وأشوف أنظاري بكاظم بس طاح
رفع كفينه للسقف وهو يناظرهم:وطاحت معها دموعي
بلع ريقه وهو يناظر يدينه وهمس:ماهو بس جرح رجواي اللي بدل حالي بهالحال ! حتى كاظم
بلع ريقه وهو يحس بإن دموعه بتخونه وكمل:داخلي بردان ، قلبي يلفحَه البروّد ولا يدري وين دفاه! ، كان الدفى بذراع الأصحاب بس مامن دفى الحين بموت برد وجفا ولا مخلوق يحس
تنهد والتفت لها:عتبي عليك اللي ما تقاسمتي شوي من حزنك علي وبديتي كرامتي عليه
مزون اللي كانت عجزانه تتكلم تماماً جاهله اللي صاير وخايفه من اللي تسمعه وحزينه ومكسوره من كلام ثنيان ضمادها الوحيد
مسح وجهه ثنيان والتفت لها:حزين عليك بهالليله ترا ماني قاسي قلب لأجل اشوفك تبكين وازيدك تعب ، بس ماهو قد العشم يامزون ولاهو يستاهلك
مزون بوسط بكاها سألته بإنهيار وصعوبه:ليش ؟
وكان جوابه بسيط للغايه من ثغره صعب للغايه لمسامعها وتقبل تصديقه : متزوج غيرك يامزون ومو وحده تجهلينها ! أم بسّام ولدي
جمدت وهي تناظره وترمش بصعوبه والكحل مالي عيونها ووجها
انحنى للارض ثنيان وهو يجلس أمامها ويمسك يدينها:بس أنا معك ، رغم اني طحت لحالي وبكيت لحالي بس ماني مخليك تعيشين اللي عشته
مزون رفعت راسها تحاول تستنجد بباقي التنفس اللي فيها وتتنبه بإن اللي صاير حلم وهي باقي عروس !
ثنيان والألم يعصر قلبه من شكلها كمل:تحرمين عليه دامه كسرك هالقد يامزون ، قومي معاي
بكت بصوت عالي من يوم وقف وتمسكت فيه بقوه وهي تبكي بنحيب ، النحيب اللي يخرج من أقصى حلقها ويقطع أحبالها الصوتيه من شدته
رافع راسه ثنيان للفراغ وشاد بيدينه على اللي وسط حضنه تبكي
تشكّلت الغيوم الركاميه السودا عليه من ليالي طويله واليوم زارت مزون الغيم غيمه سودا ماظنتي بتكون موسميه يمكن تلازمها للأبد
'
كاظم
ماسك راسه عند الباب على حاله ويقلب كفينه بضياع ، غابت عن عينه إبتسام من دخلت الغرفه وبسّام بحضنها وتبكي بدون صوت
تغطي فمها بيدها وتمشي بالغرفه ، حتى وجعها تكتمه ! ماهو كافي تتوجع بدون أسباب وبدون حتى ذنب ؟ تكتم وجعها بعد ؟
وش قاعده تعيش من حرب داخلها إبتسام ! اللي تخلت عن مبادئ الدنيا وبغته حلال وقالت له عن رغبتها وصدها ؟ واليوم يقولها قدام أقسى شخص عرفته وعاشت معاه أكثر شخص ماتبيه يتشمت فيها يقولها قدام ثنيان بإنه شفقان ويتلطف على حال بسّام ليس الى !
شافت رغبته وتمسكه وخوفه على مزون وتحسرّت ، تحسرّت لأن الطلاق جاها من لسان ثنيان بسهوله وتخلي كاظم عنها كان أسهل
كل اللي تبيه ومطلبها ! تعيش عيشه هنيّه وتحس إنها مقدره وينه اللي يقدرني وينه العادل ؟
ليش كاظم صار لها العادل الظالم ، اللي جرب يعدل وظلم وتسلط أكثر على جروحها
ليش حزينه على حاله برا وعجزانه تتخطاه وتصد ؟
ليش فتحت باب غرفتها رغم دموعها وحزنها ومشت لين أطراف رجليه وجلست ، وتناجوا سوا بالليل عن حزنهم ساكتين ؟
يناظر الفراغ كاظم ومتألم ومكسور يحس لو يقدر يفتح هالصدر ويلفح عليه من برد السما يبرد ! كان فتحه وبرّد عليه من نيرانه
ولو بيده يدخل بين ضلوعه ويوسع مجرى تنفسه من ضيقته الشديده ! كان بادر
بس عاجز ! والعجز اللي يعورّ وأبسط ما يشرحه ؟ متعوّر
يعيد في لحظة كلام ثنيان ونظراته ، يعيد في أول لحظه يشوفه فيها بعد غياب شهور عن عينه ، يعيد شلون كان حاله بدوني ؟
وفي نص خوفه على شعور مزون حسّ بإن الملجأ الحين ثنيان
طلع من جيبه جواله يدور رقمه تحت أنظار إبتسام ومن قرأ اسمه ورقمه القديم ضحك بحسَ عالي وتذكر !
‏تفارقنا ولا ادري بعد هذا الضيق وين اروح وانا متعوّد اسأله ليا من ضقت شسوّي ؟
ناظر إبتسام وهمس:متعوّر
إبتسام وهي تبكي بدون صوت رفعت كتوفها:وش ترتجي مني وأنا اللي أدوس بنفس الرجلين على نفس الألم !
سكت وهو يناظر دموعها وجلوسها عند رجليه وعقد حاجبينه وش هالمشاعر اللي اجتاحته هالليله ، وش هالشتات كله والفوضى اللي تضج داخله بصوت عالي بدال ماكان عريس أقصى شعور يشعر به هاللحظه الفرح !
