الفصل السابـع عشر

16.4K 1K 48
                                    

الفصل السابـع عشر :-

المفاجأة المدسوسة بالخوف سلبت الصرخة من أعماق جوف "كارما"، قبل أن تجبرها على التجمد أمامها، لا تعطي رد فعل اخر، فقط تحدق بعينيه اللتان كانتا ترمقاها بذهول..

بينما "عيسى" كان منحني عليها دون أن يمس جسدها، ويده ممسكة بيدها التي تقبض على السكين، همس اخيرًا بحروف متلكأة مدهوشة من هجومها:
-كارما!

قرأت بين سطور عيناه ما لم يبح به لسانه، فكان ذلك كالتميمة التي أنتشلتها وفكت تعويذة الصدمة، فدفعته بعنف بعيدًا عنها وهي تصيح فيه بشراسة:
-اوعى سيبني.

تركها بالفعل، ولكن عيناه لم تترك ملاحقة السكين التي لم تفلتها من يدها، هتف وكلماته تقطر تعجب:
-أنتي بتهدديني بسكينة فعلًا؟
ابتسامة شاحبة مزعت عبوس شفتيها وهي تخبره متهكمة:
-لا ابدًا، ده دفاع عن النفس ضد أي حد غريب يفكر إنه يقتحم البيت من غير ما أحس.
كان أكثر أفعاله حماقة حين ردد باستنكار تلقائي لم يستأذنه:
-حد غريب! بسرعة كده بقيت غريب؟!
عقدت ما بين حاجبيها، ثم نظرت لأصابعها تتظاهر بالعد عليها وهي تتابع:
-استنى كده، امممم 15 يوم، تصدق فعلًا بسرعة، ياااه قد إيه أنا غدارة.

رفعت عيناها له فكانت مُخضبة بالغضب والنفور، تروي له شناعة فعلته لتُريه جانبه المظلم من منظارها هي:
-أنا خليتك نايم وأخدت اللي تملكه وسبتلك ورقة إننا هنتطلق وهربت ومسألتش فيك ولا اهتميت باللي هيحصل او الناس هتفكر فـ إيه او أنت هتعمل إيه وأنت عايش لوحدك.

كانت شفتاه مزمومة، والاجابة منقبضة بينهما، تحاول الفرار ولكنه يُحكم قبضته عليها، ثم خرج صوته به بحة متحشرجة تشرح خنقته:
-أنتي مش فاهمة حاجة.

هزت رأسها في استهانة واضحة وهي تتشدق:
-أنا مكنتش فاهمة فعلًا، بس فهمت، فهمت إنك متستاهلش أي حاجة حلوة في الدنيا دي، فهمت إني كنت صح لما كنت ببعد عنك.

هدر فيها بحدة، لم يعد يحتمل عبء الاتهامات الثقيل الذي يحمله على كاهله:
-أنا مش خاين ومش غدار ومش حرامي، ده كان غصب عني.

ضحكت، ضحكت بصوتٍ مسموع ملئ شدقيها وراحت تضرب كفًا على كفٍ مرددة:
-أنت بجد؟! ملاقيتش أي سبب في الدنيا غير ده، غصب عنك! هو إيه اللي غصب عنك بالظبط؟

وفر التراخي من حروفها الساخرة، ليحل محله حدة كطرف السيف وهي تواصل بصوت أجش:
-غصب عنك إنك نصبت عليا وأخدت اللي أملكه، ولا غصب عنك إنك خلتني أفقد الثقة في اللي حواليا، ولا غصب عنك إنك صدمتني، ولا غصب عنك إنك خلتني عايشة في رعب وخوف، غصب عنك إيه بالظبط؟

ملامحه في تلك اللحظات كانت مرآة عكست انقباض صدره الذي اختلجت المشاعر به ما بين غضب من نفسه وألم فاتك، وهو يدرك في أي حفرة تركها عالقة!

اقترب منها خطوتان، وأردف بنبرة نالت نصيب العالم أجمع من الأسف:
-كل حاجة إتسببت فيها كانت غصب عني، أنا اتجبرت أعمل كده، اوعي تفتكري إني كنت مرتاح او مبسوط ولو لحظة واحدة.

رواية " لخبايا القلوب حكايا " بقلم/ رحمة سيدOpowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz