الفصل الثامن عشر (الجزء الثاني)

13.6K 951 65
                                    

الفصل الثامن عشر ( الجزء الثاني ) :-

شعرت "فيروز" بالصدمة تطرق اقدامها بالأرض كمسمار غليظ فشلت في إعادة اخراجه، فيما نهض خالها "خالد" بحالة مماثلة من الصدمة، واقترب منها مرددًا دون استيعاب:
-أنتي بتعملي إيه هنا ؟!

ابتلعت ريقها الذي صار جاف كالصحراء، وردت:
-بشتغل.
انعقد ما بين حاجبيه وتابع باستنكار:
-بتشتغلي! من امتى وازاي أنا ماشوفتكيش ولا مرة؟!

شعرت بالحروف تختنق في حلقها، والثبات كان أصعب ما قد تفعله حاليًا.. فخرج صوتها مُذبذب نوعًا ما رغمًا عنها:
-بشتغل من بدري آآ......

قاطعها حين تابع مسرعًا كأنه تذكر للتو:
-أنتي قولتي إنك شغالة مع شركة **** المنافسة لينا؟؟

هزت كتفاها معًا، وأجابت بنبرة كاذبة مهتزة:
-ما أنا جيت بعدها اشتغلت هنا.

استدار نحو "فارس" الذي كان متابع لما يحدث بصمت، مضيقًا عينيه، يترصد نهاية ذلك الحوار ليفرغ كلاهما ما بجبعتهما..

ثم سأله بصوت يقطر شكًا:
-هي شغالة هنا من امتى يا فارس؟

استغرق فارس ثوانٍ معدودة قبل أن يجيبه بعملية:
-من شهور.

تشكلت حروف خالد التالية بهيئة سؤال ولكنها كانت استنكار بحت مخلوط بعدم التصديق:
-أنت عارف دي مين؟

هز فارس رأسه نافيًا بهدوء يُحسد عليه فعليًا في ظل التوتر الذي يخنق حلق كلاً من "فيروز" وخالد:
-لأ، مين؟

-دي بنت أختي، جايه هنا عشان تنتقم مني وتأذيني في شغلي.

تفجرت القنبلة التي لم تكن تخشَ سواها، حتى أنها تشعر بشظاياها التي غُرزت بمنتصف قلبها الذي توقف عن ضخ الدم وإنقبض في ألمٍ جلي..

نظرت صوب فارس الذي نهض مرددًا بحروف بطيئة:
-إيه! بنت أختك؟!
راحت تهز رأسها دون معنى، محاولة التشبث وألا تسقط من عينيه...بل من قلبه!

فوجدت عيناه جليدية مُغلفة بغطاء كثيف حجب عنها رؤية مشاعره!

حاولت صب جام تركيزها على خالها ومناطحته حتى  تتجزء خسارتها، فلا تخسر فارس وحقها في آنٍ واحد..

ثم هتفت اخيرًا تسأله بلهجة متحدية:
-ويا ترى إيه السبب؟ قوله لو تقدر.

تدخل فارس متسائلًا بجدية:
-إيه السبب يا خالد؟

هز "خالد" رأسه متهربًا من اجابة كان متأكدًا أنها لن تعجب "فارس" على الإطلاق:
-السبب مشكلة عائلية حصلت من سنين.

بصلابة ردد فارس:
-أعتقد إنها مابقتش مجرد مشكلة عائلية، المشكلة دي طالتني وكنت ممكن اتأذي في شغلي بسببها.

لم تستطع فيروز منع حروف قلبها التي فرت محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا صورتها المشوهه في نظره:
-لأ، أنا عمري ما فكرت أأذي حد معمليش حاجة.

رواية " لخبايا القلوب حكايا " بقلم/ رحمة سيدWhere stories live. Discover now