'
مزون
دخلت البيت على صدمة أمها وأبوها وثنيان خلفها
قفل الباب وهو يتمعن بنظره للصدمه والبكاء والمصيبه اللي حلّت عليهم
التفت له ابوه يناظره وينتظر ردة فعل لمشاعره ولكن كان صامد من قسوة حطب يرفض يشتعل ويعبر صدمته بكاظم
ويرفض يفصح عن شعوره بلحظة ما فتحت الباب إبتسام وتأكد من ظنونه
تقدم وهو يمشي للإتجاه المعاكس لهم ويجلس على كنبه ويرخي جسده عليها ويناظر السقف تحت اصواتهم وصدمتهم ومناداتهم له
ماتمنى يرجع لهالبيت وهو بهالحال بس مستحيل يخلي مزون أبد
طلع من جيبه جواله وهو يقرأ رسالة نورا لتحديد موقعه بـ وينك؟
مارد ومشى لغرفته ووقف عند بابها وزم شفايفه وهو يناظر قبضة الباب
آخر من لمسها رجواه يوم أعلنت الرحيل بليلة الموادع
رجف كفه بخوف من انه يمسك المقبض بعد كف رجواه من بعد هالليالي البعيده عنها
خاف وأرتبك وتمنّع يفتحه وظل يراقبه ويتخيل كفها وهو يغلقه وترحل
عقد حاجبينه بألم متجاهل العاصفه خلفه من صوت أمه ونحيب مزون
ويفتكر في طريقه ثانيه يفتح فيها الباب من دون ما يلمسه
يدري من إن حطت يده على الباب بترجع النيران بعد خمودها تشتعل داخله وتتكررعليها عتمة الليالي السابقه
من تذكر إنه بيقابل الأكثر سوء ! من سرير ومن مرايه ومن مخده ومن زوايا غرفه ومن ذكريات
قال مابقى أكثر ! وفتح الباب ودخل وهيّت عليه الذكريات والأصوات والأيام اللي عاشها هنا مع رجواه
أحمرت عيونه وأهدابه من حرارة دموعه اللي تجمعوا وهو يتسائل
« كأن أحبابنا راحوا ؟ »
من حرارة دموعه حس بإشتعال رموشه تماماً عن هدب عينه وقفل الباب وهو يثبت ظهره على الباب ويبدأ بالتأمل
ومع هالتأمل سلّم الإستسلام لعيونه بيـَ عيون هلّي
هلّي من دموع الوجع على هذا المكان ، هلّي على الخد وهلّي وإحرقي
أثرني من سنين أحرث بذور أرضٍ ماهيب أرضي ؟ كل الحُب اللي عشته والتعب من الهوس اللي صاحبني وباقي ماتخطيته ؟ تروح رجواي؟
رفع أنظاره وهو يسمع نحيب الجدران تعزيه في رجواه وتبكي على فراقها لهالمكان الصغير ، لمس بيدينه الجدار وهو يمسح عليه ودموعه تهلّ ماهو بس عيوني اللي تبكي وصدري ينوح ! كل شبرٍ بهالغرفه ينوح وجدرانها ماتوا من نحيب الصوت ، وأرضها مع سقفها عَمت عينهم من قد ما بكوا ورثوا بفراقك
وش أغزل الحين من خيوط تلم كل هالبلل بالأرض من دموع ؟
وش أكتب وأرثي في غيابك قصايد ! جاوبيني
وينها تجاوبني ؟ ، تلفت يمينه وشماله يدورها مالقاها وكأنه هذا المجنون فعلاً وهو يحوم بالغرفه ويلمس كل شي بيدينه ومن حط بضلوعه وجسده المهزول على السرير
انحنى وبكى بكية اليتيم اللي ما لجأ الا لريحه ! ريحه تسد شوقه وجوعه ؟
مسك اللحاف والمخدات وهو يحضنهم ويستنشق منهم ريحة أيامه معاها ماهو بس ريحه تروي أنف عطشان ! حتى الضحكات اللي ضحكوها سوا وحتى الدموع اللي بكوها سوا وحتى المشاعر الصغيره اللي ما يذكرها العقل البشري السليم ؟ يبيها !
متخيّل ؟
يتشفقّه زي شفاقة سقيم المرض لدواه ، ولا يطيب ؟
ما طاب والله مازاده الا سوء ومرض
انغمس وسط هالغرفه ناسي السبب اللي خلاه يلجأ لهالبيت .. مزون
'
كاظم
التفت على صوت الباب وأبتسم بشك:عرساننا ؟
قفل الباب كاظم وهو يشوفه وهمس إدريس:كاظم ؟
كاظم هز راسه بضيق:سامحني
عقد حاجبينه إدريس وهمس:وش صاير ؟
كاظم تقدم له:سامحني ما قريت عينك بفرحه يوم
إدريس سكت وكاظم ارتمى بحضنه بضيق:اخخ ولدك كل ما ضحك جات الليالي .. وبكّته ، مسكين
إدريس:علمني وش فيك ؟
كاظم وهو في حضنه:يا أبوي أنا بتروا يديني اليوم ، يا أبوي أنا عجزان وكهل من دونه ، وزاد الزود عليّ وصرت من دونها !
