الفصل الرابع

ابدأ من البداية
                                    

****************

صدرها الذي يعلو و يهبط بسرعة كان تفسيره هو هذا الرعب الجلي المرتسم على وجهها...عيناها انفرجتا لتطل منهما مشاعر مبعثرة متداخلة يتربع عرشهم كلهم النفور... تراجعت للخلف لتلتصق بالحوض و تهمس بصوت مهتز و اسنان تصطك...
(لماذا انت هنا؟!)
فلتت منه ضحكة ساخرة ليتقدم منها يقول بهدوء يزيد من رعبها...
(هل احتاج تفسير لوجودي في بيتي؟!)
تحركت حنجرتها تبتلع غصتها و مرارتها لتزيغ عيناها في كل مكان حولها تبحث عن مخرج فهمهمت...
(ميعاد عودتك لم يحن بعد!!)
لا يزال يتقدم منها بهذه البسمة المرعبة ليتوقف قرابتها قائلا...
(نعم...لكنني لم اتمالك نفسي حينما هاتفت زوجتي لتخبرني انها تتسوق و انك هنا...بمفردكِ)

اهتزت كليا من الداخل و كلماته ترج ثباتها رجا عنيفا...ارتعشت شفتاها لتهمس بصوت راجٍ...
(لديك ابنة خف عليها و اتقِ الله)
اتسعت بسمته ليقول ببساطة اشعلتها...
(و لمَ اخاف عليها فنحن سنتزوج يا جميلة هكذا اتفقت مع والدتكِ)
استخدم كلمة المرور الخطأ رغم انه في كل الاحوال لا يملك صلاحية العبور لحياتها و لو بكل كلمات مرور العالم لكنه بكل حماقة و دناءة خطئ... اهتاجت عيناها ليرتفع موجها الازرق عاليا و يهبط بشكل مفاجئ فوق خضرتها الشائكة ليكتسح بنفوره و هياجه ما امامه...تحفز جسدها لتقف قبالته تبدل الارتعاش بقوة و الرعب بغضب و تهتف بحدتها الرافضة...
(انا لست سلعة للبيع و لا دخل لي بما اتفقت عليه مع هيام... انت رجل حقير يخون زوجته و يبحث عن متعة مؤقتة و انا ابدا لن اكون هذه المتعة)
ثورتها رغم انها اغضبته الا انها ابرزت الجموح المتأصل بروحها في عينيه اكثر...منذ وطئت شقته و هو يراها فرسة عتية تلفت الانتباه بقوة...اراد التسلي خفية معها كما يفعل عادةً مع نساء اخريات لكنها مختلفة عنهن كثيرا...فاختار طريق الترويض السهل و الذي ارشدته اليه امها بعدما عرفت نيته...زواج موثق لمدة معلومة مقابل مبلغ مالي مادام لم يرد هو استكماله...و رغم ان المبلغ ليس بالقليل و لكنه حلال على فلك التي سحرت لبه... تقدم منها بوجه متحفز يداري فوران مشاعره تجاهها ليتمسك بذراعها بقسوة و يهمس بصوت مرعب...
(لا تلعبي دور الشريفة عليّ الآن و لا تخبريني انك غير متواطئة مع امك على كل هذا... انت تلعبين دور التعفف و هي تلعب دور الوسيط هكذا نزيد من ثمن السلع... لا بأس انا وافقت و تغاضيت عن طبختك مع والدتك التي يبدو تطبخونها في كل بيت تعملان به لذا لا تتمنعين فصبري قليل)
احرقت الدموع مقلتيها و هي تستمع منه ما آل اليه حالها بسبب امها...هيام تهدم كل شيء لأجل المال...تبيع دوما كما اعتادت و لكن لو اعتادت هي بيع نفسها ففلك لن تفعلها و لو بها موتها... حاولت سحب ذراعها من تحت اصابعه الحديدية و قد نجحت بشق الانفس... دفعته بحدة في صدره ليبتعد عنها قليلا و تركض هي من زاوية الحوض قاصدة باب المطبخ...لكنه اسرع بخطواته ليتمسك بها مجددا محاولا كسبها بكل الوسائل...

