الملوك والكهنة والآلهة

58 10 5
                                    

قصة حقيقية

في عام 1521 كان أهل المكسيك القدامى يعتقدون أن آلهتهم خلقوا العالم أربع مرات فخرب، فقرروا في المرة الخامسة أن يضحي أحدهم بنفسه ليحيا العالم. واقترعوا، فوقعت القرعة على إله قوي ثري يدعى تكسرتكاتل، وأوقدوا له في أخدود، وانتظروا أن يلقي بنفسه فيه ليصبح هو الشمس فيحيا بها العالم، إلا أن تكسزتكاتل خاف ثلاث مرات، فرآه إله آخر فقير، مريض ملقب بذي القروح، يدعى ننوتزين، فرمى بنفسه في الأخدود بدله. فحين رآه الإله الثري الخواف، استحى ورمى بنفسه أيضاً. فخلق العالم بشمسين، فخاف الآلهة على العالم من الاحتراق، فرمی أحدهم في وجه الشمس الثانية، التي كان أصلها الإله الخواف، بأرنب، فصغرت تلك الشمس وبردت وشحبت خجلاً، وبقي شكل الأرنب وشماً في وجهها تذكيراً بعارها، لقد تحولت إلى القمر.
ومنذ ذلك الحين وشعب الأزتيك في المكسيك القديمة مطالب برد دین الآلهة بأن يقدم أضحية بشرية للشمس كل يوم، وإلا فإنها لن تشرق. وهي قصة لطيفة لولا أن الملوك والكهنة أخذوها على محمل الجد، فكان ملوك المكسيك القدامى يضحون بأشجع أسراهم، وكانوا يقتلون الآلاف من الضحايا في مناسباتهم الدينية والمواسم الزراعية. حتى قيل إن حوائط المعبد الأكبر في العاصمة كانت مغطاة بطبقة سميكة من الدم البشري.
أما طرق قتل الضحية فمختلفة لكن أشهرها في الكتب وحتى في السينما هي نزع القلب. حيث يعامل الضحية على أنه إله لفترة من الزمن، ثم يطلى باللون الأزرق علامة على أنه قد صار "سماوياً" أي منذوراً للآلهة، ثم في اليوم المعلوم يؤخذ هذا البائس السماوي إلى قمة ويقيد اثنان من الكهان يديه وقدميه بينما يقوم ثالث بشق صدره ونزع قلبه ووضعه في"إناء مقدس" ثم يلقى جسد الضحية فيتدحرج من قمة الهرم إلى أسفله. وكان يمكن أن يضحى بالأطفال كما يفعل كهنة إله المطر تلالوك، وهو إله له عينا ضفدع ونابا فيل، ووجدت أعداد من هياكلهم حول هرمه.
فحين أتى الإسبان إلى المكسيك، قال بعض الكهنة للناس إن الإسبان آلهة وإن قائدهم هرنان كورتيز ما هو إلا تجسيد لإله الحكمة المدعو كواتزيكواتل وقالوا لهم إن الكتب القديمة تنبأت بقدوم كواتزكواتل وهو في العادة ثعبان طائر له ريش ملون في هيئة رجل شاحب الوجه ملتح يأتي من البحر، (بالمناسبة في عام 1798 حاول نابليون بونابرت أن يصدر فتوى من شيوخ الأزهر تقول إنه هو المهدي المنتظر وأصدر بياناً بعد ثورة القاهرة الأولى ضده يطلب فيه من المشايخ أن يزعموا للناس أن "بونابرتة الكورسيكي" هذا مذكور في 20 آية من القرآن) وحين اختطف هرنان كورتيز ملك المكسيكيين وهدده بالقتل إن لم يأمر جنوده بالاستسلام أمر الملك بصفته الكاهن الأكبر والإمبراطور الأعظم قومه بالتسليم للغازي، ثم قتله كورتيز طبعاً.
إن حضارة قائمة على الخوف لا القناعة لم تصمد أمام غزاة هم أضعف منها. كانت قوات كورتيز تعد بالمئات بينما كان جيش المكسيك يضم 80 ألف مقاتل، ولكن الثمانين ألفاً تدربوا على الخوف أكثر من دربتهم على القتال. سقط نصف العالم الغربي جفلة وتفاجؤا واندهاشاً وانبهاراً وفزعاً من بضع مئات من الغرباء، لأن ثقافتهم كانت قائمة على الخوف، والله من وراء القصد.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: May 03, 2022 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

قصص قصيرة Where stories live. Discover now