إدريس بعده وهو يهزه:من هم ؟ بدون من ؟
كاظم:مزون تحرم عليّ دام ثنيان عايش
إدريس بخوف جلس وهو يبل ريقه بخوف:بسم الله وش صار ؟
كاظم جلس جنبه وهو يقوله ويحكي له بكل تعب:ماعادها بتصير لي أبد ، وكل ما تبسّم قلبي رد بكى ! وش هالحال؟
إدريس:إهدأ الحين انت واحنا نكلمهم ونزورهم وتتعدل الاوضاع ان شاء الله بس خلهم يهدون
كاظم:كانت عروس يا أبوي ! عروس ماخليتها تهنى بشي
إدريس مسك راسه بصدمه وكاظم التفت عليه:أنا حمار والله إني حمار
إدريس:ياكاظم إهدأ
كاظم رفع يدينه بتعجب:أفرط بغيث وغيمه يا ابوي ؟ بالله ماني حمار ؟ افرط بثنيان ومزون ؟ هذا حالي بدونهم والله ما يسرّ عينك لو تشوف
إدريس بخوف تمسك بيدينه يترجاه:لا تزيدها على قلب أبوك اهدأ وفوضها لربك يحلها بإذن الله بس إهدأ
كاظم سكت وداخله ما سكت نيرانه ماطفت وحريقه ما أنخمد
'
رجوى
ولاقدرت تكمل الأيام الا وهي تراقب هذي الإنسانه اللي نشرت الفيديو لثنيان وكل يوم تراقب تغريداتها بترقب وتشوف أعمالها من كُتب ودور نشر
بالبريك القصير لها بشغلها تقمصت بالشخصيه الغيوره وهي تبحث عنها وتقرأ آخر تغريده لها نشرتها منذ كم يوم
« دار النشر الجديد والمفتتح منذ فتره بيحصل على أول ديوان محظوظ من الشاعر الذي ألهم الجميع ، فقط ترقبوا »
من فتره ماهي فاهمه هل المقصود بكلامها ثنيان ؟ صار الكل يقول عن ثنيان شاعر ؟ بعد ماكنت أنا المحظوظه اللي أقوله شاعر رجواه !
من يوم غابت عنه وثنيان ماعاده لها ولا لنور لياليها ولدها
تعجبت وهي تناظر الفراغ وتفكر كيف صورته ؟ ووين لقته ؟ وكيف عرفته ؟
أما حال ثنيان ما زادها الفضول أبد واضح على هندامه وشكله ألم الفراق اللي أشتل من ضلوعها كثيير وكثير
شحب وجهها هي بعد وضعفت صحتها وتلاشت راحتها وحتى جفن عينها نادر ينام
قاطعها رنين جوالها وناظرت رقم التلفون الأرضي وردت:هلا
:تعالي في شغل نحتاجك
هزت راسها وقفلت ومشت وهي ماسكه بطنها ودخلت وناظرت اللي جالس على كرسيها
عقدت حاجبينها وناظرها ياسر:ياهلا
رجوى ناظرت الموظفات معاها وطلعت برا
وقف أمامها ياسر وتكلمت وهي صاده:عجزت تشوف رغبتي ؟
ياسر هز كتوفه:ما اشوف شي
رجوى ناظرته:رغبتي إنك تبتعد ولا تقرب ، اذا هذا تفضلك عليّ قسماً بالله بايعته وأدور لي أنا وظيفه بمكان ثاني ولا سنـ...
قاطعها:لا لا لا ولا تحلفين ولا تعصبين وعشاني مو عاجبني الوضع أنا بعد ؟ بدخل لك دايركت برغبتي
ناظرته رجوى وهي ساكته وياسر رفع اصبعه وناظرها:حلال
عقدت حاجيينها وكمل ياسر:أنا أبغاك بالحلال
جمدت ملامحها وهمست:انا على ذمته !
ياسر:تخلعينه وبدون ما تشوفينه حتى وأساعدك بهالشي
رجوى سكتت وهي مصدومه وياسر كمل:تراه مجنون !
رجوى:مجنون رجواه
كملت بغضب وهي تناظره:انا سبب جنونه لو ماتدري ، ولو ما يبقى بعقله ذره ! ولو تحوم الدنيا بالمصايب علينا وتتصفط المسافات بيننا ؟ ببقى على ذمته وبيبقى زوجي
ياسر:مافي أمل ترجعون
رجوى بلعت ريقها وكمل ياسر:شوفي حياتك وخليه هو الله يشفيه ويستر عليه
رجوى:الله يستر عليك إنت
ياسر عقد حاجبينه ومشت رجوى وهي تاخذ شنطتها وجوالها وتوقف قدامه:اقطع كل الدروب اللي توصلك لي لاني بصدك مليون مره وشغلك ما نبيه
مشت مستعجله بخطواته مغادره وهي محترقه بعد تلفظه عن ثنيان بالمجنون !
ثنيان حبيبها ؟ ثنيان اللي تشوفه أهلها ؟ صار الناس تتشمت بعقله وتقول مجنون ؟
وين راح حبه ووين راحت سمعته ووين راح ثنيان وراحت هي ؟
اتعبها الشعور ماتدري كيف تعدل الامور بدون ما تعدلها هي ! ماتدري كيف بتعرف اخباره بدون ما تسأل وماتدري كيف ترجع بدون لا تتعب ، ماتدري
بنص إرهاقها من زول وشكل ثنيان ببالها ! طرت ببالها فكرة الغيره اللي خلتها تفتح جوالها وتدخل لنورا « بالألف » بحسابها الاساسي
رساله ؛ الشاعر اللي تتباهين فيه كان شاعر رجواه فقط ، ولو إن بتخلين أذان عباد الله يسمعون شعره ويستعذبونه ! ذكريه بإن رجواه تسمعه بكل مره بيقول قصيده وشعر
قفلت جوالها وهي تاخذ نفس وتغمض عيونه بتعب ، رجفت بخوف من حست بالحركه ، انحنت بأنظارها وهي تحس بحركة النور
طفل دروب النور من الظلام ! يتحرك
ابتسمت بسعه وهي تحضن بطنها بيدينها وكأنها تتوهم حضنها لنور
كل اللي تبيه وتطلبه بهاللحظه ! ربي ما يبتليها بنور او يحرمها منه
لأن كل اللي تتمسك فيه بهالدنيا وكل يوم عن التعب هو « نور »
ابتسمت وهي تتخيل كيف بينمو ومين بيشبهه ! وش بياخذ اطباع مني ؟ بيكون يحبني زي ما أنا أحبه وأكثر ؟
يا هالنور اللي ابطيت عن صدر امك تلمك ! عجّل بالجيّه وقر عيني وأنا امك خل عيني تنبسط فيك
'
مزون
تبكي وهي تسمع عائشه جنبها تتكلم:والله ما يدخل هالبيت سمعتني حلفت !