(لا تحاولين الهرب مني فلن افلتك بسهولة... لماذا تستمرين في تمثيل دور الفتاة البريئة المتعففة؟!!... هل تريدين زيادة عن المبلغ المتفق عليه؟!... سأفعل فقط لأجلكِ و لكن كفي عن الهرب)
ناظرته نظرة اشمئزاز لتبصق في وجهه بنفور هامسة..
(انت مجرد حقير و انا سأفضح امرك لزوجتك)
قست ملامحه و ازدادت غلظة صوته حينما رجها بعنف بين يديه يهددها صراحةً...
(فلتفعلي يا حلوة و وقتها سأقلب الطاولة فوق رأسكِ و اخبرها عن سوء سمعتكِ و لعبكِ بذيلكِ من خلف ظهرها لتسرقين منها زوجها... فلتفعلي و لنرى من ستصدق!)
غامت عيناها بدموع مقهورة لتهمس بصوت شابه الذل...
(لقد رأيت الكثير من حقارة الرجال منذ وعيت على الدنيا... لكنك حقا احقر رجل صادفته في حياتي)
هيئتها امامه استفزت رجولته اكثر من كرامته المهدورة بسبب تقليلها من شأنه...فإنصاع خلف صوت استفزازها ليشبع متطلباته المتلهفة منذ رأى هذه الفتاة... همَّ بها على حين غفلة بعقل لا يرى عواقب قادمة فقط يحقق رغبة ملحة!!
(شوكت!!!)
صوت زوجته بالخارج أتى نجدة من الإله... ابتعد عن فلك التي كانت تحاول الفكاك منه بكل طاقتها ليهمس قرب اذنها بتهديد...
(اياكِ ثم اياكِ النطق بحرف واحد)
قبل ان يبتعد عنها كثيرا دلفت زوجته المطبخ بوجه متحفز و صدر لاهث... راقبت بأعينها هيئتهما الغير مريحة ليخرجها من حالة التفحص صوته المتلعثم...
(عدتِ باكرا حبيبتي)
اقتربت منه تناظر فلك بنظرات متوجسة عدائية لتقول بلهجة مقصودة...
(بعد مهاتفتك لي فكرت بأنه يجب ان اعود باكرا لربما عدت انت ايضا... و ربحت توقعاتي حينما رأيت سيارتك اسفل البناية)
اهتز صوته و هو يقول...
(نعم... نعم لقد خرجت باكرا من عملي و لكنني لم اكن ارغب افساد يوم التسوق عليكِ)
هزت رأسها ببطء و عيناها لا تبرحان فلك المصدومة في وقفتها حتى سحبها زوجها في دوامة حديث لا معنى له ليخرجا من المطبخ... دلفت هيام تراقب حالة ابنتها فتسألها بتوجس...
(ما بكِ؟!)
ناظرتها فلك نظرة احتقار لتهمس بصوت خاوٍ...
(انت السبب هيام... لقد تجرأ عليّ و...)
كممت هيام فم ابنتها بأعين متسعة...عادت تنظر الى باب المطبخ بوجل لو عرفت زوجته شيئا عن اتفاقهما سيتبدد الاتفاق و يزول لتتذوق طعم خسارة مبلغا ماليا جيدا جدا سيكفيهما فترة زمنية طويلة نوعا ما... ثم تعاود النظر لابنتها و تهمس...
(وافقي على الزواج به لتنهي كل هذا)
احتقنت عينا فلك بقوة فتقطر منها نظرات اليتم و الانكسار...ابعدت وجهها عن كف امها لتهمس بسخرية مريرة...
(لمن اشكو انا؟!!!... أأشكو لأم باعتني و وضعت لي سعرا؟!!)

لقياك لي المأوى(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن