الفصل الرابع

Start from the beginning
                                    

بسط الصمت عباءته على المكان وأصيلة تتفرس فى ملامح يوسف بدقة وكأنها تستعيد ذكرى بعيدة أو تسترجع ملامح شقيقها الغائب منذ زمن بعيد
سرى التوتر فى أوصال يوسف فتقدم نحوها ببطء ظاناً أنها تشك فى هويته، أخرج بطاقته الشخصية وبعض الصور العائلية لتتحقق منها ومد يده نحوها لتقطع الشك باليقين
ولكنها لم تلتقط أى ورقة أو تشيح بمقلتيها بعيداً عن ملامح وجهه حتى خرج صوتها محملاً بمشاعر حنين دفينة
:- بتعمل إيه يا واد أخوى أنت نسخه منيه مش محتاچ إثبات
أشرق وجه يوسف بابتسامة عذبة وقد سرت الطمأنينة إلى نفسه والحنين بأوصاله فحملت معها دموع الاشتياق لعائلته فأسرع يرتمى بأحضان عمته بشوق ولهفة فبادلته الأحضان وأناملها الدافئة تمسد على ظهره بحنو بينما تتلألأ الدموع الحارة بمقلتيها وهى تردد بلوعة
:- يااااه ..... أتوحشتك جوى يا خوى الحمدلله ربنا كحل عينى بشوفه ولدك راچل ملو هدومه
ابتعد خطوة واحدة للخلف لينهل من ملامحها الطيبة بتوق لذكرى والده الراحل بينما رفعت هى كفين مرتعشتين متغضنتين لتحتضن وجهه النضر وهى تردد بحنو
:- أخر مرة شفتك فيها كنت لساك صغير .. عندك ياچى سنتين وبتچرى تلعب فى الچنينة وتتخبى منى
تنهد يوسف بسعادة وابتسم بحنو
: ياااه ياعمتى ده أنا بقى عندى تلاتين سنة دلوقت
مسحت على وجهه والابتسامة تعلو شفتيها
:- رچعت راچل ياولدى .. حمدلله على سلامتك
مسح جلال على وجهه يُخفى تأثره بهذا اللقاء الحار فرحاً بتجمع العائلة أو ماتبقى منها بعد فراق سنين طوال ثم تقدم يضع كفه على كتف يوسف بود
:- تعال أقعد يايوسف وأحكيلنا على أحوالك
تحرك يوسف محتضناً كتفى عمته بذراعه بحنان ... لايقوى أو يرغب فى فراقها
تحركوا نحو صالون مذهب مريح وجلسوا سوياً بجانب بعضهم البعض ثم قال يوسف بلهفة
:- أنا اللى عاوز أعرف أحوالكم إيه؟ وأخباركم؟ أنا معرفش أى حاجة عنكم للأسف
زفرت أصيلة بآلم يشق صدرها وقالت بنبرة حزن
:- صُح ياولدى ... انجطعت الأخبار بعد وفاة حسين الله يرحمه
هز يوسف رأسه يترحم على والده بينما واصلت أصيلة الحديث
:- والله ياولدى البيت فضى علينا وكل الأحباب رحلوا واحد ورا التانى... أخرهم عمك إبراهيم أبو چلال أتوفى من سنه و چلال ماسك الأرض دلوك.... أصله مهندس زراعى
التفت يوسف نحو جلال وربت على ساقة بمواساة
:- الله يرحم عمى وأبويا ويبارك فيك يا جلال
هز جلال رأسه وهو يترحم على الجميع، تسائلت أصيلة باهتمام
:- وأمك كيف حالها ياولدى
أرخى يوسف جفنيه بتأثر وطأطأ رأسه يتمتم بحزن
:- الله يرحمها ياعمتى .... أتوفت من سنتين
شهقت أصيلة واضعة يدها على صدرها بجزع وترحمت عليها بحرارة قائلة بحرقة
:- الله يرحمها ... كانت ست الستات بنت أصول على حج
تأثر يوسف بسيرة والدته فخرج صوته متحشرج
:- سابت فراغ كبير أوى فى حياتى ... وفكرت كتير أتواصل معاكم لكن كنت متردد
مسحت أصيلة على ساعده تواسيه فأردف بشرود
:- طول عمرى كنت بعيد عنكم .... كنت فاكر فى الأول سبب البعد أننا عايشين بره البلد بسبب شغل والدى لكن لما رجعنا مصر وسألت والدى ... فهمنى أنه عليه تار وخايف عليا منه وعشان كده عاش طول عمره بعيد وكل علاقته بكم أتحولت لمكالمات تليفونيه وبس
أغمضت أصيلة عينيها بقوة تحاول منع عبرات الحسرة والأسى المنسابة على وجنتيها على عمر انقضى فى فرقة بين الأشقاء... ربت يوسف على كفها بتعاطف وقال باستغراب

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانWhere stories live. Discover now