عادل:ماهو على كيفك ولا على كيف بنتك اللي صار فضيحه ترجع لي بنتي من ليلة زواجها تبكي ؟ والله لاجيبه لبيتي واخليه يبوس رجلي ويتعنّى لها
مزون:خلاص مابي أشوف أحد تكفون
عائشه التفتت لعادل ومشت طلعت والتفت لها من غيرت الاتجاه للممر وسأل بتعجب:وين رايحه؟
عائشه:بشوف ثنيان
عادل:هقيتك بتقولين الجثه ثنيان لانه ماهو آدمي حيّ
عائشه تنهدت ودخلت الغرفه بدون طرق للباب وطلت بنظرها بهدوء
وشافت الجسم المتخبي باللحاف والاضاءه الخفيفه والهواء البارد
تقدمت بهدوء وهي تتقدم وتشوف وجه ثنيان غارق بنومه وسط المخدات واللحاف اللي مجمعه كله بحضنه
بلعت ريقها من منظره والسواد والظلال السمرا اللي تحت عينه
دليل السهاد والسهر اللي قضاه كل هالشهور بتعب ووحده
حسّت بشوي من الندم وتراجعت بسرعه وهي تتذكر جنونه بوجود رجوى اللي كانت بمثابة الديزل اللي يزيد النيران اللي داخل ثنيان
تنهدت وهي تتذكر كلام الناس بعد ما أصدرت المحكمه حضانة بسّام لأمه بسبب جنون ثنيان ومراجعاته بالصحه النفسيه
صدت عنه وهي تناظر الغرفه والتحول اللي صار لحياتها ولحياة عيالها فجأه ! بعد ماكانت أمس ليلة فرح صارت سوداء ومظلمه
وحتى بعد مارجع ثنيان لأحضان البيت ! ماكان للفرحه طعم
ناظرت سوداوية المكان بغرفة ثنيان صحيح ألوانها تزهو من الإختيار الصحيح ! الا انها تفقد لذة الروح والانشراح ماتشوف الا العبوس والذبول
بهاللحظه بالذات عائشه استوعبت الإيمان الكبير اللي يؤمن فيه ثنيان « بإن الحُب أبدي يدوم وممكن يوقع للجنون »
وهذا اللي حصل الليله بعد ما انتهت من زواج مزون وجات بتغادر القصر ويقابلونها اللي يتسائلون هل فعلاً ثنيان مجنون وترك شغله وأصبح يراجع الطب النفسي ؟
ماردت على التساؤل بل كان جوابها التحسرّ ، التحسرّ على الطريق اللي كانت بيدها تمشي ثنيان فيه
ماتوقعت بإن شكوكه لا وجوديه لها بهالكون وكان كل مافي بالها انها تنزل حب رجواه من قلبه لانها تعتقد بإنها الخيار الخاطئ
كانت تردد على مسامعه تخيلات وتهيؤات لين ما خلته يشك بكاظم ويفقد صحبته الطويله من عُمر بسبب زيادتها في هوسه
نزلت راسها وهي تحس بدموعها تخونها بإستسلام وظلت تناظر كفينها والدموع اللي بدت تبلل كفوفها بهدوء وبدون صوت
'
كاظم
دخل الشقه على أمل يكون وجود بسّام كطفل مسلي لروحه ، روحه اللي سلبت من جسده بمجرد ما تخيلها
تكّى على بابه ومفتاحه بيده ولا زال بثوب عرسه من ليلة قبل أمس
ثلاث ليالي مرت عليه وجافت عيون النوم واشترى السهر من يوم تحولت ليلته لسواد
كل اللي في باله بإن ثنيان نجح يخليه يدخل السوداويه ويجربه لذعة الألم ولو إن فراق ثنيان كان يوجعه ولو إن كاظم من يوم غاب ثنيان عنه ونفى صحبته للفراق عايش بسوداوية الدنيا ! الا ان ثنيان جاهل حزنه وذوقه المرّ المرير اللي متأكد بيكون عذابه الأبدي
كل اللي في صورة خياله الحين ملمس الورد على وجهها وهي تشمه وفرحتها بجذوع الورد ولمساتها له وتمنيها بإنها تكون «ياليتني ورده»
تعورّ حييل من كل هالبهاء والرقه والعذوبه ومع ذلك تنجرح !
ماهي بس مزون إسم ! هي مزون إسم ومعنى وروحها أعذب من الغيم وأجمل من الغيث وأحلى من زهور المشتل الزاهي
كيف حال الغيم اليوم ؟ مرت ثلاث أيام معقوله جفت عيونها مثل ماجفت عيوني ؟ ليه يوم اخترت السديم تمردت على قلبي وداسته واشترت على حبي الغرور والكبرياء ! ويوم ارتحت من كل هالدوامه بحب السديم وسنين وسنين أجري وراها ؟
ريي رزقني بالغيم وغيثه ! ردت روحي وانزرع بستاني من جديد وتوّه يبتسم ؟ رجع يبكي الحزين
العادل الظالم زي ما تسميه إبتسام اللي من خرجت من المطبخ ولاحظته ساهي ظلت واقفه تناظر حاله وشكله
التفتت على صوت بكاء بسّام وفزّ من هذيانه كاظم واتجه معاها للمطبخ
ناظرته عند الدرج يبكي واصبعه ينزف والسكين على الارض
صرخت برعب واتجهت له بخوف:بسّام !
