الفصل العاشر

Start from the beginning
                                    

منزل متواضع لرجل فقير، موظف فى وزارة الأوقاف لا يملك سوى راتبه البسيط وكل مايملكه هذا المنزل ونصف فدان ورثه والده عن جده ومع زيادة الحمل وثقل المسئولية بدأ والده يعمل كمأذون بأجر ليستطيع تربية أبنائه الخمسة

استند بكفيه على الأريكة التى يجلس عليها .. أريكة من أثاث المنزل القديم أصر والديه على الاحتفاظ بها مع غرفة نومهما المتواضعة وكأنه لايرغب فى نسيان ماضيه وجذوره

انتبه طه على صوت والده العذب يرتل

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} (سورة الرّوم)

هز طه رأسه مغمض العينين يصدق على كلمات الله جل وعلا ... مما لفت نظر والدته وأثار قلقها بنفس الوقت فقالت بحنو

:- خير يا ولدى ... وشك مخطوف وشكلك مضايج

زفر طه بتألم وانتظر أن يُنهى والده قرأته ثم قال يُطمئن والدته

:- أنا بخير يا أمى ... ما تجلجيش

رفع والده نظره عن المصحف نحو وجه ابنه البكر

:- خير يا طه ... اتكلم ياولدى فيك شئ

ابتسم بوجههم يدعى المرح وقال ببساطة

:- خبر إيه يا چماعة أنا زين أهاه ... كل الحكاية محتاچ أنام ... بشتغل من الصبحية وما ارتحتش واصل

أنزلت والدته ساقيها من فوق الأريكة تهم بالنهوض قائلة باهتمام أمومى

:- هحضرلك لجمة تتجوت بها جبل ماتنعس

أوقفها طه بإشارة من يده فلا رغبة له فى الطعام الأن

:- أجعدى يا حاچة ... شبعان والحمدلله أنا رايد أرتاح بس

تكلم والده بدعوة صادقة وهو يتأمل حال ولده الغريب

:- ربنا يريح جلبك يا ولدى

انشرح صدر طه من دعاء والده الطيب ونهض يقبل كتف والده يوصيه :- ادعيلى ياحاچ

ثم قبل رأس والدته وانصرف نحو شقته بالطابق الأخير للمنزل

الذى أعاد بنائه بعد أن اغترب لسنوات عديدة بعيداً عن بلاده ثم عاد لأرض الوطن ليعيد بناء المنزل ويرتفع البناء لثلاث طوابق والده ووالدته فى الطابق الأرضى وشقيقه فى الطابق الأول أما هو فاتخذ الطابق الأخير ليستغل السطح فى عمل حديقة صغيرة ببرجولة جميلة تحيطها العديد من أنواع المزروعات طيبة الرائحة ومتفتحة الزهور ... حديقة تماثل حديقة منزل البدرى

وصل لشقته وفتح الباب ليقف على عتبة الباب يتأمل محتوياتها البسيطة الممثلة فى طاولة صغيرة ومقعدين وغرفة نوم صغيرة ... أما باقى الشقة ففارغة تنتظر من ستأتى لتملأها حسب ذوقها ورغبتها ... تملأها بدفئها وبشاشة وجهها كما ملأت قلبه منذ سنوات المراهقة بالحب والدفء والأمل

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانWhere stories live. Discover now