عقد حاجبينه كاظم واتجه لها وهو ينحني لبسّام ويمسك ذراعه ويشيله
ويغسل كفه
كاظم وهو عاقد حواجبه وبين بكاء بسّام تكلم بغضب:تسهين عن ولدك؟
إبتسام ناظرته والتفت كاظم لها وناظرها ثواني وهمس:شفيك؟
إبتسام:إنت ساهي عني وعن ولدي ، تلومني ليش سهيت؟
كاظم سكت وهو يناظرها وسحبت من بين أحضانه بسّام وهي تحاول تدارك مشاعرها بكل هذا القرب اللي قربته منه
مسك ذراعها ورجفت برعب وتقشعر جسدها من لمسته ولو انها ماهي مباشره على جسدها وكان عازل عن ملمس الكف الحنون ثيابها الا انها رغم هذا لانت انظارها له يوم إنه قال
:نوديه الطبيب نطمن عليه؟
إبتسام بلعت ريقها وهزت راسها بالنفي وهي تحط بسّام على الطاوله وتناظر اصبعه والجرح الواضح:بسّام يعورك؟
هز راسه وهي يشهق ودموعه ماليه عينه
رفعت كفينها على وجهه وهي تمسح دموعه وسط نظرات كاظم
وهمس باللاوعي :ودموعي ؟
التفت له إبتسام بإستغراب وكاظم بلع ريقه وهو يرمش بتعب وبذل مجهود مجهود الحياه وانه يبقى حيّ بعد كل هالثلاث ليالي
إبتسام هزت كتفها:ماهو مسموح نداعب الضحكه ولا نسمح الدمعه
التفتت لبسّام وناظرته:إحنا محل شفقه من يومنا
شالت بسّام بحضنها وغادرت المطبخ تحت أبصار كاظم اللي يحاول يتمسك في هالعائله كعلاج لروحه لو شوي !
مشى خلفه يسحب أقدامه ويشوفها تجلس أمام بسّام اللي يتوسط الكنبه ويجلس بجانبه وهي متجاهلته تماماً
بسّام وهو ماد اصبعه لإبتسام التفت لكاظم وناظره:يعورني أصبعي
أبتسم كاظم بهدوء:والله كلنا متعورين
بسّام:فيك أو ؟
كاظم:فيني وفي أمك وفي أبوك وفي عمتك فينا كلنا الوجع يابسّام
ارتخت أنظار إبتسام أكثر للأسفل وهي تسمعه وبلعت ريقها
كاظم ناظرها وهمس:أدري مامن طب عندك وبغيتيني أنا أداويك ، بس جيتك متعورّ وأبي من يداويني الروح صارت ثقيله الله الشاهد
إبتسام رفعت عيونها له وناظرته بحده وإستغراب : ياعادل ياظالم ! كيف يا قادر على داي ما تقدر دواي!
غطت جرح بسّام وهي تتكلم بحرقه:أنا اللي تعورت وأنا اللي قدام أبشع إنسان بحياتي كلها قلت إني محط شفقه
صدت بعد ما انتهت ورجعت ناظرته وهي على الارض أمام بسّام وموجهه أبصارها له:على الأقل إصدق علي وقولي بوجهي شفقان عليك بس لا تقولها قدامه ، أبي يشوفني بخير بدونه أبي على الأقل أحس إني انتصرت لو شوي أمامه وكسبت شي
بلعت غصتها وهي تكمل:بس انت ماقصرت يا العادل الظالم خليته يتشمت أكثر فيني
كاظم:بس بس بس تكفين بس يكفي أقسم بالله ذقت يادنيا ذقت بس يكفي !
إبتسام سحبت نفسها من أمامه بسرعه عند استسلام محاجر عيونها وأهدابها ودخلت الغرفه وهي تقفل الباب بقوه خلفها
التفت كاظم لبسّام اللي يناظر اصبعه بهدوء وساكن
ارخى رأسه رويداً رويداً لين ثبت رأس كاظم الضخم في جُحر بسّام الصغير
رفع كفه بسّام على راس كاظم بهدوء وهو ساكت
وكاظم غمض عيونه بتعب شديد بوسط هالمتاهه اللي حط نفسه فيها
وهمس بسّام بوسط تأمله لوجه كاظم وبعد سكوت طويل كان على بال كاظم انه سكون مديد ما بينطق بعده بسّام بشي
بس كان كلامه يستدعي يفك عيونه وأبصاره ويناظره ويعقد حواجبه ويطلبه يكرر:ايش ؟
بسّام:تشبهه بابا
ظل يناظره كاظم وتثاقلت على صدره المشاعر مابين أضحك والا أبكي؟
بس رد على بسّام:هو أنا وبابا واحد أصلاً من متى ما كنت أشبهه؟
بسّام:بس بابا صار عنده لحيه
كاظم:شاب الراس اللي جابك يابسّام مو بس التحى لحيّه بالشعر !  وحتى الشيب بان
تنهد ورجع يحط رأسه بحجر بسّام ويهمس:وشكلي بشيب من هالليله
'
ثنيان
بوسط نومته فتح عيونه مباشرة من دون تمهيد لجفونه وفزّ
على صدى بالغرفه بصوت رجواه يناديه «ثنيان»
تلفت حوالينه ولا لقي أثر وأختفى الصدى مباشره بعد ثواني
وقف وهو يدور حوالين نفسه بجنون:وينك ؟ رجواي !
فتح الباب وخرج وهو يركض بأرجاء البيت ولا لقي أحد
مشى لغرفة مزون وهو يناظر الباب مفتوح ودخل بسرعه
والتفتت له عائشه بخوف وفزّت : ثنيان !
دخل وهو يناظر حوالينه:وينها ؟
رفعت راسها المتعب والمرهق من سريرها مزون وهي تناظر ثنيان
ثنيان رفع اصبعه اللي يرجف برعب:رجواي وين ؟
وقفت عائشه وهي تناظره بخوف شديد ورعب من منظره المخيف
وثنيان التفت لمزون وظل يناظرها:تعرفين وينها؟
عائشه بحرقه:يمه ولدي
ثنيان التفت لها:يمه ، أنا سمعتيها تناديني بغرفتنا والله اني سمعتها بإذني هذي
عائشه نزلت راسها وهي تحبس دموعها من شدة صدمتها لمنظر هذا المجنون اللي يتوسط الغرفه
مزون مسحت دموعها وهي تعض شفايفها وتتذكر حواره وعتبه الشديد عليها «ينادوني مجنون»
وعى من وسط كل هالخيال وأحرقته عيونه من شدة ألمه وتعصّر أعصابه وشدة قبضة كفه يوم أستوعب بلحظه ! إنه بوسط نوبة جنونه أمام أهله
غادر الغرفه مباشره تارك عائشه شبه ساجده وتنزل دموعها بخوف على عقل ولدها اللي ماله أثر في الوجود أبد
دخل الغرفه وبلع ريقه وقفل الباب بخوف بتكرار للقفل
وجلس على الأرض وحاوط رجلينه بخوف شديد
هذا المجنون الغير واعي ، المهووس الطاغي الغير متدارك..
لأي تصرف من تصرفاته ! أتعبه شدة المرض وتقمص الجنون شخصيته بالكامل
يخرج من حياته بدقيقه ويدخل بعالم اللاوعي واللا وجود ويسبح في بحر الخيال ومن شدة هوسه وشدة جنونه يخيّل له المشهد تماماً كأنه صوره حقيقيه
مشهدها أمامه وصوتها ورغبتها في البكاء وضحكتها
حتى إن حاسة السمع تنتفض من صدى ضحكتها بإذنه ، وأهدابه لا تصدق بإن الخيال أمامها كل ما تشوفه هالمحاجر سوى حقيقه من شكل رجواه !
وحتى كفوفه اللي أبت أن تكفّ تلامس رجواه ، ملامسة الخدين والعينين وبسمتها ورقة حياها أمامها بعد ما توسطت كفوفه وجهها وأغمرها بالقبلات بكل جزء بوجهها وكأنه المعتمّر الحاجّ المتلهف لهذه الكعبه المقدسه أمامه
ظل يدور بهذا الخيال الا أن وصل لرن جواله
ومع محاوله لكلامه مع رجواه بإن الدقايق لرد الهاتف مهمله والمهم ! أكمل رغبتي في تقديس هذا الوجه !
تلاشت الصوره من أمامه وارتعش جسده وهو يسمع صوت الهاتف كرنين حرب أعلن بأصدار ليس الغرفه فقط !
الغرفه ، والمنزل ، والحيّ ، والمدينه ، والدوله بأكملها تسمع صدى الرنين البشع اللي أفزعه من وسط ممارسة العبد الضعيف لكل هذا الكمال
تعب من شدة المشاعر وأنهلك من أعصابه اللي تلفت تماماً
ومشى ليجلس ويمسك رجلينه بألم من شدة تعبه بالوقوف والضغط النفسي والجهد العالي اللي كان وسطه
ظل يضغط على عظامه ويسمع تكرار الهاتف ولا يبالي
تنهد يحاول يرجع لهذا المتهالك « ثنيان » ويستوعب حياته
'
كاظم
اللي غفى بالكنبه بعد ما أزاح عنه بسّام وغادر الصاله تاركه
تمكنتّ منها الحنيّه بإنها تطل وتتفقد وضعه وفعلاً لقته بحاجتها
كان متعرق جبينه بسبب الحرّ بالمكان ومشت بهدوء وهي تشغل التكييف وترجع لغرفتها بس مو للمغادره لا !
عادت من جديد وبيدها اللحاف الثقيل وهي تسحبه بيدينها المهلوكه من معركتها مع الدموع داخل قبل دقائق
رفعت اللحاف على جسده ولا كأنها المرأه اللي قبل دقايق كانت ضعيفه وهزيله ومرهقه وتبغى بس تكون مرتاحه
الآن كانت بقوه تخليها تحط اللحاف على جسده وتقترب منه مسافه ممكن ينقال عنها تملي على صدرها مووايل من غرامها لهالشخص
حطت بجسدها أمامه وهي تتأمله ومن شدة قربها تسمع صوت قلبه واللي من حست في نبضه تمنت بإن هالقلب ينتمي لها
يحارب لأجلها وأبسط ما يمكن ان تطلب ! يحبها بس
ولكن ماكان لها بهالإنسان نصيب غير نظرة الشفقه
بلعت ريقها وهي تغادر المكان بعد انقاء الوقت الطويل اللي أرهقها وأنعسها ودخلت الغرفه
وحطت بجسدها بجانب بسّام ودخلت بعمق للنوم اللي فصل مابين الحاضر المؤلم والراحه من كل هذا الوجود
النوم اللي كان الفاصل بين ألآمهم والمريح للجسد المتآكل وللروح المتألمه ، واللي كان لمزون نصيب فيه بسهادها بهالساعه بعد ما بللت المخده والسرير والأرض وحتى غيوم السماء اللي كانت من ضمنهم غيمه !
ولرجوى نصيب في سهاد عيونها بهالساعه أيضاً
غادرت وحدتها بهالمدينه البهيّه وحطت على جفون النوم يمكن !
يمكن ! تلاقي بمنامها راحه أو حتى منام سعيد ، أو حتى تحقق اللي ما رضى يتحقق بالحاضر
الكل ماخذ نصيبه بهالوقت وبهالساعه بالنوم والسهاد وعزف الليل على شبابيكهم
الا ثنيان
اللي تراخى جسده على هذا السرير حتى حسّ بإن السرير له قوة جذب ومغناطيس تمنعه عن الحركه تماماً
كما الجثه .. تكرر عليه صوت الجوال ولا من مجبب وحتى مع مرور كل هذا الوقت لم يكفّ الجوال عن الرنين ولو يكف ثنيان عن الخيال غارق تماماً تماماً في هذا الخيال السعيد اللي يشفي مابحرّ غليله
'
قام ووقف بعد ما أشرقت الشمس وأضحى الزمان ودخل وقت الضحى
تقدم لجواله وجلس وهو يناظر شباكه ويفتح جواله ويدقق بالمكالمات اللي كانت من " نورا "
عقدت عاجبينه أكثر بإنزعاج وتأفف بشده وهو يقرأ رسالتها
« أحتاجك اليوم ضروري بأي وقت ثنيان تفضى تعال »
أهمل الرساله بعد ماقراها وأغلق جواله ووقف وهو يتجه للحمام
سمع صوت الرنين مره أخرى وتأفف وهو يتجه للجوال يرد عليها بغضب وبعدها يكسر الجوال تماماً من إزعاجه المتواصل
يكفي إنه السبب بهالرنين إنقطاع خياله اللي يخليه يسجو فيه
رد بغضب شديد:فكيني منك مابي شي
نورا تجاهلت غضبه وتكلمت بسرعه:بتجيني يعني بتجيني ثنيان الوقت ما يتأجل أبداً
ثنيان:اخرجي من حياتي واذا تبين البيت بعد خذيه بس خليني
هزت راسها بأسف رجوى وهي تناظر طريقها وتسوق متجه لدار النشر:واللي يقولك إن معي مرسال من بريد رجواك ؟
انصعق وجهه وتلامست كل عروق جسده ببعض من شدة رعشته وصدمته ، تسرب الدم بغزاره بين مجاري دمه وكأنه يعاود الحياه من جديد وهو بس أنذكر إسمها فقط
كيف لو حصل على المرسال منها ؟ كيف لو قرأ البريد ؟
أمتنع عن الكلام من شدة صدمته وأبتسمت نورا:انتظرك بدار النشر تقراه بنفسك
قفلت جوالها وطاح هاتفه من بين يده وهو يناظر الفراغ
وفجأه صحى من سهوهه على صورك دار النشر أمامه ، جاهل كيف قدر يغادر الغرفه وبمين تواجه قبل خروجه ! وكيف ساق سيارته بكل هالمسافه كان شارد الذهن تماماً في ماهية هالبريد ؟
رجعت له ذكرياته العذبه معاها وهي تكتب على كفه باصابعها بكل نعومه وكل ما سألها عن حركة اصابعها في كفه المجهوله تجاوبه بإبتسامه : مكاتيب
واليوم وصل مكتوبك يارجواي وصل وبيكون بين يديني وأقراه منك بعد هالشهور الطويل بعد ما شاخ جسدي وتآكلت روحي وشاب شعري
بقرأ منك وصال لو من بعيد ولو مجهول مكانك وزمانك !
بقرأ شي خطته يمناك ، أنا محظوظ محظوظ اليوم وضايع
أبغى ينحط هالمكتوب بين يديني وبعدها اغادر كل مكان واستفرد فيه
اشرحه حرف حرف واستعذبه واطويه وأتكم بالجزل والصفصفه الكلاميه بس عطوني هالمكتوب والآن
هذا اللي قاله لنورا اللي تناظره بدهشه:متى أمداك توصل ؟
ثنيان بترجي لها جلس أمامها:أمنتك بالله وش كتبت ؟ وكيف عرفتك؟ وكيف وصلتي لها ؟
ابتسمت نورا:هي وصلت لي وهذا محتوى الرساله
مدت له ورقه نقلتها بخطها عشان ما يكون لثنيان معرفه لحسابها بطلب من رجوى
مسك الورقه وهو يتمعن ويقرأ الكلام ويسترجعه ويحفظه عن ظهر غيب
'
رجواي تطلبني أشعر فيها الشعر وأزجل وأطلع على الأطلال أمام أبصار الجميع وبتكون من بين الجميع تسمعني ؟
أنا الآن مستعد أهتم دواويين شعري كلها بليله واحده وأطلع أمام هالعالم كله وأقول ديواني الشعري
رفضت نورا وهي تبتسم بسعاده لخروج هذا الشاعر أمامها:لا ، بنبدأ بأول قصيده لك بتلقيها اليوم بأمسية السبت وبعدها نتوج لهم ديوانك بإنه بيكون قريب وبين أياديهم
مسك راسه ثنيان وهو يحس بالضياع وهمست نورا:خطوه
رفع راسه وناظرها وكملت نورا:خطوه تخطيها الليله لأول درب انت ترسمه بيدينك
اخذ نفس ورفعت سبابتها: بس عندي شروطي
ثنيان عقد حاجبينه وكملت نورا:هذا الهندام اللي أمامي يتبدل تماماً
ثنيان همس بهدوء:ماعليك من هندامي أبد ، أنا جاي أستفيد وأفيدك
نورا:عامل الجذب الأول للسامعين هو المظهر
ثنيان:قلتيها ! السامعين جايين ينعشون حاسة السمع ومالهم بالبصر شي
سكت ثواني وتنهد:ماعدا رجواي اللي بتنعش كل حواسها
نورا:ومجهز قصيده ؟
ثنيان هز راسه بالنفي وكملت نورا:أنتظرك الليله تجيني بالدار بالصاله الخلفيه بقصيدتك الاولى
هز راسه وغادر المكان وركب سيارته وحط الورقه اللي فيها رسالة رجوى بوسط حضنه إلهام للي بتخطه الآن يدينه من بيوت شعريه
'
رجف جسمه أول ما توسط المقعد واستكنت الأمسيه تنتظر منه شعر
ولكنه أبى من رعشته يتكلم أو حتى يرفع أنظاره للكاميرا اللي أمامه وللجمهور البسيط وللشعراء اللي بجانبه
بلع ريقه وهو يشد على ورقته ويرفع راسه ويغمض عيونه «بحور شعري ودواويني وسنين ارهاق، وقلبٍ من ثلاث سنين وأكثر، ووَجهك بس موضوعه»
تشجع بعد ما تمرد قلبه وعاطفته طغت على احساسه وهو يستذكر اسباب جنونه وشعره وبدأ :
«أضمك بالصور ؟ مدري قصايد ماهو باليدين
أضمد بالدفا جروحٍ كست شرقي بمغرابها »
استرسل بقصيدته لين وقف عند بيت المناجاة لمحبوبته ومُناته ورجواه
وقال بكل تعب :
«تعااااال وماعليك من الملامه أي شرهه ودين
تعال وسكّت أصوات الصخب بس لا تعذبها »
استكمل القصيده وابتسم وهو ينادي بـ :
«تعال ولملم اللي انتثر في عمري العشرين
تعال نطيش في لحظه .. وننسى كل عواقبها
تعال تعااااال وماعليك من الملامه أي شرهه ودين
تعال وسكّت أصوات الصخب بس لا تعذبها »
رفع كفه وهو ينهي القصيده وينوهه بأنه إنتهى ووقف على صوت الجمهور وتصفيقه وحسّ بلحظتها بإنه بيسقط من على هذا المسرح معلن وفاته من بعد كل هالمشاعر والمناداة والخيال اللي اكتسى باله وغطى على ملامحه اللي وضحّت ألم هذا الشاعر المجنون
'
:بعد كل هالنجاح ! الليله أبي نصور غلاف الكتاب ولازم نعدل من الهندام وأنا بشرف على أستوديو التصوير المهم نطلع بصورة غلاف مميزه
ثنيان رفع نظره لها بعد ما أتعبه الإفضاح عن كل هالبيوت الزجليه الشعريه وهذي المره الثانيه اللي تمكن الضيق من قلبه وأعتصره عصرّ بدون رحمه وقال: عطيني لها درب وإتركيني
لفتله نورا ورفعت راسها له:إنقطعت دروبها وصلت لي بس هالرساله ولا لقيت لها أثر ، إتركنا من الوسيله الصغيره اللي عندي ! قدامك الدرب الطويل اللي يوصلك لها ، شعرك
ثنيان:بس انا ما احس براحه وأنا اسرده للناس
نورا:رهبة الشي الجديد ، تمسك بيمناي وخلنا نكسب الاثنين
ثنيان التفت لها وهي تتجه لجوالها وتنشغل فيه
ونزل أنظاره ليدينه اللي ترتعش وكأنه كان بمواجهة الموت أمامه ، يحس بإختناقة روحه ومنازعتها عن جسده يشعر وكأن الجسد كله ينتفض ويعاكس الجاذبيه مجرى دمائه بدأ يضيق ويضيق ويضيق
لحد ما وقف وغادر المكتب وسط مكالمتها وخرج من الدار وأستقر بمنتصف الشارع وفتح إزرار ثوبه
أخذ نفس طويل وهو يغمض عيونه ويملي رئتيه من مساحة السماء والفراغ اللي هو فيه
لف على صوته وهو يشغل زيقارته:ثنيان
عقد حاجبينه وهو يشوف الشخص المتباهي أمامه بثوبه وشماغه وساعته وحتى ريحة عطره اللي سابقته ومشموخه وإبتسامته بعكس المهزول اللي مقابله
مساعد أبتسم وهو يمد كفه:مساعد إن كانك ما تتابع شعر
عقد حاجبينه ثنيان وصافحه:مجهول عندي ماعرفتك
مساعد شال يده ودخلها بجيبه:مبيّن ، سافط الجميع بعرض الطوفه
ثنيان التفت لقدام:ماجيت أنافس أحد ولا لي نيّه بالجيّه هِنا بس شكلي مجبور
مساعد:من يجبرك ويقدر يجبرك على شيٍ ما تريده ؟
ثنيان ناظره ورجع صد ولا رد عليه
مساعد:كنت حاضر الأمسيه وجاز لي شعرك ، ودي تجيني في مجلسي الليله ودي أعرف ثنيان
ثنيان رفع كفه:ثنيان من بعيد أحسن وأكرمك الله عزيمتك وصلت
مساعد:ماهو لوحدي معي اخوياي وبنسولف لا تخاف ماهي ثقيله القعده بثقل القاء القصايد داخل
التفت وعقد حاجبينه ثنيان:تجيك ضيقه مثل اللي جاتني ؟
ضحك مساعد وربت على كتفه:الله يحييك بيت بأول حيّ السرور تسأل عن بيت أبو رشيد وتدله وبيباني مفتوحه صبحاً للعشيّه
مشى تارك ثنيان وركب سيارته وحرك وثنيان لا زال عالق في هذا الشخص اللي أمامه
أخر ما تكاتفت كفوفه مع شخص كان كاظم وبعدها أصبح أعز ماعرف والأن أعدى من عرف
ومن يكون مساعد أبو رشيد هذا ؟
رجع دخل الدار وهو يشوف نورا تتجه له بورقه وتزكّن عليه
:حضورك بكره هِنا عندي ٥ الفجر
عقد حاجبينه:وش خمسه ؟
نورا:بنروح مكان ونحتاج أشعة شمس
ثنيان:بتشغليني إنتي من فجر الله ؟
نورا: ثنيان ! لو سمحت هذا شغلي
ثنيان هز راسه ونورا رفعت اصبعها:ماتجيني بكسر جوالك ترا
ثنيان مشى وهو يهز راسه وغادر الدار وركب سيارته

أنا مثل الهوى مثل العمر مره أنا مثل السنين الرايحه ما أعودWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu